فتاوى- أسئلة واستفسارات المشاهدين 27

حلقة

نور على نور

والتي أذيعت في الساعة 2.00 من مساء يوم الجمعة الموافق 14 أغسطس 1970 م

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق

 

 

الأستاذ / أحمد فراج :

أيها السادة، السلام عليكم ورحمة الله، من حين لآخر يخصص البرنامج بعض حلقاته (من ندوات مفتوحة) ليجيب فيها على رسائل السادة المشاهدين، كما يُفسح المجال للسادة الحاضرين للسؤال في أي موضوع دون تحديد لهذا الموضوع، يسر البرنامج أن يستضيف لهذه الحلقة فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق، وفي بداية هذه الحلقة نشير إلى بعض الرسائل بسرعة، منها رسالة من الإخوة موظفي وعمال نقابة النقل العام، ورسالة أخرى في نفس الموضوع أظن بدون توقيع يشير فيها أصحابها، إلى خبر نشرته بعض الصحف عن القيام بعروض مسرحية في صحون المساجد الأثرية في القاهرة، وهذا آثار الفزع عند الكثيرين ومنهم هؤلاء، ونحن رجعنا في الواقع إلى السيد الدكتور عبدالعزيز كامل وزير الأوقاف وتفضل بالإشارة إلى أن هذا الخبر كُذب من وزارة الأوقاف ووزارة الثقافة معًا في حينه، السيد أحمد محمد العالم بنشكره على الخط الجميل، والمخطوطة التي أرسلها، وفي نفس الوقت نرجو أن الله يجعل رؤياه على خير، السيد ص.م.ع، نستأذن في عدم ذكر اسمه وهذه رغبته أيضًا كما يسأل عن وسيلة إيصال التبرع لمنظمة فتح، وأظن أنه في هذا الوقت يكون وصل لسيادته أحد الإخوة من منظمة فتح ومعه العنوان، وأرجو أن يكون قد وصل إليه، رسالة السيد ح.أ.م بميت غمر، البرنامج أرسل رد كتابي لهذه الرسالة بناءً على رغبة الأخت م. ت جامعية، الحقيقة أنها تقول ملاحظة لطيفة، تقول إن القرآن يذكر ويقدم المسلمين، والمؤمنين وعلى المسلمات والمؤمنات، نقترح على البرنامج أنه بدلاً من أن يقول ” سيداتي وسادتي “، يقول ” سادتي وسيداتي “، أو أي تعبير آخر، هذه ملاحظة لطيفة، وأعتقد أنني قلت في البداية أيها السادة وهي قد جاءت عفوًا، ولكن [ سنأخذها بالاعتبار هناك ]، هناك رسالة مطولة من سيدة فاضلة لا نستطيع أن نذكر اسمها لأنها تعقب على رسالة كان عرضها البرنامج لزوجة شابة زوجها المُسن عرض عليها أن يدفع لها مبلغ كبير من المال ويطلقها حتى تأخذ فرصتها في الحياة، وكانت الزوجة تقديرًا منها لنبل الزوج، وبدافع من نفسها أيضًا كانت حريصة على الإبقاء على هذه العلاقة، رغم ما يشير الزوج إليه من احتمال أنها ستعاني في المستقبل، الحقيقة تعقيبًا على هذا الموضوع وأظن أن فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي كان قال : إن هذا الموضوع ليس محتاجًا إلى فتوى وإنما محتاج إلى البت فيه في ضوء المصلحة للطرفين، فهذه الرسالة جاءت إلينا من زوجة في نفس الظروف التي مرت بها الزوجة صاحبة الرسالة الأولى، ولكن كل ما في الأمر أنها تشير إلى أنها تعرضت متاعب ضخمة جدًا بعد وفاة زوجها في [ بالنسبة ] للميراث، والمال والطمع فيه، ولكنها مؤمنة وطيبة ومطيعة وصالحة، وتؤمن أن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عنها، ونرجو أنه إذا كانت صاحبة الرسالة تحتاج إلى الاتصال بها لكي تقول لها تجربتها فالعنوان عندنا إذا رغبت صاحبة الرسالة في هذا، هناك رسالة من الأخ محمد عبدالرحيم محمد عمران بالسيدة زينب، يشير إلى موضوع كان طرحه البرنامج عن الأضحية أو ألهدي في وقت الحج، ويقول إن كل حاج مفروضًا عليه أن يذبح الفداء، وبعض الحجاج هناك يذبح أكثر من فداء، وطبعًا ليس مفروض ذلك على كل الحجاج، فهذا موضوع تفضيلي، فيكون فرض في أنواع معينة من النيات كما شرحنا سابقًا، وممكن أن نشرح ذلك مرة تالية، ويقترح عمل مصانع تجمع فيها اللحوم وتجمد، وتوزع على المحتاجين طول العام، أنا أذكر هذه الرسالة في الواقع لأن معها تعقيب آخر في رسالة من لبنان من السيد محمد عبدالرحمن، يعلق أيضًا على نفس الموضوع، ويقول : إن الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا تُعلل، قال عليه الصلاة والسلام، ” حُرمت الخمر لعينها ” وأما الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات والعقوبات فإنها تعمم لأن الحكم الشرعي فيها مبني على علة كانت وستظل سببًا لوجود الحكم، المهم أنه يوضح بعد ذلك تفاصيل في الموضوع ويقول من أجل هذا لا يمكن التساؤل أن تدفع فلوسًا بدلاً من الأضحية، لأن هذه عبادات وتؤخذ كما وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا تبني على علة مطلقة، وإنما نحن نقر بأمر الله سبحانه وتعالى، وهذا في أداء العبادات والفروض المتواترة، ثم يقول فالصلاة والصيام والحج والزكاة، وكيفية الصلاة وعدد ركعاتها، ومشاعر الحج، وما شابه ذلك تؤخذ توقيتًا كما وردت وتتلقى بالقبول والتسليم، لأنه لو التمست علة لأحكام هذه الأشياء لترتب على ذلك أنه لو زالت العلة زال الحكم، فمثلاً لو كانت النظافة هي الغاية من الوضوء أو القصد، فلو كان الشخص نظيفًا ويمكن أن يصلي بدون وضوء فيصلي، سنكتفي بهذا القدر من الرسائل، وسنبدأ برسالة يمكن سبق للبرنامج أنه أجاب على شق منها، ونحن معنيين بها في الواقع، أو يجب أن نعنى بها، هي من السيد المهندس على محمود علي
ـ بالمعاش ـ  كان سأل سؤالين، أجبنا على سؤال منهم خاص بموضوع الخمر، والسؤال الثاني كان عن كم سنة استغرقها نزول القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أية سنة بدأ نزوله، وفي أية سنة انتهى نزوله، يمكن مبعث عنايتنا بهذا، أن نرجو من السيد المهندس علي محمود أن يُرسل رد لبعض أقاربه الموجودين في المهجر، ويسألوا هذه الأسئلة، والرسالة معروضة على فضيلة الشيخ السيد سابق.

 

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

  1. بسم الله الرحمن الرحيم، إن الكتب الإلهية السابقة نزلت جملة واحدة، فالتوراة نزلت جملة واحدة، والإنجيل نزل جملة واحدة، والزبور نزل جملة واحدة، ولكن القرآن الكريم نزل مفرقًا حسب الأحوال والظروف، والمصالح والمناسبات، واعترض المشركون على أن القرآن نزل مخالفًا للكتب السابقة، في كونه نزل موزعًا ومفرقًا ومنجمًا، والقرآن الكريم سجل هذا الاعتراض الذي أبداه الوثنيون فقال ] وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً [وفي موضع آخر يقول القرآن الكريم ] وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً [أي أن القرآن موزع ومرتب حسب الحوادث وحسب الظروف كما قلت ” قرآنًا فرقناه ” ] وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً [أي على مهل والطريقة التي نزل بها القرآن الكريم ليست مثل الطريقة التي نزلت بها الكتب السابقة، لقد نزل القرآن الكريم على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، بواسطة جبريل، بينما كانت الكتب السابقة تنزل كما قلت جملة واحدة، مكتوبة، ] وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ  [أما القرآن الكريم فقد نزل على غير المألوف والمعهود من نزول الكتب السابقة، سُئل رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف يأتيك الوحي ؟ فقال أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليّ، فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملاك رجلاً، فيكلمني فأعي ما يقول، وهذا مشابه لقول الله عز وجل ] وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (*) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (*) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ[ وكانت مدة النزول كما ذكره المحققون من العلماء حوالي اثنتي وعشرون عامًا وشهرين واثنتي وعشرون يومًا، أما البداية فكانت ليلة السابع عشر من شهر رمضان، وكانت هذه الليلة ليلة القدر، لأن الله يقول ] وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ [ واستمر النزول من يوم السابع عشر من رمضان إلى أن نزل قول الله عزل وجل ] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [ وكان آخر الوحي ] وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [ بينما كان أول ما نزل ] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (*) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (*) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (*) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (*) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [ وهناك روايات أخرى عن آخر ما نزل وقد حدث اختلاف بين العلماء في هذا، بعضهم يرى أن آية أخرى وهكذا ولكن هذا الرأي الذي قلته من الآراء الراجحة.

