حلقة نور على نور
المسجلة في مساء يوم الخميس الموافق 8/11/1962م
والتي أذيعت في الساعة 2.00 من مساء يوم الجمعة الموافق 16 نوفمبر 1962م
الأستاذ / أحمد فراج
سيداتي، وسادتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في الحلقة الماضية من البرنامج بدأنا مناقشة موضوع الحضانة، ولعلنا نذكر جميعًا أن مناقشة قوانين الأحوال الشخصية إنما يقدمها البرنامج في ضوء اتجاه النية إلى إدخال تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية، تكلمنا في موضوع تعدد الزوجات، والطلاق، وتكلمنا عن موضوع شروط الحضانة، والجزء الماضي كان يتصل بطبيعة الحضانة وهل هي حق الحاضن أو المحضون، والشروط التي تجب توافرها للحضانة، وتكلمنا عن البلوغ، والعقل، والقدرة. وتوقفنا أو قلنا أن موضوع زواج الأم من أجنبي عن الصغير يحتاج لمناقشة أكبر [ قليلاً ]، هذه المرة [ نبدأ ] من حيث انتهينا، كنا تكلمنا عن موضوع السن، [ ونبدأ بالحديث ] عن السن أيضًا، لأن هناك أسئلة موجودة من [ الحلقة ] الماضية ونتكلم على زواج الأم من أجنبي عن الصغير.
ويسعدنا أن يشترك معنا في هذه الندوة الدكتور محمد سلام مدكور رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، والسيد الأستاذ جاد الحق علي القاضي بمحكمة القاهرة، وفضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور شيخ معهد بنها الديني.
ويمكن أن نستأذن في دقائق أن نرد على بعض أسئلة وردت في رسائل منها رسالة تلقاها البرنامج من الآنسة س. ع. طالبة بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، تتكلم عن موضوع تعدد الزوجات، وأعتقد أننا تكلمنا فيه كثيرًا قبل ذلك، وهناك تصحيح لابد منه، هي تتكلم عن الآية ] فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً [ ] وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ [هذه آية أو آيتان تكلما عن العدل المقصود في المرات السابقة من البرنامج، أما بالنسبة للظروف بالموضوع الذي ذكرته الآنسة س. ع تلكما فيه لاشك أنه يدخل في رأيها تحت الحق والتعسف، فإن التعسف حتى يقع وقت أين يوقع الرجل الطلاق.
أما بالنسبة للانحياز لرأي أو ترجيح رأي على رأي ليس وسياسة البرنامج.
المفروض أن نسمع وجهات نظر المستمعين المشتركين وأن نستخلص النتيجة، والبرنامج إن يسعده أن يعرضها في ختام الندوة، وشبه متفق عليها.
هناك رسالة من مواطن من السيدة زينب سمع في الندوة الماضية لما شخص طلق زوجته بعد عشرة طويلة لمدة 20 سنة يعزر يستحق العذاب أو العقاب، هذا الموضوع تكلم فيه الأستاذ محمد سلام مدكور هل يمكن لزوجة وقع عليها يمين الطلاق تعيش مع أولادها في بيت زوجها الذي طلقها [ من أجل ] أولادها الكبار المتزوجين غير موافقين على أن تكون معهم، وتريد أن تعيش مع أولادها الصغار لكي ينفق عليها الأب، وينفق على أولادها، الموضوع يدخل بطريقة غير مباشرة في مسألة الحضانة التي نتكلم فيها، يمكن الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور يتفضل فيرد على هذه الرسالة.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
أعتقد أن هذه الرسالة تدل على مأساة من مآسي الطلاق التي حاولنا أن نعالجها في الندوات السابقة وما دامت قد طلقت من زوجها وينبئ الخطاب على أن هذه الطلقة هي الطلقة الأخيرة أو أن المطلق لا يرغب في مراجعتها مرة أخرى إذا لم تكن الطلقة الأخيرة، كما يفيد أن الأولاد الكبار لا يرغبون في بقاء أمهم معهم، ومن حق الأم ما دام الأولاد صغارًا وفي سن الحضانة أن يعيشوا معها، ويجب على الأب أن ينفق عليهم، ومن حقها أن تقاضيه وتطالبه بنفقة الصغار وكسوتهم وأجرة حضانتهم ومسكنهم وخدمتهم إذا كان ممن تخدم أولاده.
الأستاذ أحمد فراج :
هناك رسالة تتصل بموضوع الطلاق لو أن الموضوع ناقشناه قبل [ ذلك ] إلى أن الرسالة فيما أحسست يجب أن نرد عليها، هي رسالة شخص اختلف مع زوجته وأعتقد أن سبب الخلاف إذا سمح لي أن أقول أنه [ بسيط ]، البنت الصغيرة [ سبت جدتها ]، وهي والدته، [ فزوجته ] شتمت أم زوجها، أهانتها أو شيء من هذا القبيل، وصل الأمر إلى أن قال لها [ اذهبي وأنت طالق ]، وأقول الحاج أحمد حتى يعرف نفسه ويعرف الإجابة على [سؤاله] يقول : عندي 4 أولاد عاشرتها 14 سنة ماذا أفعل، هي أول زوجه له، ويقول أولاده معها، وقد أدى فريضة الحج، هل يمشي في إجراءات الطلاق، ويرسل لها ورقة الطلاق أم لا، سنعرض الموضوع على السيد الأستاذ جاد الحق، ونسمع رأيه فيه.
السيد الأستاذ جاد الحق :
الواقع أن هذا السائل تسرع حين ألقى يمين الطلاق عقب هذه المشكلة الطارئة التي كان يجب أن يعالجها بالنصح لزوجته ولوالدته ولابنته فيعلما كيف تكون حسنة الحديث مع والدته، وهذا اليمين الذي ألقى به قد يؤدي إلى تشتيت هذه الأسرة التي بلغ عددها أربعة أولاد كبار يحتاجون إلى الرعاية وإلى التوجيه فعليه إذا لم يكن قد طلق زوجته مرتين قبل هذا اليمين أن يراجعها بإرادته المنفردة قبل أن تنقضي عدتها وهو كما يقول خطابه أنها حامل في الشهر التاسع لأنها إذا وضعت الحمل لا يملك عليها الرجعة بإرادته المنفردة بل لا بد أن يعقد عليها عقدًا جديدًا بإذنها ورضاها وبمهر جديد إذا انقضت العدة، وإذا لم يكن هذا الطلاق الثالث، إما إذا كان هو الثالث فلا تحل له إلا بعد أن تتزوج بغيره ويدخل بها ويطلقها وتنقضي عدتها.
الأستاذ أحمد فراج :
نرجع نقول أن هذه المشاكل مشاكل [ بسيطة تحدث ] في كل بيت إنما ينبغي أن نتمنى أن هذا البيت لا يهدم بهذا السبب الذي لا يستحق في الواقع، أرجو مثل ما تفضل السيد الأستاذ جاد الحق وقال أن يراجع زوجته وهي في الشهر التاسع، وأعتقد أننا الآن نستطيع أن ندخل في الموضوع، نريد أن نتكلم عن الشرط الرابع من شروط الحضانة، ونتذكر الموضوع، قلنا فيه أربعة شروط البلوغ، والعقل، والقدرة، وقلنا مثل ما قال فضية الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور في المرة الماضية أنه في موضوع زواج الأم بأجنبي عن الصغير [ فما هو حكمه ]، هل يسقط حق الأم في الحضانة، نبتدئ المناقشة في الموضوع ونسمع وجهات النظر فيه لنصل إلى النتائج، ونرجو من أن النتيجة التي نصل لها نسمع أراؤكم فيها، ونرجو فضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور أن يتفضل بالحديث في هذا الموضوع.
الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور :
تكلمنا عن بعض الشروط وكان الشرط الأخير منها هو ألا تتزوج الأم بأجنبي أو ألا تتزوج الحاضنة بأجنبي، والفقهاء في هذا الاتجاه في ظاهر رواية عن الإمام أحمد والحنفية والشافعية والمالكية يكادون يجمعون على أن الزواج بأجنبي يسقط الحضانة ممن له هذا الحق، وفريق آخر يرى أن الزواج بالأجنبي ليس مسقطًا للحضانة، وفيما نقل الإمام مهنا عن الإمام أحمد أنه فرق بين أن يكون المحضون ذكرًا وبين أن يكون أنثى، الأولون لهم اتجاه، واستدلال وقد سمعتم الدليل والاستدلال فيه في المرة السابقة، هو ما جاء أن امرأة جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تقول له أن ابني كانت بطني له وعاء، وثدي له سقاء، وحجرى له وطاء. وقد طلقني أبوه، وأراد أن ينزعه مني، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق بولدك ما لم تنحكي ” يعني ما لم تتزوجي، هم يستدلون في هذا بأن هذا أمر ينتهي تمامًا عند الزواج، ولهم في هذا الموضوع كلام ونقاش فهم يقولون أنه متى تزوجت الأم أو الحاضنة سقط حقها في الحضانة لأنها أصبحت مشغولة بخدمة زوجها ورعاية مصالحه وقد يشغلها ذلك عن تحقيق الهدف الأول من الحضانة وهو الصيانة والرعاية للطفل في شفقة وصبر، أما الآخرون فيتجهون اتجاهًا آخر، يقولون أن الزواج بالأجنبي ليس مسقطًا لهذا الحق في الحضانة، ويعللون ذلك بأدلة منها أن أنس بن مالك رضي الله عنه هو الذي خدم الرسول صلى الله عليه وسلم سنوات كثيرة كان محضونًا، كان ربيبًا لأبي طلحة، والرسول صلى الله عليه وسلم يعرف ذلك، ومع ذلك لم يرد هذا الوضع مع أنسًا رضي الله عنه كان في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أقر هذا الوضع، وعرفه الصحابة جميعًا ولم ينكروه. يقولون أيضًا أن السيدة أم سلمة رضي الله تعالى عنها وهي زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وبنوها معها، مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
يقولون أنه لو كان ذلك ممنوعًا وأن الزواج يسقط هذا الحق لرده الرسول صلى الله عليه وسلم، الآخرون وهم المالكية يقولون، والحنابلة في ظاهر الرواية عنهم يقولون أن هناك فارقًا واضحًا بين الذكر والأنثى، فإن كان المحضون ذكرًا كان له وضع أو أنثى كان له وضع آخر، أما إن كان المحضون ذكرًا وتزوجت الأم أو الحاضنة أخذ منها، والأسباب التي يمكن أن نقولها فيما بعد، أما إن كانت أنثى فهي مع أمها، والسبب في ذلك أنهم يستدلون أن ابنة حمزة رضي الله تعالى عنهما حينما أراد كل من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأخوه جعفر وزيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهم جميعًا قال كل واحد منهم : أنا أولى بهذه وأحق بحضانتها، أما سيدنا علي كرم الله وجهه فقد قال أنا أولى بها لأنها بنت عمي، وقال زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه هي بنت أخي وأنا أولى بها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد آخى بين زيد بن حارثة، وبين حمزة رضي الله تعالى عنهما، ولكن جعفر رضي الله تعالى عنه قال لا .. أنا أولى بها، وعندي خالتها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ” الخالة أم ” قال: أن هذه بقيت، ولم يمنع الزواج مطلقًا من هذه الحضانة، كان ذلك بالنسبة للبنت وأما الولد فلا شيء فيه مطلقًا وإنما يؤخذ من أمه التي تزوجت ويعطي لمن يليها في الحق.
كل هذا نستطيع أن نخرج منه بأن الرأي الذي يمكن أن يكون واضحًا في هذه الناحية، [والاستدلال] قوي أن الزواج بأجنبي مسقط لحق الحضانة لسبب معين، ذلك أن الأجنبي ليس له من قوة الحنان، وقوة النفس الباعث القوي ما يجعل في الطفل معاني القوة، أو تتربى فيه معاني الإنسان الفاضل، قوية لمعاني الفضيلة، وهذه هي النواحي الطيبة التي ننشدها في إنشاء هذا الجيل، وتكوين هذا المجتمع الذي نعيش فيه، كل ذلك لا يمكن أن يوهب من الأجنبي، فأما بنت حمزة فقد قضى بها لخالتها لأن زوجها من أهل الحضانة، ولأنه لا يساويه إلا علي رضي الله عنه وقد ترجح جعفر لأن امرأته من أهل الحضانة، ويقولون في هذه الناحية أيضًا أن القريب هو الذي يستطيع أن يغار على المحضون أو ربيبه فيبعث فيه هذه النواحي كلها، وعلى كلٍ فالاتجاهات الفقهية تتجه إلى مصلحة الطفل ولذا قيل أنه إن تزوجت المرأة برجل من أهل الحضانة كالجدة تكون متزوجة بالجد لا تسقط حضانتها لأنه يشاركها في الولادة والشفقة على الولد، المصلحة هي الهدف، وأينما تحققت المصلحة كان الحكم معها وكانت الحضانة معها، أما أولئك ….
الأستاذ أحمد فراج :
أريد أن أقول لكي نصل بالموضوع خطوة خطوة فضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور عرض الآراء التي هي في موضوع الحضانة فيما يتصل بزواج الأم من الأجنبي عن الصغير، والرأي الذي يقول أن الزواج يسقط الحضانة مطلقًا هو الرأي الذي يفرق بين ما إذا كان المحضون ولدًا يسقط الحضانة وإذا كانت المحضونة بنتًا يكون فيها مجال أنها تبقى بدليل الراوية التي تفضل بها فضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور، وبعد ذلك الرأي الذي نستطيع أن نخلص به أن المدار أو الأهمية هي مصلحة الصغير.
أظن هذا يكون تركيز يجب ننتقل ونسمع رأي الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور في هذه النقطة، أي بقدر الإمكان نجمع الآراء ونرى وجهات النظر.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
جمهور الفقهاء يقولون أن زواج الأم بأجنبي عن الصغير مسقط لحقها في الحضانة، ونريد هنا أن نناقش الدليل الذي استدلوا به ونبحثه ونبحث التعليل الخاص به لنصل إلى الرأي الحقيقي الذي يهدف إليه الجمهور، وعللوا لذلك بأنها ستشغل عن الصغير بحق الزوج ومنهم من أضاف إلى أن هذا الزوج قد ينظر إلى الصغير [ بازدراء ] كما استدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق بولدك ما لم تتزوجي “.
وقد يفهم من التعليل أن الزوج إذا قبل مشاركة الصغير له في الانتفاع بوقتها والاستمتاع بحنانها، فإن سبب إسقاط الحضانة بالزواج ينتفي وخاصة أن الفقهاء قالوا في الرضاع إذا تزوجت الأم من أجنبي ومنعها من إرضاع الصغير امتنعت لحق الزوج وإذا زال المانع، وكانت به من غيرها، فَلِمَ لا يكون ذلك أيضًا بالنسبة للحضانة مراعاة حق الصغير وحق الزوج.
وقد جاء في كتب السنة أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” ما لم تتزوجي “، فلوحظ فيه مراعاة حق الزوج نفسه من الانتفاع بوقتها، [ وعليه ] فإن الزوج إذا رضى بأن امرأته تبقى محتضنة للصغير، وأحب بقاؤه في حجره لم يسقط حق المرأة في الحضانة، وقالوا إن هذا يذهب الحسن، والإمام يحيى وابن جرير وابن حزم بل جاء فيها أن القول بسقوط حق الأم في الحضانة بسبب الزواج من أجنبي خاص بما إذا كان المنازع لها هو الأب نفسه وإلا فلا يسقط حقها مع الزواج.
ومع هذا فقد نقل الإمام أحمد بن حنبل أنه فرق بين الصبي والفتاة في هذا وقال ببقاء الفتاة مع أنها برغم زواجها بالأجنبي حتى سن السابعة بل نقلت بعض الكتب رواية عنه ببقائها حتى البلوغ.
ومن الفقهاء من قال أن الزواج لا يسقط حق الأم في الحضانة مطلقًا ذكرًا كان المحضون أو أنثى مستدلين بأن أم سلمة لما تزوجت الرسول صلى الله عليه وسلم بقى معها بنوها في حضانتها ولم تسقط حضانتها لهم، كما أن أنس بن مالك كان في حضانة أمه بعد زواجها بأبي طلحة، وألحقه أبو طلحة بخدمة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك.
وإن كان هذا الرأي له وجاهته في الجملة إلا أن الاستدلال عليه لا يخلو من مناقشة لأن حق الحضانة لا يسقط بالزواج عند القائلين بذلك إلا إذا طلب إسقاطه صاحب المصلحة، ولم يرد في الاستدلال ما يدل على ذلك، وقد اتجه ابن عابدين الفقيه الحنفي إلى عدم إسقاط الحضانة لمجرد زواج الأم بأجنبي ولو طلب ذلك من له حق الحضانة، وأعتبر مدار أمر الحضانة نفع الولد، وقال ” قد يكون للصغير قريب مبغض له يريد أخذه لأذيته أو ليأكل نفقته، وقد يكون زوج الأم أرفق عليه وأحسن به، وقد يكون لأب الصغير زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج الأم “. وانتهى إلى أنه لا يحل للقاضي إذا علم شيء من ذلك نزع الصغير من الأم.
وهذا صريح في أن الضرر المحتمل من بقاء الصغار مع أمهم المتزوجة بأجنبي أقل بكثير من الضرر الغالب الوقوع من زوجة أبيهم الذين ينتزعون إليها من حضانة أمهم، وهذا يتفق مع الواقع والمشاهد الملحوظ، ومرجع ذلك أن المرأة هي التي ترعى الصغار وتقوم بشئونهم، والرجل مضطر إلى أن يكل إليها ذلك دائمًا، فاحتمال المضارة منه بعيدة أو في نطاق ضيق وخاصة إذا لم يكن يتكفل بالإنفاق عليه، أما مضارة الزوجة الأجنبية لهم فقريبة الاحتمال، وفي نطاق واسع لأن مخالطتهم لها أكثر وانفرادها بهم غالب، ثم هي التي تختلي بأبيهم وتصورهم له في الوقت المناسب بالأسلوب الذي يوغر صدره منهم، وكثيرًا ما تظهر لهم من الحنان والعطف ما ظاهره الرحمة وباطنه من قبله الإفساد، والضرر الأكبر يدفع بالضرر الأدنى.
ولذا فإني أقترح تعديل التشريع المطبق إلى الوجه الآتي :
” مدار أمر الحضانة نفع المحضون فلا ينزع من حضانة أمه المتزوجة ويعطى لأبيه المتزوج بأجنبية عنه أو لأحد عصبيته إلا إذا ثبت أن مصلحته في ذلك “.
الأستاذ أحمد فراج :
إذا كان الأب غير متزوج.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
إذا كان الأب غير متزوج، أعتقد أنه في هذه الحالة قد تكون مصلحة الصغير في بقائه معه إذا كان قادرًا على رعايته وخدمته ولو بواسطة الغير.
الأستاذ أحمد فراج :
نلخص الموضوع [ في ] نقطتين : أن المعول عليه أن الزوج الأجنبي عن الصغير أحق بوقت الزوجة إذا كان عنده استعداد أن يتنازل عن جزء من حقه لا يسقط حق الزوجة، ثانيًا : أن المدار في الحضانة مصلحة الصغير، والأصل أنه للقاضي إذا كانت مصلحة الصغير تضار بزواج الأم بأجنبي فإنه يحكم بأن الحضانة تسقط، فإذا لم تكن مصلحة الصغير تضار يصرف النظر عن الزوج الأجنبي وتستمر الحضانة، هذا هو ملخص، نرجو أن نسمع وجهة نظر السيد الأستاذ جاد الحق على هذا الموضوع.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
في الواقع إن مشكلة زواج الأم أو الحاضنة بزوج أجنبي يثير عدة مشاكل، بالنسبة لمسألة الحضانة مثل ما قال الأساتذة أن النصوص ظاهرة في أن الأم الحاضنة متى تزوجت بأجنبي عن الصغير سقط حقها في الحضانة إذا تقدم الأب أو من يليه من العصبة أو من يليها في الحضانة لطلب ضم الصغير، فيثار من الأقوال التي استقر عليها العمل فعلاً أن المناط هو رعاية مصلحة الصغير، وتبحث المشاكل على أساس هذه المصلحة وقد خرج بن عابدين في مسألة تنازع الأم الحاضنة المتزوجة بأجنبي مع الوصي على صغيرها وقبولها الحضانة بالمجان والنفقة على الصغير بأن يبقى في يدها مع زوجها الأجنبي حرصًا على مال الصغير وقد يدل على أن تزوج الحاضنة بالأجنبي ليس مسقطًا لحقها في الحضانة في كل الأحوال.
الأستاذ أحمد فراج :
الآن لكي نلخص الكلام الذي قاله الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور أن الموضوع الأصلي في إسقاط حضانة الأم إذا تزوجت بزوج أجنبي عن الطفل الأصل فيه حق الزوج على الزوجة في جميع وقتها،وفي العناية به في شئونه، يفهم منه إذا قبل التنازل عن تفرغها الكامل لشئونه وقبل أن تبقى الحضانة لها. موضوع آخر الأصل في الإبقاء على الحضانة للحاضنة مصلحة الصغير حيثما كانت المصلحة يبقى الطفل بصرف النظر عن تزوج الحاضنة بأجنبي عن الطفل، يمكن نسمع رأي السيد الأستاذ جاد الحق على في نفس الموضوع.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
مشكلة زواج الأم بزوج أجنبي عن الصغير، عن ابنها الذي في حضانتها تثار بسبب هذه المشكلة مسائل كثيرة، فالواقع أن الأم متى تزوجت وكان الصغير في يدها سقط حقها في حضانته طبقًا لأقوال الفقهاء في هذا الشأن. جاء الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور وأدخل الزوج وجعل له حقًا في أنه يقبل أن يظل الولد في يد أمه أو لا يقبل لأن الأم تعتبر وقتها كله ملكًا لزوجها. هذه أقوال الفقهاء، ولكنه عمليًا يدخل الزوج الأجنبي طرفًا ثالثًا في النزاع في شأن الصغير، مع أن زوج الأم يعتبر أجنبيًا عن الصغير الذي في حضانتها، ولا ينبغي في الحقيقة أن نوسع دائرة النزاع بين الأم وبين الأب وبين الصغير، بأن ندخل زوج الأم طرفًا ثالثًا في الخصومة، وأن نقصر الوضع على مراعاة مصلحة الصغير، وأن يدور البحث كما استقر الفقه والعمل على أن يراعي القاضي أو الباحث مصلحة الصغير فقط، فيدور البحث فيما إذا كانت مصلحة الصغير في بقائه في يد والدته مع تزوجها بالأجنبي أو من مصلحته أن ينقل إلى يد أبيه أو يد جدته لأبيه أو يد عمه أو يد خالته أو عمته مثلاً من أصحاب الحقوق في الحضانة إذا كان مازال في سن حضانة النساء أو من له الحق في ضمه إليه من العصبة إذا كان تجاوز سن الحضانة، الفقهاء حينما قرروا أن الأم تسقط حقها بالزواج لم يقولوا هذه الكلمة مطلقة بل جاءت في أقوالهم تحفظات كثيرة تقيد هذا الإطلاق، فمثلاً نصوا على أن الصغير إذا كان له مال وكان عليه وصي غير الأم وتزوجت الأم فأراد الواصي أن يأخذه وقبلت الأم أن تربيه مجانًا حفظًا لماله، قالوا أنه يكون في يدها حفظًا لماله، فالفقهاء حينما نظروا لمسألة حفظ مال الصغير لا تساوي مصلحته الذاتية في التربية لاشك أنهم لاحظوا مصلحته الذاتية واستقراره في يد والدته مع حفظ ماله لأنه إذا انتقل إلى يد الوصي فقد يطمع في ماله فيؤذيه في نفسه طمعًا في الوصول إلى ماله وأكله، وأما إذا بقى في يد أمه فتكون لها الرقابة من بعيد على أمواله وحفظها، فهنا النص الذي ساقه الفقهاء يشير بوضوح إلى أن الفكرة أو القول الذي يقرر أن حضانة الأم تسقط بالزواج ليس قولاً مطلقًا بل أن القاضي يقدر ما فيه مصلحة الصغير إذا وجدت حاضنة أخرى وطلبت من الأم أن تسلمها الصغير في حال تزوجها وكانت هذه الحاضنة لا تقدر على خدمة الصغير أو على الإشراف عليه لكبر سنها مثلاً وعجزها أو ضعفها أو سوء تربيتها أو لأنها لم تنشأ في الوسط الذي نشأ فيه الصغير، فالقاضي يبحث كل هذا ويأمر ببقاء الصغير في يد أمه ولو كانت متزوجة بأجنبي مادام هذا في مصلحة الصغير.
الأستاذ أحمد فراج :
نستطيع أن نقول أن الرأي الذي وصلنا إليه الآن هو اتفاق كامل على أن الأصل هو مصلحة الصغير حينما كانت المصلحة بقى الصغير.
الخلاف أن يرى السيد الأستاذ جاد الحق أنه لا داعي أن الزوج يدخل باعتباره الطرف الثالث يقبل أو لا يقبل.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور يرى أن نظرة الفقهاء تقوم على أساس أنه صاحب حق على الزوجة في وقتها من حيث رعايتها له.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
الكلام أساسه أنه بالزواج أصبحت الزوجة وقتها ملك للزوج فهو الذي يُخدم، ويأخذ منها العطف والحنان كله له هو، ولذلك يقول الفقهاء أنه عندما تتزوج الزوجة بأجنبي تصبح ليس لديها وقت لرعاية الصغير، يفهم من كلام الفقهاء بل صرح بعضهم ونص في كتب السنة أيضًا أنه إذا رضي الزوج ببقاء الصغير مع الأم فلا يسقط حق الأم في حضانة الصغير بالزواج بالأجنبي، وأعتقد أن هذا الحكم خاص بالأم فقط، ولا تثار مسألة زوج الأم لأنه ليس طرفًا ثالثًا ولا دخل له بالخصومة لكنه صاحب حق فقط، فإذا تنازل عن هذا الحق بقيت الحضانة للأم وإذا تمسك بهذا الحق، ولم يتنازل عنه، تسقط الحضانة.
الأستاذ أحمد فراج :
هل هناك أسئلة في الموضوع.
س : ما دامت النية متجهة إلى تعديل بعض القوانين، فلماذا لا يعدل القانون بما يتفق ومصلحة الصغير، إذا ما تزوجت أمه بأجنبي، ونرى أن المصلحة تقتضي أن يكون الصغير مع أمه برغم زواجها إذا لم يعارض هذا الزوج. ثانيًا : نرجو التوضيح أكثر بالنسبة إلى مسألة ترتيب الحضانة ومن أحق بحضانة الصغير إذا لم توجد أمه أو تكون قد توفيت مثلاً أو تزوجت بأجنبي، ورفض الزوج أن يكون الصغير معه، من أحق بالترتيب بعد ذلك.
الأستاذ أحمد فراج :
لقد قلنا إذا رفض الزوج، هذه مسألة قبول الزوج أو رفضه، استخلاص من كلام الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور على أساس أن زواج الأم يعطي الزوج الحق في وقتها، من رأي الفقهاء أن القاعدة لا خلاف عليها، والتي يعتمد عليها هي مصلحة الصغير، إذا تزوجت الأم ولم تكن مصلحة الصغير أن يبقى مع الأم، لماذا [ لا يدخل هذا ] في القانون، [ نريد أن ] نسمع رأي الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور في هذه النقطة.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
إذا تزوجت أم الصغير بأجنبي ورفض الزوج بقاء الصغير معها فإننا لا نستطيع أن نجبره على أن تحتضن الأم صغيرها لأنه صاحب الحق في الانتفاع بوقتها وليس من مصلحة الصغير في هذه الحالة أن يعيش مع من يبغضه، فيجب إذن أن ينتقل الصغير إلى الصالحين لحضانته ممن يلي الأم في الدرجة، ولا يمكن أن يقال بإجبار هذا الزوج على بقاء الصغير مع أمه لأن هذا يتنافى مع مصلحة الصغير ومع حق الزوج.
الأستاذ أحمد فراج :
يجب مع رضاء الزوج تحقق مصلحة الصغير والبقاء مع أمه، نرجع الموضوع لمصلحة الصغير، ما رأي السيد الأستاذ جاد الحق علي في التشريع القائم.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
الواقع أن التشريع القائم فيه مراعاة لمصلحة الصغير، بالاجتهاد في فهم النصوص الموجودة حاليًا والتقييد الذي يقترحه السيد السائل أن يكون الصغير في يد الأم باستمرار، هذا التقييد ليس تعديلاً للتشريع بل يعد إلزامًا بأن يكون الصغير في يد الأم دون مراعاة للمصلحة، فقد تكون المصلحة في أن يكون في يد الأم والأولى أن يترك النص كما هو الآن مطلقًا يخضع لتقدير القاضي ولتقدير الظروف.
الأستاذ أحمد فراج :
النص الآن يسقط الحق.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
لا يسقط لأنه توجد هناك نصوص تقيد هذا الحق بالضرورة ما دامت المصلحة هي الأساس يبقى المجال واسعًا في التطبيق.
الأستاذ أحمد فراج :
ننظر في اقتراح الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور الذي يرى فيه تعديل المواد الخاصة بحضانة الصغير، ومدى اختلافها عن القانون المطبق.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
مواد الحضانة المطبقة حاليًا في مواد الأحوال الشخصية اشتملت على أحكام بعض مسائل الحضانة، وأما ما لم يرد فيه نص قانوني خاص فإنه بمقتضى المادة 280 من القانون 278 لسنة 1931 يجب تطبيق أرجح الأقوال من المذهب الحنفي ولا يستطيع القاضي المطبق أن يحيد عن الرأي الراجح في المذهب الحنفي، والرأي الراجح في المذهب الحنفي أسقط حضانة الأم لمجرد زواجها من أجنبي عن الصغير، والذي أريده من التشريع المقترح أن نضع موادًا صريحة تخرجنا من دائرة التقيد بالرأي الراجح من المذهب الحنفي في هذه الجزئية، ويكون الأساس فيها مراعاة مصلحة الصغير دون اعتداء على حق الزوج.
س : إذا كانت الزوجة غير صالحة للحضانة أو الزوج غير صالح للحضانة ما هو الرأي ؟
الأستاذ أحمد فراج : نرجع للترتيب.
الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور :
من المناقشات التي دارت في مطلع هذه الحلقة والتي سبقتها نتبين أن الحق في الحضانة إنما هو أولاً لأقربائه المحارم من النساء وذلك لوفور شفقتهم وصبرهن مما يحقق مصلحة الطفل الذي تحنو عليه وتحرص على تكوينه تكوينًا نظيفًا بعيدًا عن العبث لأن مصلحة الطفل هي مناط الحكم فحيثما تحققت مصلحته كان الحكم فإن لم توجد واحدة من محارمه النساء أو وجدت ولكنها افتقدت أهليتها فإن حق الحضانة ينتقل إلى محارمه الرجال العصبة فإن لم يوجد عاصب محرم أو وجد هذا العاصب بيد أن حقه في الحضانة ساقط لعدم توفر شرط من الشروط التي حددتها الشريعة الغراء لثبوت هذا الحق فإنه ينتقل إلى محارمه من الرجال غير العصبة.
ويجب أن يكون معروفًا دائمًا أن أم الطفل أكثر محارمه شفقة وأقواهن محبة له، وأحناهم عليهم، وأعرفهم بهواه ومصلحته صغيرًا. ولذا كانت الأحق بالطفل ما دامت أهليتها للحضانة متوفرة سواء أكانت زوجة لأبيه أم مطلقة منه وكانت محارمه من ناحيتها مقدمين على محارمه اللاتي ينتسب إليه بأبيه عند استواء الصلة قربًا وتوضيحًا للأمر أزيد شيئًا من التفصيل لعله يحدد للسامعين بعض هذه المعالم فمثلاً أم الصغير أولى به ثم أم أمه وإن علت ويأتي بعد أم أبيه وإن علت ثم تأتي مرتبة أخرى مرتبة الأخوات، الشقيقة أولى من الأخت لأم وهي أولى من الأخت لأب ثم بنت أخته الشقيقة ثم بنت أخته لأم ثم خالاته بتقديم الشقيقة على خالته لأمه وهي على خالته لأبيه ثم بنات الأخوة الشقيقات أولى ممن كان للأم وهن أولى ممن كن للأب ثم العمات ثم خالات أمه ثم عمات أمه أولى من عمات أبيه، وحين لا يوجد أحد هذه المحارم أو وجدت وفقدت الأهلية انتقلت إلى محارمه من العصبة الرجال وأولهم أبوه وهكذا، ولعلنا قد أوضحنا الطريق وحددنا المعالم والله ولي التوفيق.
س : سمعنا من الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور ومن فضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور أن العبرة في حضانة الصغير مطلقًا هو مراعاة المصلحة الشخصية لهذا المحضون، فهل إذا كانت المصلحة في بقاء المحضون في يد والده ثم بعد ذلك تزوج هذا الوالد فهل يرجع هذا الابن إلى أمه ثانية بعد أن تزوجت بأجنبي ؟
الأستاذ أحمد فراج :
نرجو أن يتفضل الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور بالإجابة على هذا السؤال.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
المفروض أن الحكم يتغير تبعًا لتغير علته طبقًا للقاعدة الأصولية التي تنص على أن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا، فإذا كانت مصلحة الصغير في وقت ما في بقائه مع أبيه ثم تغير وجه المصلحة، فما المانع أن ينتقل الصغير إلى حضانة الأم، إذا كانت مصلحته في بقائه مع أمه والعكس صحيح، والمسألة ظاهرة جدًا، ولقد رأيت في حياتي القضائية أن الدعوى ترفع لدافع يقتضي الحكم بالحضانة ويحكم القاضي فعلاً، ثم بعد فترة من الزمن تتغير الظروف بأن تزول صفة صلاحية الحاضنة مثلاً فترفع دعوى أخرى ويحكم القاضي بنزع الصغير منها، وبالعكس أيضًا قد يحكم القاضي بضم الصغير إلى أبيه لعدم وجود من هو أحق منه بالحضانة، ثم بعد فترة ترفع دعوى أخرى من الأم مثلاً التي لم تكن أهلاً للحضانة في ذلك الحين لوجود مانع، وقد أصبحت أهلاً بعد زوال المانع.
س : من الذي يقدر مصلحة الصغير إذا لم يعرض النزاع على القاضي ؟
الأستاذ أحمد فراج :
ندعو السيد الأستاذ جاد الحق علي أن يتفضل بالإجابة على هذا السؤال.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
أصحاب المصلحة في رعاية الصغير، الأب أو الأم أو غيرهم من ذوي الحق في الحضانة، وهم الذين يقدرون هذا في وجوده مع الأم إلى سن محددة، ومع الأب بعد انتهاء سن حضانة الأم، فيكون مع الأم إلى سن التاسعة إذا كان ذكرًا وإلى سن الحادية عشرة سنة إذا كان أنثى، أو إلى السن المقترحة.
س : في حالة زواج الأم بأجنبي يرفض حضانة الأم للولد، وزواج الأب من سيدة أخرى ترفض ضم الصغير لأبيه، وليس للصغير أقارب يحتضنونه، فكيف يكون مصير الطفل، ومن يأويه، ومن يعوله ؟
الأستاذ أحمد فراح :
نرجو الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور أن يتفضل بالإجابة على هذا السؤال.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
إذا لم يمكن ضم الصغير لأمه بسبب زواجها بالأجنبي ورفضه حضانة الصغير، وإذا لم يكن هناك للصغير من يستحق حضانته أو تجب عليه حضانته بعد ذلك قبل هذا الأب المتزوج فإنه يجب ضم الصغير إلى أبيه، ولا اعتبار لاعتراض هذه الزوجة، فالأب هو صاحب الولاية الأصلية، وهو الذي يجب عليه أن ينفق على الصغير ويرعاه، وأن يوفر له بقدر المستطاع الحنان والعطف، وإلا فإن من حق القاضي أن يسلب منه الولاية، وأن يأمر بوضع الصغير في حضانة من يرعاه مع إلزام الأب بالإنفاق عليه.
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
لي تعقيب هو أنه إلا تخلت الأم عن الحضانة فإن الأب يجبر على الحضانة بمعنى إذا تخلت الأم عن حضانة الصغير عند زواجها بغيره يجبر الأب على أخذه معه حتى لا يضيع الصغير أو يتشرد.
الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور :
لي تعليق بسيط وهو أنه إذا تخلت الأم عن حضانة الصغير لزواجها بأجنبي، فهناك مراتب لحضانة الصغير يجب ملاحظتها قبل إجبار الأب، أو على الأقل إظهار أن إجبار الأب على ضم الصغير في هذا الكلام يقصد به ما جاء في السؤال من أنه لا يوجد له أقارب.
س : الزوج محكوم عليه بالسجن لفترة معينة، بعد ذلك زوجته طلبت الطلاق وحكم لها بالطلاق غيابيًا، لأن زوجها أخذ الفترة التي فيها يكون من حقها أن تطلب الطلاق وبعد هذا حدث أن اعتراها مرض معين ثم توفيت، الولد تربى مع الأم أو مع الجد للأم، وطلع الزوج من السجن بعد أن قضى فترة، ومكتوب على باب السجن ” السجن تأديب وتذهيب وإصلاح “.
الأستاذ أحمد فراج :
س : عندما خرج الزوج من السجن ابتدأ يطلب حضانة الولد فيبدأ النزاع بين الأب والجد للأم على حضانة الولد، يريد الجد حضانة الولد لكي يحميه من شر حضانة هذا الأب، فهل للأب هذا الحق أم لا ؟
السيد الأستاذ جاد الحق علي :
الترتيب الطبيعي الآن، أن يضم الولد إلى الأب، لأن الأب دائمًا معروف بالشفقة والرحمة على ابنه، وإذا ثبت أن هذا الأب شرير لدرجة يخشى من التأثير على الولد فإنه من غير شك يرفض القاضي ضمه إليه.
الأستاذ أحمد فراج :
نفهم من هذا أننا نجد باستمرار في حالة تزوج الأم أو حالة أخرى المعول عليه مصلحة الصغير حيثما كانت المصلحة يبقى الصغير، النص الذي نقترح أن يكون موجود، القاضي يقدر هذه المصلحة.
يخيل إليّ أن وقت البرنامج لم يعد يسمح بمزيد من الأسئلة، يبقى أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، والسيد الأستاذ جاد الحق علي القاضي بمحكمة القاهرة، وفضيلة الأستاذ الشيخ عبدالحكيم سرور شيخ معهد بنها، ونشكركم جميعًا، ونلتقي في الأسبوع القادم إن شاء الله.
وشكرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.