فتاوى- أسئلة واستفسارات المشاهدين 5

حلقة

نور على نور

المذاعة في الساعة 2:15 من مساء يوم الجمعة الموافق 30 نوفمبر سنة 1973

فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي

“فتاوى”

الأستاذ أحمد فراج:

سيداتي وسادتي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من مدة طويلة البرنامج لم يقدم الحلقات المفتوحة التي يخصصها للأسئلة حضراتكم، وكما لاحظتم بتكون هناك موضوعات تفرض نفسها، وبقدر الإمكان نرجو أننا من وقت لآخر نفسح مزيد من المجالات والفرص لمثل هذه الحلقات المفتوحة، وقد تنتهز الفرصة لنرجو السادة المشاهدين ان يعذروا البرنامج، وألا يحددوا مواعيد بقدر الإمكان لأن هناك السادة أصحاب الرسائل يحدد يوم معين لتلقى الإجابة على رسالته أو مشكلته من خلال البرنامج، في كثير من الأحيان بتكون الحلقات مسجلة، ومقرر لها موعد معين وفق خطة البرنامج، فمثلًا الفترة القادمة يمكن البرنامج يلتزم بموضوعات عن الحج والمناسك، ويمكن بعدها يقدم سلسلة من الموضوعات عن الزكاة بتفاصيلها، على أي حال من الحالات نحن نرحب باستمرار بأسئلة السادة المشاهدين وموضوعاتهم، حتى بالنسبة للسادة الذي يطلبون خطابات خاصة بموضوعاتهم، قد يأذنوا لنا ان ننوب عنهم إذا كان السؤال المطروح ليس فيه أي شيء، ويمكن حضراتكم تلاحظون ذلك.. من أننا نعرضه بشكل عام حين تكون القضية أو المشكلة المطروحة لها الصفة العامة التي يُمكن ان يستفيد منها غير أصحاب الرسالة أو المشكلة دون أن يكون في ذلك أي تعرف على صاحب الرسالة نفسها، يُسعدنا في هذه الحلقة ان نستضيف فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي، الأستاذ بالأزهر الشريف، وسنبتديء بسؤالين في موضوع الرضاع، السؤال الأول من الأخ المقاتل يوسف يقول: ان إحدى بنات عمته رضعت على أخيه الأصغر منه، وهو أحب هذه الفتاة ويُريد الزواج منها، فهل يحل له ذلك أم لا، لأنها رضعت مع أخيه الأصغر، ونحن نُجيب على المشكلة نرجو ان الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي ان يعطي لنا القاعدة العامة التي يُمكن لأي إنسان صاحب مشكلة من هذا النوع أن يطبقها على نفسه من تلقاء نفسه، ثم نجيب إجابة مباشرة على المشكلة.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

بسم الله الرحمن الرحيم، القاعدة الشرعية في موضوع الرضاع.. هي انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب بالنسبة للشخصين اللذين اشتركا في الرضاع، وحكم الرضاع انه إذا اشترك اثنان، ذكر وأنثى في الرضاع من ثديٍ واحد سواءٌ تقدم أحدهما أو تأخر خمس رضعات متيقنات.. مُشبعات.. متفرقات في زمن الرضاع وهو سنتان على الأشهر عند العلماء، فانه لا يجوز لأحدهما ان يتزوج بالآخر، كما ان الذكر منهما لا يجوز له ان يتزوج أصولها أو فروعها، لأنها تُصبح أختا له في الرضاع، فيحرم من هذه الإخوة ما يُحرم من النسب، فيما يتعلق بالسؤال المطروح افهم منه ان هذا السائل لم يشترك بالفعل مع هذه الفتاة في الرضاع من ثديٍ واحد، بل المفهوم أنها اشتركت مع أخيه في الرضاع، فأخوه لا يحل له ان يتزوج هذه الفتاة، لكن السائل وهو أخٌ للأخ لهذه الفتاة من الرضاع يجوز له ان يتزوجها إذا كان لم يجتمعا على ثديٍ واحد بأن رضعت البنت مع أخ السائل من أمها أو من أم السائل ولكن هذا السائل لم يرضع من أم الفتى معها أو لم يرضع من أمه لو تصورنا هذا، وهي رضعت من هذه الأم، وحينئذٍ يجوز له ان يتزوج هذه الفتاة.

الأستاذ أحمد فراج:

هنا يمكن نحتاج إلى تبسيط الصورة أكثر، فقد جرت عادة الناس من خلال الرسائل كما تعود البرنامج منهم، انه لَمْا يقول الواحد رضع على أخويا، فيقصد انه رضع على أخيه من والدته، ولَمْا يقول أخويا رضع عليها، فيقصد انه رضع معها من والدتها هي، فالسؤال هنا ان واحدة منهم رضعت على اخويا، فإذا افترضت أنها رضعت على أخوه من أم السائل فما الحكم؟

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

مادامت قد رضعت من أم السائل، فان السائل في العادة سيرضع من أمه، ويكون بهذا قد اشترك مع هذه الفتاة أيضًا في الرضاع، فلا يجوز له ان يتزوجها بالشروط التي ذكرناها من قبل ان تكون خمس رضعات متيقنات.. متفرقات.. مشبعات في زمن الرضاع.

الأستاذ أحمد فراج:

رسالة من الأخ عبدالعزيز من عابدين يقول: ان له إحدى قريباته، قد أرضعت والدته أخويها الاثنين، بينما لم ترضعها والدته، ولم ترضعه هو، فما حكم الزواج هنا؟

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

هذه الحالة شبيهة بالحالة بالحالة الماضية في السؤال السابق، فلم يحصل ان السائل قد رضع من ثديٍ اشتركت معه فيه هذه الفتاة، فأخواه قد رضع مع الفتاة من أمها، ولكن الفتاة لم ترضع من أمه، وهو أيضًا قد رضع من أمه دون ان يرضع من أمها ففي هذه الحالة يجوز له ان يتزوج بها.

الأستاذ أحمد فراج:

في أوقات كثيرة البرنامج يتلقى ويمكن غير البرنامج أناسٌ كثيرين يتلقون جوابات سواءٌ موقعة أو غير موقعة تضم أسماء الله الحسنى، ومعها وصية يطلب من المرسل إليه ان يكتب من هذه الرسالة على نسخته، ويوزع هذه النسخ على أصدقائه أو معارفه، ويتضمن الخطاب عادةً نوع من البشارات من الناس الذين ينفذون هذا الطلب، كذلك نوع من الوعيد والتهديد والإنذار لِمَنْ لا يُقدم على كتابة هذه الأسئلة، ومع أمثلة ان فلان كتبها فبارك الله له في كذا وكذا، وفلان لم يكتبها فحدث له كذا وكذا وكذا، وطبعًا نحن تأتي إلينا حوالي 10 أو 15 رسالة، لو جلسنا نكتب 150 رسالة أو أي عدد مضروب في 30 ماذا سيكون الوضع؟ وقد سبق ان جاوبنا على هذا الموضوع، وإنما من فترة طويلة جدًا، ويبدو ان الناس قد انقطعت عن هذا الموضوع.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

القرآن الكريم يقول: ]وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[ (الأعراف: 180) فمما ينبغي للمُسلم، ويحسن به ان يهتم له هو أن يعرف أسماء الله الحسنى وان يدعوه بها، وان استطاع ان يحفظها كان ذلك خيرًا كبيرًا له، ولكن الطريقة المسئول عنها لا تتفق مع ما يفهمه الإنسان من تعاليم الإنسان، ففي كثير من الأحيان، ان لم يكن في كل الأحيان تأتي هذه الورقة إلى الإنسان فلا يجد متسعًا كي ينفذها، وإذا نفذها فإنه ينفذها بطريقة آلية لا يستفيد منها كثيرًا، بل في كثير من الأحيان يُعطي الإنسان هذه الورقة إلى كاتب على الآلة الكاتبة لينسخ له منها النُسخ المطلوبة، ثم ليوزعها والفائدة المرجوة من وراء هذا العمل لا تُجدي ولا تتحقق كما يتمنى المُسلم الغيور على إسلامه، لذلك اعتقد انه لو انصرف هؤلاء إلى عمل آخر من نشر تعاليم الدين أو أحكامه أو التبشير بمبادئه السمحة الكريمة لكان ذلك خيرًا أو بركة، أما ما يشير إليه السؤال من هذا العمل، فإنه لم يكن معروفًا لا في صدر الإسلام، ولا في عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.

الأستاذ أحمد فراج:

فيه عندنا مجموعة من الأسئلة من بعض الفتيات بصفة خاصة، والحقيقة نحن نرحب بهذه الأسئلة التي جاءت في هذا الموضوع لسبب بسيط هو انه البرنامج طبعًا يعتبر نافذة يُمكن لأي صاحب فكرة أو موضوع ان يطل منها على الحل الذي يبحث عنه، هذا شيء، شيءٌ آخر، انه يبدو مع الأسف ان هناك بعض الموضوعات بعض الشباب والشابات لا يجدون الجهة المناسبة أو الشخص المناسب للجوء إليه في حل هذه المشكلة، صحيح من الطبيعي ان مثل هذه المشكلات يجدوا الحل لها مع الوالدة أو الوالد أو المدرس والمدرسة حسب الظروف، لكن في بعض الأوقات لا يكون متوفر أو مناسب، مثلًا هنا موضوع متكرر عن الصداقة بين الفتى والفتاة،  فيه رسالة مثلًا ملخصها مطلوب معرفة رأي الإسلام في الصداقة وخاصةً بين الفتى والفتاة، وصاحبتها طالبة من قنا تُريد الآيات أو الأحاديث التي تدل على الرأي الذي سيقوله البرنامج، طالبتان من الإسكندرية منى ومها.. يقولون أنهما في سن نصطدم فيه ببعض المشكلات، وتأتي إلينا أسئلة نحاول ان نجد الإجابة عليها ثم نجد صعوبة في الحصول على الإجابة أو على الحلول، خاصةً إذا وجدت الفتاة ان والدتها بعيدة أشد البُعد عنها وهي تخشى ان يجذبها التيار إلى عمل تندم عليه في المستقبل، والقضية المطروحة انه مع التزامهم بالصلاة هي وصديقتها التي بالرسالة يتعرفوا على شابين، والعلاقة عادية جدًا تقتصر على اللقاء في الأماكن العامة، ولا تتطرق الأحاديث العامة والعادية، لكن في نفس الوقت يندفعوا إلى هذه الصلة لإحساسهم كما يقولون بأن هناك شيءٌ ينقصنا لم نجده في الذين حولنا، فأردنا البحث عنه في الخارج وبقى ان نسأل هل هذه العلاقة محرّمة،  بيستطرد السؤال إلى سؤال آخر، انه علاقة بعض زميلاتهم تتطرق إلى نوع مثلًا من تبادل القبلات، فهل هذا مباحٌ أم لا؟ وهل حلال أم حرام؟ رسالة أخرى ويمكن بتمثل نوع من التصاعد في نفس الفكرة، انه علاقة بين فتاة وصديقتها، علاقة أخوة وصداقة، واحدة منهم تقع في حب شاب، فتلجأ إلى صديقتها كي تقول لها إذا والدتي سألت عليّ أنا أخبرتها أنني خرجت معك، فهي تستخدم هذه الصداقة للتغطية أو التستر على لقاء مثلًا تُحب ان تفعله مع هذا الإنسان الذي تصادقه، طبعًا صاحبة السؤال تقول.. أنا خائفة لو تطورت العلاقة بين صاحبتي وصديقها، فأحس أنا بالذنب، والخلاصة ان مثل هذه الموضوعات كما رأينا من رسالة الأختين أنهما يقولان كنا نُحب ان نجد الإجابة عند الأم، لولا انه أحيانا تكون الأم بعيدة أو مشغولة أو غير منتبهة بمعنى أدق للتطور الفسيولوجي أو العقلي أو الذهني أو السني حتى التي تمر فيه بنتها، فلا تنتبه إلى ضرورة تطوير العلاقة بينها وبين بنتها، من مرحلة إلى مرحلة، مثلًا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج بكل ما تفرضه هذه المرحلة الجديدة من توصية.. من فهم.. من ضرورة إنشاء نوعية جديدة من العلاقة بين الأم وبين بنتها، صداقة بحيث ان البنت تشعر ان أمها هي الصدر الحنون الذي تستطيع ان تلجأ إليه في موضوعات أخرى وليست هي الموضوعات التي كانت موجودة في حياتها في المرحلة الأولى وهي مرحلة الطفولة الباكرة، سنطرح القضية بكل أبعادها على فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي، ونعرف رأيه وإذا كان هناك رأي معين جديد في القضية.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

على الرغم من خطورة المسائل التي تدور حول هذه الرسائل، ينبغي لنا ان نرحب كل الترحيب بهذه الأسئلة وأمثالها، وان نفتح صدورنا على سعتها لبناتنا وفلذات أكبادنا حينما يبلغ بهن الحرص على تعرف أحكام الدين هذا المبلغ، فقد كان هؤلاء الفتيات يستطعن ان يكتمن ما يفعلن، فإقدامهن على السؤال عن الحِل والحُرمة في أمثال هذه المسائل بشير خير ودليل على أنهم يريدن ان يعرفن الفرق بين الحلال والحرام، أول مسألة تطالعنا في هذه المجموعة من الأسئلة هي مسألة الصداقة بين الفتى والفتاة، فلنتساءل أولا ما المراد من الصداقة؟ إذا كان المراد من الصداقة هو إنشاء روح المودة والتعارف والتآلف.. بالطرق السليمة القويمة الحكيمة المأمونة بين أفراد البشر بعضهم وبعض، فان الإسلام لا يقف عقبةً في سبيل هذا التعارف، لأن الإنسانية كلها تنتسب إلى أب وأم ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً[ (النساء: 1).. ولان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ” الأرواح جنودٌ مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافرها اختلف”.. فإذا استطعنا واطمئننا إلى ان المعرفة التي تنشأ بين هؤلاء الأفراد بعضهم وبعض ستكون في هذا النطاق الكريم.. السليم.. القويم.. المقتصر على روح التعاون والمودة دون ان ينشأ عن ذلك أي أثر من الآثار الوخيمة عن الصلة أو المعرفة، فاني فيما أرى أو أفهم لا أجد ما يُعارض من تعاليم الإسلام هذا الاتجاه، ولكن نسأل هل الصداقة التي تنشأ غالبًا بين الفتى والفتاة في مجتمعنا، وخاصةً إذا قدر الطرفان على ان ينفردا بإنشاء هذه الصداقة، هل تقف الصداقة عند هذا الحد الذي نتطلبه ونأمل فيه، هل هذه الصداقة تتم في جو سليم كريم تحت رقابة وان كانت غير منظورة على أقل تقدير، لكي لا تُخلف هذه الصداقة نوعًا من الانفراد أو سوء الاستغلال أو الخلوة التي لا يطمئن لها الدين ولا يبيحها، هل تلتزم الفتاة برصيد مسبق من دينها وخُلقها وعفتها وصيانتها لنفسها، والتزامها ما شرعه الله عليها ف زيها وفي سلوكها وفي لقاءها أو انفرادها، هل الفتى يلتزم برصيد مسبق من التربية القويمة التي تجعله فعلًا وحقًا وصدقًا يلتزم ما أمر الله به، وينتهي عما نهى عنه، هذا سؤال يجب ان نُعني بالنظر فيه والتطلع إليه، لأن الصداقة في اغلب الأحيان وفي مجتمعنا المعاصر في بلادنا لا يخضع كثيرًا لتنفيذ هذه الحدود والتقيد بتلك القيود، ثم تقول الفتيات في السؤال ان التعارف أو اللقاء يتم في أماكن عامة، فما هي تلك الأماكن العامة، هل في رحاب الدين أو في رحاب العلم أو في رحاب الاجتماع المأمون الذي لا يكون فيه ما ينهي عنه الدين من خلوة رجل بامرأة أو انفراد بين ذكر وأنثى بحيث يأمنا من العواقب، هل هذه الأماكن العامة تلتزم آداب الإسلام، وتعاليم الإسلام، هذا أيضًا يجب ان نقف وقفة طويلة نتدبر فيها ونتمعن، لو ان فتى تعرف على فتاة علي عينٍ من أهلها وأهله، وفي جو صافي طهور ومجتمع مسلم ملتزم بأحكام الإسلام، لهان الأمر، وربما كان هذا معوالًا على إيجاد نوع من المودة والتآلف التي تنتهي إلى ما ينبغي ان تنتهي إليها من زواج أو زمالة بعيدة عن الظنون والشبهات، واخطر ما في هذه الأسئلة، ما تشكو من السائلات من غفلة الأمهات عن رعاية هؤلاء البنات، إن كثيرًا من الأمهات يفرطن في أقدس الواجبات الزوجية عليهن نحو بناتهن، ونحو أُسرهن، ان واجب الأم ان تلحظ بنتها وهي أشبه بالوردة التي تتكون يومًا بعد يوم، ثم تتفتح لنضارتها مرحلة بعد مرحلة، من واجب الأم ان تلاحظ هذه المراحل من النمو التي تتعرض لها الفتاة ابنتها.. فلذة كبدها، لكي تباشر معها في كل مرحلة ما يناسبها ويلائمها، لأننا نعلم كما سمعنا ان مراحل النمو تتعرض فيها الفتاة إلى تغييرات بدنية وجسمية ونفسية وعقلية وجنسية، يجب ان يكون معها رقيب حبيب قريب.. ذلك القريب الحبيب ليس أفضل من الأم بحال من الأحوال، يجب على الأمهات ان يتخذن من بناتهن صديقات لهن، لا يكون الصلة بين الأمهات والبنات قائمة على الرعب أو الخوف أو الخجل من كل شيء أو التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، بينما هناك مشكلات من وراء الستار تضطرب اضطرابًا ماردًا في صدر الفتيات، بل على الأم ان تتودد إلى ابنتها، وان تُمهِدّ لكل مرحلة ستتعرض لها الفتاة بما يبصِّر هذه الفتاة بخصائص هذه المرحلة، وما تتطلبه من مواجهةٍ سليمة تتفق مع الدين ومع العقل ومع المجتمع الكريم، أما ان تُغلق الأم أُذنيها، وتترك بنتها تتعرض لهذه الأزمات فلا يبعد إطلاقا ان التيار الجارف يجرف هذه الفتاة إلى تصرفات تندم عليها الأم عندما تعلم بها، وتتعرض لها البنت لأزمات كثيرة، والذي يتحمل معول التبعة هنا هو الأم، ثم تأتي النقطة الأخيرة، في هذه المجموعة من الأسئلة، وهي ان إحدى السائلات ذكرت أنها تتعاون مع زميلةٍ لها لكي تتستر عليها حتى تزعم الأم هذه الفتاة أنها معها أو في زيارتها، على حين ان هذا الفتاة ذهبت لزيارة صديقٍ أو فتى آخر.

الأستاذ أحمد فراج:

هي تقول ان صديقتها تريد ان تفعل هي كذا.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

يعني هي تتساءل عن مدى شرعية التستر أو التعاون أو الاستعداد لكي تزعم لام الفتاة أنها كانت في زيارتها، بينما هي كانت في زيارة شخص آخر، هذا من اخطر التصرفات، وتكون المعاونة مع هذه الفتاة شريكةً في المسؤولية والتبعة وشريكةً في الإثم، لأنها ستعوّد هذه الفتاة ان تكذب على أمها، وإذا كذبت اليوم مرة، فإنها ستكذب مع الأيام مرات، ان من واجب الفتاة في هذه الحالة ان تكون صادقةً مع والدتها، وان تكون صريحةً معها، وان تُحسن حوارها فيما تريد ان تفعله، وان تتلقى الأم هذه المقترحات، حتى لو كان فيها خطب بصدر رحب لكي تُحسن توجيه الفتاة حتى تبعدها عن الخطأ، أم ان نفتح الباب لمعاونة صديقتها على هذا الاتجاه، فهو من أخطر ما يكون، ولنتذكر دائمًا وأبدًا، ان أي انحراف يقع في أي علاقة بين فتى وفتاة إنما يقع طوفانها ومصائبها على رأس الفتاة، وقَل ان يصاب الفتى بأذى منظور أو ظاهر، لأن نتائج الانحرافات تظهر على الفتاة، ونظرة المجتمع إلى اليوم تجسم الخطأ الذي يقع من الفتاة حتى ولو كان قليلًا، وتهّون الخطأ من الفتى حتى ولو كان كبيرا، وشِرعة الحق والعدل تُوجب علينا ان نُحذر الاثنين، وان نأخذهما بشرعة الإسلام على حد سواء، إني انصح للفتاة ألا تعاون زميلتها في هذا الاتجاه، وان تُخلص لها النصح في هدوء ورحابة صدر وسعة نفس، حتى لا تتجه زميلتها هذا الاتجاه، وتكون في هذه الحالة قد استجابت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الدين النصيحة”.. بل لقول القرءان الكريم ]وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[ (العصر: 3).

الأستاذ أحمد فراج:

يمكن تبقى كلمة صغيرة، أظن في بعض جوانب الرسائل سؤال عن المعيار، ويمكن الحديث الشريف يقدم لنا معيار البرُ ما اطمئن إليه القلب، هذا معنى الحديث.. ” ما حاكى في صدرك وكرهت ان يطّلع عليه الناس”.. فإذا كانت ترى انه فيه عمل تعمله، أو تفكر ان تعمله، وتتصور ان هذا العمل لا تتصور ان يراها عليه احد، أو لا تحب ان احد يعرف ذلك، وهذا يمكن يكون معيار، ولا اعرف ما رأي حضرتك فيه.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

هذا هو الحق، لأن القاعدة كما أخبرنا رسول الله صلة الله عليه وسلم ان المؤمن قد يقع في بعض الأخطاء، كالشح مثلًا أو كالجُبن في بعض الأحيان أو عدم الشجاعة في أحيان أخرى، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام قرر ان المؤمن لا يكون كذابًا، وإذا فعلت الفتاة أو غير الفتاة شيءٌ تُجبن عن التصريح به أو مواجهة المجتمع به، فإنها ستضطر إلى الكذب، فتكون قد تنكرت للصفة الأساسية للإيمان وهي ألا يكون الإنسان كذابًا، ثم ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال في هذا المجال..” إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”.. أي إذا كان العمل الذي تعمله أو التصرف الذي تتصرفه لا يخجلك من ناحية الدين، ولا من ناحية العُرف السليم، ولا من ناحية التقاليد الطيبة ولا من ناحية العادات المستقيمة، فان الإنسان يفعل وراء ذلك ما يشاء، لأنه لم يفعل إلا ما فيه خيرٌ وما فيه بر، وعلى هذا الفهم فسّر العلماء الحديث النبوي..” إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”.. لذلك هذا في الواقع مقياس دقيق للمؤمن إذا كان الشيء الذي يفعله يخاف ويحس بأنه يحتاج إلى ان يكتمه ولا يُصرح به، وذا رآه الناس في هذا الموقف فانه سيخجل ويندم، ويشعر بأنه متنكر للفضائل الإنسانية، فهذا هو المقياس، وعند هذا الحد يجب ان يقف، ولا يتركب شيئًا يخجل من التصريح به للإنسان وللناس.

الأستاذ أحمد فراج:

على ألا يُسِّول الشيطان للإنسان، لأن الشيطان طبعًا له وسائل كثيرة، انه يأتي الإنسان من مداخل متعددة و ” الشرك أخفى من دبيب النمل” كما يقول الحديث، فضلًا عن حيل الشيطان، قد يصور للإنسان انه يكره ان يطّلع الناس على هذا الفعل ليس لأنه خطأ، وإنما لأن الناس لا تفهم أو مدركه أو لا تُقدر هذا العمل، هذا تحذير أو تنبيه لهذا الموضوع.

فيه سؤال من مواطن يبدو انه من الإسكندرية، يسال عن موضوع، ثم يضيف كلام يسمح لنا ألا نردده لأنه لا نجد دليلًا عليه، فنكتفي بالقسم الذي يصح ان يكون موضوع تساؤل، وهو يسأل عن رأي رجال الدين في البدعة الجديدة لعقد القران في المساجد مع فرقعة الزغاريد والطبول وصاجات الرقص كما يحدث في بعض المساجد، طبعًا قد تكون هذه صيغة مبالغة، إنما لا أظن ان مثل هذا يحدث، لأنه الذي يُقبل على انه يعقد قران في المسجد، بيكون واضحًا ألا يستهدف هذه العملية ونحب ان نسمع الرأي.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

أحب ان أقول للأخ السائل في مطلع الإجابة ومَنْ أنبأك ان عقد القران في المسجد أيها الأخ الكريم بدعة من البدع، ان رسالة المسجد في الإسلام واسعة، المسجد في عصور الإسلام المزهرة مكانًا لعقد المصالحات، ولإعطاء الإذن بالجهاد، ولتقليد القادة في الجيش الرايات أو الأولوية، للقضاء بين الناس، للفصل في الخصومات، المسجد واسع التأثير جدًا، ويجب ان نحرص في مجتمعنا على إعادة ربط الحياة العامة بالمسجد، وربط المسجد بالمجتمع الذي نعيش فيه، ومن التقاليد الحسنة ان يُعقد القران في داخل المسجد، بشريطة ان يتم هذا القران بصورة تليق بهيبة المسجد وكرامته، وأنا لا أتصور ما جاء في جانب من السؤال، وهو ان هناك طبول وصاجات بالمسجد، ربما كان هناء غناء وضرب بالدفوف، وهذا أيضًا ليس ببعيد عن سُنة الإسلام في الزواج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..” أعلنوا الزواج واضربوا عليه بالدفوف” فيكون هناك صوت للغناء أو شيء من الموسيقى العفيفة الكريمة، حتى يشعر الناس بأنهم في فرحة زواج، هذا لا يناسب ان يكون هذا في ساحة المسجد أو في أماكن الصلاة، وإنما قد يكون خارج المسجد في بيت احد العروسين، وينبغي لنا ان نُحسن استغلال ما شرعه الإسلام من رسالة المسجد في المجتمع، ومن بينها عقد القران على ان يتم ذلك في صورة لائقة من ناحية الصيانة والحشمة وعدم رفع أصوات النساء في داخل المسجد، وعدم وجود سيدات غير ملتزمات بالزي الذي يناسب الإسلام ويليق بالمسلمين والمسلمات.

الأستاذ أحمد فراج:

وسيادتك تتكلم، خطر على بالي ان يمكن تكون صورة الفرح والزغاريد لموكب ينتظر العريس والعروس، وصاحب الرسالة ظن ان هذا يتم داخل المسجد، هذه نقطة، النقطة الثانية كما أشار فضيلة الدكتور الشرباصي، الفرح في الإسلام في مثل هذه المناسبة إنما هو للإشهار لأنه الإسلام يحتفل ببناء الأسرة، ويمكن نحن قد وعدنا مرة ان نتكلم عن العادات الإسلامية في الأفراح وحتى في المآتم، وهذه مناسبة ان نُذكر أنفسنا بوعد قطعناه وقصّرنا في تنفيذه، ونرجو ان ننفذه.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

الزواج وما يحيط به من هذه الأفراح أو اللهو البريء غير المتضمن لمنكر من المنكرات، نوع أولًا من تهيئة الفرص لكي يفرح المسلمون، ليس الإسلام عبوثًا وحزنًا وألمًا وحجرًا أو تضييقًا وسلبية، الإسلام يتيح للإنسان ان يأخذ بالمثل القائل..” ساعة لربك، وساعة لقلبك”.. ولذلك وجّه الرسول إلى ان نُعلن عن الزواج بالدفوف.. بالوليمة.. بالغناء الطيب غير الثقيل، وأيضًا يشرع الإسلام الوليمة في الزواج حتى يجتمع المسلمون على فرحة، فيشعرون بأن سُنة الزواج ماضية كما قال عليه الصلاة والسلام..” الزواج من سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني”.

الأستاذ أحمد فراج:

الأخ جابر السيد محمد محمود، طالب بالمعهد الفني للالكترونات بالإسكندرية، عنده سؤال يمكن يفيد ناس كثيرين، وهو ما نراه عند إرساء حجر الأساس في أي مشروع، يقول.. يوضع مصحف في داخل المباني وموضع فوقه الطوب والاسمنت، وبذلك يُصبح المصحف مدفونًا داخل حائط المبنى، فهو يسأل عن حكم الدين في ذلك حيث أننا سمعنا من بعض الواعظين والمدرسين، ان ذلك حرام، وحبس المصحف حرام، ويجب جعله في متناول الجميع.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

الذي اعرفه ان المجتمع تعود في مثل هذه المناسبات ان يوضع حجر لأساس البناء الجديد، وهو مجوف من الداخل، توضع داخل هذا الحجر قطع من النقود المتداولة في وقت بنائه، توضع أعداد من المصحف الصادرة في يوم وضع الحجر وبعض المجلات يذكر فيه مناسبة إقامة البناء أو مَنْ أمر ببنائه، وهذا كله أداءٌ لحق التاريخ، وإذا صح ما ذكره الأخ السائل من ان هناك من يضع المصحف داخل حجر الأساس، فلعل هذا يتم بقصد ان يبقى المصحف، بمعنى يظن من يضع المصحف داخل حجر الأساس ان هذا نوعٌ من إبقاء القرءان ممثلًا في نسخة من نسخة، ولعله يربط بين هذا وبين قوله تعالى: ] إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  [(الحجر: 9)، ولكن أحب ان اهمس في أذن مَنْ يظن ان هذا ليس هو الطريق لصيانة القرءان وحفظه، فالله تبارك وتعالى يُهيئ من أبناء الإسلام وعلماء الإسلام وحفظة القرءان، وطابعي المصاحف الشريفة ما يكون وسيلة أجدى من وضع المصحف داخل الحجر، فإذا به يصاب بالحبس عن التداول وعن القراءة، والفقهاء تكلموا في مثل هذا، فحرموا ان يوضع المصحف مع الميت في القبر، وبعضهم يفعل ذلك تبركًا وهذا خطأ، بعضهم يقول انه من الحرام ان يضع الإنسان المصحف في مكان يُهان فيه أو يُضيع بسببه أولا أو لا ينتفع به أو يوضع في مكان يبعده عن تناول أيدي القارئين، ومن هنا نحب ان نقرر كما قرر بعض العلماء والفقهاء ان وضع المصحف داخل حجر الأساس لا يعاون على نشر القران، ولنشر القرءان طرق أخرى، ولحفظ نسخ القرءان والمصاحف طريقة أخرى، فحبّذا لو اقتصر المسئولون معاني هذه المجالات على ما يضعونه من قطع نقود ومن أعداد من الصحف والمجلات، حفظًا لحق التاريخ، وما القرءان فكتابٌ الهيٌ يطبع ليُقرأ ويتفهم ] أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا   [(محمد: 24).. فكما سمع الأخ الفاضل من بعض العلماء والوعاظ، ليس من هدى الإسلام ان نضع المصاحف في مكان يحول بينها وبين الإنتفاع بها قراءةً وتفهمًا وتدبرًا.

الأستاذ أحمد فراج:

ننتقل إلى موضوع الرسالة، موضوعات خاصة بالأسرة والطلاق رسالة من المحلة الكبرى صاحبها يقول: انه تشاجر مع قريب له، ثم أهانه ببعض عبارات نابية أمام بعض أصدقائه، فاقسم يمين بالطلاق انه، وأنا سأقرأ نصه.. ” لم اعترف به طول حياتي وهذا اليمين ما زالت اقسمه لأنه أهانني إهانة لا يُرثى عليها” ثم وهو بمحله جاء إليه هذا القريب أو العديل وسلم عليه ورد عليه السلام، واعتذر له وصالحه، لكنه رد عليه بأنه لم ينس ما فعله فيه هذا الأخ وهو متمسك برأيه، ويسأل عن الحكم، أنا حرصت ان أقول الألفاظ انه هو.. ” وقد قسمت يمين بالطلاق عدة مرات”.. حتى نضع بين يدي الدكتور الشرباصي تصور للمستوى الثقافي للسائل.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

يؤسفني ان يضطر البرنامج بحكم التزامه واحتكام مشاهدين إليه من حين لآخر، يؤسفني ان يضطر البرنامج إلى عرض هذه الأسئلة المتعلقة بالطلاق، لأني لا أكاد اسمع لفظ الطلاق أو سيرة الطلاق أو سؤال عن حالة طلاق ألا وأشعر بالأسف والندم والألم العميق، ان مسلمًا أو منتسبًا للإسلام يستبيح لنفسه ان ستخدم كلمة الطلاق في اليمين وفي الحلف وفي توافه الأشياء، مع ان كلمة الطلاق أشبه بالدواء المحذور استعماله، أو الذي لا يستعمل عادةً ألا عند الحاجة إليه، وهو عند اليأس من حالة بقاء الحياة الزوجية فيضطر الإنسان إلى ان يستعمل كلمة الطلاق، ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وليُغني الله كلًا من سعته، ولذلك قال رسول الله عليه الصلاة والسلام.. ” ابغض الحلال إلى الله الطلاق”.. وقال.. ” ليغن الله كل مذواق.. مزواج وطلاق” أي كثير الزواج بلا ضرورة أو كثير بالطلاق بلا ضرورة أو كثير الطلاق بلا ضرورة، هذه مقدمة لا بد منها، فإن المسلم المنصف لا يستطيع إطلاقا ان يُكن احترامًا لإنسان يفتح الباب على لسانه لكي يحلق بالطلاق في المناسبات الهامة أو غير الهامة، كلمة الطلاق يجب ان تُصان عنها الألسنة، وإلا كان هذا عيبًا في رجولة من ينطق بها وفي أخلاق مَنْ يرددها دون مبالاة، بعد هذا كلمة عليّ الطلاق، فهذا لا ينعقد يمينًا، أما إذا كان قد أتى بعبارة الطلاق صريحةً، بأنه لا يعترف بفلان حسب تعبيره المتواضع، بأنه لا يعترف بفلان حسب تعبيره المتواضع، بأنه لا يعرفه.. لا يصادقه.. لا يُعاشره لا يقابله، فان هذا قد يكون من قبيل الطلاق المعلق على أمر يفعله الإنسان أو لا يفعله، وفي هذه الحالة يرجع الأمر إلى نية من اقسم، إذا كان قد نوى وعقد عزمه على أن هذا الشيء الذي اقسم عليه بالطلاق الصريح قد فعله مع انه اقسم ألا يفعله، فانه في هذه الحالة، إذا فعله، تكون المرأة قد طلقت طلقة رجعية ان لم تكن في المرة الثالثة، أما إذا كان قد أراد ان يؤكد كلامه أو ان يحمل نفسه على عدم معرفة هذا الشخص، فان هذا يكون غير يمين، ولا يقع به يمين حتى ولو فعل، ولنتذكر هنا ان معرفة القريب لقريبه، وإِلف المسلم لأخيه في الإسلام مما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال.. ” من حلق منكم على شيء ثم رأى غيره خير آمنه، فليحنث في يمينه، وليأتي بالذي هو خير”.. وأُحذر مرة أخرى هذا السائل، وأمثاله من أن يفتحوا أفواهم لكلمة الطلاق يرددونها في مناسبة وغير مناسبة.

الأستاذ أحمد فراج:

إذًا وبين أيدينا هذا الموضوع، وغيره من الموضوعات الكثيرة التي تكرر من رسائل بعض السادة المشاهدين، كلمة عليّ الطلاق لا يقع بها طلاق أصلًا، ثم قال يمين معلق، بمعنى إذا حدثت فلان، فتكون زوجتي طالق، فيكون يمين معلق، وهو هنا المُفتي، ويفتي نفسه، هل قصد الطلاق وعلّقه على هذا الشرط ان لا يكلم فلان، فإذا كلمة يقع، أو قصد انه يُشدد على نفسه، كان يأتي واحد ويحلف يمين بالطلاق مثلًا ألا يُدخن حتى يمنع نفسه من التدخين، أو يمنع زوجته من زيارة فلان، وإلا تكون طالق، هنا هل هو يمين تهديدي، فإذا فعلت الشيء المحلوف عليه أو هو فعل الشيء الذي حلف على عدم فعله لا يقع الطلاق، والحالة الثانية ان يكون معلق بشرط وان يكون قاصدًا الطلاق، وإذا كان قاصدًا الطلاق، يقع الطلاق إذا وقع المحلوف به.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

لي كلمة صغيرة، ان عدم وقوع الطلاق في حالة عدم نية الطلاق ليس من معنى هذا ان الذي حلف بالطلاق خالٍ من الذنب، انه آثم، لأنه استعمل كلمة الطلاق في غير موضعها، فيكون غير وفيًا بتعاليم الإسلام ومباديء الإسلام.

الأستاذ أحمد فراج:

فيه رسالة في الطلاق صاحبها رجل غريب الشأن، زوجته حامل فحلف ان تكون طالق إذا وضعت هنا الجنين، فأجهضت نفسها، ومرة ثانية حلف إذا لم تخرج من المنزل تكون طالق فنزلت، هذا اليمن الثاني، مرة ثالثة تخانق من اجله ابنتها فهو يضربها، فقال لها إذا دخلتِ كي تمنعيني من الضرب فتكوني طالق، فتركته يضرب البنت، ثم كان في حالة هستريا فخرج وهو يبكي بعد ان ضرب ابنته وقال لها، أنت طالق ومحرّمة عليّ زي أمي وأختي، ثم أرسل لها ورقة الطلاق مدون بها تواريخ الحالات التي أشارت إليها، وكان آخر تاريخ كذا، وقد ذكر في قسيمة الطلاق بأنني لا أحل له إلا بعد أن انكح زوجًا غيره وعندها ثلاثة أولاد، ما الحكم، وهي تذكر أنني ليس لي أحد يُنفق عليّ وعلى أولادي وعلى المنزل إلى آخره.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

هاأنتم أيها الإخوة الأحباب ترون معي سلسلة طويلة من المخالفة للإسلام، والتنكر لمباديء الإسلام، الرجل على الرغم من أنه يعرف بعض أحكام الطلاق، أصرّ على انه يستخدم كلمة الطلاق في عدم مبالاة، بما يترتب على هذه الكلمة من أضرار أو من فُرقة بينه وبين زوجته، هو في أول الأمر حلف على زوجته بالطلاق لكي تُسقط الجنين الموجود في بطنها، وهذه جريمة مزدوجة، استخدم كلمة الطلاق في غير مجالها، دفع بزوجته إلى أن ترتكب أمرًا محرمًا وهو ان تُسقط جنينها في غير الحالة التي يستثنيها الفقهاء وهي الخطر على حياة الأم، أو على الأقل يكون هذا قبل نفخ الروح فيه وهو من أربعة اشهر، ثم عاد فأقسم عليها يمين الطلاق، يمكن يمين الطلاق يقول انه معلق، يمكن يقول انه نوى بهذا الطلاق التهديد، ولم يقصد به إيقاع الطلاق عند حدوث المُقسم عليه، لكن ماذا يصنع بعد ذلك في الطلقات الثالثة والرابعة، وماذا يصنع في انه ذهب بإرادته واختياره إلى الموثق الشرعي، وهو المأذون، وكتب وثيقة وقّع عليها وشهد عليها الشاهدون ووثقها الموثق بأنه قد طلق امرأته مرة وثانية وثالثة، وأنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وهذه المرأة مسكينة مظلومة مع مثل هذا الزوج الذي لا يبالي ان يُردد كلمة الطلاق في مناسبة وفي غير مناسبة، ولذلك إذا صحت هذه الوقائع امرأته من خلال اعترافه الذي وقع عليه تكون قد طُلقت ثلاثًا منه، فلا تحل له حتى تنتهي عدتها منه، وتتزوج غيره زواجاً شرعيًا، ثم يموت عنها أو يطلقها باختياره، ثم تنتهي عدتها من الزوج الثاني، ثم إذا أرادت، ولا أظنها تريد بعد هذه الإهانة ان تعود إلى زوجها، فإنها تعود إليه بعقد ومهر جديد.

الأستاذ أحمد فراج:

أنا أرى هناك أريد ان أقول مخرج، لأننا لا نحاول ان نبحث عن مخرج لَمْا تكون الأمور ليست من شأن البرنامج، لكن من شأننا ان نبحث عن الرأي الشرعي حينما كان وعلى أي شكل كان، هنا واضح من الجواب، وهذا خاطر أتى إليّ الآن مع إني قرأت الرسالة أكثر من مرة، انه في أول مرة قال لها تكوني طالق لو وضعت الجنين، فهي أسقطت الجنين، فهذا لا يقع به طلاق، ثاني مرة قال لها تكوني طالق ان لم تخرجي من البيت، فخرجت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، لم يقع طلاق، المرة الثالثة لو دخلتي كي تمنعيني من ضرب ابنتك تكوني طالق، لم تدخل وتركته يضربها وسأفترض انه قصد الطلاق فهي لم تنفذ الدخول وتركته يضرب البنت، فتكون غير مطلقة، لكن هذا الإنسان الذي أُمسك لساني عنه حتى لا أُوصفه باللفظ اللائق به، ذهب للمأذون وسجّل التواريخ الثالثة، هنا الخاطر الذي أتى لي انه يقدر لو تاب الله عليه أو يفيق حتى يثبت ان زوّر، لأنه هنا لم يُطلق، فهو قد حلف يمين ولم يقع طلاق، ولكن لجهله ذهب للمأذون وقال له اكتب أنني طلقت زوجتي ثلاث مرات، لأنه أعطى له التواريخ الثلاثة بالذات، فقد يكون متصور انه طلق بينما لا يكون طلق، أفلا يُمكن ان يُصحح هذا الوضع بأن يبين ولو قانونيًا انه أخطأ وقال معلومات خطأ للمأذون أو شيء من هذا القبيل.

فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي:

نحن نفترض حُسن الظن الواسع بمثل هذا المُعتد بالطلاق سنفترض جدلًا أننا سنقبل كل الاحتمالات التي قدرناها، وأن كانت بعيدة، هنا ينبغي ان نتذكر بأن الماذون عندما يذهب إليه مثل هذا الشخص ليكتب له وثيقة، واجب المأذون وواجب الوظيفة وواجب الدين والشرع ان يراجع الرجل أو ينهاه عن ان يطلق زوجته طلاقًا بائنًا بينونة كبرى لا تحل له حتى تتزوج غيره، يقول له اجعلها طلقة رجعية، لكن لو فرضنا جدلًا وأعتقد أن هذا بعيد، ان هذه الوقائع التي ذكرها غير صحيحة وغير سليمة، يبقى السؤال، فلماذا لجأ إلى المأذون، فسنفترض

مرة جدلًا.. انه لجأ إلى المأذون جاهلًا، فهل الوضع القانوني المستمد من أحكام الأحوال الشخصية سيسمح له ان يُغير ما أثبته ووقع عليه في الوثيقة الشرعية، إن مجرد ما كُتب في الوثيقة الشرعية كاف لتطليق المرأة، وإذا طُلقت المرأة ولو بينونة صغرى، بمعنى لا تحل له ألا بعقدٍ ومهرٍ جديدين، فإن الفُرقة واقعة، ولو انه استطاع ان يثبت ان ما ذكره خطأ وغير واقع، وانه كان جاهلاً، فيستطيع كخبيرٍ، وان لم يستطع القانون حتى ان يعتبر هنا لم يقع، ولكن يبقى بعد ذلك ان نؤاخذه المؤاخذة المُرة الشديدة على كلامه.

الأستاذ أحمد فراج:

هو بعد المرات الثالثة قال لها أنت طالق ومحرمة، وهذه لا شك في أنها طلاق، لكن أنا أتصور أو تصورت ان المأذون سأله هل أنت طلقتها قبل ذلك نعم، وعلى كل حال نحن طرحنا التساؤل، والزوج والزوجة يستطيعا ان يراجعا نفسيهما، وينطلقوا لبحث الموضوع من هذه النقطة، شكرًا لفضيلة الدكتور أحمد الشرباصي لتفضلكم بتلبية دعوة البرنامج ومناقشة هذه الأسئلة المفتوحة، وشكرًا للسادة المشاهدين، ونرجو ان نلتقي معكم دائمًا على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *