حلقة
نور على نور
المذاعة في الساعة 2 ظهرًا من مساء يوم الجمعة الموافق 8 فبراير 1974
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر
فتاوى
الأستاذ أحمد فراج:
سيداتي وسادتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع حلقة جديدة من حلقات البرنامج، التي نخصصها للأسئلة والاستفسارات والرسائل التي تصل من حضراتكم، ويسعدنا أن ندعو لهذه الحلقة فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر مفتي جمهورية مصر العربية، في بداية الحلقة البرنامج يحي رسالة الأخت الطالبة بالجامعة الأمريكية، وهي رسالة مطولة في الحقيقة، يمكن تكون فيها لون قاتم بعض الشيء من بعض مظاهر عدم الاستقرار أو القلق عند الشباب وعدم التمسك بالدين، والحقيقة مع موافقتنا إن الأخت بتصف واقع موجود ويمكن تريد أن تتكلم عن مكان دراستها بالذات، لكن نحب أنها ترى أيضًا الجوانب الأخرى المشرقة للصورة، فالحكم التعميمي المطلق أنه لما الواحد بيرى قطاع من قطاعات الشباب فمثلا فيه شيء من الانحراف، لا نقول إن شبابنا منحرف، وكذلك أيضًا لما بنرى جوانب إيجابية سلبية ومشرقة ومضيئة في حياة الشباب أو في بعض قطاعات الشباب، ولا نريد أن تصرفنا هذه الصورة عن السلبيات الموجودة حتى تكون نظرتنا متكاملة، وحتى نستطيع أن نرى الخير فندفعه ونذكي حركته، ونرى السلبيات فنحاول أن نعالجها ونرشد شبابنا في اتجاههم السليم، ونحن بنحي تمسكها بالدين وغيرتها عليه، وفي نفس الوقت دعوتها أنه الشباب بتبذل له مزيد من الرعاية والاهتمام، لأنه مهدد بإفساد العقول، ولعلها تقصد إلى الغزو الفكري الذي يمكن أن يميع شخصية الشباب في أي أمة، ولاشك أن استمساك الشباب، وخاصة الشباب المثقف بالشخصية المتميزة وبالثقافة وبالأصالة مع التفتح بطبيعة الحال، يمكن أن يدفع الشباب إلى كثير من الإيجابيات التي تثري حركة الأمة و تجعل مستقبلها مستقبل زاهر إن شاء الله، رسالة من الأخ أكثم من كلية الطب جامعة الأزهر، والحقيقة الأخ أكثم أرسل لنا مجموعة من الأسئلة يحتاج كل سؤال منها إلى عشر دقائق على الأقل حتى نجيب عليه، وفي الآخر بيطلب أن تكون الإجابة مكتوبة لأنه مشغول ويمكن لا يستطيع أنه يتابع البرنامج وأخشى أنه أيضًا بعض الأساتذة الذي طلبنا منهم كانوا مشغولين يمكن أكثر من الأخ أكثم، فنعتذر عن عدم الإجابة على الأسئلة السيد أحمد عبد المحسن حسن، عنده اقتراح فيما يتعلق بنشر الثقافة الإسلامية، والحقيقة بيثني على المجهودات التي تبذل من كثير من أجهزة الدولة في عملية النشر، لكن بيلاحظ إنه أحيانًا بتتكرر بعض الموضوعات أو بعض الشخصيات التي تكون موضوع لعملية النشر من المصادر المتعددة التي تقوم منها، وهذا طبعًا شيئ سليم لأن كل واحد بيكتب من زاوية أو بيعرض من وجهة نظر، لكن الذي لاشك فيه من وجهة نظر صاحب الاقتراح أنه بنقلل الفائد، وبنقترح أنه يكون في نوع من التنسيق بين الجهات المعنية والقائمة بالنشر، مثل مجمع البحوث، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وسائر الجهات المعنية بالنشر الإسلامي، وأيضًا بيقترح أنه حلقات الشيخ الشعراوي كانت تنشر، وأظن الفكرة استجيب لها، في النهاية الاقتراح المحدد أن تكون هناك هيئة إسلامية عليا تشرف على كل ما يطبع من المطبوعات الإسلامية على أن تختص كل جهة بالقيام بنشر موضوع معين لا يتكرر نشره، الاقتراح طيب ووجيه، وأرجو أن يكون بين يدي المسئولين عن جهات النشر وفي المقدمة مجمع البحوث الإسلامية. الأخت مرفت بتشتكي من موضوع يمكن متصل بعض الشيء من حيث اتصال الدين بالحياة، بعض الجيران اعتدوا على أسرتهم بالسباب، وهي تقول إننا قد بلغنا الشرطة، واتخذنا الإجراءات لكن ليس لدينا وقت أن نذهب باستمرار للشرطة، أو نرفع قضية، ونحن ناس في حالنا ومقتصرين، لكن الجيران كأنما ساءهم أن يكون هؤلاء منطوين على أنفسهم أو غير مختلطين بغيرهم، فيبتعدوا عليهم بالسب، ويخيل إلي انه الموضوع يمكن أن نبدأ فيه بكلمة عن حق الجار، وتكون هذه هي النقطة الأولى التي يتفضل بالحديث عنها فضيلة الأستاذ الشيخ خاطر.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن للجار من الحقوق الشيء الكثير، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ” مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ” … ومعنى ذلك أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه يبين أن للجار حقوق كثيرة التي زاد جبريل وكرر عليه، ودائمًا يقول له الجار الجار، وهو يريد بذلك التأكيد أن للجار من كثرة الحقوق ما كان كالقريب الذي يرث الإنسان، وكأنه من عصبته، فإذا كان للجار هذه الحقوق، وأنه سيكون من عصبة الإنسان أنه كعصبته التي ترثه، ولا يرثه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين من شدة حرصه على حق الجار، فضرب له هذا المعنى من المثل، وأنه كالقريب الذي يرث الإنسان، إذا كان الأمر كذلك، فلا يليق بشخص أن يؤذي جاره، ولا أن يتعرض له، بل إن الجار هو أقرب شخص إلى الإنسان، يأتيه عند الشدة ويسعفه عند طلب النجدة، فلماذا يسيء إليه، ولماذا يقدم إليه الإساءة بدلاً من الإحسان عليه أن يقدم له كل إحسان لأن الجار له الحقوق الكثيرة على جاره، وقد وصى به الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
الأستاذ أحمد فراج:
رسالة المعهد العالي والتجارة الخارجية، اتحاد الطلاب واللجنة الثقافية والجماعة الدينية بدعوة البرنامج لتسجيل بعض الحلقات في المعهد، الحقيقة رغبة بيتلقاها البرنامج من كثير جدًا من الجهات، ولا أقول أنه يستحيل التسجيل، لكن نتمنى إن شاء الله أنه يتاح لنا فرصة التسجيل في مثل هذه الأماكن، لأن هذا بنعتبره مكسب لنا، وأكثر ما هم بيعتزوا به، نحن بنتعتز به إذا تحقق إن شاء الله، السيد عبد الواحد إسماعيل القاضي بنرحب باتصاله بالبرنامج عن طريق الإذاعة أو التليفزيون، الأخ السيد رفعت رضوان محمد من إسكندرية، عنوان الشيخ محمد متولي الشعراوي، كلية الشريعة مكة، جامعة الملك عبد العزيز، وإن كان الحقيقة حدثني عن آلاف الرسائل التي وصلته وأنه متعذر عليه أنه يجيب على هذه الرسائل والبرقيات، على كل حال هذا عنوانه وتتصل به إن شئت، الأخ فؤاد محمد عبد الرازق أرجو أن رغبة الأخ والإخوان الذين معه في إسكندرية تكون إستجيبت بالنسبة لحلقات الشيخ الشعراوي، أيضًا ما زالت الرغبات، محمد عبد الهادي هلالي في فارسكور، يريدون إعادة الحلقات وطبع الحلقات يطلبها السيد عباس صالح الرئيس المالي والإداري بمركز الفرز والتحكيم بأسيوط، أيضًا السيد رفعت موسى ومصطفى عبد الله بهيئة قناة السويس، ورفعت المحامي، والسيدة فهيمة والسيدة أسماء طبع الحلقات، من أسوان ومن كل أنحاء الجمهورية الحقيقة طلبات كريمة ومشكورة، وأرجو أن تكون قد استجيب لها، في لقاء سابق مع فضيلة المفتي كنا اتكلمنا عن ملاحظة أرسل بها بعض الشباب على الطريقة التي يتبادلون بها التحية الذين يزاولون رياضة الجودو في مقدمة المباريات، وهي أشبة ما تكون بالركوع أو السجود، والحقيقة فضيلة المفتي كان تحفظ على هذا، وقد جاء لنا خطاب من إسكندرية من بعض الرياضيين في الموضوع، الأخ هشام محمود السواح يقول إن المدرب استجاب، إنهم يحبون حاجة مكتوبة حتى يستطيعون أن يكتبوا للإتحاد الدولي يعدل في التحية المتبعة، وأظن فضيلتك لا تمانع في ذلك إذا كان فيها خير.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
نحن قد قلنا لهم الإجابة التي تنطبق على أحكام الشريعة في المرة الماضية، ونكررها لهم، ونقول لهم أنه يمكن اتخاذ أي تحية أخرى ليست فيها أي شبهة ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ولا داعي للتشبه بالغير في أشياء لا داعي لها وليست من حجم العمل.
الأستاذ أحمد فراج:
المواطن أحمد ميهوب بالقاهرة بيسأل عن الحكم الشرعي في اقتداء مفترض بمفترض فرضًا آخر، إذا كان واحد مثلاً يريد أن يصلي الظهر، وشخص آخر يريد أن يصلي جماعة وراء هذا الشخص الأول، وهو لا يعرف إذا كان بيصلي الظهر أم العصر، فهل يستطيع أن يصلي الظهر وراءه جامعة أو لا يستطيع، فهو بيصلي فرض وبيأتم وراء واحد بيصلي فرض آخر، وإذا سمحت لي أضيف بيصلي ولا يعرف ماذا يصلي هذا الإمام لأنه يريد أن يصلي جماعة فقط، هل يجوز ذلك أم لا؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
في الواقع الأصل في الجماعة أن يكون هناك اتفاق بين الإمام والمأمومين في الصلاة والأفعال والحركات حتى لا يحصل خلاف بين الإمام والمأمومين، لأنها القيادة، فهو الإمام وراءه القوم، فلابد من أن يتبعوه، هذا هو الأصل، فلابد أن تكون الصلاة متحدة والحركات متحدة، لكن أجاز بعض الفقهاء لمثل هذا الشخص الذي دخل المسجد ووجد إنسان يصلي، فصلى وراءه الفرض الذي يزيد صلاته جماعة ثم تبين أنه كان يتنفل أو تبين أنه كان يصلي فرضًا آخرًا، فأجاز بعض الفقهاء صحة صلاة هذا الرجل.
الأستاذ أحمد فراج:
يعني ممكن إن شخص يريد أن يصلي الظهر، ووجد شخص بيصلي ولا يعرف ماذا يصلي، فقد يكون بيصلي سنة أو فرض آخر، فله أن يصلي على رأي من أجاز ذلك، فيصلي وراءه ويأتم به.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
على الرأي الذي رآه بعض الفقهاء أنه تصح صلاته وإن كنت أنا أرى أن الإنسان الإمام والمأموم يجب أن يكونوا متحدين في المعنى وفي الصلاة، لكن في مذهب الشافعية يصح إقتداء مفترض بمتنفل، وأجازوا ذلك، وأجازوا الإقتداء بالصبي كذلك، وفي مذهب المالكية أجازوا للمأمومين أن يتقدموا على الإمام، وأجازوا لعذر، وأجازوا أن يكونوا مرتفعين عن الإمام، فهذا السائل الذي دخل ولا يعرف، ووجد إنسان يصلي في المسجد، فصلى وراءه، فصلاته صحيحة على هذا الرأي.
الأستاذ أحمد فراج:
في هذه الحالة الشخص الذي يصلي لو استشعر أن الشخص الذي وراءه جعله إمامًا، فمثلاً أنا نويت أن أصلي بمفردي، ثم شعرت إن فيه أحد أتى ليصلي ورائه يصلي وأنا في الركعة الثانية أو الثالثة، هل أكمل على أساس إني إمام، فأرفع صوتي في التكبير..
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
يصح أن يرفع صوته على صحة من يرى صحة إقتداء مفترض بمتنفل أو العكس، وإن كنت قد قلت ما أفتي به.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه بعض الناس أرسلوا يستفسروا عن موضوع الأرواح والجن، الطالب مدحت بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، يقول يحب يعرف الناس الذين يتكلمون عن الجن، وأن هذه الأشياء غير داخلة في مخه، كما إن الأخت هدى تتكلم وتقول إن هناك أناس يتكلمون عن السحر والعمل، وهل ممكن يكون له تأثير، وكيف يمكن أن نتوقى من السحر ومن العمل، وإذا كان العمل قد شربه الإنسان، ما الرأي. رسالة أخرى من واحدة تقول إنها شخصيًا عملت عمل لشخص كي تتزوجه، ثم تزوج واحدة أخرى، وهذا معناه أن العمل لم ينفع، ثم سمعت إن فيه واحدة بتعمل لها عمل، وإن عملها لا يخيب، فلجأت إلى بعض المشايخ على حد تعبيرها، وكلمة مشايخ هنا فيها تجاوز كبير، فكتب لها حجاب، فعرفت إن هذا الحجاب لا يعدو أن يكون بعض آيات قرآنية، فهي تسأل هل حلال أن يلبس الإنسان هذا الحجاب أم لا، وتقول لا تسخروا من هذا الكلام.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخت م . م من مصر الجديدة تسأل عن موضوع الاستخارة، وأحيانًا تأتي رسائل في هذا الموضوع، وبعض الأخوة يسألون هل لما الشخص يعمل الاستخارة، هل بيرى رؤية مثلاً توضح له إنه هذا العمل أفضل أو ذلك أفضل، أولاً كيف تكون الاستخارة، ثم هل يرى الإنسان رؤية توضح له الشيء الصحيح من الخطأ؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
في الواقع موجود في الشريعة الإسلامية صلاة تسمى صلاة الاستخارة، أن يصلي ركعتين حتى ينتهي من يومه ومن أداء فرائضه، ويريد أن ينام، ويصلي ركعتين ويدعو، وورد دعاء مأثور يدعو به في هذه الصلاة خلاصته : ” اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، اللهم إن كنت تعلم إن هذا الأمر خير لي في دنياي وآخرتي، فأقدره لي ويسره لي، ووجهني إليه، ووفقني إليه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرُ ُلي فاصرفه عني واصرفني عنه ” .. ثم بعد ذلك يطلب أن يرى في منامه ما يدل على ذلك، ووارد في نفس هذا الدعاء، إن كان خيرًا لي، فأرني في منامي خضرة أو وجهًا حسنًا أو زرعًت، وإن كان فيه شرًا لي، فأرني نارًا أو أرني شيئًا مخيفًا، فهو يطلب أن يرى في منامه الأشياء التي ترشده عن أن هذا العمل مطلوب له أو غير مطلوب له، وفي الواقع صلاة الاستخارة وردت عنها في الشريعة النصوص، وردت الأدعية بصيغ مختلفة، وهذه بترجع إلى نفس الإنسان الصافية الطيبة إذا كان هو بصلاته ودعائه كان صافي النفس، فمؤكد سيرى في منامه رؤيا توجهه ولا مانع من صلاة الاستخارة والدعاء بها، وقد يرى الشخص رؤية أو ينشرح صدره لشيء معين، فنجده يصبح في الصباح متجه لهذا العمل.
الأستاذ أحمد فراج:
هذه الرسالة من الأخت كريمة وعمرها خمسين عامًا، وكانت تريد الرد عليها قبل الحج، رغم إنها وصلتنا بعد الحج إلا أنها لا تزال تتصل بالحياة اليومية في الموضوعات التي تسأل فيها، مشكلة السيدة الفاضلة، إن عندها حالة وسواس غير طبيعية، فعندما تأتي لقضاء حاجتها، فيخيل إليها إن ملابسها قد نجست، وإنها لابد أن تتوضأ مرة ثانية، ولو وقعت قطرة من الماء على ملابسها، فتغسل هذه الملابس، فهذه عملية، إنني أشفقت لما قرأت خطاب الأخت على التفصيل الشديد الذي به، دائمًا تشك، ثم تضطر إلى استعمال الماء بدرجة جنونية، هذا هو كلامها، لدرجة أنها تغسل ملابسها، ثم بعد العملية الشاقة تخلع ملابسها من الشك، وتعيش في أوهام وهواجس إلى آخره، والملفت إنها تقول: ” أنا في حيرة من أمر هذا الدين العظيم، فهو سهل في كل شيء إلا في هذه العملية، لذلك تجدني في أشد الضيق ” هي كانت قلقة بسبب السفر للحج، وبيهيء لها أنه دورة المياه على النظام الأفرنجي، هذه غير طاهرة، فهي تقول إنني سأقابل في المطار مثل هذه الأشياء، فأريد أن أعرف مسبقًا الحكم، لأن لو شيء جاء على ملابسي، سأكون قد تنجست إلى آخر الكلام وإن كان الحديث المؤمن لا ينجس، فبتعيد الوضوء إلى آخره، وأيضًا ليست هناك فائدة من الوسوسة، حتى زادت حالتها، فما رأي فضيلتك في ذلك.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
الحقيقة هذا نوع من المرض، فهي مريضة بمرض الوسواس، أما الشريعة الإسلامية، فهي نفسها تعترف أنها في غاية العظم، فلا أدري ما هو الشيء الذي ضايقها، حتى في الطهارة، الشريعة سهلة جدًا، في الحلال والحرام بتبين الأشياء، والقاعدة العامة، الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يثبت بيقين حرمتها، الأشياء طاهرة إلا إذا ثبت أمام الإنسان بيقين إن هذا الشيء نجس، فكيف بعد أن تغسل و تتوضأ نجدها تعيد الغسل والوضوء، وتشكك في كل شيء، هذا نوع من أنواع المرض نسأل الله لها الشفاء، لكن الشريعة الإسلامية ليس فيها هذا التشدد أبدًا بهذا المعنى حتى إن الشك في الصلاة، لما بيشك في الصلاة نقول له ابني على الأقل أو ابني على اليقين، حتى يبطل الشك، فنقول له صلي، فهذه السيدة، ندعو الله لها أن يزيل عنها الشك.
الأستاذ أحمد فراج:
طيب وحينما تشك ماذا تفعل؟ بأن جاءت قطرة ماء على ملابسها؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إذا كانت غير متأكدة من قطرة هذه الماء، فالأصل أنها طاهرة ..
الأستاذ أحمد فراج:
يعني لو حصلت طرطشة ماء تفترض أنها طاهرة.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
لا ، لو طرطشة ماء وعارفة أنها من مكان طاهر تكون طاهرة، لكن لو كانت صادرة من مكان نجس، تكون نجسة، وإن كانت لا تعرف إذا كان طاهرًا أو نجسًا، فالأصل في الأشياء الإباحة، وعليها أن تتحرى ما مصدرها، فإن لم تعرف المصدر، فالأصل في الأشياء الطهارة ما لم يثبت بيقين أنها نجسة، فالشريعة الإسلامية طلبت منه أن يتحرى ويتجه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فهي بتكلف نفسها فوق طاقتها، كونها تغسل الشيء خمس مرات أو ست مرات، وتقول أنها تستعمل الماء بجنون، لدرجة أنها أصبحت تشك في كل شيء، فهذا مرض، نسأل الله لها الشفاء منه، وندعو لها بأن تكون أعمالها مرتبة وغير شاكة وغير مسوسة، فعليها أن تطرح هذا الشك وتسير على أن الدين يسر وسهل ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
الأستاذ أحمد فراج:
لا أعرف أنا كأني تذكرت الآن من خلال كلام فضيلتك قصة لا أعرف إن كانت صحيحة أم لا، سيدنا عمر كان يسير مع أحد في الطريق، ثم ألقي بعض الناس ماء من دور علوي، فالشخص الذي معه سأل وقال له يا صاحب الميذاب هل ماءك طاهر أم لا، فسيدنا عمر فورًا قال له: يا صاحب الميذاب لا تخبرنا..
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
فهذا معناه أننا نسأل فقط، فإذا لم نتأكد فالأصل في الأشياء الإباحة.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه سؤال عن النذر، وهو من الأخت عفاف عبد الفتاح، موضوع النذر كثيرًا ما يتكرر، إنه واحد أو واحدة بينذر نذر معين إذا حصل شيء معين، فلو حدث هذا الشيء بيوفي بالنذر، في بعض الأحيان لا يتيسر للإنسان أنه يوفي النذر بالصورة التي قالها، إنما ممكن يوفيه بصورة أخرى في بعض الأحيان لا يستطيع أن يوفي النذر حتى بالصورة التي قالها لتغير الظروف مثلاً واحد نذر أن يتصدق بمبلغ من المال، ثم بدأت الظروف المالية لا تسمح له أن يتبرع أو يوفى بالنذر في الحدود التي قالها، واحد نذر إنه يذبح خروف كما تقول الرسالة، ثم أصبح يذبح كل عام، وجاءت الخرفان وارتفعت أثمانها، فهل يخرج المبلغ الذي كان يشتري به كل عام، أم لابد من ذبح خروف، فنتكلم عن موضوع النذر، وماذا يمكن لو أنه أصبح متعذر على الإنسان أو يوفى به، بالصورة التي نذره بها، هل ممكن أن يترخص فيه بعض الشيء وكيف يتصرف فيه، هذا هو الموضوع الذي نفرضه على فضيلة المفتي.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إن النذر هو التزام الشخص بعمل أو بقربة مقصودة من جنسها فرض ومن جنسها واجب، بمعنى أن الإنسان ينذر أن يصلي، لله علي نذر إن شفا الله مريضي أصلي ركعتين أو أصوم يومين، ومن الناس من ينذر أن يعمل حجة أو عمرة، ومن الناس من ينذر أن يتصدق، ومن الناس من ينذر كما في هذه الرسالة أن يذبح عجلاً ويطعم به الفقراء، كل هذا جائز في النذر، لأن كله من جنس واجب، فالذي ينذر أن يصلي أو يصوم فهما من جنس فرد فالصلاة مفروضة والصيام مفروض هو صوم رمضان، والذي ينذر أنه يحج، فمن جنسه فرض وهو حج الفرض وهكذا فقهاء الحنفية اشترطوا أن يكون النذر من جنسه واجب في العبادات، هذا النذر إما أن يكون مطلقًا وإما أن يكون معلقًا، ويكون مسمى أو غير مسمى، فيقول لله علي نذر إن شفى الله مريض أن أفعل كذا، فهذا نذر معلق على شيء، فإذا ما حصل الشيء فعليه أن يفعله، كأن ينذر أن نجح ابنه في الامتحان، فسيتصدق على خمسين فقيرًا أو سأذبح عجل و أفرقه على الفقراء، أو سأصوم خمسة أيام أو سبعة أيام، ونجح ابنه في هذه الحالة، الرجل إما أن يكون قادرًا على أن يوفي النذر أو لا، فإذا فرضنا أنه مرض فلم يتمكن من أداء الصوم ومرضه صعب، نقول له صم ولكن حين قدرتك، كذلك ليس عنده مال الآن لكي يذبح العجل للفقراء، أو يتصدق بثمنه للفقراء والمساكين، يمكن جدًا أن يتصدق بثمن العجل للفقراء والمساكين، فإن كان غير موجود المال فنظرة إلى ميسرة، وفي بعض الأحيان الإنسان ينذر في معصية، لله علي أن أضرب فلان وبأن أصوم ثلاثة أيام إذا ما ضربته، فهذا نذر في معصبة، فعليه أن يحنث في هذا ولا يضرب، ويكفر عن هذا النذر، كاليمين من حلف ليضرب فلان أو ليقتل فلان، واحد حلف ثلاثة بالله العظيم ليقتل فلان، هل نقول له نفذ لأنك حلفت بالله العظيم أن تقتله، لا فمن حلف على معصية ورأي غيرها خيرًا منها، فليحنث في يمينه، وليكفر عن يمينه، فكذلك النذر مثل اليمين في هذا، وفي بعض الأحيان ينذر بشيء ولم يبين السبب، لله علي نذر أن أصوم ثلاثة أيام، لله علي نذر أن أحج، ولم يقل إن شفى الله مريض أو إن نجح ابني سأفعل كذا، ولكن كان نذرا غير معلق، ماذا يفعل في هذا؟ هل ينتظر شيء أم هو كاليمين عليه أن يؤدي، فإذا لم يؤدي عليه أن يكفر، الرأي الذي رآه فقهاء الحنفية في هذا الموضوع أنه نذر غير معلق على شيء، فلا ينتظر التعليق، وعليه أن يفعله، وفي هذه الحالة، إذا لم يفعله يكفر عن يمينه، وكفارة اليمين عي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام، وصيام الثلاثة أيام إنما يأتي بعد العجز عن الإطعام وعن الكسوة إذا لم يتمكن من الإطعام أو الكسوة أو إعتاق الرقبة، وحيث لا يوجد إعتاق الرقبة فيصوم ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الإطعام أو الكسوة، فهو إن لم يستطيع الصوم فنظرة إلى القدرة، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يكلف الإنسان ما لا يطيق .
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ س تريد أن تسأل عن زواج الهبة أو الوهبة على حد تعبيرها تقول هل هو حلال أم حرام؟ فهي مثلا متزوجة وقالت لزوجها وهبت لك نفسي على سنة الله ورسوله وعلى مهر كذا، قال لي وأن قبلت بك زوجة من غير شهود، ثم عرف بعض الناس وهي بتلاحظ أنه كل حاجة بسيطة تحصل فيتخانقا معا، فهي تقول أنا يهيء لي إن ربنا غير معترف بهذا الزواج، طبعًا واضح إن أسلوب السائلة أسلوب ساذج، ويخيل إلي أنها كانت ضحية لتضليل الرجل الذي تتكلم عنه، و الموضوع معروض على فضيلة المفتي.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إن الزواج بهذه الصفة كما تقول السائلة أنه لا يوجد شهود، وتقول إنني قد وهبتك نفسي على مهر كذا، وقال أنا قبلتك، فهذا النكاح غير صحيح، لأن النكاح من شرطه أن يوجد الشاهدين، هو صحيح كلمة هبة، أجاز فقهاء الحنفية أن تكون كلمة هبة إيجاب، مثل زوجتك نفسي، وهو يقول قبلت، لكن يشترط وجود الشهود، إذا لم يوجد الشهود وقالت له وهبت وقال لها قبلت، هذا نكاح غير صحيح، ويكون الشخص الذي تمتع بها أو يعاشرها هو واقع في المحرم الآن معها، وهذا لا يليق، ويجب أن يفترقا، وأن يعقدا عقدًا صحيحًا من الآن، ويتوبا إلى الله، ويستغفران عن الذنب الذي وقعا فيه، لأنهما في معصية بهذا العمل، ومعاشرته لها هي معاشرة محرمة لأن الزواج غير صحيح، لابد فيه من الشهود.
الأستاذ أحمد فراج:
يشبه هذا الزواج العرفي الذي لابد أن يكون فيه الشاهدين.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
الزواج العرفي إن كان إيجاب وقبول واثنين من الشهود، فيكون زواج شرعي، لكن بيقعوا أيضًا في خطر، لأن هذا الزواج مع شرعيته في أنه قال لها زوجيني نفسك، فقالت له قبلت وفيه اثنين من الشهود، شاهدين على ذلك، شاهدين عدلين أو فاسقين، وفي مذهب الإمام أبو حنيفة يصح أن يكون الشاهد غير عدل، لكن المهم أن يكون هناك شاهدين مسلمين، ولكن لا يكون معروف بالفسق ويجاهر به، أي يكون شاهد مستور الحال، أما الإمام الشافعي فيشترط أن يكون الشهود عدول على كل حال الذي نبحثه العلانية في الزواج، فوجود إيجاب وقبول وشاهدين، فإذا وجد أصبح عقد زواج صحيح، لكن أفرض أنهم عقدوا زواجًا عرفيًا، فنجدهم يقعوا في مآسي، لأن المشرع وضع في القانون، أنه لا تسمع دعوى الزوجية إلا بوثيقة زواج رسمية، ولم يقل المشرع إن الزواج باطل، وإنما قال لا تسمع دعوى الزوجية فالذين تزوجوا بدون قسيمة وبدون تدوينها وتوثيقها، لو حصل خلاف فيما بينكم، واحتكمتم إلى المحكمة، فلا تسمع لكم دعوة ولا أحد منكم يأخذ أي حق، فهي لا تستطيع أن تأخذ منه نفقة ولا يستطيع هو أن يطلبها للطاعة، وبهذه الحالة تضيع مصالحهم، فالمشرع حين وضع هذا وأن ألا تسمع دعوى الزوجية، لم يأخذها من عمله هي مأخوذة أيضًا من الفقه الإسلامي، لأن من حق ولي الأمر أن يخصص القضاء بالزمان والمكان والحادثة، فهذا تخصيص قضاته، فلما الذمم خربت، وأصبحت الناس بتكذب وجد التوثيق لأنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن موجود مأذون ولا في عهد الصحابة، فكان الزواج إيجاب وقبول وشهود، لكن كانت الذمم هي الذمم، والأخلاق هي الأخلاق .. الأخلاق الإسلامية، الدين المتأصل والعقيدة في النفوس ثابتة، لا يمكن أبدًا أن يكذب ولا يمكن أبدًا أن يجحد، لكن الآن يمكن يجحد في كل حاجة، فإذا ما جحد ما الذي يثبت، فلابد من ورقة رسمية يحررها الموظف المختص، وهي الموجودة الآن في القانون.. إن دعوى الزوجية لا تسمع إلا بالوثيقة الرسمية.
الأستاذ أحمد فراج:
زوجان حائران س . ع، الرجل على علاقة بسيدة، ثم انتهت هذه العلاقة، وتزوج من ابنتها، وهم عايشين كويسين، لولا أن بدأت تساوره الشكوك، وانتقلت الشكوك إلى الزوجة، بينهم وبين بعض ابتدأوا يصارحون بعضهم حول ما إذا كان الزواج منها أصلاً صحيح أم باطل من أساسه، فهم يسألون ويقولون، نحن لا نعلم وحائران أين الصواب، وما ذنب الثمرة البريئة نتيجة زواجنا إذا كان هذا الزواج باطل، والموضوع معروض على فضيلة المفتي.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
الواقع أن هذا الزواج باطل في مذهب الإمام أبو حنيفة، لأنه من اتصل بامرأة اتصالاً محرمًا حرم عليها أصولها وفروعها، أي بناتها وأنها، والشخص الذي اتصل بهذه المرأة يصح أن يتزوجها، لكن ابنتها وأمها لا يستطيع الزواج منهما، وهذا هو مذهب الإمام أبو حنيفة، لأنه يريد استقرار البيوت، لأنه ليس هناك أحد بيستغني عن إن حماته تذهب إلى بيته، فلابد أن يراها، ولابد أن تكون مثل أمه فكان هذا الشرط حتى يخاف على الصلة البيتية والصلة الزوجية، وهذا هو السبب في المعنى الموجود عند السائلين الذين يقولون إن الشك بدأ يساورهم، ومؤكد أنها بتمنعه من الذهاب إلى بيت أمها، وهو كذلك لكن في مذهب الإمام الشافعي يجوز أن هذه الزوجية تكون صحيحة، لأن عنده ماء الزنا هدر، لا يثبت به حرمة، لكن هؤلاء موقفهم من أنها ماذا تكون… هل يقاطعونها، هو لو ذهب إلي بيت أمها، مؤكد ستكون في شك أبدي دائمًا، وهي لو ذهبت أيضًا وذهب ليحضرها فسوف تكون هناك بلبلة، لكن الآن وقد تزوجا وفيه ثمرة، وهناك مذهب فقهي وهو مذهب الإمام الشافعي بيجيز زواجهم، فماذا نعمل لهم في هذه الحالة، لكن نحن نقول، وهو المفتي به دائمًا .. مذهب الإمام أبو حنيفة في مثل هذا المسألة، أن من اتصل بامرأة اتصالاً محرمًا حرم عليه أصولها وفروعها، والبيوت لا تقام إلى على هذا المعنى حتى ينظر الإنسان إلى أم زوجته أنها أمه الحقيقة لأنها محرمة عليه.
الأستاذ أحمد فراج:
فهو له أن يأخذ بالمذهب، ويكون الزواج صحيحًا..
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
نعم، لكن هذه ليست حالة بإطلاقها، لكن هذا التماس عذر، وربنا يغفر لهذا الزوج.
الأستاذ أحمد فراج:
رسالة من الزوجة المعذبة ع. ك، عندها عدد من الأولاد وزوجها أصيب بمرض، ونتيجة هذا المرض انعكست في الحقيقة على علاقته بزوجته، فبدأ يشك فيها ويتهمها ويسيء إليها، بدرجة احتملته في الأول، لكن غير قادرة على احتمالها الآن، فهمي ممكن أن تطلب الطلاق على اعتبار أنها في حالة ضرر، فتعتبر نفسها مضارة، وتخشى على نفسها الفتنة.. لو رغبت أنها تتقدم للقضاء طالبة الطلاق، لكن تسأل هل لو تقدمت للمحكمة أطلب ضم أولادي كي أعيش من أجلهم حتى يكملون تعليمهم على المحكمة توافق على طلاقي، وهل طلبي هذا ممكن أم لا، فما رأي فضيلتكم في هذا؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إن الفقهاء أباحوا للزوجة أن تطلب التطليق للضرر، وترفع أمرها إلى القضاء، والضرر هي الإساءة بين الزوجين، الإساءة التي لا يستطاع فيها دوام العشرة بينهما، وقد أباح لها الفقهاء أن تطلب التطليق للعيوب في الزوج، إذا كان به عيب يمنعه من القيام بالواجب الزوجي نحو زوجته، والواضح من رسالتها إنها تقول أنه مرض مرضًا أصبحت لا تطيق الحياة معه، أو لا تقوى على أن تقابل الحياة، وهي تخشى على نفسها، وكلمة تخشى على نفسها الفتنة، الظاهر إن المرض به عيب من العيوب التي يصح لها أن تطلب التطليق من أجلها، فكونها أصابها ضرر، فتطلب التطليق للإساءة أو للضرر أو تطلب التطليق للعيب الموجود، هذه كلها مسائل مبنية على الإثبات، فإن تمكنت من الإثبات فيحكم لها بالتطليق، لأنه وأن يتفرقا يغني الله كلا من سعته، وإلا فلا تطلق، أما مسألة ضم الأولاد معها، فالشريعة وضعت حد للأولاد، فإذا كان سن الأولاد في سن حضانة الأولاد، فسيكونون معها، وإذا كانوا قد تجاوزوا سن حضانة النساء، وأصبحوا من حق الرجل، سيأخذهم الرجل.
الأستاذ أحمد فراج:
الرسالة الأخيرة من الأخ م . ع، يقول إن والده توفى من مدة طويلة، وترك معه مبلغ من المال أخفاه عن أخوته مزينًا له الشيطان من حقه في هذا المبلغ، وهو يقول الآن استيقظ ضميري، وأريد أن أرد لكل حقه، وأخشى المشاكل التي يمكن أن تصل إلى حد القطيعة والشجار، السؤال هل يمكنني أن أرد حق كل منهم في مناسبات، زواج، مدارس، علاج، تخرج، هل هذا يجوز، أو بماذا نشير عليه، واستوقفني في آخر رسالة كلمة يقول فيها : أريد أن أنام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
هذا دليل على أن ضميره استيقظ ، فهو يريد أن ينام وهو الآن في يقظة، في الواقع الواجب أن يعطيهم مالهم على أنه حقهم، وليس على أنه منه هدية حتى تكون منه، ومنه تربط أخواته دائمًا بأن له جميل عليهم، ويظلون خاضعين له بهذه المنة وبهذا الجميل، فالواجب أن يعرفهم أن هذا حقهم، لكن هو يقول، إنه لو قال لهم إن هذا حقهم، ستكون بينهم وبين القطيعة إلى الأبد، ولو قلنا له اذهب وأعطي لهم المبلغ على أن هذا حقهم، يمكن يمتنع خوفًا من القطيعة، ففي مثل هذه الحالة ارتكاب اخف الضررين إذا كان هو ناوي أن يعطي لهم حقهم، وينقذ ضميره، يعطيه لهم، لكن بشرط أنه مع توالي الزمن يفهمهم إن هذا حقهم، فلو جاءوا يردوا له في مناسبات هدايا كان قد أعطاها لهم في زواج وخلافه، لأن جرت العادة بأن الناس بترد ما يهدي لها، فيقول لهم: لا هذا كان حقكم، لكن أنا كنت كذا، وكذا، فبتوالي الزمن يفهمهم إن هذا كان حقهم لكن كان فيه خطأ، حتى لا توجد القطيعة حتى يكون أعطى كل ذي حق حقه.
الأستاذ أحمد فراج:
في ختام هذا اللقاء نوجه خالص الشكر لفضيلة الأستاذ محمد خاطر مفتي الديار، ونشكركم، ونرجو أن نلتقي معكم دائمًا على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.