الأستاذ أحمد فراج :

بمناسبة الحديث عن القرآن الكريم، هناك بعض الناس اتصلوا بنا ويلفتوا النظر إلى ملاحظة دقيقة في الواقع عن قراءة سورة الإخلاص ] قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ [ فيقولون أن هناك أناس كثيرة، وأظن أن هذا صحيح يقولوها ] وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [ بسكون الفاء، فيطلبون من البرنامج أن يلفت نظر الناس إلى القراءة الصحيحة، وهي ” كفُوًا أحد ” بالضمة، فهل لسيادتكم تعليق على هذا الموضوع، وهل هناك قراءة مثلاً ” كفوا أحد “.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

هناك قراءتان وكل قراءة منهما تابعية أي قراءة صحيحة متواترة، الأولى كما قالها الأستاذ أحمد ] وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [ القراءة بالضم، فالضم ضروري ولا بد منه، فإذا ذكرت الآية بالسكون فيكون غلط، ولم يكن له كُفوًا أحد “، فيه قراءة أخرى بالسكون ولكن ليست كفوًا بل ” كفئا ” فإذا قرأنا [ ولم يكن له كفئًا ” فيجوز التسكين، وإذ قرأنا [ ولم يكن له كفوا ] فلا بد من الضمة أي تكون الضمة فوق الواو، فهناك قراءتان ” كُفوًا ” “وكفئًا “، فالذي يقرأ ” كُفوًا، فهذا خطأ لكن إذا قرأ ” كفئًا ” فهذا صحيح، والمتبع أن تقرًا ” كفوُاً “بالضمة.

الأستاذ أحمد فراج :

هناك رسالة من الأخ إبراهيم وسنكتفي بذكر اسمه، كان له دين على أحد الأشخاص، بضعة آلاف من الجنيهات، وماطل في دفع الدين، ثم عرض عليه أن يدفع جزء، والجزء الباقي يدفعه بعد مدة، فوافق، ومع ذلك لم يدفع له الجزء الأول ولا الجزء الثاني، ثم يبدو إنه عرض عليه مبلغ أقل فشعر أنه لن [ يدفع المبلغ ]، فقال له سأخذ هذا المبلغ، ويبدو أنه لما أخذ المبلغ قال له ” إترك لي الباقي، أو تنازل عن الباقي “، فقبل هو أن يتنازل ثم تبين له أن هذا الشخص يبني عقار بثلاثين ألف جنيهًا [ أو بيت ] فقال ” إذًا هو ليس مُعسر فأنا أريد أن آخذ حقي، ما دام الرجل [ مبسوط ] ومتيسر “، فذهب إلى بعض المحامين، فقالوا له ” إنه من الجائز أننا نستدعيك للشهادة، ثم تحلف أنك تنازلت عن الباقي ” أنا لا أعرف مدى وضع هذا التنازل، أعتقد أنه مثل المضطر فهو يريد أن يأخذ أي شيء منه ويترك الباقي، فما رأي فضيلتك في هذا الموضوع ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الرأي في هذا ما قاله الرسول صلوات الله وسلامه عليه فقد قال ” مَطلُ الغني ظلم ” إذا كان الإنسان غنيًا ثم ماطل، فهذا ظلم ما بعده ظلم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول أيضًا ” على اليد ما أخذت حتى ترد ” إذا أخذ الإنسان مال غيره يجب عليه أن يرده ويبقى هذا دينًا في ذمته حتى يرده إليه، ويقول أيضًا ” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله “، فإذا كان هذا الإنسان الغني الموسر قد ماطل وحاول أن يتظاهر بمظهر الفقر حتى لا يعطي الدين الذي في ذمته للدائن يكون ظالمًا، ومن حق الدائن أن يأخذ ماله كله من هذا المدين المماطل بأي طريقة من الطرق.

الأستاذ أحمد فراج :

الأخ في الله م. ع. م اعتاد أن يصوم من وقت إلى آخر كنوع من النذر [ وعندما يكرمه الله ] ينذر أحيانًا بعض الأيام، ولكنه [ عندما يصوم ] يخلط بين الأشياء، [ يتشاجر مع زملائه ويجعل البيت جحيم ] صائم طبعًا، وهو صيام تطوع، لدرجة أنه ندر أن يصوم مرة سبعة أيام، فربنا حقق له ما أراد، واضطر حتى لا [ ينفعل ] أن يأخذ أجازة من العمل سبعة أيام، وقال إن أهل بيتي يتحملوني، فبعد مرور ثلاثة أيام لم يتحمله أحد، فجلس يبكي ويستغفر، أعتقد أن هذه صورة غريبة من صور النظر إلى العبادة، وتصور العبادة في مفهوم الإسلام، وأنا لا أريد أن أفتي طبعًا، لدرجة أن شخصًا يأخذ أجازة من العمل سبعة أيام لكي يصوم، فهذا شيء غريب جدًا، ثم يرى أنه لا يمكن أن يصوم لأنه يغير الأوضاع، فيسأل هل تغني الصدقة بذلك، أن يتصدق، وهذا يوفي النذر الذي نذره، وإذا كان الأمر كذلك فماذا يدفع ؟ والأمر معروض على فضيلة الشيخ السيد سابق.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الحقيقة إن العبادة هي حق لله جل جلاله، فمن حق الإله العظيم أن يُعبد، ثم إن العبادة لها غاية، فمن غايات العبادة تهذيب النفس، وتقويم الأخلاق، وتربية الضمير، والنذر ما هو إلا لون من ألوان العبادة التي يتقرب بها إلى الله، والتي تهذب بها النفوس، وتسمو بها الأرواح، وإذا كان النذر هذا عبادة وتقرب به إلى الله، وتقويم الأخلاق فيكون مثارًا للتحلل من الواجبات، أي سيكون سبب من أسباب التفلت من الواجب الذي على الإنسان، أو سببًا في سوء السلوك، أو سببًا في هذا الانهيار النفسي، فليس هناك مانع من هذه العبادة، وكيف يعالج الإنسان هذا النذر وقد نذر،و النذر أمر مطلوب فعلاً، والقرآن الكريم يقول ] لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [ إذا نذر الإنسان نذرًا أيًا كان هذا النذر وعجز عنه، أو كان سيترتب عليه مثل ما ترتب على حالة الشخص الذي سمعناه من قليل، فيكون هناك كفارة اليمين، وهناك شيء يسمى ” نذر اللأجاج ” بمعنى أن الإنسان لو نذر أن يصوم الدهر، أو يقوم الليل أو يتصدق بماله كله، أو يحج كل سنة، وقد لا يستطيع ما نذر، ويعرف هذا في عرف الفقه الشرعي ” بنذر اللاجاج ” ويتخلص من هذا النذر بأن يكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين هو أن يُطعم عشر فقراء، وإذا عجز عن الإطعام فله أن يصوم ثلاثة أيام، ولا يشترط في الأيام التي يصومها التتابع، فيصح أن يصوم يوم ويُفطر أيامًا، ثم يصوم يوم، وهكذا حتى يتم الأيام الثلاثة.

الأستاذ أحمد فراج :

هناك رسالة من ر.م.ح بالدرب الأحمر متزوجة من خمسة عشر عامًا، ولم ترزق بمولود حتى يكون ذكرى لها بعد وفاتها، وهي تريد أن تعمل عملاً يُخلد ذكراها، يبدو أنها تريد أن تترك أثر معين في الحياة بعد وفاتها بعد عمر طويل إن شاء الله، فهي تسأل لو عملت زاوية للصلاة، أو سبيل للناس تشرب منه، فهل هذا صحيح، الحقيقة أن هناك أناس تب تعرف بعد وفاة الإنسان ماذا يبقى له، أو ماذا ينفعه بعد وفاته ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

ورد حديث جميل عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما ينفع الإنسان بعد مفارقة هذه الدنيا، فيقول ” إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد يومه علمًا علمه ونشره، أو ولدًا صالحًا تركه، أو مصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا بناه لابن السبيل، أو نهرًا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته ” فهذه هي الأعمال الصالحة التي ينتفع بها الإنسان، ثواب هذه الأعمال تلحق الإنسان في قبره، وتبقى معه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما بقيت موجودة، ومادامت قائمة، وهناك حديث آخر ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارة، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له “.

الأستاذ أحمد فراج :

رسالة من الأخ سعد سويلم من الإسكندرية يسأل هل يجوز للإنسان أن يُصلي أكثر من فرض بوضوء واحد ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الإنسان له أن يُصلي بالوضوء الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل.

الأستاذ أحمد فراج :

المهندس أحمد محمود عواد من حدائق القبة يتكلم عن الآذان في الإذاعة وأيضًا في التليفزيون في يوم الجمعة، وعن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصيغة التي كانت تُقال سابقًا وأظن أن الإذاعة لم تعد تقولها الآن، فيقول : نريد أن توجهوا نظر المسئولين لاختتام الآذان بالصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام، فنحن نريد أن نثير هذا الموضوع حتى نعرف، هل موقف الإذاعة الآن أسلم من الأول أم الأول كان أسلم حينما كانت تذاع الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

إن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عقب الآذان سُنة بالنسبة للمؤذن، وبالنسبة للسامع، ولكن كيفية رفع الصوت بها هي التي تعتبر بدعة إضافية، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول ” إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، فإذا انتهى فصلوا عليَّ، فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرة، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة ” فنحن إذًا سمعنا المؤذن نردد الكلام الذي يقوله وننطق به، وحينما يصل إلى قوله ” حي على الصلاة .. حي على الفلاح ” نقول مثل ما يقول ثم نزيد عليها لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا فرغ من الآذان نصلي على رسول  الله صلى الله عليه وسلم، ثم نسأل الله للرسول الوسيلة وهي منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد وهو للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الواجب، أما رفع الصوت بالصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام عقب الآذان بالنسبة للمؤذن فهو من البدع الإضافة، أي البدع المكروهة ومن الأحسن تركها وما تتبعه الإذاعة لأنه هو الصواب.

الأستاذ أحمد فراج :

سنكتفي بسؤالين حتى نتيح الفرصة لأسئلة حضراتكم، سؤال من الأم الحائرة بالصعيد، لها بنت خرجت عن طوع الأسرة، والوالد والوالدة وهي تُسئ إلا علاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض، وتسؤ علاقة زوجها بالأم، وهي تسأل مع ملاحظة أنها ليست من النوع كما تقول الذي يفضل أحد من أبنائه على الآخر، فهل يجوز لها أن تحرمها من الميراث أم لا ؟ ما رأي فضيلتك.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الأصل أن يعطي أصحاب الحقوق والعبادات كل ذي حق حقه، والله في قضية الميراث لم يدعها لأحد، بل هو نفسه الذي تولى توزيعها، فقال ” يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كنا نساءً فوق اثنتين فلهن ثلث ما ترك إلى آخر الآية، والرسول عليه الصلاة والسلام، جاء بشير والد النعمان، وكان قد كتب له بستانًا وهي حديقة من الحدائق، وقال يا رسول الله لقد أعطيت النعمان هذا البستان وجئت إليك لتشهد على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ولد أعطيته مثل ما أعطيت النعمان، فقال له لا، فقال أأشهد على جور، اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم اتقوا الله وأعدلوا بين أولاكم اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم”، فالميراث لا يصح أن نُميز فيه لأن الله سبحانه وتعالى وضع له حدود، فلا يصح أن نخرج عن حدود الله تبارك وتعالى.

الأستاذ أحمد فراج :

السيد محمد رفعت عبدالخالق علي من بلقاس دقهلية يقول ” دأب الناس على إخراج الزكاة بالنسبة للأرز والقمح وما شابه ذلك، ولكن بالنسبة للقطن فلا أحد يخرج زكاة، فأي شخص عنده قطة أرض مثلاً زرع ثلثها أي نوع من الحبوب، والثلثين قطن، فنجده يخرج زكاة عن الثلث ولم يخرج عن الثلثين، وفي ذلك تجاهل للقدر الغير مزروع بالمحاصيل “، فما الحكم في ذلك، وإذا كان للقطن زكاة، فما مقدارها ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

لاشك أن القطن ثروة ضخمة ويمكن الفائدة منه أكبر من الفائدة التي في الشعير والأرز والذرة، ولهذا تجب الزكاة في القطن ] أَنْفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ [ فالذي يخرجه الله من الأرض تجب فيه الزكاة، ولكن كيف يقوم النصاب من القطن؟ يقدر نصاب القطن بأقل أو أدنى ما تجب فيه الزكاة، وأدنى ما تجب فيه الزكاة هو الشعير، وتجب الزكاة فيه في خمسين كيلة، فإذا كان الخارج من الأرض بلغ نصابًا أي بلغ ما يساوي من الشعير خمسين كيلة، فيكون هذا بداية النصاب، وما زاد فيحسب له، ويكون التقويم بالمال، فمثلاً إذا فرضنا أن ثمن الخمسون كيلة من الشعير خمسة جنيهات، فيكون بداية النصاب في الشعير الخمسة جنيهات، وبداية النصاب في القطن هو إذًا كان الخارج منه قدر خمسة جنيهات، وعلى هذا يجب فيه العُشر أو نصف العشر وذلك حسب الري فإذا كان الري بالراحة فيكون فيه العُشر، أما إذا كان الري بآلة من الآلات فيكون نصف العُشر.

الأستاذ أحمد فراج :

إذًا هو عليه أن يحسب ثمن الخمسون كيلة من الشعير سواء كان ثمنها عشرة أو عشرون جنيهًا، ثم يحسب الناتج من محصول القطن فإذا وصل إلى عشرون جنيهًا مثلاً فيتبدئ في الزكاة من فوق العشرين، والعُشر إذا كان بيروي بالراحة، أو نصفه إذا كان بيروي بالألة مثل (الطنبور أو الساقية)، لأن استخدام الألة يوفر الجهود، والآن المجال مفتوح لحضراتكم للسؤال في أي موضوع.

س : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا عندي مائة جنيهًا وأعطيتهم لزوجي كي يعمل بهم، وأنا أريد أن أحج بهم، فهل أخرج عنهم زكاة.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الزكاة إنما تجب في المال إذا بلغ نصابًا وحال عليه الحول أي عام، وكان زائدا عن الحوائج الأصلية، والمائة جنيهًا قطعًا تبلغ النصاب، وهي غير زائدة عن الحاجة الأصلية، لماذا؟ لأنك قد أعددت هذا المبلغ للحج، والحج فرض وواجب، فلا تجب في المائة جنيه الزكاة، لأنها ليست زائدة عن الحوائج الأصلية، والحج من الحوائج الأصلية لأنه فرض عليك أن تحجي.

س : سؤالي من شقين، الشق الأول أنني سمعت حديثًا ما معنا أنه إذا وقعت ذبابة بجناحها في الطعام فلابد للإنسان أن يغمس جناحها الثاني فيه، لأن الجناح الأول الداء وفي الثاني الدواء، فما مدة صحة هذا الحديث، أما الشق الثاني من السؤال فهو هل هناك مقاييس للحديث بحيث إذا سمع الإنسان حديث يستطيع أن يعرف إذا كان صحيحًا أم لا ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

هناك مقاييس كثيرة وضعها العلماء من أجل معرفة الحديث الصحيح، لأن شرط الحديث الصحيح أن يرويه العبد الضابط عن غيره من بداية السنة إلى نهايته من غير شذوذ، ولا عليه فادحة، والشذوذ هو مخالفة الثقة من هو أوثق منه، والعلة الفادحة أن يوجد في الحديث فعلاً ما يمنع من الأخذ به، مثل أن يذكر حديث وهو مخالف للعقل أو مخالف للواقع أو يستحيل أن يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم، فلابد من رفضه، أي يرفض الحديث حتى ولو كان سنده صحيحًا، لأنه يحتمل أن يكون الراوي قد نسى، أو حديث ما ليس في الحسبان، معنى الحديث الذي ذكرته سيادتك سنده صحيح لأنه من رواية الإمام البخاري، وهذا الحديث ليس مختصًا بالعبادة أو المعاملة، وإنما هو مجرد إشارة في حالة إذا ما وقعت الذبابة في الطعام، فإذا تبين فعلاً أن الواقع يخالف الحديث، فيكون علة فادحة تمنع من الأخذ بالحديث.

س : بسم الله الرحمن الرحيم، يقول الله تعالى في سورة البقرة ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ [ وفي سورة المائدة يقول ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى [ لماذا قال الصائبين في الآية الأولى، والصائبون في الآية الثانية مع أن موقعهم من الأعراب واحد.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الحقيقة ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والنَّصَارَى والصَّابِئِينَ [ جاءت هنا على الأصل لأنها اسم إن، واسم إن منصوب، ولكن الصائبون في الآية الثانية، الواو هنا ليست للعطف، ولكن للاستئناف، أي استئناف كلام جديد، وهذا من باب عطف الجمل.

س : هل يجب على الإنسان قضاء الفوائت من الصلوات وإن كانت بعد عدة سنوات من وقتها وكيف يقضيها .

الأستاذ أحمد فراج :

الحقيقة أنك أثرت هذا الموضوع، [ وقد وصلتنا ] رسالة في هذا الموضوع من أحد الإخوة في الفيوم يقول فيها، إنه يبلغ من العمر خمسون عامًا، وسمع كلام عن قضاء الفوائت بأنه يمكن أن يتوب ويستغفر، ويستأنف، ويقول : إنني مثل هؤلاء كنت أصلي قبل البلوغ، وبعد البلوغ، ولكن باختصار حينما نحسب الفترات التي صلى فيها، والفترات التي لم يُصلي فيها يكون مدين بصلوات حوالي خمسة وثلاثون سنة، فإذا كان ما سمعته وفهمته من هذه الفتوى صحيحًا، وهي ألا يقضي الفوائت، فسوف أتوب إلى الله توبة نصوح، وأستأنف صلاتي بسنتها، وأصلي تطوعًا قدر جهدي، وسوف تنقذني هذه الفتوى من عذاب ضمير يؤرقني وأعتقد أن هذا الموضوع كان فضيلة الشيخ السيد سابق أثاره في أكثر من حلقة، وكان له أصداء كثيرة فلو تكرمت تلخصه لنا مرة أخرى.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

باختصار إن قضية قضاء الفوائت فيها رأيان للعلماء، رأي جمهور العلماء يرون إن القضاء لابد منه لأن الصلاة دين في الذمة، ودين الله أحق بالقضاء، رأي المحققين من العلماء أنه لا يجب القضاء، وأن الإنسان إذا أحسن صلاته في المستقبل، فإن الله يعفو عن الماضي، ويستدلوا بقول الله عزل وجل ] فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (*) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا[ والتوبة لا يحتاج فيها إلى قضاء الصلوات الفائتة وإنما تقضي الصلاة الفائتة في حالتين، حالة ما إذا نام الإنسان عنها أو سهى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ” من نام عن صلاة أو نسيها، فليصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، وأما الصلاة المتروكة عمدًا فلا كفارة لها إلى التوبة، ولا قضاء لها، وذكر الإمام ابن القيم الجوزية، في كتابه الصلاة مائة دليل على أن الصلاة المتروكة عمدًا لا قضاء لها، وإنما تكفيرها يكون بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل.

الأستاذ أحمد فراج :

إذًا تعتبر هذه مكافأة للذي لم يُصلي أم ماذا ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

لا، هذا معناه أنه بلغ درجة الكفر، وكأنه سيستأنف الإسلام من جديد، ويستدل أيضًا بقول الله عز وجل ] قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ [ فإذا كان الإنسان الكافر سيغفر له الله، فيكون تارك الصلاة من باب أولى.

س : السلام عليكم ورحمة الله، من حوالي أسبوع رأيت رؤية أنني أسير في جبل، ورأيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لم يكلمني ولكن أنا قلت له “يا رسول الله” فقال لي نعم، ماذا تريدين ؟ فقلت له : أريد النصر لأمة محمد يا رسول الله ” فرفع يده إلى السماء، ثم وجدت نفسي جالسة.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

هناك حديث لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ” من رآني فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بي ” فهذه رؤية حق، ونسأل الله خيرها، ونسأل الله النصر للأمة.

س : إذا كانت آيات القرآن الكريم نزلت متتالية طبقًا للحوادث والمناسبات، فلماذا لم تدون في المصحف كما نزلت، وعلى أي أساس دونت المصاحف ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

إن آيات القرآن الكريم نزلت تباعًا، والحقيقة أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ينزل عليه الوحي وهو سيدنا جبريل ويقرأ عليه القرآن الكريم، ويقول له ” ضع أية كذا في مكان كذا ” فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا متبعًا للوحي الذي أوحاه الله إليه، فالعملية عملية توقيتية من الله وليست من صنع أحد بواسطة جبريل عليه السلام.

س : هل الإنسان مُسير أم مخير ؟ شكرًا.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

باختصار الإنسان مُخير، بدليل أنك جئت تسأل ولم يُجبرك أحد على المجيء، فالإنسان حقيقة مخير في عمله الإرادي، والقرآن الكريم يقول ] مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا [، وسيدنا علي رضي الله عنه دخل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء فوجده قد نام مبكرًا، فقال له ” هلا قمت شيئًا من الليل، فقال يا رسول الله أنفسنا بيدي الله، إن شاء بسطها .. بسطها، وإن شاء قبضها قبضها، والآن هو قابضها، فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب من هذا الكلام، واعتبر أن هذا فلسفة خاطئة، وأخذ يضرب على فخده ويقول : ] وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً [، فالإنسان مخير في أعماله الإرادية.

س : ما الفرق بين التوكيل والتفويض في عقد الزواج ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

إن التوكيل معناه إنابة الغير عن الشخص نفسه الموكل في عقد الزواج مع تقييده بقيد، بمعنى أن يقول له ” زوجني فلانة، أو واحدة بمستوى كذا “، فهذا اسمه التوكيل المطلق، وهناك شيء يسمى التفويض، وهو لا يقيده بقيد، وإنما يقول فيه ” زوجني أيًا كانت الزوجة، من أي وسط، وعلى أي وضع دون تقيد، فالتفويض نوع من التوكيل، ولكنه توكيل مطلق، بينما التوكيل له مواصفات معينة.

س : بسم الله  الرحمن الرحيم، قال الله تعالى في كتابه العزيز ] وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا [ فهل يعتبر تعاطي حبوب تحديد النسل في هذا الوقت قتل للأولاد وشكرًا.

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

إن سيدنا علي رضي الله عنه، ذُكرت هذه الآية أمامه، فقال لا تكون موءودة حتى تمر عليها الأطوار السبع، والأطوار السبع هي ] وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ (*)ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (*) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ[ بعد هذه الأطوار السبع التي تمر على الجنين، ينفخ فيه الروح، هنا يبدأ الوأد، وتُسمى الموءودة الصغرى، أما الكبرى فهي بعد الولادة، أما قبل مرور السبعة أطوار فليس هناك موءودة صغرى أو كبرى، ولا تشملها الآية، والموءودة الصغرى هي إسقاط الحمل، أما الموءودة الكبرى فهي بعد الوجود، والموءودة الصغرى والكبرى لا يشملها قول الله عز وجل ] وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ [ لأن  الممنوع أن يوجد بالفعل ثم يُقتل، أما قبل الوجود، فلا يقال أبدًا أن هذا قتل.

الأستاذ أحمد فراج :

الحقيقة إننا تجاوزنا وقتنا، ونعتذر عن عدم الإجابة على باقي الأسئلة، نوجه الشكر إلى فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق، وسوف نُفسح مجال أكثر للأسئلة في حلقة قادمة إن شاء الله، ونشكركم جميعًا أيها السادة، ونلتقي معكم دائمًا على خير.

وشكرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *