فتاوى- أسئلة واستفسارات المشاهدين 6

حلقة

نور على نور  

المسجلة في مساء يوم الأربعاء الموافق 8 يولية 1964

والتي أذيعت في الساعة 2 من مساء الجمعة الموافق 28 أغسطس 1964

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم

فضيلة الشيخ السيد سابق

الأستاذ أحمد فراج :

سيداتي وسادتي ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الحلقة التي سنقدمها اليوم من الحلقات الني نحاول أن البرنامج يقدمها لحضراتكم من وقت لآخر للإجابة على الأسئلة التي ترد إلى البرنامج في المشاكل الخاصة أو الموضوعات المختلفة المتعددة الزوايا في مختلف الجوانب التي هي ليست مقيدة بموضوع من الموضوعات التي يكون محددها البرنامج . وفي هذه الندوة يسرنا أن يستضيف البرنامج فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم الأستاذ بكلية الشريعة سابقا وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ، وفضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق بوزارة الأوقاف . في بداية البرنامج سنوجه سؤال لفضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم في مشكلة أرسلها شاب للبرنامج تتلخص في أنه كان مدمن على التدخين وبعد ذلك حب أن يمنع الدخان فحلف ونص الكلام الذي قاله ” علي الطلاق بالثلاثة بالمحرمات من جميع المذاهب أنني لن أعود للتدخين بعد اليوم وإذا عدت إلى التدخين تكون امرأتي محرمة ولا يجوز ردها ، وبعد ذلك رجع إلى التدخين ثانيا ، وبعد ذلك كرر نفس الحلفان بنفس الصيغة تقريبا التي قالها ، ويقول أنه في المرتين الأولتين لم يكن أمام زوجته ولكن في المرة الثالثة خرج من الحجرة أمامها وقال ” إنت طالق من الساعة سابعة ” وبعد ذلك يقول أنه رجل من الصعيد ويخضع لتقاليد الصعيد ، وعندما علم أهله بهذه المسألة هددوه وقاله له ليس من الممكن أن يطلقها وسوف تترك أنت البيت وهي التي تبقى وإن المسألة لابد لها من محلل أو فتوى دينية ، وبعد ذلك قالوا له ابحث عن جل واكتب للمسئولين فأرسل للبرنامج ويرجو أننا نجيب على هذا السؤال .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

إن المذاهب الأربعة أبو حنيفة والشافعي ومالك والإمام أحمد تجمع على أن هذه الإيمان واقعة فإذا شرب الدخان وقع الطلاق .. يمين أول يبقى طلقة أولى .. يمين ثاني يبقى طلقة ثانية .. أما اليمين الثلاث فهو طلاق منجز فإذا أتم الثلاث طلقات تحرم عليه زوجته ، لكن المحاكم أخذت رأي بعض المجتهدين وهو رأي له وجهته والفتوى جارية عليه إن مثل اليمين الأول والثاني إيمان معلقة .. ماذا يقصد بها ؟ إذا كان القصد بها حل العصمة ، وإيقاع الطلاق يبقى لما يشرب الدخان وقعت طلقة اليمين الأولى ، ولما يشرب الدخان للمرة الثانية تقع طلقة اليمين الثاني ، واليمين الثالث وقعت به طلقة فيبقى تمت الثلاث طلقات وتبين من زوجته بينونة كبرى ، لكن إذا كان لا يقصد حل العصمة وإيقاع الطلاق باليمين الأول والثاني وإنما كان قاصد إبعاد نفسه عن شرب الدخان ولم يخطر على باله إنه يطلق زوجته يبقى على ذلك لا يقع يمين طلاق لا باليمين الأول ولا باليمين الثاني وإنما يقع عليه طلاق باليمين الثالث فقط ، وعلى ذلك إذا كان حاله هكذا يبقى له أن يراجع زوجته إذا كانت في العدة فإذا كانت العدة انقضت يعقد عليها عقدا جديدا برضاها وتبقى معه على طلقتين إذا لم يكن هناك طلاق حصل غير هذا .

الأستاذ أحمد فراج :

وما هو حكم الطلاق الثالث الذي قال فيه ” أنت طالقة من الساعة سابعة ” … هذا الطلاق الموقوت ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

نعم يقع عليه الطلاق الساعة سابعة .. يعني الوقت الذي حدد فيه الطلاق .

الأستاذ أحمد فراج :

نفرض شخص مثلا قال ” أنت طالقة الشهر القادم ” هل يقع أيضا ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

نعم يقع عند أول الشهر وهذا حسب الصيغة التي نطق بها .

الأستاذ أحمد فراج :

هناك تعقيب من فضيلة الشيخ السيد سابق .

فضيلة الشيخ السيد سابق :

الحقيقة أن كثيرا من الناس يتلاعب بأقدس عقد وهو عقد الزواج ، إن الله سبحانه وتعالى حينما تحدث عن عقد الزواج قال ” وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ” فما ينبغي أن يتعرض هذا العقد لأمثال هذه الألاعيب وهذا العبث ، رسول الله صوات الله وسلامه عليه رأي رجل يحلف بالطلاق فغضب حتى ظهر الغضب في وجهه وقال ” أتلعبون بكتاب الله وأنا بين أظهركم ” ، ووضع العلماء قاعدة وقالوا إن الحلف بالطلاق من إيمان الفساق ، فالذي يحلف بالطلاق سواء كان محقا أو مبطلا هو فاسق وقد ارتكب إثما كبيرا .. هذا فيما يتصل بالحلف بالطلاق لأن عقد الزواج هذا عقد عظيم جدا والله سبحانه وتعالى يقول .. ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” فهذه الزيجة أو هذه الزوجية من آيات الله وهي سكن ومودة وهي رحمة وهي من أقدس شركات الحياة فلا ينبغي أن نعرضها لأي هز من الهزات أو لأي لون من ألوان الاضطراب .. فهذا الأخ الذي حلف على هذا النحو فما علاقة السجائر بالطلاق … هو يريد أن يترك السجائر فيتركها أو لا يتركها لكن يأتي ويعرض بيته لهذه الهزة العنيفة التي تقضي عليه وتأتي عليه من أساسه .. هذا الإنسان وأمثاله من العابثين واللاعبين بكتاب الله ، أما في هذه الأيمان التي حلف بها فالأمر كما قرر فضيلة مولانا واقعين ولكن بجانب هذه الآراء التي رآها فضيلة الأستاذ هناك آراء أخرى لا تقل في منزلتها وفي قيمتها العلمية عن الآراء التي استمعنا إليها ، وليس هناك بأس أن نذكر هذه الآراء .. من الآراء أن هذا اللون من اليمين إنما هو من الإيمان المعلقة يعني معلق على شيء إن شرب السجائر تطلق زوجته وإن لم يشرب لا تطلق .. اسمه يمين معلق وكثير من علماء السلف ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أن هذا اليمين يمكن أن يقع ولكن لا بمعنى أن تحصل طلقة ولكن يكفر عنه ، ومذهب السيدة عائشة وطاووس وعكرمة وعطاء يرون أن هذه الأيمان ممكن أن تكفر بما تكفر به الإيمان العادية مثل الحلف بالله ، ثم يقولون ” لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ” فهذا اليمين يمكن لهذا الشخص إذا اعتبرنا أن هذا يمين يمكن أن يطعم عشرة فقراء مثل الذي يحلف بالله بالضبط ويبقى صحيح اليمين وقع لكن لا تحصل طلقة ويكفر بإطعام عشر فقراء إذا كان قادرا فإن لم يكن قادرا فليصم ثلاثة أيام .. هذا بالنسبة لليمين الأول والثاني ، اليمين الثالث صحيح يمين منجز ، ولكنه مضاف إلى المستقبل إلى الساعة السابعة أو إلى سنة أو إلى كذا .. أيضا هذه الألوان من الحلف وكثير من الأئمة يرى أيضا أنها من اللغو .. هو ارتكب محرم لا شك في هذا ولكن هل يؤاخذ بمقتضى هذا الكلام أو لا .. هل يقع أو لا يقع إذا جاءت الساعة السابعة ؟ كثير من العلماء يرى أن هذا لا يقع ولا سيما علماء الظاهرية ، الطلاق المضاف إلى المستقبل .. ” داوود وابن حزم وكثير من العلماء على أن ” بن عباس : فيما رواه الإمام البخاري رضي الله عنه له كلمة طيبة جدا يقول ” إنما الطلاق عن وتر ” .. أي عن رغبة أكيدة وأن يكون نفسه التزام ما شرع الله سبحانه وتعالى فإذا لم يقع الطلاق على حسب ما شرع الله يبقى هذا عبث لا يلتفت إليه وما شرعه الله … ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ” .. إلى آخر الآيات ، فكل طلاق وقع على خلاف ما شرع الله فهو طلاق باطل وإن كان صاحبه قد ارتكب إثما إلا أن العلاقة الزوجية لا تزال قائمة .

الأستاذ أحمد فراج :

يبقى طلاق باطل أم بدعي ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

طلاق بدعي لكن لا يترتب عليه ويجب أن يأدب هذا المطلق ولكن عقد الزواج لا يزال قائما وإن على الزوجية لا تزال على حسب ما شرع الله في رأي كثير من العلماء .. فيه خلاف كثير بين الأئمة ولكن هذا رأي آخر نذكره لنوسع به على الناس مادام الرجل يحب زوجته .. هو يريد أن يترك السجائر لا يريد أن يطلق زوجته وعنده منها أولاد وفعلا الميثاق الغليظ قائم .. فهو يريد أن يترك السجائر فما علاقة ترك السجائر بحل العقدة الزوجية ، هذا وضع وذلك وضع .

الأستاذ أحمد فراج :

هناك تعقيب من فضيلة الشيخ محمود عبد الدايم .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

كما ذكر فضيلة الأستاذ أن عقد الزواج هذا ميثاق مقدس يجب أن نصونه عن التعرض ضد الخلخلة والاضطراب ، ثم إن المذاهب الأربعة ترى أن كل هذه الإيمان منعقدة وأنه إذا المحلوف عليه يقع اليمين ، نحن تبسطنا في الأمر قلنا إن الإيمان المعلقة يفصل فيها .. إذا قصد الطلاق يبقى يقع عند وقوع المحلوف عليه .. لم يقصد الطلاق لا يقع ، في هذه الحالة هل نعتبر هذا اليمين موجب للكفارة ؟ إذا أخذنا بالرأي الذي يقول تجب الكفارة كان خيرا وفيه توسعة على الفقراء ، إذا أخذنا بالرأي الآخر الذي لا يرى في مثل هذا كفارة ففيه وسعة .. باقي معنا الطلاق المنجز المضاف إلى وقت مستقبل ” أنت طالق غدا ، أو أنت طالق بعد شهر ” يعني ألجأها أو أقول ” هي طالق مثلا أو أقول هي طالق عند مجيء الوقت الذي ربط الطلاق به ، من العلماء من يقول طالق وقتها ، ومن العلماء من يقول ليست طالق مطلقا .. لكن التوسط واجب ونحن لا نفتح الباب على مصراعيه .. نحن نريد أن نبعد الناس ونجعلهم يمسكون عن التعرض للفظ الإيمان بالكلية ، فيكفي إننا توسطنا في الأيمان المعلقة وأما الأيمان المنجزة أعتقد يجب أن نتمسك بعض الشيء .

الأستاذ أحمد فراج :

هناك سؤال .. في نقطة تعرضت لها سيادتك الآن مسألة ” القصد ” .. الأخ ع . م . أ يقول إن هناك أصدقاء لزوجته يكره حضورهم إلى البيت أو ذهابها لهم وإنه حاول كثيرا أن يمنعها عن زيارتهم أو يمنعهم من الحضور دون جدوى ، وفي يوم كان مسافرا ولكي يضمن عدم اتصالها بهم أو حضورهم يقول : ” وقعت عليها يمينا بألا تذهب إليهم أو عند حضورهم عندنا لا تجالسهم ، وللعلم لا يوجد بالبيت أشخاص آخرين للزوجة كأقارب مثلا بحيث أنه من الممكن هؤلاء الناس يكونوا حاضرين لهم ، وإن جاءوا مصادفة فلا حرج في ذلك ولكن لا تسعى هي للجلوس معهم ، ولكن حدث أن الزوجة جالستهم وجلست معهم وذهبت إليهم دون مبالاة باليمين أو حتى احترامه ، والمهم أنه يقول ” ولم يكن يميني بقصد التهديد ولكن كانت نيتي مؤكدة فما العمل في ذلك الآن ، وهل تعتبر طالقا أم لا ؟ وإذا كانت مطلقة فما الحل ؟ بمناسبة أن سيادة الشيخ محمود عبد الدايم يقول ” انتهينا ” .. أنا أرى بعض التناقض في الرسالة .. هو يقول إنه لم يمينه بقصد التهديد وإنما كانت النية مؤكدة وبعد ذلك يقول وإذا كانت مطلقة فما الحل ؟ يعني يظهر إنه لم يكن ناوي بحق .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

طبعا هو لم يقصد التهديد والمسألة بين أمرين إما أن يقصد تهديد أو يقصد طلاق .. فهو لا يقصد تهديد يبقى قاصد الطلاق …

الأستاذ أحمد فراج :

إنه بعد ذلك يقول ” وإذا كانت مطلقة فما الحل “؟ إذا كانت مطلقة تبقى مطلقة …

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

هو يريد طريق الوصول إليها يعني كيف يرجعها إلى عصمته … وهل ترجع بعقد جديد أم لا ترجع …

الأستاذ أحمد فراج :

إذن نفترض الحالتين .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

إذا كان هذا الطلاق رجعيا وهي لا تزال في العدة فممكن المراجعة ، أما إذا كانت العدة قد انقضت عليها عقدا جديدا برضاها .. هذا الكلام إذا كان الطلاق أو أو ثاني لكن إذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى لابد من عقد جديد …

إذا كان الطلاق مكمل للثلاثة بائن بينونة كبرى لا تحل له حتى تتزوج منه .

الأستاذ أحمد فراج :

الواقع إن في هذا الموضوع أيضا مشاكل كثيرة تصل للبرنامج ولعل بعض الحالات تشبع بعضها .. هناك رسالة أخرى أيضا أرجو أنها تكون واضحة بالنسبة لأصحابها … سيدة زوجها كثير الحلف باليمين على الصغيرة والكبيرة ودائما يحلف عليها بالطلاق .. تقول أنه حلف عليها ثلاث أيمانات .. الأول قال فيه ” إذهبي أنت طالق ” ، والثاني قال لها اذهبي تكوني مثل أمي وأختي والثالثة قال لها إذهبي وأنت طالقة ، وكانت جميع الأيمان في حالة غضب وهياج فذهبت لمأذون فقال لها لا يجوز أن ترجعي لزوجك إلا بواسطة محلل وهي كزوجة لها كرامة لم تقبل هذا الوضع والمأذون قال لها تقدمي بمذكرة إلى الأزهر لعمل فتوى وتقدمت فكان منهم أنه رد اليمين وعادت إلى زوجها على مذهب آخر مع العلم بأن مذهبي هو المالكي فلا أعرف أي مذهب ردت عليه وذات يوم ألقى علي اليمين الرابعة فأنا في حيرة من أمري وسندعو فضيلة الشيخ محمود عبد الدايم أن يتفضل بالإجابة على هذه الرسالة .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

معنى إذهبي وأنت طالق وإذهبي أنت علي كظهر أمي ، هذا برهان … الثالثة اذهبي أنت طالق هذا يمين ثاني .. اليمين الأول وقعت به طلقة فرجعها إلى عصمته أو لم يرجعها فالرجعة أيضا يصح منها الظهار فهل الظهار يعتبر طلاقا ؟

كانت طلاقا في الجاهلية لكن الإسلام لا يعتبره طلاقا إنما إذا قال لها أنت على كظهر أمي .. هذا قول منكر .. ” الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ .. ” إلى آخره ، لقد قال لها أنت علي كظهر أمي ثم كان مقتضى هذا أن يعقبه بالطلاق لكنه لم يفعل فأمسكها مرة يمكنها أن يطلقها فيها ولم يفعل فهذا اسمه عادة في قوله.. مثل هذا ألا يحل له أن يأتي امرأته حتى يكفر والكفارة انه يصوم 60 يوم متتابعة بحيث لو أفطر في آخر يوم يجب عليه أن يستأنف من الأول .. إذا كان مريضا ولا يستطيع أن يصوم 60 يوما متتابعة يطعم 60 مسكين بنص الآية ” فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ” .. إلى آخره ، الثاني ظهار لا يحل له أن يأتي امرأته حتى يكفر إنما هل يعتبر طلاقا ؟ لا يعتبر طلاقا أما اليمين الثالث نعتبره طلقة ثالثة لأنه قد وقع عليه طلقة طلقة بالأول ووقع عليه طلقة بالثاني بعد ذلك له أن يراجع زوجته ظوو فلو راجع زوجته وتبقى معه على طلقة واحدة فإذا طلقها بعد ذلك فقد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تتزوج غيره إلى آخره .. فالمسألة هي في اليمين الثاني ” الظهار ” هل هو كفر .. فهذا لا يعتبر طلاقا إنما قال لها ذلك وكان يمكنه أن يعقبه بالطلاق ولكنه لم يفعل .. اسمه عاد في قوله فتلزمه الكفارة والكفارة العتق ، ولكن العتق ليس موجود وإنما يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين وإن لم يستطيع يطعم ستين مسكينا وبعد ذلك قد حل لها أن يأتهيا ….

الأستاذ أحمد فراج :

نفهم هنا أنه بفرض أنه كفر عن يمين الظهار إذن عنده طلقتين والثالثة التي هي الرابعة أصبحت بانت بينونة كبرى ، ولابد له أن يصوم 60 يوم متتابعة لكي تحل له …

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

لا تحل له إلا إذا صام ستين يوما متتابعة عقابا له ” أنت علي كظهر أمي ” .. ” وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا .. ” معنى العود لم قال إن يمسكها مرة يمكنه فيها أن يطلق ولم يفعل اسمه عاد في قوله يعني قال قولا ولم ينفذه .. مقتضى أن يقول ” أنت علي كظهر أمي ” أن يعقبها فورا بـ ” أنت طالق ” .. ويخلص منها لكن هو لم يفعل أمسكها مرة يمكنه فيها أن يطلق ولم يطلق اسمه عاد في قوله لا يحل له أن يأتيها حتى يكفر والكفارة هي المذكورة في القرآن الكريم .

الأستاذ أحمد فراج :

هناك تعقيب من فضيلة الشيخ السيد السابق .

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

أنا ألاحظ أن السيدة تقول أن زوجها يحدث له غضب وهياج …..

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

مسألة هل الغضب يشفع في عدم وقوع الطلاق هذه نقطة فيها كلام كثير للعلماء ولكن الفتوى جرت على أنه مادام عقلة باقيا وإذا سألته عما حصل منه يحكيه لك بالضبط فاليمين في هذه الحالة يقع لأن الحكم موجب بوجود العقل مادام عقله باقي إذن يحدث الطلاق فالطلاق دائما يقع في حالة غضب .. يكونوا مثلا متشاجرين وهو في حالة هياج فيحلف يمين الطلاق …

الأستاذ أحمد فراج :

أنا يخيل لي إن بعض الفقهاء يقسم الغضب بحيث إنه لا يكون متمالك من الذي يقوله …

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

هذا الباب إذا فتحناه فلا نأمن شره .. صحيح يقولون أن الغضب أقسام .. حزن وغضب بحيث يدري ما يقول وهذا الذي ينعقد يمينه ويأخذ حكمه .. غضب بحيث إنه لا يعي وغاب عن رشده فهذا ليس عاقل .. يعني شخص حدث منه ذلك وبحيث إذا سألته ماذا حصل منه لا يدري ما يقول لا يعرف ماذا حصل منه .. إذا صح هذا يبقى في حكم المجنون ، لكن أنا أقول إن لا يوجد شخص يقول أنا غضبان إلا لما نسأله هل أنت تعرف ما قلته ؟ فيقول نعم أنا أعرف وأحكيه لكم .. فما دام عقله باقي فالحكم نافذ وطلاقه منعقد …

الأستاذ أحمد فراج :

هل المقصود هنا هو الغضب الشديد الذي يذهب بالعقل أم الذي يكون الإنسان فيه ليس متحكما تماما في الكلام الذي يقوله ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

إن الغضب الذي يذهب بالعقل هذا ليس فيه كلام .. لكن هناك غضب بحيث يندم على ما حدث منه لكن عقله باقي عندما تسأله يقول لك أنا حدث مني كذا وكذا .. ويقص القصة من أولها لآخرها .. فهل أستطيع أن أقول أن هذا عقله ليس موجودا وأن الغضب يشفع له في عدم وقوع الطلاق ؟ لا أستطيع أن أقول ذلك لأنه ” لا طلاق في إغلاق ” يعني في غضب فيه إكراه .. يعني المكره الطلاق لا يقع ، وإنما كانت بعض المذاهب ترى أن الطلاق المكره يقع وهذا اختلاف بين الأئمة .

الأستاذ أحمد فراج :

لا أعرف هل مسألة درجة الغضب واشتراط أن تذهب بالعقل كلية لازمة ؟ سندعو فضيلة الشيخ السيد سابق أن يحدثنا في هذه النقطة .

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

يمكن تقسيم الغضب إلى أقسام ثلاثة .. القسم الأول أن يغضب الإنسان ويستطيع أن يكون سيد موقفه بحيث يملك نفسه ويملك إرادته هذا المستوى من الغضب ما من شك في أن الإنسان يكون مسئولا عن تصرفاته لأنه كامل الإرادة وكامل العقل .. أحيانا الإنسان يغضب وهذا لون ثاني من ألوان الغضب غضبا شديد ويكون مدركا لتصرفاته ولكن إرادته تخونه ويكون ضعيف الإرادة مثل الناس الذين يشربون السجائر وتكون أعصابهم ضعيفة فيفلت منه الذمام وهو مدرك غاية الإدراك لتصرفاته ولكن إرادته تخونه ليس هو سيد الموقف .. وهذا قسم ثاني من أقسام الغضب ، القسم الثالث أن الإنسان يضعف عقله وتضعف إرادته ففي القسم الأول الإنسان مسئول عن تصرفاته .. والقسم الثاني الإنسان لا يسأل عن تصرفاته .. القسم الثالث الإنسان فيه يفتي نفسه نحن لا نستطيع أن نضع فتوى لأننا لا نستطيع أن نقدر وليس عندنا مقاييس نقيس بها مدى قوة الإرادة وضعفها إذن ” استفتي قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك ” إذن يرجع في مثل هذه القضية إلى شخص مستفتي لا المفتى لأن المفتي لا يستطيع أن يحكم على إرادات الناس .. هذا بالنسبة لمسألة الغضب أما بالنسبة للطلاق المنجز أنا أريد أن أقول أيضا لماذا أنا أتوسع في الفتوى ؟ لا لأن أريد أن أتساهل في قضية من القضايا ولكن أريد أن أبرر قيمة الحياة الزوجية ، وأنها حياة مقدسة وأن الرجل إذا قال لزوجته ” أنت علي كظهر أمي ” كلمة يقولها ربنا يقول ” منكرا من القول وزورا ، ولا يستطيع أن يقترب منها إلا إذا صام ستين يوما متتابعة ، ما معنى هذا ؟ أن هذه الحياة يجب أن تصام من كل شيء ولا ينبغي أن يفلت من اللسان كلمة من هذه الكلمات التي تستوجب صوم 60 يوم متتابعة بحيث لو صام 59 وجاء اليوم الستين وأفكر كأنه لم يفعل شيء .. فصيانة الحياة الزوجية وصيانة الأسرة هذا شيء يهتم به الإسلام عناية الاهتمام وعلى هذا أنا أقول أن العقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع ومادام العقد ثبت بكتاب وسنة وإجماع لا يرفع برأي فقيه وإنما يرفع بكتاب أو بسنة أو بإجماع ، فإذا كان هناك الكتاب يفتي بوقوع الطلاق نحن نسمع الكتاب ، إذا قالت السنة بأن الطلاق واقع فلابد أن نخضع للسنة لأنها مبينة للكتاب وشارحة له وهي المذكرة التفسيرية لكتاب الله .. إذا أجمع الناس على صورة من الصور بوقوع الطلاق إذن نحن نخضع للإجماع ” وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ” وعلى هذا ما دامت المسألة خلافية فأنا لا آخذ بالعزيمة وبالشدة وإنما آخذ بالرخصة مادمت لم أخالف كتابا ولم أخالف سنة ولم أخالف إجماعا .. فالطلاق المنجز لا يقع في تقديري أنا بالنسبة لأن الأسرة المصرية أو الأسرة المسلمة الآن تتعرض لهزات عنيفة لا يقع الطلاق المنجز بدعيا إلا إذا وقع على حسب الكتاب أو على حسب السنة أو على حسب ما يقتضيه الإجماع لماذا ؟ لأن عبد الله بن عمر طلق زوجته طلاقا منجزا وهي حائض فذكر عمر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرسول عليه الصلاة و السلام ” مروا فليراجعها فراجعها عبد الله بن عمر ، وبعد ذلك قيل سئل بن عمر في أصح الروايات أن هذه الطلقة لم تحتسب فاعتبرت كأنها لم تكن فعلا ولم يحتسبها طلاق منجز وهو موجه للمرأة لأنه وقع على خلاف مقتضى الشرع وعلى خلاف مقتضى الكتاب والسنة فالظن الصحيح أن الطلاق المنجز لا يقع وإن كان في مواجهة المرأة إلا إذا كان عن قصد و إلا إذا كان بلفظ و إلا إذا كان متفقا مع كتاب الله ومع سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام بنص الحديث الذي اتفق أهل السنة واتفق البخاري ومسلم اتفقوا جميعا على صحته فما ينبغي أن نعدل عن هذا ولا سيما وأن الأسرة المصرية الآن تتعرض لهذه الهزات وفي الوقت نفسه الناس الآن اتخذوا الطلاق كلمة سهلة على لسانهم .. فالذي يريد أن يشتري بقرة يحلف بالطلاق .. الذي لا يريد أن يشرب سجائر يحلف بالطلاق .. الذي يريد أن يجلس معه أخيه يحلف بالطلاق فنحن لا بد أن نرخص للناس و إلا سيعيش كل الناس مع زوجاتهم عيشة غير حلال وعيشة محرمة وفي الوقت نفسه يضطروا إلى العمل أشار إليه السيد السائل إلى عملية التحليل وعملية التحليل هذه عملية خطيرة جدا لا يوجد شيء في الإسلام اسمه تحليل .. والرسول صلى الله عليه وسلم سمى ذلك ” بالتيس المستعار ” فهم كأنهم يحضرون حمار ويعيروه ويأجروه .. فهذا هو الحمار الذي يعار ويؤجر .. ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل و المحلل له ، وهذا العقد عقد التحليل لا يحل المرأة لزوجها الأول أبدا وهذا عقد باطل باطل باطل ولا ينبغي أن يكون الحرام طريقا إلى الحلال لأن هذا ليس عقد زواج ولا عقد مقدس ولا عقد فيه صيانة المرأة ولا فيه احترامها كما قالت السيدة السائلة ” أنا كرامتي تأبى علي ذلك ” .. وربنا سبحانه وتعالى يقول … ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ” .. يأخذها الرجل لحظة من اللحظات ويبقى أين السكن وأين المودة وأين الرحمة ؟ هذا هو المنكر من القول والفعل وهذا هو الزور الذي يجب أن ننزه مجتمعنا وننزه فقهنا وننزه عقولنا من هذه التفاهات التي تركت رواسب في مجتمعنا لا نزال نعاني منها إلى يومنا هذا ، فكما يجب مثل ما قلنا في ندوة سابقة أن نظهر المجتمع من العادات السيئة ومن العادات الضارة ومن رواسب القرون ، يجب أن نطهر مجتمعنا ونطهر أسرنا من هذه الأشياء التي هي تفسد أكثر مما تصلح .

الأستاذ أحمد فراج :

في الحقيقة أنا لي تحفظ على مسألة السجائر وضعف الإرادة يعني سيادتك ذكرت ضعف الإرادة ومبرره الوحيد هو السجائر …

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

أبدأ أنا أقصد منها أي أن ضعف الإرادة جزء من سببه السجائر .

الأستاذ أحمد فراج :

هناك رسالة من الأستاذ حسن كامل يقول أن هناك قريب له أو أخ له أصيب بمرض وأصبح في حالة لا تساعده على الشغل وبعد ذلك فتح محل تجارة ولم يستطيع أيضا أن يواصل فيه وابنه هو الذي يديره .. المهم أن دخله من المحل لا يكفي مصاريفه فأتفق هو وبقية إخوته إنهم يخرجوا له مرتب أو شيء من هذا القبيل شهري ، فالسؤال هل يصح اعتبار هذا المبلغ الشهري الذي يساهم فيه بصفة منتظمة من زكاة المال ؟ وبقية السؤال يقول إنه بالنسبة لأنه أخوه هل تجوز عليه الزكاة ؟ وإذا كانت تصح الزكاة فهل يمكن أن تقسم بصفة شهرية ؟ وسندعو فضيلة الشيخ محمود عبد الدايم أن يتفضل بالإجابة على هذا السؤال .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

إن نفقة الحواشي عند الشافعية للأخوة يعني للأخ وللأخت ليس واجب وعلى نعطيه من الزكاة ويجوز تقسيمها كل شهر كما أنه لا بد من النية طبعا .

الأستاذ أحمد فراج :

والآن قد حان وقت الأسئلة والمجال مفتوح أمامكم لأي سؤال .

س :

أريد أن نتفق في سؤال عند قدرة الله سبحانه وتعالى ، أنا وقفت عند آية في القرآن الكريم ” بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ” .. فلماذا خص الله سبحانه وتعالى البنان في قدرته في التسوية في حين أن فيه أعضاء من الجسم معقدة وأصعب وأدق في التسوية مثل العين والأذن ؟ وهل يمكن تفسير قدرته في تسوية البنان بأن بنان كل شخص يختلف عن الآخر ويرتبط هذا في مفهوم العلم بتحقيق الشخصية والكشف التشريحي؟

الأستاذ أحمد فراج :

ندعو فضيلة الشيخ السيد سابق أن يتفضل بالإجابة على هذا السؤال .

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الحقيقة أن قدرة الله تتجلى في الأشياء كلها .. نفس الذرة التي هي مادة من المواد هي آية من آيات الله هي أعجوبة الأعاجيب .. ما هو ” الاكترون ” وما هي الأشياء التي تتكون منها المادة ؟ نفس قدرة الله سبحانه في كل شيء ولكن ربما كان السر في كلمة ” بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ” .. والله أعلم أن البنان في الحقيقة كما اكتشف أخيرا أن لا توجد بصمة واحدة مساوية بين إنسان وإنسان … الأخ وأخوة .. الناس جميعا .. كل شخص له بصمات خاصة به .. فيعني لا توجد في العالم بصمات متماثلة فلعل هذا يشير إلى معجزة من المعجزات وهذه المعجزة هي الإشارة الخفية إلى أن البصمات الخاصة بالأصابع يختلف بعضها عن بعض فهي تشير إلى معجزة من المعجزات القرآنية .

الأستاذ أحمد فراج :

أنا أريد أن أشير لنقطة صغيرة .. الواقع أن هذا الموضوع كنا أشرنا له ونحن نتكلم في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، وكان تفضل بالحديث فيه الأستاذ الدكتور محمد سليمان وقال إنه هذه الآية بالذات هي التي اهتدى بها أحد العلماء المستشرقين وهو الذي اكتشف علم البصمات لأنه كان التساؤل في الآية ..” أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ ” .. ولكن الآية لم تقل هذا بل قالت .. ” بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ” فالتفت للبنان وعمل رسومات وكبر الرسومات وبعد ذلك عمل الحسبة فتبين إنه لا تتكرر بصمة غير بضعة مليارات من الملايين.

س :

ذكر فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق في الندوة السابقة أن امرأة جاءت إلى السيدة عائشة رضي الله عنها تشكو لها من قسوة القلب فأمرتها أن تذهب إلى المقابر ، كيف ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ” لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والموقدين عليها السروج ” .

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

في الحقيقة إن حديث ” لعن الله زائرات القبور ” .. هذا حديث صحيح وما قلته أيضا صحيح والصحيح لا يعارض الصحيح لكن المقصود بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : لعن الله زائرات القبور ” .. أي الزائرات التي تذهب إلى هناك وتنوح وتعدد ونذكر مآثر الميت وتعمل من الأشياء ما يتنافى مع الإسلام .. فإذا ذهبت لتزور زيارة شرعية عادية فليس هناك مانع لأنها لابد أن تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة مثل ما فعلت هذه السيدة .. فالحديث صحيح جدا وزائرات القبور التي لعنها الرسول عليه الصلاة والسلام هي التي تذهب إلى هناك وتصرخ وتلطم وتذكر الكلام الفارغ وتذهب بصورة تسود وجهها أو بصورة شائهة .

س :

المرأة التي جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه وقالت له ما معناه ” أنا موفدة النساء إليك إن الله قد فضلكم علينا معشر الرجال بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وتشييع الجنازات والحج بعد الحج والجهاد في سبيل الله ونحن معاشر النساء قواعد بيوتكم نربي لكم أطفالكم ونغزل لكن أثوابكم أفنشاركم الأجر ؟” إلى آخر الحديث .. أريد أن أسأل عن شيئين الأول هل للمرأة أن تحج تطوعا بعد الحجة الأولى ؟ الثاني وهل لها أن تحج عن أمها إن لم تكن قد وكلتها قبل موتها ؟

الأستاذ أحمد فراج :

ندعو فضيلة الشيخ محمود عبد الدايم أن يتفضل بالإجابة على هذا السؤال .

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

ليس هناك مانع من أن المرأة تحج حجة الإسلام ثم تحج تطوعا لأن الحديث ” من حج حجة فقد أدى فرضه ومن حج حجتين فقد داين ربه ” .. إلى آخره ليس خاصا بالرجال وإنما هو يعم الرجل والنساء عامة . النقطة الثانية وهي خاصة بالحج عن أمها .. وهذا لا مانع فيه والحديث الشريف ” إن أبي قد أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج أفحج عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أفرأيت لو كان على أبوك دين فقضيته أكان يجزءه ؟قال نعم .. قال فحج عنه ” أما الحج عن الميت إذا مات ولم يحج وقد ترك تركته يجب أن يحج عنه من تركته قبل الميراث وقبل الوصايا وقبل ديون الآدميين فدين الله أحق بالقضاء ، يعني لا يصح أن يوزع ميراثا ولا أن تسدد ديون للآدميين إلا بعد أن يؤدي دين الله ودين الحج .. دين الله إذا كان عليه زكاة تخرج من التركة قبل الميراث وقبل الوصايا وقبل الديون فدية الله أحق بالقضاء ، أما الحج بعد الحج فلا مانع .. تحج عن نفسها أولا وتحج ثانية .. لكن بشرط أن يكون الذي يحج عن الغير قد أدى حجة يعني لا يصح أن تحج عن الغير وأنت لم تحج عن نفسك .

الأستاذ أحمد فراج :

نفرض أن الزوج ليس موافقا على حجة التطوع ؟

فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم :

هي لا تخرج إلا بإذن زوجها لأن طاعة الزوج واجبة وأداء الحج السنة وأداء الواجب مقدم على أداء السنة .. لا تخرج لحجة التطوع إلا بإذن الزوج .

س :

مع احترامي لكلام فضيلة الشيخ السيد سابق في الطلاق .. فيه توسعة طبعا والرسول عليه الصلاة والسلام يقول ” أبغض الحلال إلى الله الطلاق .. فطبعا إذا كان الطلاق بغيض بهذه النسبة فليس هناك داعي إننا نوسع فيه وهذا العقد يجب مراعاته ويجب الإحتفاظ به فلابد إننا نضيق النطاق بعض الشيء بحيث أننا نتلاعب بهذه الألفاظ ونطلق الصراح لهؤلاء الناس الذين يتلاعبون بهذه الألفاظ .

فضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق :

الواقع أننا لا نطلق الصراح بل أننا نحافظ على الأسرة أولا ، فقد قلنا في ندوة سابقة أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يحلف بالطلاق فقال .. ” أتلعبون بكتاب الله وأنا بين أظهركم ” .. فهذه السعة فعلا فيها مؤاخذة ويجب على الحاكم أن يضرب على أيدي هؤلاء الذين يتلاعبون بهذه الألفاظ .. لابد من تقدير عقوبة والحاكم هو الذي يتولى هذه العملية حتى يمنع الناس من الاسترسال فيها ، ولكن ما هي القضية ؟ القضية هل يقع بهذا التلاعب الطلاق وتحل الرابطة ؟ هذه هي القضية ، أنا قلت إن العقد لا ينفصل وهذه الرابطة لا تنقطع إلا إذا كان الطلاق على سبيل أو على طريق مشروع فما لم يكن الطلاق مشروعا لا يقع .. كون أن الثاني يتلاعب أو لا يتلاعب هذه قضية أخرى ، هذه قضية وتلك قضية وقد قلت من قبل أن الحلف بالطلاق من أيمان الفساق .. هذا عمل الفسقة ويجب أن يسن قانون لمنع هؤلاء المستهترين .

الأستاذ أحمد فراج :

أنا يخيل لي إن عملية التربية نفسها والرعاية السليمة والوعي بالإسلام له أثره الفعال ، فالمسألة واضح فيها وجهتي النظر ليست مختلفتين .. الأثنين يتفقوا على حماية الأسرة وصيانة قداسة الرابطة الزوجية ولكن باعتبار أن واقع الأمر هو أن الناس تستهتر أحيانا بوعي أو بدون وعي فإن كان الأمر بوعي فالطلاق قطعا يقع ، أما إذا كان بدون وعي واستغلال كلمة الطلاق في الفارغ والمليان .. شخص يريد أن يبطل السجائر .. أو يريد أن يبيع بيعة فيقول علي الطلاق .. فهنا في حلين إما أن تقول له الطلاق وقع وبالتالي تنهار بيوت كثيرة جدا لهاذ المنطق أو إما أن تقول أن هذا لا يقع ويجب أننا نقدس الزواج ونرتفع به عن مستوى الحلف المستمر بيمين الطلاق .. فأرجو أن تكون المحصلة إن الحياة الزوجية وقداسة هذا الرباط الزوجي وهذا الميثاق الغليظ تبقى واضحة في أذهاننا بحيث أننا لا نجعل هذا اليمين سهل على لسان كل شخص . أنا متأسف لأن وقت البرنامج انتهى .. فنشكر في نهاية البرنامج فضيلة الأستاذ الشيخ محمود عبد الدايم عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ، وفضيلة الأستاذ الشيخ السيد سابق ، ونشكركم .. وأريد أن أقول أيضا إنه مازال عندنا عدد من الرسائل إن شاء الله فرصة قريبة نخصص لها عدد من الرسائل إن شاء الله في فرصة قريبة نخصص لها حلقة من حلقات البرنامج أو حلقات ونفسح أيضا مجال أكثر اتساعا لأسئلتكم المختلفة في الموضوعات المختلفة ، ونرجو أن نلتقي دائما على خير ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .                           

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *