حلقة
نور على نور
المذاعة في الساعة 2 من مساء يوم الجمعة الموافق 3 أبريل 1970
” أسئلة المشاهدين ”
الشيخ أحمد هريدي
الأستاذ أحمد فراج:
سيداتي وسادتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حلقة البرنامج هذه المرة ندوة مفتوحة تدور حول الأسئلة التي تتفضلون بإرسالها إلى البرنامج، ويتقدم بها السادة الحاضرين في الأستوديو، يسر البرنامج أن يستضيف لهذه الحلقة فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي مفتي الجمهورية العربية المتحدة، في بداية البرنامج نحب أن نشكر السيد عبد الوهاب جسر على الرسالة التي أرسلها للبرنامج، وإن كنا نحتفظ بها، فالبرنامج لم يضع حرج على رحمة الله التي وسعت كل شيء، الأخ أ. ف . ع من الإسكندرية بيحلل الاتجاه إلى الأمانة والاستمساك بالخلق، ونرجو له التوفيق في دراسته، الأخ أسامة المنياوي من الإسكندرية أيضًا يثير تعليق سبق إن البرنامج تعرض له، واعتقد إن ما جاء في الرسالة يتفق تمامًا مع ما حرص البرنامج على تقديمه، رسالة السيد عبد الله المهدي في الواقع إنها مطولة وهي تبحث في عدد من الموضوعات التي قد لا ينسجم مع طبيعة البرنامج أن نقرأها أو نثيرها بسرعة، ولذلك نحن بنرحب بتشريفه في البرنامج وطرح ما يشاء من الموضوعات، السيد عبد الله عمر علي رسلان يثير بعض الموضوعات حول رؤية الهلال، وسبق أن البرنامج عرض لهذا الموضوع وكان مع فضيلة المفتي أيضًا، أما الرسالة الأولى التي نطرحها على فضيلة المفتي فهي من الحاجة كمالة تذكر فيها إنها تملك منزل وتريد أن تهبه إلى ابن أختها المحتاج إلى معاونة حتى يتم تعليمه، والزوج ينازعها في ذلك على أساس أن له النصف فيما لو ورث صاحبة الخطاب بعد عمر طويل، فهي تريد معرفة رأي الشرع في ذلك، والأمر معروض على فضيلة المفتي.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
بسم الله الرحمن الرحيم، يرى بعض الفقهاء أن الزوجة ليست لديها الحرية الكاملة للتصرف في أموالها وهي زوجة، كما يجري على ذلك بعض التشريعات الأجنبية في أوروبا ولكن هذا الرأي ليس معمولاً به في الجمهورية العربية المتحدة، وإنما الرأي المعمول به أن الزوجة لها شخصيتها وأهليتها الكاملة بالنسبة للتصرفات المالية فيما يتعلق بأموالها الخاصة، ومن ناحية أخرى فإن الزوج وهو يتمسك بحقه في تركه زوجته بعض الممات ليس محقًا في موقفه لأنها مادمت على قيد الحياة فليس هناك توارث، وبالتالي ليس له حق في المنزل الذي تريد الزوجة أن تتصرف فيه، وعلى ذلك فهي حرة في التصرف إذا كانت في حالة صحية جيدة وفي حالة الأهلية الكاملة فلا حرج عليها في ذلك، وليس من حق زوجها أن يعترض.
الأستاذ أحمد فراج:
السيد أبو العلا عبد العزيز بالهيئة العامة لشئون المطابع بإمبابة، رأى رؤية وكان بها سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويريد تفسيرها.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
تفسير هذه الرؤية واضح، فالحديث الشريف يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من رآني في المنام قد رآني حقًا “.. لأن الشيطان لا يتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم.
الأستاذ أحمد فراج:
رسالة الأخ محمد عبد الحميد زايد الطالب بهندسة الإسكندرية يريد معرفة الأسباب المحرمة للزواج من الرضاع.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
التحريم بالرضاع ثبت بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية، وبالإجماع، إجماع الأمة الإسلامية على هذا التحريم، والحكمة في هذا التحريم من الوجهة المادية أن الطفل الذي يرضع من ثدي امرأة يكون قد تغذى بلبنها ونبت لحمه ونبت عظمه بهذه التغذية، فالطفلان اللذان يجتمعان على ثدي امرأة واحدة يكونان قد تغذيا بلبن واحد، ونبت لحمها ونبت عظمها من لبن واحد، فهما إخوان كالأخوين من النسب على السواء، ومن ناحية أخرى فإن الأم من الرضاعة أراد لها الشارع أن يجعل لها من الكرامة والمنزلة ما للأم النسبية على السواء، وحرم من الرضاع ما يحرم على النسب كما جاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المجال صحيحًا قاطعًا، وليس الأمر قاصرًا على التحريم بطريق الرضاع، فإن أيضًا هناك لو تحريم بطريق المصاهرة، الشخص حين يصهر إلى أسرة يحرم عليه أصول زوجته وفروعها، وتحرم هي على أصوله وفروعه، والشارع يهدف بذلك إلى أن يجعل من هذه الرابطة.. رابطة موضع التكريم ولها من الروابط ويترتب على هذه الروابط من الآثار بالنسبة للحل والحرمة ما يترتب على الروابط النسبية سواء بسواء، هذا نوع من التكريم وإلا لوقع الناي في الأعانت والحرج، فإن الشخص حين يصهر إلى أسرة أو يصبح أبنا عن طريق الرضاع أو أخًا من طريق الرضاع إذا حرمنا عليه ما يحرم الشرع على الأجانب، فإنه يكون في ذلك إعنات لهؤلاء، وناحية التكريم التي أشرت إليها عامل قوي في هذا التحريم.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ محمد إبراهيم مدني بائع متجول ويقطن بالمطرية، يقول إن أخته رضعت مع ابن الجيران وهو يريد أن يتزوج أخت ابن الجيران، فما رأي الشرع؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
واضح من هذا السؤال إن هذا الشخص والفتاة التي يريد أن يتزوجها لم يجتمعا معًا على ثدي امرأة واحدة، فإذا كان الأمر كما يبدو أي أنهما لم يجتمعا معًا على ثدي امرأة واحدة.. أي امرأة كانت فإنه لا مانع من هذا الزواج، ويحل له التزوج بها…
الأستاذ أحمد فراج:
إذًا ليس هناك علاقة بين اجتماع أخته وأخو المخطوبة؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
لا.. كل ما فيها إن هذه الفتاة تكون أخت أخيه هو، وأخت الأخ من النسب يحل للشخص أن يتزوج بها، ويحل له كذلك أن يتزوج أخت أخيه من الرضاع.
الأستاذ أحمد فراج:
شخص يسأل هل يتزوج بنت أخت زوجته، ما رأي الشرع.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الشرع في هذا أنه لا يجوز الجمع بين امرأتين لو فرضت أحداهما رجلاً والأخرى زوجته ستصبح خالة البنت، وهي ستصبح بنت أختها، والرجل لا يصح أن يتزوج بنت أخته، فلا يصح أيضًا أن يجمع بين امرأتين لو كانت أحداهما رجلاً، لكانت الصورة أن يتزوج هذا الرجل بابنة هذا الرجل بابنة أخته وهذا غير جائز، وبالتالي لا يجوز الجمع بين هذه الزوجة وبين بنت أختها، ولكن إذا فرض أنه طلق زوجته وأراد أن يتزوج من بنت أختها، فلا مانع من ذلك بعد الطلاق.. وبعد انقطاع العلاقة الزوجية وانتهاء العدة، على أن يكون زواج هذه الفتاة سببًا في طلاق زوجته، وهذا من ناحية الشرع.
الأستاذ أحمد فراج:
الحاج شوقي مصطفى الحداد بمنوف كان يطلب من التليفزيون أن يذيع بعض التسجيلات التي سجلت في السعودية، وفي الواقع إن الشريط الذي أشار إليه للأسف غير صالح فنيًا للإذاعة، فيه رسالة بتوقع ن. أ . ع من السويس، هي في الواقع بتتضمن حوالي ستة عشرة سؤالاً، ولا أعتقد أنه سيتيسر الإجابة عليها كلها، فإذا أذنت صاحبة الرسالة أو صاحبها أن نختار بعض هذه الأسئلة التي إجابتها قصيرة وسريعة، هل يجوز قراءة الفاتحة، وسورة ياسين والقرآن الكريم على المتوفي.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
هذه المسألة موضع خلاف كبير بين العلماء، هل إذا قرأ شخص بعضًا من القرآن الكريم ووهب ثوابه لقريبه المتوفى أو لمن يعرفه من الأموات، هل ينفع ذلك الميت؟ ويصل الثواب إلى ذلك الميت أم لا؟ وكذلك التصدق على روح الميت، إن كثير من الناس يرون أن الميت لا ينتفع إلا بشيء قد عمله هو، وهنا نجد صورة من الصور متفق عليها، وهو إذا كان له ابن صالح ومستقيم ويدعو له، فالمتفق عليه أن هذا الدعاء ينفع الميت، والسر في ذلك أن ابنه يعتبر من عمله، وهي ليست داخلة في نقط الخلاف التي نتكلم عنها، كما أن كثير من الناس يرون أن قراءة القرآن على المتوفى لا مانع منها، وأن هذا الثواب الذي يهبه القارئ للمتوفى ينفعه وأنا أؤيد هذا الرأي.
الأستاذ أحمد فراج:
هل يجوز افتتاح الصلاة جهرًا ببسم الله الرحمن الرحيم أن بحمد الله رب العالمين لعله يقصد الجهر بالبسملة.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الجهر بالبسملة يتبع الفاتحة، ففي الصلوات الجهرية وهي الصبح والمغرب والعشاء تكون الصلاة جهرية، ويجهر الإنسان بقراءة الفاتحة.. وقراءة السور، وكثير من المذاهب يروا أن يجهر المصلي بالبسملة كما يجهر بالفاتحة على إنها آية، بعض الفقهاء ومنهم الحنفية، يرون أن البسملة تقرأ دائمًا سرًا سواء كان ذلك في الصلاة الجهرية التي يجهر فيها بالفاتحة والسورة، أو في الصلاة السرية وهي الظهر والعصر والتي يقرأ فيها الفاتحة سرًا.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه موضوع إن بعض الناس دائمًا يرددون ” مدد يا سيدي فلان “.. فهل يجوز أن يقول الشخص ذلك؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الحقيقة إن هذا الموضوع فيه بحث، أولاً لا نقر شخص على أن يتوجه إلى غير الله بطلب المدد وبطلب المعونة وبطلب الحاجة لأن الذي يعطي ويمنح ويهب ويرزق هو الله سبحانه وتعالى، وطلب المدد أو طلب المعونة أو طلب الرزق أو طلب الحاجة أيا كانت هذه الحاجة من غير الله انحراف عمما حدده الشارع، وما أوجبه على الناس، وعلى هؤلاء الذين ينادون الأولياء أو ينادون أشخاصًا يرون أنهم جديرون بهذا النداء أن يعدلوا عن ذلك وأن يتوجهوا بندائهم إلى الله سبحانه وتعالى، غير أن هناك نقطة تتعلق بهذا الموضوع، وهو أن هذا الشخص الذي ينادي وليًا من الأولياء أو ينادي شخصًا يعتقد أنه جدير بالنداء يتحرج بذلك عن نطاق الإسلام كما يحلو لبعض الناس أن يحكم على أمثال هؤلاء بالخروج عن الدين، ويقصد بالخروج عن الدين المعنى الكبير وهو أنه كفر.. ولست أرى في هذا كفر أو خروجًا من الإسلام، لأن الشخص الذي ينادي هذا النداء، إذا سألته هل هذا الذي تناديه يعطي ويمنع ويستطيع أن يعطي، ويستطيع أن يمنع، إذا سألته هذا السؤال أجابك على الفور.. بأن هذا الذي أناديه إنسان وشخص لا قدرة له على الإعطاء ولا على الحرمان ولا على المنع، وأنا في الواقع إنما أنادي الله، ولكن أنا أري في نفسي أنني كثير الذنوب أو أنني لست قريبًا من الله، وأن هذا قد يجعل دعائي غير مستجاب، فأنا أتوسل إلى الله بهذا الذي أناديه، ولست أناديه حقًا، وإنما أنادي الله سبحانه وتعالى، ومثل هذه العقيدة… عقيدة لا بأس بها، ولا يمكن إخراج صاحبها عن الإسلام.
الأستاذ أحمد فراج:
سؤال أخير عن أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو يحمل بنت السيدة زينب رضي الله عنها، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها، وهو يقول أنه قرأ ذلك في كتاب الموطأ مالك، وهو يسأل هل يجوز للسيدة أن تحمل ولدها وهي في الصلاة، وخاصة إذا كان صغيرًا، ولا يوجد من يجلس معه أثناء الصلاة.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الحقيقة إن المتفق عليه هنا أن العمل الكثير الذي ليس من أعمال الصلاة، والذي يخرج عن حركات الصلاة يفسد الصلاة، لكن اختلفوا في العمل الكثير.. ما حدوده، وما مداه، هناك تفسيرات كثيرة.. وأفضل ما قيل في هذا التفسير في رأي هو أن يعمل الإنسان عملاً بحيث لو رآه شخص وهو يعمل هذا العمل يعتقد أنه ليس في الصلاة، لأنه ليس من شأن المصلي أن يأتي بمثل هذه الأعمال الكثيرة، إذا وقع الشخص وهو يصلي مثل هذه الحالة تبطل صلاته، أما بالنسبة لحمل الصبي في الصلاة، فإذا كان سيؤدي حمل الصبي في الصلاة إلى إتيان حركات وأعمال يخرج بها الإنسان من الصلاة.. وتعد منافية للصلاة، وتدخل في نطاق التكليف الذي ذكرناه، فلا يصح ذلك لأن هذا سيفسد الصلاة إلا إذا كانت هناك ضرورة، وهو أن الطفل سيصاب بضرر إن لم يحمله المصلي، ففي مثل هذه الحالات يجوز حمل الطفل إنقاذًا له من الهلاك أو من الضرر المحقق.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه بعض أسئلة من ناس يقولون فيها، أنهم مضطرون إلى الاقتراض سواء لظروف قاهرة أو لضرورة.. أو لتجارة أو لأشياء من هذا القبيل، وأنهم إذا افترضوا فسيضطرون إلى دفع ربا، ويعتقدون إنه إنطلاقًا من القرآن الكريم أن هذا حرام، فما حكمهم؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
هذا الموضوع فيه كلام، ومن المبادئ المقررة أن الضرورات تبيح المحذورات مثل الذي يريد أن يبني له فيلا أو منزل أو يقترض لكي يحج، أظن أن هذه حالات ليست بالدرجة التي ذكرناها في السورة الأولى، ولذلك لا أوافق على جواز الاقتراض بالفائدة في مثل هذه الأحوال، ولا أرى أن الضرورة فيها تقاس بالقدر الذي توجد في حالة تناول المطعوم عند وقت الحاجة، لكن نحن الآن في مجتمع يمكن لا يسارع إلى تفريج كربة المكروب ولا إغاثة المحتاج بالدرجة التي كانت عليها المجتمعات الإسلامية في بدء الإسلام، وبعد بدء الإسلام مثلاً بمراحل من الزمن، ومن واجب الناس الذين يتعرضون للإفتاء، والذين يتعرضون لبيان أحكام الله أن يصدروا أحكام بحسب الحالة الاجتماعية، وحالة المجتمع الذي يعيشون فيه، أيضًا بالرغم من هذا لا نستطيع أن نقول لهؤلاء الناس اقترضوا.. لكن هناك مجالات يمكن أن يفرجوا كربتهم عن طريقها.. فهناك ما يسمى ” بالقرض الحسن ” وهي أن هناك مبالغ من المال لمثل هؤلاء المكروبين أو الذين يريدون العلاج أو الذين يريدون جهاز أولادهم وليس معهم المال الكافي لذلك.. فالقرض الحسن إذن هو إعطاء مبالغ لهؤلاء المكروبين يفرجوا كربتهم بهذه المبالغ ثم يسددوها لهذه الحجة بدون دفع فوائد.. هذا النوع موجود في وزارة الأوقاف.. هناك مؤسسة في وزارة الأوقاف تسمى بـ ” مؤسسة القرض الحسن ” غير أن هذه المؤسسة ليست من السعة ولا من المقدرة بحيث تستجيب إلى كل طلبات العديد من الناس.. لأن الناس سيتدفقون عليها.. غير أنه الواجب أن تكون من السعة ومن المقدرة بحيث تستجيب إلى طلبات المكروبين كرب شديدة.. أدعو المسئولين، وأرجو المسئولين أن يدعموا هذه المؤسسة مؤسسة القرض الحسن في وزارة الأوقاف بحيث يجعلوا منها مخرج من هذا الضيق الذي يعانيه الكثيرون…
الأستاذ أحمد فراج:
قد يكون تدعيمها بتنظيم الزكاة مثلا..
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
لو نظم مشروع الزكاة، وجبت الزكاة من الذين تجب عليهم الزكاة على الأقل في الأحوال الظاهرة.. أو طلب إليهم أن يعطوا الزكاة الواجبة في الأموال الباطنة، واستجاب المسلمون.. وهم سيستجيبون حتمًا إلى هذا الداعي، ونظم مشروع الزكاة تنظيمًا حسنًا.. لكان في محصول الزكاة.. وفيما يتجمع عن هذا الطريق المال الوفير لدعم مؤسسة القرض الحسن وجعلها على صورة تكفل تفريج أزمات المكروبين بصورة ترضي، وبصورة تجعل للناس فرجًا من دينهم.
الأستاذ أحمد فراج:
أعتقد أن الإجابة على الموضوع السابق تجيب على العديد من الرسائل التي سبقت أن جاءت إلينا، وسبق أن قلنا إن موضوع الربا وسعر الفائدة يحتاج إلى كلام كثير، عنهم رسالة السيد عبد اللطيف السيد، ورسالة ف. ر من أسيوط، هناك رسالة أخيرة قبل أسئلة حضراتكم وهي تختص بمسألة طلاق يمكن غريبة بعض الشيء، السيد طلعت من المنصورة.. كان جالسًا يأكل ثم قال لزوجته: ” تعالي كلي معايا ” فلم تستمع إلى كلامه.. فقال لها ” البسي هدومك وأذهبي إلى بيتكم.. أنت طالق.. أنت طالق.. أنت طالق ” وبعد ذلك والدته تمسكت بالزوجة وقالت له لا يمكن أن تخرج من المنزل، الحقيقة لا شك أنه تصرف غير مقبول.. وغير معقول.. ثم إنه يقول أنه حائر أمام هذه الكارثة بين ضميره وعقيدته أن زوجته طالق، وبين إرضاء ضميره وإصرار والدته على إبقاء الزوجة فما رأي فضيلة المفتي في هذه الحالة.. وإن كانت حالات كثيرة يتحدث بمثل هذه الطريقة وهي إن فعلت كذا تكون طالق.. وإذ ذهبت إلى ثلاثة تكون طالق وهكذا.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الحقيقة إن هناك صور كثيرة جدًا من هذه الحالات بيحدث فيها الطلاق والواقع إن الشارع الإسلامي حين شرع نظام الطلاق وجعل أمره بيدي الزوج.. لم يشرعه ليتخذ منه الزوج صوت عذاب يهدد به الزوجة.. ويهدد حياتها وكيانها.. ويهدد الأسرة بهدمها على رأسها، وإنما شرعه ليكون علاجًا يمكن الخروج عن طريقه من أخطار تتهدد الأسرة أو تتهدد العائلة.. حين تسوء العشرة بين الزوجين إلى درجة أنه لا يمكن أن تدوم بينهما العشرة على النحو وعلى الصورة التي رسمها الشارع وطلب أن تكون علاقة الزوجية في ضوءها وعلى أساسها، شرعه ليكون علاجًا لهذه الحالة، وليكون آخر علاج يلجأ إليه الزوج أو يلجأ إليه القاضي حين يكون التطليق بيد القاضي، وحين لا يكون هناك علاج للمشاكل الزوجية سوى هذا العلاج، مثل ما يقولوا في العرف وفي المثل السائد آخر الدواء الكي فهذا آخر دواء وآخر علاج جعله الشارع ونظمه للخروج من المآسي والمشاكل التي تعرض للزوجين في حياتهما الزوجية، هذا الزوج قال لزوجته: ” تعالي كلي فقالت له لا ” ليس معنى ذلك أنها ارتكبت جريمة، فيقوم فورًا بتطليقها ويعاقبها على هذا الرد أو على هذا الموقف، فالطلاق ليس عقابًا.. الطلاق هذا أمر شرعه الشارع ليكون علاجًا لمشكلة الزوجين حين يستعصى العلاج.. وليكون خروجًا مما عساه أن يكون من مآسي أن لم نطلق، لكن كونه يجاوبها بهذا الجواب، ويهدم الأسرة ويسيء إليها.. ويسيء إلى نفسه.. ويسيء إلى أولاده، ويهدد عش الزوجية بهذه الصورة الكريهة.. ما شرع الطلاق لمثل هذا أبدًا، لكن في هذه الحالة إذا كان الزوج في حالة عادية وفي حالة طبيعية، وفي وعي كامل لاشك في وقوع هذا الطلاق، وأنا لا أعتقد أن زوجًا يفهم حكم الله، ويفهم حكم الدين ولديه الوعي الكامل ويقدم على الطلاق على هذه الصورة أو لمثل هذا السبب.. لا يمكن وأعتقد بيني وبين نفسي أن هذا الزوج ليس في وعيه الكامل، غير أن الطلاق إذا كان الزوج في وعيه وفي حالة طبيعية لابد من وقوعه، ونحن في الحقيقة بنتألم ونجلس ننظر للظرف والمشكلة ونحاول أن نصل إلى نتيجة بدون جدوى، والحقيقة هناك المشروع الذي أصدرته لجنة الأحوال الشخصية، ولا يزال إلى الآن محجوز ولم يقدم إلى الجهات المختصة لكي يظهر ولكي يعمل به لينقذ الناس من مثل هذه المآسي، وليكون فيه علاج لمثل هذه الحالة السيئة التي نتحدث عنها، هذا المشروع عني كثيرًا بتضييق دائرة الطلاق، وكان من ضمن الخطوات التي خطاها في هذا السبيل أنه اشترط لوقوع الطلاق شاهدين، لا يقع الطلاق إلا إذا كان أمام شاهدين، وأنتم كما تروا هذه الحالة أن الزوج بمجرد أن قال لزوجته تعالي كلي، فقالت له لا.. قال لها أنت طالق، وكان في حضور والدته لا غير، فلو أن مشروع الأحوال الشخصية كان معمول به، كان لا يمكن أن مثل هذا الطلاق يقع أبدًا، لأنه ليس هناك شهودًا حتى ولو كان في وعيه الكامل وفي حالته العادية والطبيعية، لأن الشرط الذي وضعه المشروع لوقوع الطلاق هو وجود شاهدين يسمعان من الزوج ويعلمان حالهما ويؤديان الشهادة على الوجه المشروع، وحبذا لو أفرج عن مثل هذا المشروع ليكون فيه علاج لمثل هذه الحالة ولحالات كثيرة.. ولظروف كثيرة مسها التشريع ومسها المشرع وكان فيما صنعه، وفيما قرره من أحكام علاج لكثير من هذه المآسي وهذه المشاكل.
الأستاذ أحمد فراج:
الحقيقة حان الوقت لأسئلة حضراتكم، ونحن نرحب بأي سؤال في أي موضوع.
س: بسم الله الرحمن الرحيم، في آخر الآذان نسمع المؤذن يقول: ” الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله وخاتم رسل الله “.. ونحن نعلم أن أول خلق الله هو آدم، فما معنى أول خلق الله، وشكرًا.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوجود الحقيقي لم يكن أول خلق الله، وإنما المقرر أن أكرمه حلق الله على الله، وأن الله سبحانه وتعالى حين قدر ما قدر، وسبق في عمله ما سبق، كان أول ما سبق وكان أول ما كان في هذا العلم النبي عليه الصلاة والسلام، فهم يشيرون إلى هذا المعنى فقط ولكنه هو وجد بعد مراحل طويلة، كما تعلمون حضراتكم.
س: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً نضم أصواتنا إلى صوت فضيلة المفتي في المطالبة بأن تكون جباية الزكاة عن طريق الدولة وذلك سيكون حصيلة كبيرة لسد حاجات كثيرة من حاجات المحتاجين وبالطبع هذا تنظيم رباني، وإن شاء الله ستكون مجرد النية في هذا العمل فيه بركة تعود على الدولة بالنصر إن شاء الله، لتكوين مجتمع اشتراكي إسلامي، وكانت الدكتورة حكمت أبو زيد أثناء وجودها في الوزارة سائرة في هذا الموضوع وكنا نقرأ عنه وأن الضرورات تقدر بقدرها.. والله سبحانه وتعالى حين حرم بعض المطعومات في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(المائدة: 3) وجاء وقال : ﴿ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾(الأنعام:119) فإذا اضطر الإنسان إلى تناول هذه المحرمات التي نصت الآية على تحريمها ودعت المسلمين إلى عدم تناولها، اضطر إلى التناول لإنقاذ حياته بأن كان مثلاً في مكان ليس به طعام ولا شراب ولا يستطيع أن يحصل عليهما، ووصل به الأمر إلى حد أنه لو صبر بعد ذلك سيهلك ويموت، فهنا يباح له أن يتناول بعض المحرمات.. فيأكل لحم الخنزير إن لم يكن هناك غيره، ويأكل من لحم الميتة وغيرها مما نصت عليه الآية، وبالطبع يأكل المقدار الذي يدفع به الهلاك عن نفسه، ولا يأكل إلى أن يملأ معدته بالطعام لا فالحالة حالة ضرورة، وتقدر الضرورة بقدرها.. كذلك إذا كان الإنسان يأكل الطعام وفي أثناء الأكل وقف الطعام في حلقه ولا يستطيع الحركة وليس لديه ماء ولو صبر على هذه الحالة حتمًا سيموت، وأمامه خمرة فيصح له أن يتناول منها المقدار الذي يذهب هذه الحالة عنه وينجو من الهلاك، هذا هو القدر المتفق عليه ولاشك فيه، أما الحالات التي منها هذا السؤال وغيره، أن شخصًا مثلاً لديه قطعة ارض اشتراها ولديه قدر من المال ويريد أن يبني منزل على هذه الأرض والمال الذي عنده لا يكفي لبناء هذا المنزل الذي سيكون مستغل يستطيع أن يتعايش منه أو أن يتركه لأولاده كي يتعايشون منه، وإذا لم يبني لم يجد مورد، أو أن أولاده سيتركهم بدون مورد، ويقولون إن مثل هذه الحالة.. حالة ضرورة تسوق لنا المحذور وهو الاقتراض بالربا .. الاقتراض بالفائدة.. قياسًا على الحالة التي ذكرناها إن الضرورة فيها تبيح تناول المحرم، ووصل الأمر إن الحالتين ليست متساويتين في الوضع، لأن هذا يريد أن يقترض لكي يبني فيلا أو منزل أو لكي يترك ثروة لأولاده ولكي يجد مستغل ونحن لا نستطيع أن نقول أن هذه الحالة بلغت من الضرورة ومن القسوة بالدرجة التي بها الضرورة تهدد حياة الإنسان لأن هناك الضرورة إن حياته ستنتهي إن لم يتناول المحرم.. فنقول له.. إنقذ حياتك وتناول هذا المحذور، ولا حرج عليك في ذلك بالمقدار الذي سينقذ حياتك، يا ترى الحرص على الحياة.. وإنقاذ الحياة مثلاً وهو جباية الزكاة عن طريق الدولة، والآن الموضوع لم نسمع عنه أي خبر..
الأستاذ أحمد فراج:
الحقيقة إن موضوع تنظيم الزكاة كان السيد حسين الشافعي اهتم به، وهو مشروع قديم قد بحث قبل ذلك أكثر من مرة، المهم إن سيادتك بتحبذ فكرة تنظيم جمع الزكاة..
س: أما سؤالي فهو أثناء قراءاتي في القرآن الكريم، قرأت آية معناها: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾(هود: 105 ) ، ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ ومن المعروف من الشريعة بالضرورة إن الإنسان حينما يكون مسلم لكن أذنب بعض الذنوب بيطهر في النار بمقدار تطهيره من هذه الذنوب، ثم يخرج إلى الجنة، هذا هو المعروف، ثم إن الجنة بيظل فيها إلى ما شاء الله مثل ما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف ” والله إنها لجنة أبدًا أو لنار أبدًا ” هل معنى الآية هنا: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ﴾إن فيه خروج من الجنة؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
ليس معنى ﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ خروج من الجنة بعد أن دخلوا فيها ” إلا ما شاء ربك إلا يدخل الجنة ”
س: ما هو الحكم الشرع بالنسبة لموقف الآباء أو ما ينبغي أن يكون عليه موقف الآباء نحو أبناءهم الذين لا يصلون.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
الواجب على الآباء وأولياء الأولاد الذين لا يزالون في نطاق الولاية واجبهم أن ينشئوهم التنشئة الحسنة الكريمة على مبادئ الدين.. وأحكام الشريعة، ويوجهونهم إلى هذا الطريق عن طريق النصح والإرشاد والتأديب، وإذا استدعى الأمر أن يضربوهم إلى سن معينة، هذا واجبهم وإذا هم قصروا في هذا الواجب كانت عليهم التبعة وحوسبوا على ذلك من الله حسابًا عسيرًا، لكن إذا كانوا هم أدوا هذا الواجب على ما ينبغي أو قريبًا مما ينبغي وبقى الولد رغم هنا التوجيه، ورغم هذا النصح.. ورغم المحاولات الكثيرة في سبيل التنشئة .. تنشئة حسنة كريمة دينية.. بقى على انحرافه وعلى اعوجاجه فلا ضير على الولي ولا حساب عليه، لأنه أدى واجبه، كون الابن لم يطيعه فالله سبحانه وتعالى يتولى أمره.
الأستاذ أحمد فراج:
إذا أذن فضيلة المفتي بكلمة صغيرة تعقيبًا على نفس الكلام، نحن بنلاحظ إن أهم شيء في توجيه الأبناء بيأتي في مرحلة مبكرة جدًا وبالذات بالقدوة الحسنة، فالمراحل الباكرة من عمر أبناءنا هي مرحلة التقليد… بيقلد الأب.. لا.د الأم، أي أنها عملية محاكاة، فإذا نشأ لطفل في بيئة لا يرى فيها إن أبيه مصلي وأمه مصلية، لاشك إن هذا بيقدم له قدوة، ويمكن الطفل بينقلب أمامهم وهم بيصلوا وتكون حركاتهم كلها صلاة، فهذا ليس متاح إلى أن نتركه إلى سن عشر سنوات ثم نأمره بالصلاة، أو ننتظر إلى سبع سنوات فنأمرهم ثم نضربهم في سن عشر سنوات.. لا .. فلابد من القدوة الحسنة له.
س: إن القرآن الكريم لم ينزل ليكون وسيلة كسب أو وسيلة معينة، إذًا كما نجد في الطرقات والشوارع والمواصلات من يتلون القرآن ويتخذونه وسيلة كسب للمعيشة فقط، ما رأي الدين في ذلك، وما الذي يجب أن نتخذه للقضاء على مثل هذه الحالات.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
هذه الصورة لا يقرها الدين وهي التكسب بالقرآن عن هذا الطريق وبهذه الصورة فهي صورة منكرة والجماعة الذين يفعلون هذا أنا في تقديري وفي ظني أنهم غير محتاجين وإنما هم يحترفون هذا النوع من التكسب لأنهم يرونه طريقًا سهلاً والكسب منه كثير.. وواجب الناس أن يقاموا ذلك بأن يكفروا عن مد أيديهم عن أمثال هؤلاء حتى يجدوا أنه لا خير في امتهان هذه المهنة وفي سلوك هذا الطريق ويرجعون عنه.
س: في الحقيقة أنا عندما ذهبت إلى الإسكندرية رأيت هناك أنه حي يموت الميت يحضروه أمام باب المسجد ويصلون عليه في الشارع وهو مرتدون أحذيتهم أيضًا.. ولا يدخلون الميت داخل المسجد مثلنا في القاهرة وبذلك يشغلون الطرقات ويعطلون المواصلات وأحيانًا يكون المطر نازل فما قول فضيلتكم في هذا الموضوع؟
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
لقد تحدث الفقهاء في إدخال الميت في المسجد وصلاة الجنازة عليه… فبعضهم رفض هذا العمل محافظة على المسجد مخافة إنه يكون فيه مثلاً شيء ينزل من الميت ينجس المسجد.. وقد اتخذ المسجد للعبادة.. وهناك بعض الفقهاء لا يرى في ذلك شيئًا والصلاة على الميت جائزة في أي مكان كان إلا إذا أنها كانت ستؤدي إلى شيء من الضرر كما رأيت سيادتك من تعطيل المرور في الشوارع وتعريض الميت للمهانة في حالة نزول المطر عليه مثلاً.. ولذلك فمن الخير بل من الواجب أن يبتعدوا بالميت والصلاة عليه بهذه الصورة، ويصلون عليه في المسجد لأن كثيرًا من الفقهاء لا يرون في الصلاة بالمسجد بأسًا ولا حرجًا.
س: الواقع أنا أنتهز فرصة وجود فضيلة المفتي وأطرح عليه سؤال أحيانًا أطرحه بيني وبين نفسي وأعيش في صراع بين نفسي وعقلي وهو أنني عندما أقرأ القرآن الكريم هناك آية في سورة الكهف تقول: ﴿ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا﴾(الكهف: 17) وفيه أيضًا حديث شريف يقول: ” كل ميسر لما خلق له ” فهل هذا معناه إن الشقاء أو الهداية قد قدرت سلفًا على الإنسان وإذا كانت الإجابة بنعم.. فما هو المبرر للحساب أو العقاب على أشياء الإنسان يفعلها مجرد تنفيذ لإرادة الله سبحانه وتعالى ومشيئته.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي:
لقد طلب الشارع من الناس وكلفهم أن يدخلوا في الإسلام وأن يؤمنوا.. وكلفهم بتكاليف وبين لهم طريق الخير وطريق الشر: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾(البلد: 10) وهما طريق الخير وطريق الشر.. وبين لهم أن سلوك طريق الخير يؤدي بالإنسان إلى السعادة وينتهي به إلى نهاية كريمة في الدنيا والآخرة.. وبين لهم أن طريق الشر يؤدي بهم إلى أضرار تصيب الإنسان في دنياه وفي آخرته، والانحراف عن مبادئ الإسلام قد يؤدي إلى الهلاك.. والله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان العقل وأرسل إليه الرسول ونزل التشريعات والكتب السماوية ودعا إلى هذا وحذر من ذلك، بعد هذا أنت حين سلكت طريق الشر وعدلت عن طريق الخير لم يكن في واقع الأمر ولا في ظاهر الأمر إن فيه قوة جذبتك عن الطريق الأول وجعلتك تسير في الطريق الثاني.. إنما أنت لك الاختيار وأنت تسير باختيارك وحريتك ومقدرتك، فحين تختار رغم ما دعا إليه الدين ورغم ما أرسل إليك الرسل وما أعطاك الله من عقل تميز به وما أوضح لك ما في هذا وما في ذاك.
وأنت حينما تعدل عن هذا وتترك ذلك تعاقب على هذا الضيع وذلك الاختيار كون ربنا سبحانه وتعالى قدر هذا أنت لا تعلم حين اختار.. هل كنت تعلم أن الله عز وجل كتب عليك الشقاء وان الله كتب عليك الانحراف وعدم التوفيق .. ليس هناك علم لك بهذا.. بعد هذا ربنا سبحانه وتعالى قدر عليك ولكنك بالرغم من هذا التقدير أمرك بأن تسلك طريق الخير:﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء ﴾(الأعراف: 28).
الأستاذ أحمد فراج:
هذه إجابة سريعة في الواقع على سؤال كبير.. سنكتفي بها في هذه الحلقة ونرجو إننا في نهاية الحلقة بنوجه شكر البرنامج لفضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي مفتي الجمهورية العربية المتحدة ونشكركم جميعًا ونرجو أن نلتقي معكم سيداتي وسادتي دائمًا على خير. شكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.