حلقة
نور على نور
والتي أذيعت في الساعة 2.00 من مساء يوم الجمعة الموافق 8 يناير 1971م
الأستاذ / أحمد فراج
سيداتي، وسادتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحقيقة منذ فترة طويلة، من عدة شهور، البرنامج لم يقدم الندوات المفتوحة، التي تعود معكم أن يقدم فيها الأسئلة والرسائل التي ترد من حضراتكم، ولاشك ترتب على هذا التقصير من البرنامج، وأنا أعتبره تقصير لأنه يتبين إن فيه بعض الرسائل التي يحدد أصحابها مواعيد معينة للإجابة، وحتى أن الرسائل الأخرى التي لا يطلب أصحابها موعد معين، نعترف أن البرنامج تأخر في الإجابة عليها، وإذا كان الاعتراف بالحق فضيلة، فنحن نطمع في ألا يقتصر موقفنا من هذه الفضيلة على مجرد الاعتراف، وإنما نرجو أن يوفق البرنامج إلى إفراد عدد من الحلقات المتتالية التي يمكن أن نستوعب خلالها أكبر عدد ممكن من الرسائل، وإن كنا نعتقد إن هذه الفرصة لم تتاح للبرنامج إلا بعد موسم الحج، وكل سنة وأنتم طيبين، فنرجو إن شاء الله، بعد الحلقات التي يقدمها البرنامج قريبًا في موضوعات الحج، يُفرد حلقات مخصصة للأسئلة وللرسائل، من ناحية أخرى نُحب أن نستلفت عناية السادة المشاهدين، أن الحلقات القادمة من البرنامج سوف تكون الحلقة الأخيرة التي سجلها البرنامج من طرابلس بالجمهورية العربية الليبية بمناسبة المؤتمر الأول للدعوة الإسلامية، وسوف تكون لقاء مع الفيلسوف الإسلامي الكبير الجزائري السيد ” مالك بن بني “.
في مقدمة الحلقة نقدم بعض الرسائل التي قد تحتاج إلى ردود سريعة من البرنامج منها رسالة السيد عبدالمنعم محمد منصور عن رابطة أهالي المنصورية الخيرية عن أنهم يقدمون مساعدات اجتماعية للمحتاجين من أبناء الرابطة، ويسأل عن رأي الدين في الأسبقية، باعتبار أن الإمكانيات قد لا تكون كافية، نعتقد أن الموضوع لا يحتاج إلى رأي ديني، أو فتوة دينية، وإنما هذه مسألة ترجع إلى تقدير الجمعية إلى الاحتياجات، أو إلى الأكثر حاجة من أبناءها، سؤال الأخ مصطفى محمد الخشاب عن انتشار الدين الإسلامي بالسيف، أتيح للبرنامج خلال شهر رمضان حلقة اشترك فيها الدكتور محمد بدوي عبداللطيف، مدير جامعة الأزهر وتناول هذا الموضوع بالتفصيل، والرسالة كانت قبل هذه الحلقة، رسالة الأخت أمينة تقول فيها إن البرنامج لم يرد عليها في الرسالة التي سبق أن أرسلتها للبرنامج وشرحت فيها مشكلتها، وللأسف الرسالة التي تشير إليها لم تصل للبرنامج، أخ طالب في جامعة الأزهر أرسل على البرنامج إنه في حلقات السنة كان ذكر بعض المراجع التي تتناول بعض موضوعات السُنة، ويقول إن هذا فيه تعريض للشباب وثقافاتهم، ونحن في الواقع لا نتعرض للشباب، بالعكس إذا كان هو بحكم دراسته أو اهتماماته الشخصية لا يحتاج إلى مراجع خاصة بالسُنة، أو غير ذلك من الموضوعات الإسلامية، فيمكن يكون هناك غيره محتاج إلى هذه المراجع، وجميعنا نحتاجها في الواقع، رسالة أخرى في معنى مناقض وهي من الأخ السيد محمد عبدالفتاح يطلب إرشاده إلى بعض الكتب الدينية التي تشرح الإسلام، ومناهج القرآن الكريم، والسُنة وترجو حتى لو اتصل الأخ السيد محمد علي بالبرنامج تليفونيًا، نستطيع أن نتعاون في هذا الخصوص، الأخ حسن صالح إبراهيم [ مستاء ] جدًا يشتكي للبرنامج، أنه حضر إلى مسجد التليفزيون ليُصلي فيه، فمنعه الحارس بحجة إن المسجد ممتلئ، وهناك رسالة أخرى تقول أن المسجد مخصص للموظفين، الواقع إن صح هذا، فهو خطأ من الأخ الموظف المسئول عن هذا، ونحن نعتذر لك بالنيابة، ويبدو أن هذه المسألة تكررت لأن الأخ محمد معوض عوض الله، أرسل يطلب دعوة لحضور صلاة الجمعة في مسجد التليفزيون، الأخت هيفاء الواقع إن موضوعها تتلخص الإجابة فيه، إن الجنابة بتُوجب الغُسل، ولكن العمل في ذاته محرم الذي تُشير إليه، فيه رسالة من الأخ الأستاذ ع. ن. المحامي، وأنا في الحقيقية أكتفي بالرمز لاسم سيادته، لأن هو أرسل نقض شديد لبرامج التليفزيون، وبيستعمل ألفاظ يمكن البرنامج لا يستطيع أن يكررها، وهو يشك في أن نعرض لهذه الرسالة، فهو لم يحدد أشياء معينة مثلاً التليفزيون قدم شيء معين، وله نقض عليه، وإنما هو أصدر حكم تعميمي لا يستطيع منصف فضلاً عن أن يكون محامي أنه يصدر هذا الحكم التعميمي، ونحن كان يمكن أن نُشير إلى اسم السيد المحامي، ونقول هذا الكلام بالتفصيل، ولكن سنكتفي بهذا، وأعتقد أن التليفزيون حينما يبث يوميًا دروسًا كذا وكذا وكذا، فيكون قول لا يليق، ولا يتقبله أحد، وإن كان [يتحدث عن أن] بعض الأشياء قد لا تتفق مع الذوق الإسلامي الصحيح الملتزم، ولكن ليس معنى هذا أن نُطلق مثل هذا الحكم، وخاصة من السيد الصديق المحامي، رسالة دار المعلمات بكفر الشيخ وصلت بعد الموعد الذي كان مطلوب فيه رد، الأخ ع. أ. بكلية طب القاهرة، بنشكرك على الرسالة ونقترح أنك تعود إلى الصلاة يا أخ ع. أ، وتبتعد عن مصدر القلق، وتزاول أي رياضة من الألعاب الرياضية، وقد تجد فسحة من الوقت للاتصال ببعض الكتب الإسلامية التي تملأ الفراغ الذي قد تجده، وعلى كل حال بنُحيك على نبضة الإيمان التي في رسالتك، الأخت سامية من الإسكندرية ندعو الله لها بالتوفيق في كل حياتها، ومسألة رؤياها للرسول عليه الصلاة والسلام رؤيا الرسول حق ” من رآني، فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتلبث بي “، بعض الأخوة والأخوات يرسلون رسائل فيها رؤى، ويطلبوا من البرنامج أن يُفسر هذه الرؤى، مثل هذا الموضوع سبق أن قلنا أنه لا يدخل في اختصاص البرنامج، كل الذي نستطيع أن نقوله إن [ يصلح الله رؤياكم]، ملاحظة من سيدة مُسلمة على كثرة القسم في التمثليات في الإذاعة والتليفزيون دون مبرر، والله يقول [ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ] وتُحمل البرنامج أمانة ذكر هذا الموضوع، ونحن بننقل هذه الرسالة وهي ملاحظة في محلها، فجبذا لو الكُتَّاب أو الذين يعدون التمثيليات، إذا لم يكن هناك ضرورة للقسم بالله، فيتحاشوا أو يستغنوا عن مثل هذه المسائل، الأخ إبراهيم أبو عوف، يريد أن يسمع الآذان في الإذاعة بصوت الشيخ أبو العينين شعيشع، طلبة مدرسة مباي قادم الثانوية يطلبون إن البرنامج يُعني بغزوات خالد بن الوليد، وخاصة في حروب الردة، إذا أذنوا، أولاً إن الغزوة هي التي يخرج فيها الرسول عليه الصلاة والسلام بنفسه قائدًا على مجموعة الجيش الإسلامي المحارب، ولذلك يمكن لا يستقيم أننا نقول غزوات خالد بن الوليد، وإنما نستطيع أن نقول معارك أو حروب خالد بن الوليد، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى إن الفكرة قيمة، وأعتقد أنه مقرر عبقرية خالد على الثانوية العامة، فنرجو أن البرنامج يفكر في هذه الفكرة، ويحاول أن يعرض لها، السيد المهندس عصام الدين شديد بالمطرية حلقات نور على نور والموضوعات المختلفة التي تفضل بالإشارة إليها عن الدين، والعلم والخالقية والحلقات الخاصة بالإمام البخاري، نرجوا أنه يتصل بالأخ الأستاذ محمود سالم رئيس تحرير مجلة الإذاعة، هناك رسالة عن زيادة عدد مرات البرنامج، أظن أنه يذاع مرة، ويعاد مرة، هذا كافي فيما نرجو، الرسائل التي تحمل نبضات من الألم وعذابات الضمير، ونحن تأتي إلينا رسائل كثيرة ومطولة، ونحن نعتقد باختصار، وسبق أن البرنامج ذكر هذا، إنه كل بني آدم خطأ كما يقول معنى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ” وخير الخطائين التوابون والمستغفرون ” فالإنسان مهما ارتكب آثام، ولجأ إلى رحمة الله التي وسعت كل شيء، فالمرجو أن يتقبله الله، فقط بيطلب منه أن تكون التوبة من قريب، أي لا يسوف في التوبة، ويتوب فورًا بعد أن يخطأ، ويعزم بعد أن يندم على ألا يعود إلى ذلك أبدًا، وإذا كانت الأخطاء متعلقة بحقوق العباد، فمما يتم أو يكمل هذه التوبة أن تردد الحقوق إلى أهلها، الأخت وفاء عبود فوده بنحييها أيضًا على روحها الإسلامية، السيد علي الدين غنيم بوزارة التربية والتعليم، يقترح تخصيص مكان لأحذية المصلين بلا مقابل في المساجد، وذلك محافظة على النظافة، ولا شك أن هذا يستقيم مع الذوق الإسلامي، وهي المحافظة على نظافة المسجد، رسالة الدكتورة (أ) نرجو أن نُرسل لها رد خاص بناءًا على طلبها، رسالة من شباب ” جيرجا ” المسلمين، الواقع أننا لا توجد مرة نذكر التحيات التي تُقدم للبرنامج، لأننا نعتبرها من حُسن الظن، ونرجو أن الله يجعلنا خيرًا مما يظنون، ويغفر لنا ما لا يعلمون، ولكن الواقع هذه الرسائل نُشير لها لأنهم يقولوا إن البرنامج كان له أثر طيب بالنسبة للشباب بصفة خاصة في جيرجا، وحرصوا على متابعته وكان منطلق لاهتمامهم بكثير من الموضوعات وحرصهم على القراءة، ولاشك أن الشباب بيسعدنا أن يتابع البرنامج، وبيسعدنا أكثر أن يوثق ما بينه وبين الإسلام، على أن تكون الصلة ليست صلة فكرية فحسب، وإنما صلة أيضًا تنعكس على السلوك الفردي لأن هذه الأمة هم يملكون غدها، ونرجو أن يكون غد هذه الأمة أفضل من حاضرها إن شاء الله.
سنكتفي بهذا القدر حتى لا نأخذ من وقت البرنامج الكثير، ويُسعدنا أن نستضيف في هذه الحلقة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي مفتي الجمهورية العربية المتحدة سابقًا، ونحاول أن نعرض أيضًا أكبر عدد من الرسائل الممكنة، فيها نوعيات مختلفة بقدر الإمكان، كل مجموعة من موضوع متقارب سنحاول أن نقدمها مع بعضها، في مقدمتها رسالة من أخ مرض بالسكر، وبُترت ساقاه، ويتيمم دائمًا للصلاة لعجزه عن الحركة، فما حكمه.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إذا كان لا يستطيع الوضوء فله أن يتيمم، وإن استطاع فعليه أن يتوضأ، وبما أنه لا يستطيع الوضوء فله أن يتيمم.
الأستاذ أحمد فراج :
الأخ علي حسن من أهالي الجمالية يقول دخول الحمام بحاجة عليها اسم الله، دبله مثلاً، فما حكم ذلك.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الواجب ألا نُعرض اسم الله لأي صورة من صور المهانة، ودخول المراحيض، أو استعمال الدبلة التي مكتوب عليها اسم الله فيها هذا النوع من المهانة، وعلى السائل أن يبتعد عن ذلك.
الأستاذ أحمد فراج :
السيد اللواء مراد فريد، يسأل عن حكم لمس المرأة الأجنبية وهذا ينقض الوضوء، وإذا كان فيه تفسير لهذا.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن الفقهاء مختلفون في هذا المعنى، منهم من يرى أن لمس المرأة ينقض الوضوء، ومنهم من يرى أن اللمس لا ينقض الوضوء، ولكل وجهه، والإفتاء تيسيرًا على الناس، عدم اعتبار هذا نقضًا للوضوء ما لم يصاحبه معاني من المعاني الأخرى التي تكون في مثل هذه الأحوال.
الأستاذ أحمد فراج :
السيد سيد محمد إبراهيم يقول، إنه لابد من أن نُيسر على المرأة بالذات مسألة التطهر من الجنابة والوضوء حتى لا تزداد تباعدًا عن الدين، ويشرح المشكلة التي تواجهها المرأة العاملة وغير العاملة بصفة عامة، وفي البيئة وفي الظروف التي نحن فيها، فيرى أنه كلما استطعنا أن نُيسر في مسائل الغُسل والوضوء، فلن تُصرف النساء عن الدين بدلاً من التشدد عليهم في أداء العبادات وفرائص الدين، فما رأي سيادتكم.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الله تعالى يقول [ ما جعل عليكم في الدين من حرج ]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (لا ضرر ولا ضرار)، وليس هناك من يريد التشدد ولا من يريد التيسير على الناس في غير موضع التشديد أو التيسير، وحين نطلب إلى النساء أن يتطهرن على النحو الذي ورد به الشرع الكريم، لا يُقال إننا نشدد، وحين يريدون منا أن نتساهل، وليس ذلك التساهل ألا نتخطى بعض الأحكام، أو القول بما يرد به الشارع، فلا يكون هذا تسهيلاً على الناس، وإنما يكون خروجًا على الدين.
الأستاذ أحمد فراج :
فاك رسالة أيضًا بهذا المعنى، وأحيانًا كثيرة يصل البرنامج من بعض الأخوة والأخوات والطالبات والموظفات رسائل في هذا المعنى، منها رسالة مطولة من الأخت س.ت، تُشير إلى نفس المعنى، وتقول ارحمونا من هذا الحكم.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن المشكلة كلها تتلخص في مسألة غسل الرأس ولم يقل أحد من الفقهاء، إن الحالة التي يسير عليها كثير من النساء وخصوصًا العاملات، وتصفيف الشعر في المحلات المختصة بمثل هذا العمل على نحوٍ معين، ومحاولة أن يبقى هذا التصفيف مدة من الزمن، وأن تعفى السيدة من غسل رأسها، هذا أمرٌ لم نجد له مساغًا ولم نجد من يقول به، فإذا كنا نقول بوجوب غسل الرأس أي إيصال الماء إلى فروة الرأس وإلى جلد الرأس، وليس بلازم أن تفك المرأة ضفائر شعرها، هذا قدر فيه من السهولة واليُسر على الناس الكثير، أما أن نفتي بغير ما ورد، فليس هذا من الدين، ولا يمكن لأحد أن يذهب فيه مذهبًا آخر.
الأستاذ أحمد فراج :
مُسنة مريضة بعينها ولا تستطيع السجود، فما حكمها.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إذا كان السجود على الأرض بالمعنى الكامل الذي ورد به الشرع يضرها ضررًا محققًا أو غالبًا، فليس عليها أن تفعل، ويكفيها أن تنحني انحناءة أكثر من انحناءة الركوع ولا تسجد على كفيها، وهذا بالقدر الذي تستطيع.
الأستاذ أحمد فراج :
الأخ عادل الفرارجي من الزقازيق، يريد أن يعرف ما الفرق بين الفجر والصبح.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الفجر فيما يتناوله الناس في التعبير، والصبح يراد به الصلاة الخاصة التي تقع في وقت الفجر، ويعبر الناس بصلاة الفجر، ويعبر البعض بصلاة الصبح، ولكن يبدو أن الناس يقصدون بصلاة الفجر ركعتا الفجر وهي السُنة التي تسبق صلاة الصبح، ويقصدون بالصبح الصلاة المفروضة، والإنسان حينما يُصلي صلاة الصبح المفروضة فيقول ” أصلي صلاة الصبح ” وهي محددة بصلاة الصبح في الوارد وفي التشريع وفي الأحاديث.
الأستاذ حمد فراج :
رسالة الأخ أحمد إبراهيم عبدالفتاح، أنه حدث خلاف بينه وبين صديق له، عن واحد كان في انتظار الصلاة في المسجد ثم غفل، ثم قال له ” قم للوضوء ” فقال له ” لا أنا محافظ على وضوئي “، فما حكمه.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الحكم أن الشخص الجالس والمتمكن من جلسته على الأرض لا ينقض النُعاس وضوءه، ولكن النوم ينقض الوضوء إذا كان الإنسان نائم على ظهره أو على جانبه وغير مُتمكن من الأرض، أما المتمكن من الأرض فلا ينقض وضوئه مجرد النُعاس.
الأستاذ أحمد فراج :
الأخ مصطفى حلبي يسأل ويقول، هل خروج غازات من الفم حكمها حكم خروج الريح، وله سؤال آخر عن صلاة التسابيح يقول أنه في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه العباس عن صلاة تُسمى صلاة التسابيح يذكر فيها ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر “، عدد معين من المرات يبلغ خمسة وسبعين مرة من كل ركعة، فهو يسأل هل هذا العدد بجانب التسابيح أن يقول الإنسان ” سبحان ربي العظيم ” ثلاث مرات، و” سبحان ربي الأعلى ” ثلاثة مرات، ولو تكرمت أن تعطينا سيادتكم فكرة عن صلاة التسابيح.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن صلاة التسابيح كما وردت في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس ابن عبدالمطلب ” يا عباس يا عماه ألا أعطيك .. ألا أمنحك .. ألا أحدوك .. ألا أفعل بك عشرة خصال، إذا أنت فعلت ذلك، غفر الله لك ذنك أوله وأخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال .. أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، خمسة عشرة مرة، ثم تركع، فتقول وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقول عشرًا، ثم تهوى ساجدًا فتقول وأنت ساجدًا عشرًا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، فذلك خمسٌ وخمسون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، وإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطيع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عُمرك مرة “.
هذا الحديث، وتلك هي الصلاة التي اصطلح الناس على تسميتها بصلاة التسبيح، والحديث واضح جدًا، وظاهر في بيانها ولا يحتاج إلى تعليق، والتسبيحات التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأن تُقال بعد القراءة وفي الركوع وفي السجود تقال بعد التسبيحات التي ورد الشارع بها في الركوع وفي السجود، وهي أن يقول المصلي في الركوع ” سبحان ربي العظيم ” مرة أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعة، وأن يقول ” سبحان ربي الأعلى كذلك في السجود.
الأستاذ أحمد فراج :
هناك رسالة من الآنسة نجوى عبدالعظيم، تقول أنها لا تستطيع أن تُصلي إلا الفجر والعشاء، وظروفها كطالبة بتمنعها من أن تُصلي وهي غير راضية عن نفسها، فما حكمها.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
هذه روحٌ طيبة نُحييها عليها، ونرجو أن يكون لها أثرها في المداومة على أداء الصلوات في أوقاتها مستقبلاً إن شاء الله، لم تستعرض السائلة الظروف التي تمنعها من أداء باقي الصلوات في أوقاتها عدا الصبح والعشاء، كما تقول، ومع هذا فإننا نقول لها صلي ما تصلينه من الصبح والعشاء في وقتيهما، وإقضي باقي الصلوات التي تفوت أوقاتها دون أن تؤديها فيها، وإذا حرصت على أن تؤديها في أوقاتها، فهذا أنعم، وكان هذا خيرًا، وهذا الذي ندعوها إلى أن تقوم به.
الأستاذ أحمد فراج :
أظن يتيسر في الكليات هناك حجرة للطالبات، فممكن أن تُصلي فيها.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن من تريد أن تؤدي الواجب الديني كاملاً فتستطيع أن تؤديه ولن تحول ظروفٌ دون أداء ذلك على الوجه المطلوب، وأنا أشرت إلى شيء من هذا في قولي مع أننا لم نستعرض الظروف التي أدت بها إلى تأخير الصلوات، أريد أن أقول ليست كل الظروف التي يعتبر فيها الإنسان معذورًا حين يفوت الصلاة عن وقتها، وإنما عليه بصفة عامة أن يحرص على هذا الواجب الديني الذي كلفه به الشارع، وأن يؤدي الصلوات في وقتها ما أمكن، فإن حالت ظروف قاهرة، وأعذار شديدة لم يستطيع التغلب عليها دون أن يؤديها في أوقاتها، فعليه أن يقضيها في الوقت المناسب، وفور استطاعته ذلك القضاء.
الأستاذ أحمد فراج :
بالمناسبة هناك بعض أسئلة من قضاء الفوائت، أي أناس لم يكونوا يصلون، ثم يبدأوا يصلون في مرحلة متقدمة أو غير متقدمة من السن بيسألوا عن الصلوات التي فاتتهم قبل ذلك، وكيف يقضوها، وهل يقضوها أم لا ؟ منها رسالة من السيد محمد السعيد فتح الله بكفر الشيخ، بيقول أنه واظب على الصلاة من سن 45 سنة، يسأل بالنسبة للصلوات التي لم يصليها، هل يؤدي كل فرض فرض أو أكثر مما عليه، وهل لو ترك السُنة يكون أولى أن يقضي ما عليه أم لا، ورسالة أخرى من الأخت درية بالقاهرة تقول أنها محافظة على الصلاة من وقت طويل، ولكن لم تبتدئ تصلي إلا وسنها ثلاثة عشرة عامًا، وتعتقد أن الصلاة واجبة من سبع سنوات، فهل تقضي أيضًا الصلوات التي كانت واجبة عليها من سن 7 إلى سن 13 سنة.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
أما أن قضاء الصلوات فقد أجمع الفقهاء والأئمة المجتهدون على وجوب قضاء الصلوات التي تفوت الشخص المكلف بها في أوقاتها، وإذا كان هناك من يروي عن بعض الناس بالقول بأنه لا تُقضى هذه الصلوات، فليس معنى ذلك التوسعة على هذا الذي ترك أداء الصلاة في وقتها، ومكافأته على هذا التقصير الشائن في حق الله، وإنما معنى ذلك التشديد على هؤلاء الذين تركوا أداء الصلوات في أوقاتها، لأن الإنسان حينما يقف بين يدي الله يقف موقفًا كريمًا عزيزًا، وحين يفوت على نفسه هذا الموقف الكريم في وقته، وهو وقت أداء الصلوات لا يستحق أن يعود إلى هذا الموقف الكريم مرة أخرى، ومن ثم قالوا لا يقضي غضبًا عليه وتشديدًا عليه، لا توسعة، ولا ترحيبًا بهذا السلوك منه، أما كيف يقضي هذه الصلوات، فنترك له الحرية حسبما يستطيع، حسبما يقضي، ما دامت الصلوات قد كثرت عن الست فوائت، والست صلوات فليس عليه بأس في أن يقضيها كيفما استطاع، أما إذا كانت ستة فأقل فالواجب عليه أن يؤديها بنفس الترتيب الذي كانت عليه لو أداها في وقتها، على معنى إذا مضى منه خمس صلوات ولم يصليها في يوم من الأيام، وأراد أن يقضيها في يوم آخر، فيصلي صلاة الصبح أولاً ثم صلاة الظهر ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وقبل الصلاة المكتوبة الخاصة بهذا اليوم الآخر الذي سيقضي فيه، فعليه أن يصلي الفريضة التي أصبح وقتها ضيق أولاً ثم بعد ذلك يصلي الصلوات الفائتة منه بالترتيب، أما هذه التي تقول أنها كانت تقوم بالصلاة المفروضة وسنها ثلاثة عشرة عامًا وهي تعلم أن الصلاة مأمور بها من سن السبعة، وتحارُ في كيف تقضي الصلوات التي مضت منها في الفترة من سن السابعة إلى سن الثالثة عشرة حين بدأت الصلاة، فإننا نقول إن الذي يجب قضاءه من الصلوات هو ما كان مفروضًا ومكتوبًا على الإنسان من الشارع الكريم ثم لم يؤديه في وقته، ولا تفرض الصلاة ولا تكون مكتوبة، يجب أداءها في وقتها، ويجب قضاءها إن فاتت عن وقتها إلا إذا بلغ الإنسان شرعًا، والبلوغ إما ببلوغ سن خمسة عشرة عامًا إذا لم توجد علامات البلوغ، أو بوجود العلامات مثلاً قبل ذلك، وهي مثل التي تدل على بلوغ الإنسان مبلغ الرجال والاحتلال أو الإنزال، وذلك على حسب الذكورة والأنوثة على حسب كل شخص، فإذا بلغ الإنسان ذكرًا أو أنثى هذا المبلغ، ووصل إلى هذا البلوغ الشرعي في هذه الصورة، فرضت عليه الصلاة، وفرض عليه أداءها في وقتها، وفرض عليه قضاءها إن فاتت عن وقتها، أما بالنسبة لسن السابعة، فالشارع في توجياته وفي تربيته للنشء الإسلامي على الروح الدينية، وعلى التشبع بالمبادئ والاتجاهات الدينية وأمر ولاة الأمور وهم الأولياء أو القوام على الأولاد الصغار أن يأمروهم بالصلاة من سن سبعة وذلك لحسن التوجيه وحسن التربية، وحسن الإعداد، ويضربوهم على الصلاة إذا بلغ الصبي عشر سنوات ولم يؤدي، لكن ليس ذلك فرضًا، هو يكون له ثواب في أداء هذه الصلوات، وليس ذلك مفروضًا عليه بمعنى إذا فاته لا يجب عليه أن تقضيه.
الأستاذ أحمد فراج :
الوالدة السيدة دولت حسنين تسأل هل تصح الصلاة خلف الراديو والتليفزيون.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
لا، لا تجوز الصلاة خلفهما، لأن هناك فاصلاً كبيرًا، بل فواصل ومسافات بعيدة بين الإمام الذي يُصلى، وبين الشخص الذي يسمع صوته، ويعلم حركاته عن طريق المذياع والتليفزيون.
الأستاذ أحمد فراج :
هناك سؤال تشترك مع السيدة دولت فيه عدد كبير من الرسائل في مناسبات مختلفة عن موضوع العتاق، تقول أنها تسمع عن العتاقة التي تدفن مع المتوفى أنهم يحضرون قطعة من القماش أو شريط به مائة ألف عقدة، كل عقدة تقرأ لها آية، مائة ألف مرة، وبعد الانتهاء من القراءة تعقد العقدة حتى تتم مائة ألف عقدة، وتُسمى عتاقة، وبعضهم أيضًا في رسائل أخرى يتكلم عن قراءة سورة الإخلاص [ قل هو الله أحد ] مائة ألف مرة، وأن الذي يقرأ السورة بهذا العدد تكتب له عتاقة من النار، فما رأي فضيلتكم.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن هذه العادة والعقيدة شائعة، ومتمكنة من نفوس الكثيرين، وفيها خطأ في بعض نواحيها، فقراءة سورة الإخلاص، وقراءة القرآن الكريم أمر مشروع ومطلوب، ويدعو إليه الشارع، ويحث عليه ] فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [ وللقارئ فيه ثواب كبير لأنه يعبد الله سبحانه وتعالى، وقراءة القرآن الكريم نوع من العبادة، بل هي عبادة كبيرة، إذا قرأ سورة الإخلاص مئات المرات أو مئات آلاف المرات أو أكثر أو أقل فلا شك أنه له في ذلك ثواب، أما أنها تكون عتقًا من النار على صورة أنه يقرأها لنفسه أو لميت من الأموات، أو أنه يعقد العقدة عدد من المرات ثم يقرأ عليها آيات من القرآن ويدفنها مع الميت، فهذا كلام لا أصل له ولا أساس له، نعم أن الشخص إذا كان سلوكه العام طيب، وكانت علاقته بالله علاقة طيبة، يؤدي ما أمر الله بها، ويقف عندما نهى الله عنه، ثم يضيف إلى ذلك قراءة القرآن بقصد التقرب إلى الله، وعبادة الله، وطمعًا في ثوابه وفي دخول الجنة، هذا قدر مشروع ولا بأس به، وفضل الله واسع وقد يكرمه ويدخله الجنة حسبما وعد، أما أن يفعل ما يفعل ويرتكب ما يرتكب، ويتهاون ما شاءت له الظروف أن يتهاون في الصلاة وفي غير الصلاة، وتكون علاقته بالله علاقة غير طيبة، ثم يأتي ويقول أنا أقرأ سورة الإخلاص مائة ألف مرة، وبهذا يعتقني الله من النار، ويدخلني الجنة، هذا شيء لا يقره الشارع، وذات الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي حثت الناس على القيام بالعبادات والتي أخافتهم من العبادة لا تدل على هذه النتيجة، ولا يمكن أبدًا أن نأخذ منها ما يطمع فيه هؤلاء البسطاء، فليس هناك عتق من النار بمثل هذا الأسلوب السهل، ولكن يُعتق الإنسان من النار عندما يكون منفذ لما شرع الله فيما أمر به ونهى عنه.
الأستاذ أحمد فراج :
هناك رسالة من السيدة أنيسة بدوي التي تبلغ من العمر ثلاثة وخمسين عامًا، تقول إنها كانت تصلي، ثم مرضت بروماتزم ويتعذر عليها الوضوء بالماء البارد، كما يتعذر عليها أن تدفئ الماء، ولظروفها فلا تستطيع حتى أن تنحني على رجلها لتغسلها إلا إذا أتى أحد وغسل لها أرجلها، وهذا غير متوفر في كل وقت، فما الحكم بالنسبة لهذه الظروف أما يشابهها.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الحقيقة أنه إذا استطاعت بالقدر الممكن أن تتوضأ ولو بمعاونة الغير، وكان ذلك من اليسر بحيث لا يؤلم ولا يكلفها من أمرها عسرًا فعليها أن تتوضأ، أما إذا كان في ذلك إرهاق أو هناك عسرٌ عليها، فلها أن تتيمم، والدين يُسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، ] وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [.
الأستاذ أحمد فراج :
هناك رسالة من الحاج محمد سليمان بأسوان يسأل فيها عن الصلاة على الميت هل تكون داخل المسجد أو خارج المسجد.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
الأولى أن تكون خارج المسجد حرصًا على نظافة المسجد وطهارته، وبُعدًا به عن أن ينزل هناك شيئًا، فإذا لم تكن هناك أماكن للصلاة على الميت في غير المسجد، فلا مانع أبدأ من الصلاة عليه في المسجد.
الأستاذ أحمد فراج :
رسالة من السيدة ع. متزوجة من شخص متزوج، وبعد فترة أصبح لا يعدل معها في البيت وفي الإنفاق، ولا يرى أي حق من حقوقها، فهي تقول ماذا يكون موقفها من هذا الزوج الذي يدعي أنه رجل طيب وملتزم بالدين، علمًا بأنه غير قائم بحقوقي.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
هو من جانبه آثمٌ في ذلك، وخارج على حدود الشرع السليم، وسواء وعد الشرع هؤلاء الناس الذين لا يعدلون بين نسائهم بالعذاب الشديد، وجاء يوم القيامة وشقه مائل والله يقول
] فإعدلوا [ وقال في آية أخرى ] وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ [ هذا فيما لا يقدر عليه الإنسان وهي المحبة القلبية، أما في المعاملة، فالله تعالى يقول ] وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [ فاشترط في تعدد النساء أن يستطيع الإنسان العدل بينهن في المعاملة، وفي القسم والمبيت معهن، لا يميز إحداهن على الأخريات بشيء أصلاً، نعم في المحبة القلبية والميل القلبي لا يستطيع أن يسوي، لأن هذا أمر خارج عن إرادة الإنسان، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في هذا الصدد (اللهم هذا قسمي فيما أملك، ولا تلمني فيما لا أملك) وهي مسألة الميل القلبي إذ كان يميل إلى السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، فهذا الزوج آثم، لأنها تقول إنه لا يعدل معها في القسم وفي المبيت ولا في الإنفاق ولا في المعاملة، وعليها إما أن تصبر أو أن ترفع أمرها للقضاء إذا كان ذلك يعتبر مضارة لها أو كانت هي لا تستطيع الصبر، والمعنى مفهوم مما أُشير إليه، والقضاء ينظر في الأمر إذا كان ذلك يبرر الطلاق، وسيحكم لها بالطلاق وإلا سيرفض الدعوة.
الأستاذ أحمد فراج :
الأخ ش. من نبروة قال ” عليّ الطلاق ما أنا داخل بيت فلان “، ذلك لكي يحسم مشكلة حدثت بينه وبين زوجته، ثم يقول أنه مضت مدة، وقد تحدث ظروف يضطر فيها أن يجامل ويزور أو يعزي، وهو خائف من يمين الطلاق الذي حلفه، فما حكمه.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن الحلف بالطلاق كقوله ” عليّ الطلاق أو عليّ الحرام ” أو مثل هذه العبارات، لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا ” ثم يفعل أو لا يفعل، أي يحنث في يمينه وهذا لا يترتب عليه تطليق الزوجة سواء حنث أو لم يحنث.
الأستاذ أحمد فراج :
المواطن م. علي م. من طنطا يقول أنه حدث خلاف بينه وبين زوجته واستفزته، وتشاجرت معه، وقالت له ” لو كنت راجل احلف علي بالطلاق ” فقال لها ” أنت طالق .. طالق .. طالق بالثلاثة “، وكان غضبان، ثم حاول أن يرد زوجته في الأيام الأخيرة للوضع،و المأذون رفض رد اليمن، فما حكمه.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
إن التشريع المعمول به، والذي يجرى عليه القضاء في مسائل الطلاق، والذي يجرى عليه الإفتاء أيضًا من الوجهة الرسمية هو أن الطلاق بكلمة واحدة، وبأن متعددًا ولفظًا أو إشارة بتقع واحدة، فإذا قال لها ” أنت طالق .. ثلاثًا ” فتقع هذه الطلقة واحدة، لكن إذا قال لها ” أنت طالق .. طالق .. طالق في مجلس واحد هذا لم يرد فيها نص صريح في القانون، ولكن يؤخذ من روح القانون واتجاه التشريع في هذا الصدد أنه يعتبر مثل هذا طلاقًا واحدًا، وتقع به طلقة واحدة، والأكثرون على الإفتاء بذلك، وأنا أرى هذا الرأي، وأنها تقع طلقة واحدة.
الأستاذ أحمد فراج :
المهندس عطية محمد من إسكندرية يحكي مشكلة أناسٌ يعرفهم، أن واحدًا حلف على زوجته بالطلاق [ إذا فلانة اشتغلت تكوني طالق ]، ثم اشتغلت، ويقول أنه سمع في ” نور على نور ” أن اليمين يعتبر غير ساري ما دام في وقت الحلفان كنت لا تنوي الطلاق بل كنت تنوي تهديدها، فهو مقاطع العائلة ومنتظر الحكم.
فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي :
هذه الحادثة في الواقع فيها نوع إشكال، لأن الإنسان حينما يعلق طلاق زوجته على فعل شيء أو تركه من ناحيتها أو من ناحيته هو، فيتأتى فيه الكلام في أنه يقصد حملها على فعل المحلوف عليه أو على تركه، وكان الأمر المرفوض تركه أو يقوي عزمه هو على الفعل أو الترك، فالقول يجب أن يكون مفهوم منه أنه ينوي تهديدها، وحملها على كذا، ومنها من كذا، فكان يجب أن يقول هذا، أما قوله أنه إذا اشتغلت فلانة هذه تكوني طالق، هل لها سيطرة على فلانة، هذه بحيث تستطيع أن تمنعها، ويريد بذلك أن يحملها على أن تمنعها، يُقال حينئذ إذا كان يقصد التهديد وأن يحملها على أن تمنع الإنسانة التي يريد أنها لا تعمل من العمل، يُقال ماذا عسى أن يريد بهذا ؟ إن كان يريد مجرد التهديد وحمل زوجته على التدخل لمنعها من العمل فلا يقع طلاق في المستقبل، وإن كان يريد الطلاق ولو مع التهديد فتطلق إن هي اشتغلت، أما إذا كانت زوجته لا دخل لها بهذه المرأة بتاتًا ولا علاقة لها بها، ولا تستطيع أن تمنعها ولو بذلت أقصى الجهد، وحلف عليها بالطلاق فلا يقع طلاق، [ وأنا دائمًا أقول ] أنه من الواجب تحديد الألفاظ التي صدرت من الشخص الذي حدث منه الطلاق، لأن الألفاظ يختلف ألفاظها بالنسبة لوقوع الطلاق، وعدم وقوعه بعضها عن بعض، وهناك صيغ يقع بها الطلاق مثل كلمة ” عليّ الطلاق ” ” أنت طالق إن اشتغلت أختك ” فهنا يكون فيه تعليق للطلاق على شغل أختها، وما دام هنا فيه صلة أخوة أيضًا، فيجب عليه هنا أن يقول إذا كان قصده التهديد أو الطلاق، أما إذا لم يكن لها بها أي صلة، فأنا لا أفهم أنه يقول أنه قصد بها التهديد، ولكن المبدأ العام إذا كان قصده عمل تأثير أو ضغط ولم يقصد الطلاق، فلا يقع الطلاق.
الأستاذ أحمد فراج :
نحن قد تجاوزنا الوقت، ونحن على وعد في الحلقة القادمة أن نخصصها كلها لأسئلة الحاضرين إن شاء الله، ويبقى في النهاية أن نتوجه بالشكر لفضيلة فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد هريدي، كما نرجو كما وعدنا أن نخصص حلقات متتالية بعد حلقات الحج لرسائل حضراتكم، ومرة أخرى نستلفت عنايتكم إلى الحلقة القادمة من البرنامج، وهي مع الفيلسوف الإسلامي الكبير السيد ” مالك بن نبي ” وهي الحلقة الأخيرة التي سجلها البرنامج من المؤتمر الأول للدعوة الإسلامية الذي عقد في طرابلس في ديسمبر الماضي.
شكرًا سيداتي وسادتي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.