حلقة
نور على نور
المذاعة في الساعة 2.45 من مساء يوم الجمعة الموافق 15 يونيو 1973
الدكتور أحمد الشرباصي
الأستاذ أحمد فراج:
سيداتي وسادتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فترة طويلة من فترات مرت على البرنامج لم يقدم حلقات مفتوحة، ونحن يسعدنا في هذه الحلقة أن نخصصها لرسائلكم التي تصل في أسئلة متعددة الموضوعات أو متصلة بموضوعات سبق أن عرضها البرنامج، ويسر البرنامج أن يدعو لهذه الحلقة فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بالأزهر الشريف، في بداية الحلقة فيه رسالة من الأستاذ حسين محمود القشور المحامي بيثني فيها على الأستاذ الدكتور المهدي بن عبود الذي كان ضيف البرنامج في أكثر من حلقة سجلت بالسعودية في موسم الحج الماضي، وقبل ذلك بمناسبة مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، وهو يقول: ” لابد أن نحظى بعديد من الحلقات مع الدكتور المهدي ولو تكون نصف شهرية أو شهرية على الأقل، فإذا كان بالمغرب فليس بالبعيد، ولا يصعب الوصول إليه، وهذا لا يمكن أن يكلف التليفزيون الذي لا يقصر في جهوده ولا تضيق ميزانيته التي وسعت الأفلام والحلقات الأجنبية أن تفسح مكان لمثل هذا العالم والمفكر الذي لا يجول الزمان بمثله إلا نادرًا ليستفيد الجيل والأجيال القادمة من المسلمين قاطبة”، ويقول: ” إنه بيقطع إن حلقة من حلقات الدكتور المهدي بن عبود تدر على التليفزيون أضعاف أضعاف ما ينفقه عليها، في الواقع يمكن مئات الأضعاف” ويريد منا أن ننتقل إلى الدكتور المهدي في المغرب، أو الدكتور المهدي ينتقل إلينا، نشكر الأستاذ صاحب الرسالة على شعوره، ونرجو أن نسعد بالسيد الدكتور المهدي بن عبود كما سعد الملايين من مشاهديه في مصر وليبيا والكويت والسعودية وأبو ظبي، وقطر والبحرين، والحقيقة كل البلاد، وفي الأردن والسودان، كل البلاد التي شاهدت حلقاته، سعدوا بها أيما سعادة، وإن شاء الله تأتي فرصة يشرفنا فيها في مصر قريبًا، أو نسعى إليه لنستضيفه، رسالة من السيد محمد عبد الفتاح الفولي، هي تعليق على بعض الحلقات التي دارت حول زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام، والحقيقة هي تتصل بجزئية كنا وعدنا أن نخصص لها بعض حلقات، لأنه قد قلنا إن الحياة النبوية في البيت النبوي وما كان يحدث فيه، تستحق أن تكون موضع سلسلة مخصصة من حلقات البرنامج، فالأخ الفولي يقول: ” كيف أن تحدث بعض خلافات دنيوية من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم مع الرسول عليه الصلاة والسلام، مع أنهم كانوا عايشين في ظل الرسالة حيث تتصل السماء بالأرض، وما يلمسن من الجو الروحي لنزول الوحي في البيت النبوي، وما موقف السيدة عائشة، وهي أم المؤمنين التي تنقل عنها الفرائض، ولها مالها من المكانة والفضل، كيف يحدث خلاف بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما يحتكم إلى والدها أبو بكر الصديق، تذكر كلامًا لا ينبغي أن يذكر، بحيث إن أبو بكر يعاقبها عليه، كذلك يقول إن بعض زوجات الرسول كيف يحدث منهن مواقف التحدي لما يهدد بالفراق، لولا رسالة السماء باللقاء، كما حصل مع السيدة حفصة التي طلقت كما روينا، ولكن أمر السماء جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن يراجعها فإنها صوامة قوامة هذا ملخص لرسالة الأستاذ محمد عبد الفتاح الخولي، وأيضًا بأكرر، إننا بإذن الله نعرض سلسلة من الحلقات حول معاملة الرسول عليه الصلاة والسلام لزوجاته ونوع الحياة التي كانت في البيت، لكن أيضًا هذا لا يمنع وصلاً بالحلقات السابقة، إن فضيلة الدكتور أحمد الشرباصي يتفضل فيبدأ إجاباته بالتعليق على هذه الرسالة.
الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
بسم الله الرحمن الرحيم، حقيقة إن موضوع البيت النبوي، وما يعطيه لنا من عبر وعظات ودروس تصلح أن تكون خير قدوة لكل بيت مسلم في الأرض، هذا الموضوع يستحق أن يعرض في أكثر من حلقة من حلقات هذا البرنامج، لأننا إذا تتبعنا الحياة داخل هذا البيت، وفهمنا ما ترمز إليه هذه الحياة من عبر وعظات، فإننا نأخذ خير الدروس في حياة البيت المسلم، إن وجود هذا الخلاف الذي يشير إليه السائل الفاضل يذكرنا أول ما يذكرنا بقول الله تبارك وتعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم: ]قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[(الكهف: 110) فالرسول عليه الصلاة والسلام أحب الناس إلى الله، وأعز الناس إلى الله، وهو رحمة الله المهداه وهو خير الناس بلا استثناء، ولكنه مع هذا، وبعد هذا بشر أراد الله له أن يلقى من تبعات الحياة ومتاعبها ومساءاتها ومسراتها ما يلقاه القائد الذي يريد أن يضرب لمن ورائه خير قدوة كما قال القرآن الكريم: ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[(الأحزاب:21) فالخلاف الذي أشار إليه السائل داخل بيت النبوة إنما كان رمزًا وإشارة إلى أن هذا البيت الذي كان يضم خير النساء جميعًا، وكان يضم في طليعته خير عباد الله، وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يسلم من التعرض للمتاعب و للتبعات، وقد كان الله تعالى قادرًا على أن يجعل ذلك البيت المتواضع قطعة من قطع الجنة تفيض بالراحة والنعيم والترف والرفاهية، ولكن هذا يباعد بين هذا البيت وبين الحياة والأحياء من حوله، والله تبارك وتعالى قد أرسل رسوله ليكون معلمًا للحياة وهاديًا للأحياء، إن هذا الخلاف أولاً يشير إلى أن هؤلاء النساء، وإن كن أمهات المؤمنين، وفي طليعة المسلمات والمؤمنات، فإنهن أيضًا لا يسلمن مما يكون في الفطرة البشرية من معنى الخلاف أو معنى الغيرة، أو معنى التطلع إلى مستوى تطمع فيه نفس الإنسان الكريم في هذه الحياة، ثم إن هذا الخلاف أيضًا يعطينا صورة من حسن معالجة الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الخلاف كما عرض أو تجدد، كما أنه أيضًا يعطينا صورة لاحتمال الرسول عليه الصلاة والسلام الذي قال لنا: ” خيركم.. خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي “.. إن هذا الخلاف لم يصل إلى حد البغضاء أو الكراهية، فقد كانت كل زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم تتمنى أن تفديه بنفسها و أبيها وأمها، وكانت صادقة الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانت كل واحدةً منهن تعد شرفًا أي شرف أن تحسب ضمن زوجات الرسول في الدنيا، وغاية الشرف أيضًا أن تكون زوجة له من زوجات في الآخرة، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام المشغول بتبعات الدولة ومتاعب الأمة وخلافه وصراعه مع الشرك والمشركين إن هذا النبي العظيم الذي يقوم بكل هذه التبعات، وينهض بكل هذه المسئوليات، أضاف القدر إلى تبعاته ومسئولياته أيضًا تبعة الرعاية والمعالجة لشئون هذا البيت الذي يضم هذا العدد الكبير من النساء، وقد عرفنا من قبل في سلسلة زوجات الرسول.. كيف كانت هناك حكمة، وداعي من الدواعي للتزوج بكل واحدة منهن، إن الخلاف الذي أشار إليه الأخ السائل، فيما يتعلق مثلاً بالسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي الصديقة بنت الصديق لم يكن خلافًا من طراز الخلاف الذي ينزل عن مستوى البيت المسلم المؤمن الكريم، خلاف عادي يحدث بين زوجة تحب زوجها إلى حد بعيد وتتمنى أن تفوز برضاه وبحبه، وزوج أيضًا يحب زوجته، ولا يرى عيبًا في أن يصرح بأنه يحب هذه الزوجة لمكانتها في نفسه، ولمكانتها من أبيها… أبي بكر الصديق رضوان الله عليه، وقد أعطى الرسول في هذا الخلاف مثلاً للزوج الذي يريد أن يرفق بزوجته إلى حد مثالي رائع، إنه أولاً يدع لها اختيار من تحكمه في هذا الخلاف البسيط، فتختار أباها، أبا بكر الصديق رضوان الله عليه، ويأتي أبو بكر الصديق الذي يحب الرسول أكثر مما يحب نفسه وأباه وأمه، ويعرض الرسول عليه الصلاة والسلام على السيدة عائشة إما أن تتكلم أولاً، وإما أن يتكلم هو، وهذا غاية الإنصاف، فتقول له: تكلم أنت أولاً ولا تقول إلا حقًا ” وتقول العبارة الأخيرة “.. ” ولا تقول إلا حقًا ” بحسن نية من حرصها على أن تطمع في أن تكون صاحبة حق لدى من لا يضيع عنده حق من الحقوق، وإذا بأبيها يلطمها لطمة الوالد لابنته الذي يذكرها بأنه قد خانها التوفيق، في هذا التعبير، ويقول لها:” يا عدوة نفسها، وهل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حقًا “… وهنا يرى الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأمر لم يكن بحاجة إلى هذه المعاملة القاسية من الوالد لابنته، وأن الخلاف لا يحتمل هذا، فيقول لأبي بكر: ” ما دعوناك لهذا “.. ثم يدع الأمر إلى حسن التفاهم بين زوجين متحابين متصافيين، وعندما تحس السيدة عائشة بلطمة أبيها إلى من تلجأ؟ إنها تلجأ للحبيب الطيب .. الطاهر المكرم لزوجته، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان الأصل أو المنتظر أن تلجأ إلى أبيها، وقد لجأت إليه فعلاً عندما اختارته حكمًا، إنها لجأت من لطمة أبيها إلى صدر زوجها وزال الخلاف الخفيف بذلك، فكان ذلك صورة من الصور البشرية الكريمة التي تقع بين كرام الناس تبدأ بنوع من الخلاف وتنتهي بذلك التضام وذلك التآلف الحبيب بين زوج محب وزوجة محبة لزوجها، كذلك موضوع الخلاف الذي حدث بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر رضوان الله عليهما، حتى يصل الأمر إلى التفكير في الطلاق، أو إلى أن يقع الطلاق بالفعل، لعل السر في ذلك هو أن الله تبارك وتعالى هيأ ذلك بقضائه وقدره، لتكون فرصة من فرص التشريع الإسلامي، ويؤكد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب من ربه فيقال له: ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[(الطلاق: 1) ينسب الطلاق إلى الرسول والمراد في الطلاق هم أتباع الرسول، لأن رسول الله هو موطن التشريع ولأن الله تبارك وتعالى يتخذ مدارًا لكي تتوالي أحكامه منظمة لشئون الأسرة، إن أمثال هذا الصراع الذي كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى حد يعاب أو يأخذ على صاحبه، وإنما هو نوع من إعطاء القدوة للناس جميعًا، وهو أن صاحب التبعة وصاحب المسئولية يتحمل التبعات عن يمين وشمال، وخير من تحمل التبعات والمسئوليات ونهض بها خير نهوض هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأستاذ أحمد فراج:
أيضًا سنعود إلى تأكيد أنه السؤال بيؤكد على أهمية أننا نخصص بعض حلقات للحديث عن معاملة الرسول عليه الصلاة والسلام بزوجاته فيه رسالة بتوقيع رمزي صاحبتها بتسأل عن الحكم بين الزوجة والأم والابنة، أخشى أنه واضح إن الأم هي صاحبة الرسالة وهي تقول: ” إذا كان شخص لديه غير رغيف هل يعطيه لأمه أن يعطيه لزوجته، أم يقسمه بالنصف وهل يفضل الزوجة على الأم في المأكل والملبس وكل شيء إذا كان ميسورًا وهي فقيرة، وأيهما يفضل؟”طبعًا السيدة الفاضلة صاحبة الرسالة بتصل الصورة إلى أقصى تصور إنه ليس هناك غير رغيفًا، لكن المبدأ أنه كيف يتصرف الابن مع أمه وزوجته، ويفضل من على من، وهل فيه مجال للتفضيل أم لا؟ والقضية نعرضها على فضيلة الدكتور الشرباصي.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
أحب أن أؤكد غرابة المثل الذي أعطته السائلة، لأنه من أندر الأحوال أنه أسرة مستقرة تهتم بدينها، وتتبع شريعتها يصل بها الأمر إلى أنها لا تجد غير رغيف تقتسمه ثلاثة أفواه يمكن السائلة بهذا التصور تريد أن تصل إلى أقصى ما يمكن مما يقع، لكي نهتدي إلى وجه الإجابة في مثل هذا السؤال، نتذكر قول الله تبارك وتعالى: ]وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [(الإسراء: 23) فالوالدان مكانتهما تأتي مباشرة بعد عبادة الله عز وجل، لأنه ليس هناك أحق بحسن المعاملة من الوالدين، فإذا وصلنا إلى الوالدين نفسيهما، كان هناك أيضًا نوع من التقديم والتأخير بينهما، فالأم لرقتها.. لكثرة حنانها، لشدة ما تقاسيه من أجل أولادها يفضلها الإسلام على الأب، وإن كان كل منهما عزيزًا وكريمًا في نظر الإسلام، ولذلك جاء أحد الصحابة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال له: ” يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ” قال: ” أمك ” قال: ” ثم من ؟ ” قال: ” أمك ” قال: ” ثم من ؟ ” قال” ” أمك” قال: ” ثم من ؟” قال: ” أبوك “، فقدم الأم ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة ذكر الأب، ومن هذا الحديث النبوي الشريف، فهم العلماء أن حق الأم مقدم على حق الأب، ومن الطبيعي أن حق الأب مقدم على حق الزوجة، بدليل أن الزوجة لم يرد لها ذكر هنا، فتكون الأم مفضلة على الزوجة من باب أولى لأنها فضلت على الأب الذي يفضل على الزوجة، فلو فرضنا جدلاً أن هناك شيئًا لا يعم الزوجة والأم، والأم محتاجة إليه، والزوجة محتاجة إليه كذلك، فإن لم يمكن الاقتسام بينهما لإرضائهما معًا، فإن الأم أحق بالتقديم، وأولى بالإيثار، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نتذكر معًا أنه من الممكن للمسلم في أغلب الأحيان أن يحسن الجمع بين إرضاء أمه أولاً، وإرضاء زوجته ثانيًا، لكن إذا تعارض الحقان، كان حق الأم أولى بالتقديم والتفضيل لأنها الأم، ولا يستطيع أن يستعيض بدلها أمًا، بينما يمكن في بعض الأحوال إذا اضطر يستطيع أن يستعيض عن زوجته بزوجة.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه رسالة أيضًا أظن اسمها مها، تسأل في هذه الرسالة عن حيرتها كمؤمنة أحيانًا بتشكك في وجود الله، طبعًا نحن نعرف إن هذا السؤال بيرد إلى كثير من الطلبة والطالبات وغيرهم من الشباب، أحيانًا يخطر على بالهم خاطر، أو يناقشون فكرة وجود الله، وهو الذي أوجد الكون، فمن الذي أوجده؟ وإذا كان فيه إله أوجده؟ فمن الذي أوجد الإله ؟ إلى آخره، وتصل أو تتمخض الأسئلة عن سؤال رئيسي، هل فيه دليل علمي مثلاً على وجود الله أم لا؟ بعض الشباب بيتحرج من طرح هذه الأسئلة في الواقع، لكن نحن لا نرى في هذا أي حرج، على أساس إنه محاولة لتثبيت اليقين من ناحية، والوصول إلى الحكمة بالاهتداء إلى وجود الله نفسه، وكما يقولون: ” الحكمة ضالة المؤمن “.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
أقول لابنتي السائلة اطمئني يا بنتي ولا تفزعي ولا تجزعي الله معك دائمًا، قد لا تشاهدينه بعينيك، ولكنك تحسينه بقلبك، وترينه من حولك دائمًا وأبدًا، بدليل إنك فزعت شككت في وجود هذا الإله العظيم، الذي يقول عنه القائل، وفي كل شيء له آية تدل على أن الواحد، لمثل هذا السؤال ينبغي لنا أن نستمع إليه، وأن نرحب به وأن نفكر فيه، وأن نريد عليه من حين إلى حين حتى ولو تكرر، لأن الشك في بعض الأحيان قد يكون طريقًا إلى اليقين بل هو في الغالب يكون طريقًا إلى اليقين، أذكر فيما أذكر أن أحد طلبتي وقف في جمع من زملائه بصورة المتحدي، وقال لي: ” يا فلان ما الدليل على أن الله موجود “… فأردت استدراجه فقلت: ” ومن قال لك إن الله موجود ” ففزع وقال لي: ” ماذا تقول؟ ” قلت له: ” من أدراك، ومن قال لك إن الله موجود؟ فقالي لي: ” فمن الذي خلقنا إذن”، فقلت له هذا جواب سؤالك، قل لنفسك من الذي خلقك إذن؟ فسكت وأحرج وأعتقد أنه قد أقام الدليل من نفسه على نفسه أن الله موجود، يكفي فقط أن يسأل السائل نفسه، من الذي خلقني؟ من الذي أوجدني؟ من الذي أوجد الحياة والأحياء من حولي؟ من الذي أوجد الماء والبحار والأنهار والأحياء والأطيار والإنسان والحيوان والنبات والجماد والأرض والسماء، والشموس والأقمار، ومع ذلك يستطيع الإنسان أن يهتدي بطريق العلم المادي المحصن على وجود الله عز وجل، يقول العلماء الباحثون في الفضاء وفي الأجرام العلوية، إن الشمس بتبعد عن الأرض بنسبة معينة، هي عشرات من ملايين الكيلو مترات، وإن الشمس لو دنت من الأرض أقل من ذلك لاحترقت الأرض وصارت فحمًا ولو أن الشمس بعدت من الأرض أكثر مما هي عليه مسافة ما، فإن الأرض تتحول إلى قطعة من الجليد تتجمد، والقمر الذي يؤثر في حركة المد والجزر، لو أن القمر اقترب من الأرض مسافة أقل مما هو عليه فإن المد يغرق الكرة الأرضية، لأن مياه البحار تزيد في مدها فتغرق اليابسة ولو أن القمر ابتعد عن المكان الذي هو فيه قليلاً، فإن البحار تفيض، لا يبقى فيها مياه، لأن الجذر يشتد عن طبيعته، فيحدث جفاء في البحار والأنهار والبحيرات وغيرها، هذا النظام الدقيق الذي يشير إليه القرآن الكريم في مثل قوله: ]وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[(يس: 40،39،38) .. وفي مثل قوله تعالى: ]الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ [( الرحمن: 5) إذا فكر العالم الطبيعي المادي في هذا النظام الدقيق المستقر المستمر الذي لا يحدث فيه خلل بجاذبية معينة، بمقادير مضبوطة، بنظام وحساب دقيق، يفهم أن هذا ليس من عمل الصدفة كما يقول الدهماء من الناس، وليس من عمل لا شيء، لأنه ما من شيء يوجد إلا وله موجود، ولابد من كل أثر لمؤثر، يدرك تمامًا أن الكون العريض الواسع الذي عرفنا أقله وجهلنا أكثره لابد له من قوة عليا تشرف عليه وتنظم أمره، تلك القوة هي قوة الله عز وجل، وأنصح لابنتي التي أدعوها إلى الله أن تطمئن ولا تفزع بأن تقرأ أحد الكتب العلمية التي تدور حول هذا الموضوع مثل كتاب ” الله يتجلى في عصر العلم ” أو ” العلم يدعو إلى الإيمان ” أو ” الدين والعلم ” فهذه كتب موجودة ومتيسر قراءتها لتزداد علمًا، والله معها دائمًا، ومعنا جميعًا.
الأستاذ أحمد فراج:
يخيل إلى نضيف أيضًا ما دام بنذكر كتب، كتاب “مع الله في السماء”، للأستاذ الدكتور أحمد زكي، وفيه كتابين أيضًا للعلامة المسلم الهندي السيد وحيد الدين خان أحدهما بعنوان ” الإسلام يتحدى ” وهو لم يكن موجودًا في مصر، ثم طبع أخيرًا في مصر وفيه بعض الإعلانات عنه، وكتاب آخر” الدين في مواجهة العلم ” أيضًا للسيد وحيد الدين خان، وبذكر بمناسبة الحديث عن الأدلة العلمية كان الأستاذ مالك بن نبي الفيلسوف المسلم الجزائري الذي شرفنا في البرنامج في أكثر من مرة، كان واحد سأله مرة عن أنه يريد دليل علمي على وجود الله، فقال له هات لي دليل علمي على عدم وجود الله، وليس هناك علمي على عدم وجود الله، ننتقل بعد هذا إلى سؤالين، سؤال من مصر، والآخر من البحرين في موضع واحد يختص بالباروكة وبالإيشارب رسالة القاهرة تقول إنها حريصة على لبس الإيشارب لكن بيسبب لها صداع لعدم التهوية لأن فيه مسام ضيقة، ومع ذلك مستمرة رغم المتاعب التي تسبب لها، الأخت التي من البحرين تقول إنها بتلبس الزي الإسلامي، لكن فيما يتعلق بغطاء الرأس، هل يجوز لها إنها تلبس باروكة علمًا بأن الإيشارب بيسبب لها صداع، وأحيانًا بيؤثر على السمع، وبيشيروا عليها بلبس باروكة صناعية، فالموضوعين معًا نحب نسمع رأي الدين فيهم.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
ينبغي لنا كمسلمين مؤمنين بتشريع السماء أن هناك أحكامًا دينية يجب أن نتلقاها بالطاعة والقبول حتى ولو كان فيها شيء من القيام ببعض المجهود، مما اتفق عليه الفقهاء أن جسم المرأة عورة لصيانتها وتكريمها ما عدا الوجه والكفين والقدمين، وهناك رأي يستضعفه الكثيرون، وهو أنه يجوز لها عند الحاجة أن تكشف عن نصف ذراعها الأدنى الموصول بكفيها، ماعدا هذا يعد عورة بإجماع المسلمين، والشعر الموجود في رأس المرأة عورة، لم يقل أحد من أئمة المسلمين إطلاقًا بأنه يجوز كشفه، نأتي إلى ناحية الإيشارب الذي تتحدث عن الأخت السائلة الفاضلة، الإيشارب تقول إنه يعرضها لشيء من التعب المحتمل، هذا لا يجيز لها شرعًا أن تكشف شعرها، لكن من الممكن أن تتخذ من أغطية الرأس فاجمع بين ستر شعرها، ومن تمكين بصيلات شعرها أو جذورها من إفرازاتها المعتادة أو التهوية المطلوبة، وتستطيع أن تستشير في ذلك طبيبًا، لا ليسوغ لها كشف شعرها، وإنما ليهديها إلى طريقة تستمر بها شعرها، وفي الوقت نفسه لا تؤذي صحتها، لو أن طبيبًا حاذقًا مسلمًا ثقة مؤمنًا قال لها إن ستر شعرها بأي طريقة كانت تسبب لها مرضًا أو أذى أو غير ذلك من الأخطار، فإن لها أن تتجنب الايشارب لكن سيعرضها ذلك إلى طلب آخر وهو أن تتجنب الاختلاط بغير محارمها على قدر طاقتها واستطاعتها وأعتقد أن الحل الأول أفضل وأسهل من الحل الثاني، فيما يتعلق بالباروكة، نسأل أنفسنا أولاً ما المقصود بالباروكة ؟ لا شك أن الأساس الأول من اتخاذ الباروكة هو أن الفتاة ترى أن شعر الباروكة أجمل من شعرها، أو أن عيبًا في شعرها لأن تخفيه أو لأن شكله غير جميل تريد أن تستره بأجمل من شعرها عن طريق الباروكة، فإذا كان المقصود من الباروكة هو التجمل أو المزيد من التجمل، فقد قصد من وراءها الإثارة أو لفت النظر خصوصًا وإذا كانت بتخرج، وكانت من يخرجن إلى العمل أو للشارع لغرض من الأغراض، فإن جميع أنواع الباروكة بذلك تصبح حرامًا، إذا كان المقصود من الباروكة مجرد تغطية الرأس، فإنه ينبغي لكي نصدق هذا عملياً أن تكون الباروكة على وضع يراد منه التغطية ولا يراد منه التجميل ولا التزيين ولا لفت النظر، فلو أن المرأة اتخذت غطاءًا للرأس نسميه ما شاء، ولم يقصد منه، ولم يتحقق به التجمل أو إثارة الفتنة أو لفت النظر فإن في هذه الحالة يأخذ حكم أي غطاء للرأس تستر به شعرها.
الأستاذ أحمد فراج:
كلمة لفت النظر أريد أن استفسر فيها بعض الشيء إذا سمحت لي نفرض أنه في مجتمع ما تعود السفور، وهناك بعض الفتيات أو النساء يتحجبن ويلبسن اللبس المحتشم، فهذا يمكن بيلفت النظر أكثر، فنريد معنى معرفة لفت النظر، فهناك من يقول، نحن لو لبسنا اللبس الإسلامي، هذا سيلفت النظر أكثر.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
فعلاً سيلفت النظر أكثر لأنه غريب، لكن بالتعود وهو الواجب أن يكون لن يلفت النظر، والمراد الأساسي من كلمة لفت النظر، لفت النظر عن طريق الإعجاب أو إثارة الافتتان بالحسن والجمال أما إذا لفتت المرأة نظر الغير بأنها محجبة وقالوا ” انظروا المرأة المحجبة ” هذا لا يعيبها، بل العكس هم المعيبون، لأنهم عابوا ما يجب أن يكون المقصود من لفت النظر أن تكون الباروكة على رأسها مثارًا لإعجاب الغير بها أو لزيادة استحسان أكثر من شعرها الطبيعي، في هذه الحالة لا يصح اتخاذ الباروكة، أما إذا كان مجرد غطاء لستر الشعر فعلاً وحقيقة ولم يتحقق معه شيء من المآثم التي أشرنا إليها، فلا مانع حينئذ من تغطية الشعر بهذا الغطاء.
الأستاذ أحمد فراج:
السائل مهندس بدون توقيع لاسمه يسأل عن بعض الأسئلة خاصة بالعمرة، والحقيقة بعض أسئلة أخرى تتكلم عن العمرة، وفيما يبدو أن السيد أحمد نوح وزير الطيران باسم العاملين في قطاع الطيران في مصر وجه دعوة لبضع مئات من المواطنين لأداء العمرة بمناسبة تدعيم أسطول مصر للطيران، فيمكن لو أخذنا هذا الموضوع من ناحيتين، فنشرح أولاً ما هي العمرة إذا أمكن، ثم نأخذ بعض الأسئلة بالتفصيل، وندعو الدكتور الشرباصي للحديث عنها.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
نبدأ أولاً بأخذ صورة كيف تؤدى العمرة، أولاً كلمة العمرة مأخوذة من لفظ الاعتمار، والاعتمار معناه الزيارة، فالعمرة معناها أساسًا زيارة لبيت الله الحرام في مكة المكرمة، ويجوز القيام بهذه العمرة في أي وقت وفي أي شهر من شهور السنة كلها، سواء كانت قبل موسم الحج أو بعد موسم الحج، وإن كره بعض الفقهاء الأيام التالية ليوم وقفة عرفات، لكن يجوز القيام بالعمرة في أي وقت من السنة، ما هي العمرة؟ كثير منا يتهيأ للقيام بفريضة الحج أو بشعيرة العمرة، ويخيل إليه أنها صعبة، مع أنها سهلة جدًا العمرة سأبدأ بشرحها في دقائق معدودة منذ خروج الإنسان من بيته إلى أن يعود، الأول سيبدأ الإنسان بالنية، ثم يحرم، ويستطيع أن يحرم من البيت أو من المطار أو من الطائرة عند الميقات المحدد الذي يعلن عنده في الطائرة عن ميعاد الإحرام.
الأستاذ أحمد فراج:
لا، هذا لا يحدث…
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
إذا ينتظر الإنسان فيحرم من بيته أو من المطار، بعد أن يحرم يبتدئ في التلبية وله أن يلبي منذ أحرم إلى حين استلام الحجر الأسود في بدء الطواف ” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك “.. بعد استلام الحجر الأسود في أول الطواف تنقطع التلبية، يطوف الإنسان حول الكعبة سبع مرات، كلما استلم الحجر أو أشار إليه أو من عنده ودار حول الكعبة يعتبر شوطًا، طاف سبعة أشواط، ينتقل من عند الكعبة إلى المسعى وهو مشهور وقريب على بعد دقائق من الكعبة وذلك بعد أن يصلي ركعتين عند مقام إبراهيم، ويشرب من زمزم، وأنا أتكلم هنا عن الأشياء الأساسية المفروض أن يفعلها، ومن زاد فهو خير يذهب فيسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة عائدًا إلى الصفا شوط، ويمكن للمتعب أو المجهد أن يركب على عربة صغيرة هناك تؤجر، لكي يسعى هذه الأشواط، بعد أن يسعى السبعة أشواط يحلق شعره أو يقصر شعره وبهذا تكون قد تمت العمرة، وبيخلع ثياب الإحرام وبيلبس ثيابه العادية، وإذا بقى ساعات أو أيام هناك يقضيها في الذكر.. في قراءة القرآن، في الطواف المسنون، في زيادة الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سافر المدينة، إذًا باختصار العمرة أن ينوي الإنسان الإحرام، ثم يحرم فيلبي ثم يستلم الحجر الأسود، ويطوف سبعة أشواط، يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، انتهت العمرة وكملت بعد أن يحلق شعره، هذه العمرة بصفة عامة، حكمها، أغلب أو كثر من الفقهاء يرون أن العمرة سنة.
الأستاذ أحمد فراج:
حكم العمرة سيأتي في سؤال قادم، إذًا نحن نستطيع أن نقول إن العمرة النية فيها هي الأساس، ثم الإحرام، طبعًا له آداب معينة وهي الحلق والتنظف والاستحمام و صلاة ركعتين والتطيب، لكن بعد أن يلبس ملابس الإحرام وينوي يمتنع عنه قص الشعر، وقص أظافره إلى آخره، وبعد ذلك طواف وصلاة ركعتين والسعي والتحلل، هنا السيد المهندس السائل يقول أنه ينوي أن يعمل عمرة في ربيع أو في رمضان، ونحن نعرف طبعًا إنه السيد ممدوح سالم كان فيه تصريح قريب للسيد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، إنه سيتقرر السماح بسفر حوالي 1500 مواطن لأداء العمرة هذا العام، وأنا أخشى أن تكون الناس بتخلط بين عملية العمرة وزيادة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، السيدة حرمه سبق لها أن حجت، لكن لم تؤدي العمرة، فهل هذا حرام عليها، أم لابد لها أن تؤدي العمرة؟
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
المفروض علينا شرعًا كإحدى قواعد الإسلام الحج: ] وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [( آل عمران: 97) .. فإذا حج الإنسان، فقد كملت قواعد الإسلام بحجة متى أديت صحيحة، وليس بشرط أن يتوقف قبول الحج على القيام بعمرة، لماذا؟ لأن صحيح العمرة مشروعة، فهي أمر موجود في الدين، لكن كثيرًا من العلماء يرون أنه سنة، وبعض العلماء يرون أنه فريضة، والرأي الأول أصح، ومعنى هذا إن الإنسان إذا حج، فإن يستطيع أن يستغنى عن العمرة إذا لم تتيسر له، ولكنه لو اعتمر، وقام بالعمرة مرة أو أكثر، فإن العمرة ولو تعددت لا تغني عن أداء الحج إذا استطاع الإنسان إليه سبيلاً وقدر عليه، لذلك السيدة الفاضلة التي حجت ولم تتمكن من العمرة.. لا تضار في حجها بذلك، ولا تخف من أنها لم تعتمر لو قدرها الله في يوم من الأيام على أن تعيد حجها أو على أن تقوم بعمرة في وقت نستطيع ذلك فلا بأس من الجانب الخير، ولكن العمرة لا تغني عن الحج، بينما الحج يغني عن العمرة عند أغلب العلماء.
الأستاذ أحمد فراج:
أيضًا يأذن لي السيد المهندس في توضيح، الحقيقة هو يقول أنا عزمت على زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام، طبعًا العمرة في مكة، والزيارة في المدينة، والمتصور إنه لا أحد يذهب لزيارة المدينة ولا يزور مكة، لأنه الحديث: ” لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد الرسول “.. طبعًا قصد مسجد الرسول ليس فيه أي حاجة معينة، هذه مجرد زيارة كما يزور أي مسجد آخر مع فرق مكانة المسجد، وفضل الصلاة فيه التي يأتي ثواب الركعة فيها بألف ركعة، فهو يريد معرفة ماذا يفعل لأنه عنده ظرف خاص بيفاجئه البول أحيانًا، ويضع كيس يتوقى به من نزول البول غير المعروف مسبقًا، فما حكمه؟
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
هو يستطيع أن يقوم بالعمرة أو بالزيارة، وعند هذه الحالة المرضية التي تسمى في عرف الفقهاء بسلس البول، يدخل إلى مكان البول ويتبول، ويحاول أن يستخرج كل ما يمكن، ثم يستنجى جيدًا، ثم يضع غطاءًا أو كيسًا لمكان التبول حتى يمنع البول من النزول، ويستطيع في هذه الحالة أن يأخذ حكم صاحب سلس البول، وهو أن يتوضأ لكل وقت وصلاة، ويصلي بهذا الوضوء ما شاء من فروض ونوافل في ذلك الوقت، ولكني أحب أن أشير إلى ما ذكره الأخ الأستاذ أحمد فراج من خلط بعض الناس بين الزيادة والعمرة، أو بين الزيارة، والحج، فالزيارة هي في المدينة أما العمرة فلا تكون إلا في مكة، وأما الحج، فالحج عرفة وينبغي لنا كمسلمين أن نفهم أن الأساس في رحلتنا إلى الأرض المقدسة إنما هو أداء الحج في مكة، وما حولها في عرفات، وهذا فرض، وأن العمرة أيضًا تؤدى داخل المسجد المكي في مكة، أما زيادة الرسول عليه الصلاة والسلام فهي سنة، وينبغي أن نضع الأمور حيث وضعها الله وحيث وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الرسول قائدنا ورائدنا ومعلمنا وهادينا عن طريقه، فرض الله علينا الحج، وشرع لنا العمرة، وسن لنا بعد ذلك أو قبل ذلك زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن بعض الناس قد يهتم بزيارة الرسول عليه الصلاة والسلام ويعتقد أنها أهم من الحج، لا الفرض هو الحج في مكة، والسنة هي زيارة الرسول بعد ذلك في المدينة، بمعنى أن الإنسان يستطيع أن يزور علينا عندما ما يشاء وفي أي وقت يشاء، لكن الحج أمر مفروض: ] الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [ (البقرة:197) يجب أن يتضح هذا في ذهن كل مسلم.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخت ع . أ في مصر الجديدة أختها رضعت على ابن عمتها، وهناك رغبة من أخوا ابن عمتها أي ابن عمتها الآخر الذي لم يرضع أن يتزوجها، وتقول أنه مع العلم إنها لم ترضع من عمتها، ولابن عمتها رضع من والدتها، فهل يجوز لها الزواج منه؟
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
يجوز لها أن تتزوج ابن عمتها ما دامت لم تجتمع معه على ثدي امرأة واحدة، لأن المحرم هو أخت الرضاع، أما أخت الأخت في الرضاع، فأنه لا يحرم الزواج منها.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخت صفاء الشربيني من الإسكندرية كانت بتصلي، وأثناء الصلاة ابنها الصغير حوالي سنة ونصف وقع من فوق السفرة على الأرض، فتركت الصلاة، وهي تقول لم أختم الصلاة، ولم أسلم، فهل هذا حرام أم لا؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
أحب أن أقول لأخت السائلة الفاضلة لقد أحسنت صنعًا إن الدين يسر وليس بعسر، إنك إذا رأيت ابنك يتعرض لخطر يضر بحياته، يجب عليك أن تخرجي من الصلاة وتنقذي ابنك من الخطر، إن الدين قد أباح للمرأة وهي تصلي أن تقطع صلاتها إذا شاهدت أو أحست بأن الحلة على الوابور أو على البوتاجاز قد فارت، وأن جزء من الطعام قد يفسد أو سيشتعل البوتاجاز، يجوز لها أن تقطع الصلاة وتذهب، وكثير من الناس يعتقدون أن الدين مجموعة من القيود من الإرهاق من التشديد، لا.. الدين يسر ورحمة ورفق من الله عز وجل، فهي لم ترتكب أي خطأ، بل بالعكس وتصرفت كما ينبغي أن تتصرف، ويجب عليها بعد هذا أن تطمئن إلى سلامة ابنها، وأن تضعه في مكان أمين ينبغي أن تتصرف, ويجب عليها بعد هذا أن تطمئن إلى سلامة ابنها، وأن تضعه في مكان أمين، وأن تعيد صلاتها من بدايتها ليتقبل الله منها قبولاً حسنًا.
الأستاذ أحمد فراج:
وينسجم مع كلام فضيلة الدكتور الشرباصي، أنه لو كانت أحست قبل أن يقع إن فيه خطر عليه، تترك الصلاة، فلو كان مثلاً طالع على كنبة على كرسي على ترابيزة.. على مكتب، ويحتمل أن يسقط، فلا تنتظر إلى أن يسقط ثم تخرج من الصلاة، فيجب أنها تخرج وتتوقاه، وليس هناك مانع في هذه الحالة من أن تسلم أو تختم، ولكن تخرج من فورًا من الصلاة. رسالة من مواطن فلان ويعفينا من ذكر اسمه، طلق زوجته ثلاث مرات ” طلقة ثم طلقة ثم عملوا المحلل، وأنه تزوج منها هذا المحلل على يد المأذون ولم يدخل بها” ثم مرت العدة، ورجع صاحب الرسالة تزوجها وعشنا في أسعد الحالات، ولكن لم يدم هذا لأنني لم أثق فيما حدث، وحدثت متناقضات من حولنا فطلقتها بالرغم من أني كنت في أشد الضيق، ثم جاء من أصلح بيننا، فهل زواجي هذا صحيحًا، وهل على سنة الله ورسوله، وكما تأتي إلينا رسائل قبل ذلك يقولون فيها ” علماً أنه كان لي أولاد سنهم كذا ” فهذا تنبيه للذي يفتي بأن هناك أولاد، وليس تنبيه لنفسه من الأول إن كان فيه أولاد.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
من حسن الحظ إن سيادتك لم تذكر اسمه ورمزت إليه باسم فلان، حتى لا نكون في حرج ونحن نجيب عن طريق جهاز إعلام عام، الواقع أن نفس الإنسان تشمئز وتتقزز وتتألم وتتأسف عندما تستمع لمثل هذه الصور التي يبدو فيها الاستخفاف الأثيم المهين بالعلاقة الزوجية وبالحياة الزوجية، وبحق شريكة الحياة في أن تطمئن وتستقر، لقد تزوجها وكان من واجبه أن يدقق في اختيار من تكون شريكة حياته، وأمره الدين بذلك، وعاش معها، وكما سمعنا طلقها مرة، وعفا عنه الدين وأوجد له مخرجًا، ثم طلقها مرة ثانية وأوجد له مخرجًا، وقال القرآن: ]الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ َ[(البقرة: 229) فطلقها هو للمرة الثالثة، وبذلك انفصلت عنه انفصالاً نهائيًا لا يجوز لها أن ترجع إليه إلا إذا استوفت عدتها منه، وتزوجت زواجًا شرعيًا.. صحيحًا بدخوله وأركانه، ثم مات عنها الزوج الثاني أو طلقها بإرادته واختياره، ثم انتهت عدتها، ثم قبلت الزوجة بمحض اختياره أن تعود إلى ذلك الذي استهان بها من قبل، هذه الصورة التي نسمعها الآن، صورة مؤلمة ومؤسفة، وتدل على نوع من الفجور بالاستخفاف بأحكام الدين وبروابط الأسرة، ثم يقول لك أنه قد قام بمحلل لم يتم، وما أدراه أن هذا المحلل يجيز له، إن هذا المحلل بالصورة التي نسمع عنها ما هو إلا زنا مقنع، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من يقوم به بكلمة مؤلمة بأنه ” تيس مستعار ” ثم يعود ولم يتم المحلل يعاشرها من جديد أي بقية الاستمساك بحق الحياة الزوجية، الواقع أن هذا الزواج ليس بصحيح.
الأستاذ أحمد فراج:
عفوًا، هو لا أعرف ماذا يقصد بكلمة لم يتم المحلل، يمكن لم يتم بالصورة التي متصور فيها إنه لازم يكون فيه زواج ودخول.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
إذا لا يصح له أن يعود إليها.
الأستاذ أحمد فراج:
هو يقول أنه طلقها ثم مرت العدة، ثم رجع وتزوجها.
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
لا يجوز له أن يعاشرها معاشرة زوجية إلا إذا تزوجت غيره، ثم كان زوجًا صحيحًا بدخول، وكل ما يطلق عليه زواج، ثم يطلقها الزوج الثاني أو يموت عنها، ثم تستوفي عدتها من الثاني، كما استوفت عدتها من الذي طلقها، ثم إذا أرادت أن تعود، فتعود له بعقد جديد، ومهر جديد، وشروط جديدة، وكل أركان الزواج تكون جديدة.
الأستاذ أحمد فراج:
سؤال أخير من الأخ أ. أ. ر، يسأل عن حكم الشرع في يمين الطلاق الذي يصدر في حالة من الغضب الشديد المصحوب بفقدان الوعي والإرادة، يسأل هل هناك إجراءات رسمية أو التزامات يجب أدائها، وكالتي تتبع عادة في الحالات الأخرى العادية التي يتم فيها الطلاق بالتراضي، والرغبة الملحة بين الزوجية، وما هي؟
فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي:
ينبغي أن نتفق أولاً على أن الطلاق لا يتم عادة، والقائم به يضحك أو مسرور أو فرح، في العادة أن الإنسان لا يصل إلى درجة الطلاق بينه وبين زوجته إلا وهو غضبان وهو متألم أو حزين، ولذلك إذا قلنا إن كل حالة غضب يقع فيها طلاق نسميها طلاق غضبان، وأن الإنسان على غير وعيه، هذا غير واقعي، وغير صحيح، الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال كما روى عنه الرواة: ” لا طلاق في إغلاق ” وفسر العلماء الإغلاق بالحالة التي يختل فيها شعور الإنسان ووعيه، فلا يفرق بين كلام وكلام، ولا بين تصرف وتصرف، بحيث أنه ينطق في هذه الحالة بكلمة الطلاق، ثم لو ذكرناه فيما بعد، لقال إني لا أتذكر إطلاقًا إني نطقت بهذه الكلمة فقد كنت في غير وعي، إذا كان الغضبان بالفعل قد فقد وعيه بحيث يختل تفكيره، وبحيث تختلط عليه الأمور، فلا يعرف أتكلم أم لم يتكلم، أنطق بهذا اللفظ أم لم ينطق، في هذه الحالة نقول: ” لا يقع الطلاق ” لأنه لا طلاق في إغلاق، أما إذا كان المراد بالغضب مجرد التألم.. مجرد الثورة.. مجرد ضيق.. مجرد التصرف الذي يفعله الإنسان وهو غاضب، ولكنه يتذكر أنه قد نطق بكلمة الطلاق، ويعلم أنه قد تلفظ بها، في هذه الحالة يقع الطلاق ولا يتعلل متعلل بأنه غضبان، وثم لا محل إطلاقًا لكي يتصرف الإنسان تصرفًا سيئًا يؤدي به إلى المحذور، ثم يتعلل في النهاية بأن عنده أولاد، كان الواجب عليه أن يرعى حرقة هؤلاء الأولاد، فيحرم على لسانه كلمة الطلاق، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ” أبغض الحلال إلى الله الطلاق “، وإذا كان الشخص في حالة غضب مصحوب بفقدان للإرادة فلا يقع طلاقه، وهذا إذا كان حقيقة وفعلاً، وهذا أمر بينه وبين الله فإن كان قد فقد وعيه وإرادته تمامًا بحيث لا يميز ما ينطق به، كان يهلوس من غير وعي إطلاقًا فلا يقع الطلاق لأنه غير مكلف في هذه الحالة.
الأستاذ أحمد فراج:
في الختام نشكر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي على تفضله بتلبية دعوة البرنامج حول هذه الأسئلة المفتوحة غير المحددة الموضوع، كل سؤال بيكون في موضوع معين حسب رغباتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.