حلقة
نور على نور
المذاعة في الساعة 2.45 من مساء يوم الجمعة الموافق 27 يولية 1973
الشيخ محمد خاطر
الأستاذ أحمد فراج:
سيداتي وسادتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع حلقة جديدة من حلقات البرنامج نخصصها للأسئلة والفتاوى التي تتفضلون بإرسالها إلى البرنامج، ويسعدنا في هذه الحلقة أن نستضيف فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر مفتي جمهورية مصر العربية، وفي بداية الحلقة نطرح موضوع في الحقيقة من الموضوعات المهمة على فضيلة الأستاذ المفتي، وهو يتعلق بعادة بعض الناس فيما يتعلق بالمهور، وهذه العادة التي تأخذ أحيانًا شكل مبالغ فيه، وشكل غير صحي، طبعًا المهر، بعض الناس يعتبرونه رمزًا للتقدير، وكلما كان المهر كبير، كان معنى هذا تقدير أكبر، وإذا قل مهما كانت الظروف، فهو عندهم عدم تقدير بالمخطوبة، طبعًا خلال هذا المعنى بتحدث أشياء، إن الناس تحمل أنفسها ما لا تطيق وإذا كان من وجهة نظر أهل العروسة مثلاً يطلبون مهور معنية مرتفعة، فيحدث إن هذا يؤدي إلى إحجام الشباب عن الزواج، ويرى إن الزواج مسألة تكلف الإنسان ما لا طاقة له به فضلاً عن إنها بتوقعه في سلسلة من الديون، فضلاً عن إنه يبقى فترة من حياته المبكرة الزوجية يسدد أو يحاول أن يتخلص من عبء ألقاه على نفسه قبل أن يقدم على الزواج، فقضية المهور والمغالاة فيها، نحب أن نعرف أمر الإسلام فيها أو هدى الإسلام فيها، وهذه هي النقطة الأولى التي نرجو أن نطرحها على فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر، هل المهر مثلاً شرط لصحة الزواج، وهل هناك حد أدنى لا ينبغي أن يقل المهر عنه، وهل من الضروري أن يكون هنام المؤخر والمقدم، كل ما يتصل بالمهر نرجو أن يحدثنا فيه فضيلة المفتي ببداية حديثنا في هذه الندوة حوله.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا محمد وبعد، المهر وهو الصداق، تكلم الفقهاء في شأنه، فمنهم من قال إن المهر شرط بصحة الدخول ولصحة العقد، ومنهم من قال إن المهر ليس بشرط في عقد الزواج، وهؤلاء هم الحنفية، فقهاء يقولون إن المهر ليس بشرط في صحة العقد، فلو فرض إن امرأة تزوجت دون أن يذكر في العقد صداقه، المهر حصل إيجاب وقبول وشهادة الشهود، ولم يذكر في العقد مقدار المهر، قالوا إن العقد صحيح في هذه الحالة، ولها مهر المثل مهر مثل امرأة من أسرة أبيها، أختها أو عمتها، واحدة من أسرتها، نرى مقدار المهر الخاص بها ويؤخذ به، والحكمة أن يكون المهر مثل مهر امرأة من أسرة أبيها، لأن أسرة الأب هي المختصة بمسائل المهر، وهم الذي يقال لهم: ” ابنتكم تزوجت بمهر قليل أو مهر كثير ” .. ولذلك قالوا إن الآباء هم الذي من حقهم أن يعترضوا على المهور وليس الأمهات، فلو تزوجت بمهر دون مهر المثل، فالأصل هو الذي يعترض ما دام موجود، أما مهر أمها، فإن كانت من أسرة أبيها كأن كانت ابنة عمه فينظر إلى مهر أمها، لكن إن كانت أمها أجنبية، فلا ينظر إلى أمها فمن الجائز أن يكون أبيها قد تزوج من أسرة كبيرة تغالي في المهور، فلا داعي لأن تكون بنتها مثلها، ما دامت الأسرة خلاف أبيها، ولذلك قال فقهاء الحنفية أكثر من هذا، قالوا إذا تزوجت امرأة وقالت في عقد الصداق: ” تزوجتك على ألا مهر لي، فقال لها: قبلت ” أو هو قال لها: ” زوجيني نفسك بدون مهر فقالت له: قبلت ” وشهد الشهداء على العقد، ما حكم هذا العقد؟ العقد صحيح لاشك في ذلك، ولها مهر المثل، وهذه الأمثلة تعطينا صورة بأن المهر ليس بشرط لصحة العقد، وهؤلاء الفقهاء نظروا هذه النظرة الكريمة إلى أن عقد الزواج.. عقد إقامة أسرة، ليس فيه عقد لتقييم المرأة طبعًا، ولا يختار لها غني يدفع لها المهور الكثيرة في سلواه، ولا يقوم على بيته القيام الطيب لماذا؟ لأن المهر قلنا أنه حق لولي الزوجة، ومادام الفقهاء قد قالوا إن مقدار الصداق كثرة وقلة وقد ترك لولي الزوجة إذًا ولي الزوجة لا يليق به أبدًا أن يبالغ في المهور بعد أن يبين الرسول أن أقل النساء صداقًا هن أكثرهن بركة، وهو يريد بذلك أن تكون الحياة الزوجية ميسرة مسهلة لا تكون عبء، والشريعة الإسلامية حين أخذت من أفعال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه هذا الوصف ولم تضع حدًا لكثرة المهر، وإنما وضعت حدًا لأقل الصداق كانت في ذلك منصفة غاية الإنصاف.
الأستاذ أحمد فراج:
إذا كان الزواج المتقدم للزواج قادر، ويستطيع أن يدفع مبلغ كبير هل في هذا بأس؟ هذه نقطة، النقطة الثانية، إذا كان العرف السائد في مجتمع ما، يجعل الناس تنظر إلى أن المهر القليل شيء ماس بكرامة المرأة، وإن الأصل الذي تعارف عليه الناس هو أن يكون المهر كبيرًا وأن يكون معه هدايا، فيقال أن العرف أحد الأشياء التي يعترف بها الإسلام ويحترمها، فما رأي فضيلتك في هذا الموضوع؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إذا كان الرجل قادرًا، وهو من نفسه يريد أن يدفع دون إرهاق، الشريعة الإسلامية لا تمانع في ذلك، والمرأة التي قالت لسيدنا عمر حينما قال: لا تبالغوا في المهور، فقالت إن الله أعطانا، ويحرمنا عمر، فهو قال: ” لقد أخطأ عمر، وأصابت امرأة في مثل هذا ” فهو إذا كان قادر، فلا يأتي الناحية التي ننقدها، وهو أن الزوج بيكون مرهق، وبينظر إلى الزوجة أنها تسببت له في ديون، لكن العرف الآخر الذي يقول إن الزوجة التي تأخذ صداق قليل هي دون مستواها، أو ينظر إليه نظرة دون المستوى، هذا بالمال أو أن المهر ثمن، وإنما ينظر إلى أن المهر رمز للتكريم، وليس هو ثمن، لأن المرأة أغلى وأسمى وأكبر من أن تقوم بمال، لكن جعل المهر من باب الرمز، إذ أن هذه المرأة لا يصح للإنسان أن يتزوجها إلا أن يتكبد شيء في الحصول عليها، من أجل هذا كانت نظرة الفقهاء كذلك إلى مقدار المهر، من الفقهاء من يقول أن المهر يشترط فيه ألا يقل عن عشرة دراهم فضة، وفي هذا الوقت كانت الدراهم العشر الفضة معروف قيمتها، وربما قيمتها في الوقت الحاضر، 50 أو 60 جنيهًا، المهم ألا يقل في مذهب الحنفية عن عشرة دراهم أو ما يماثلها، لكن عند باقي الفقهاء كالشافعية يقولون المهر هو ما يصلح أن يكون ثمن ولو كان بسيط جدًا، فأي شيء تشتري به يصلح أن يكون ثمن أو مبيع يصح أن يكون مهر، ويستندون في ذلك إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاءه الصحابي وكان يشتكي الفاقه والفقر، فقال له رسول الله: تزوج، فكان رد الرجل أنه قال: يا رسول الله إني فقير، فقال له: تزوج، فقال ليس عندي من مهر قال التمس ولو خاتمًا من حديد، معنى ذلك إن أقل الصداق يصلح أن يكون مهرًا للزوجة، لم ؟ لأنه ليس ثمنًا كما قلت، وليس مقابل للمرأة، وإنما هو رمز لأنها لم تؤخذ هكذا بدون شيء ولكن هي أغلى وأكبر من ذلك، والرسول صلوات الله وسلامه عليه بين ذلك في أحاديث عدة، حتى إنه في بعض الأحاديث كما جاءه الصحابي، وقال له: لا أملك شيء، فقال له أتحفظ شيء من القرآن، قال أحفظ سورة كذا، وسورة كذا، قال حفظها إياها وذلك هو الصادق لها، فبين الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن القصد هو مال يعطي بكثرة أو مال كثير أو له حد محدود، وأيضًا جاءه بعض الصحابة وقال له إني تزوجت، قال له قد أصدقت، قال إني أعطيت مائة من دراهم ذهب، قال له: كأنكم تنحتون من الجبال نحتًا أي أنتم تأتون بالفلوس، وكأنكم تنحتونها من الجبل لماذا فأقلهن صداقًا أكثرهن بركة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشير إلى عدم المبالغة في المهور، وفيه ما يشير إلى أن المقصود البركة والتوافق بين الزوجين، وحقيقة المسألة من الناحية الاجتماعية لأن الفقهاء لم يضعوا حد لأكثر الصداق، هم اختلفوا في أقل الصداق فمنهم من قال عشرة دراهم ومنهم من قال يصلح ولو بدرهم ما دام يصلح أن يكون ثمناً أو مبيعًا، لكن أكثر المهر ما مقداره؟ فلم يوضح حد لأكثر المهر، بل كان أكثر المهر متروك للتقدير، وما دام قد ترك للتقدير فينظر فيه إلى الناحية الاجتماعية، إذًا المبالغة فيه مادام الفقهاء، ومادامت الشريعة لم تضع حد للأكثر، فيجب أن ننظر إلى الناحية الاجتماعية في هذا الأمر، وكوني أرهق زوج تقدم للزواج بأن يقدم مهر مثل المهر الذي تزوجت به أخت هذه الزوجة كألف دينار مثلاً أو ألفين دينار، ويضطر إلى أن يستدين، ويضطر إلى أن يجمع هذا المبلغ في سنوات متعددة ثم يتزوج وترتبك حالته المالية، وهو بهذا الشكل، ثم بعد ذلك ينظر إلى الزوجة بأنها كانت هي السبب في الكارثة التي أحاطت به من الديون وغيرها، أعتقد أن هذه الزيجة لا تستقر أبدًا، ولا يصح أن تكون هذه الزيجة وهي سبب في الإيلام، لا يصح أبدا للآباء ولا يليق بهم أن يبالغوا في مهر ابنتهم، بقى أن أقول إن بعض الناس يقولون إن الصداق يجب أن يكون فيه مقدم، والمقدم يكون الثلثين والمؤخر الثلث، فإن كان المقدم 1000 جنيه فيكون المؤخر 50 جنيه، والشريعة الإسلامية لم تضع حد لمثل هذا كذلك، فيصح أن يكون جميع الصداق مقدم أو أن يكون جميعه مؤخر، ويصح كما قلت في بادئ الأمر الا صداق، ثم يتفقا بعد ذلك على مقدار من المهر هو مهر المثل أو ما يرتضيه ولي الزوجة، لأن الأب قد يختار لابنته الرجل الفقير الذي لا يدفع شيئًا لأنه سيقوم بحياتها الحياة الكاملة، وسيقوم ببيته قيامًا العرف أنا لا أعتقد إنه موجود في كل البلاد، والرسول صلوات الله وسلامه عليه، وهو الأسوة الطيبة لنا ما بالغ في مهر بناته ولا في مهر زوجاته، فإذا وجد هذا العرف الآن في بعض البلاد مثلاً، نرجو أن تكون النظرة إليه. النظرة بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نغير من هذا العرف، وألا ينظر إلى المرأة التي تتزوج بمهر قليل أنها امرأة نازلة عن مستواها، بل ينظر إلى أن ثقافتها الآن بعد أن وجدت ينظر إليها هي وزوجها نظرة شركة في الحياة، وليست نظرة تجارة أو نظرة بيع.
الأستاذ أحمد فراج:
سننتقل إلى موضوع آخر يتصل بفسخ الخطبة، ما حكم الهدايا؟ ويتصل به موضوع ثالث، وهو ماذا يترتب على فسخ العقد لو كان تم قبل الدخول بالزوجة؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
الخطبة هي وعد بالزواج وليست عقد، ولهذا يجب على الحر الكريم حين يعد ألا يخلف الوعد، لكن لو فرضنا أن شخص خطب، وقدم لمخطوبته هدايا، وقدم لها نقود وحلي ومصوغ، ثم لأمر ما فسخت الخطبة من جانبه، قلت إن الخطبة وعد بالزواج وليست عقد، وما دامت ليست عقد، سننتظر إلى الآثار المترتبة على الفسخ ليست بنظرة العقد، لأن عقد الزواج إذا ما تم له أحكامه، لكن يجب أن ننظر إلى المسائل التي أعطاها الخاطب للمخطوبة، المسائل التي يعطيها الخاطب للمخطوبة إذا كانت مال بعض الناس وقت الخطبة وقبل العقد، يحاول أن يكون المهر ويدفعه عند العروسة، فلو أنه دفع نقود على إنها مهر، ثم فسخت الخطبة، هل يتمكن من استرداد المال الذي دفعه، لاشك من حقه أن يسترد النقود التي دفعها على أنها مهر لماذا؟ لأن المهر يجب بالعقد، ولم يكن هناك عقد، فالمهر يرد بدون نزاع، وهو رأي جميع الفقهاء ما دفع على أنه مهر يرد، بقيت الهدايا، الهدايا أنواع، إما أن تكون مصوغات، ألماظ أو ذهب أو غير ذلك، أو هدايا عينية أخرى، ملابس وغير ذلك، فإذا كانت أقمشة مخيطة لا يستردها، إذا كانت حلى، هذا الحلي فقهاء الحنفية يقولون إن كانت هذه المصوغات موجودة، يرجع فيها إلى الزوجة لأنها تأخذ حكم الهبة، فالإنسان حين يعطي أي شخص آخر هبة يتمكن من رد الهبة، وإن كان الشخص تراجع في الهبة، شخص غير مكتمل لجميع المسائل الشرعية، ومثل لمن يرجع في الهبة تمثيل سيء جدًا لمن يرجع في قيده، فالرجوع في الهبة صعبة على النفس، لكن الفقهاء قالوا: لو أراد الخطيب أن يرجع في هذه الهدايا التي دفعها للمخطوبة، قالوا: إن كانت هذه الهدايا قائمة يأخذها، أما إن ادعت الخطيبة إن الهدايا هلكت، وكانت موجودة فتصدق ولا يسترد أي شيء، لأنها تعامل معاملة الهبة، فقهاء المالكية لهم في هذا الموضوع نظرة طيبة جدًا وجميلة، فهم ينظرون إلى السبب في الفسخ فإن كانت المخطوبة هي التي فسخت الخطبة من جانبها، وتسببت في ذلك، فيقال لها ردي كل هدية حتى لو كانت ملابس وخيطت أو فاكهة وأكلت أو حلوى فترد قيمتها، وهذا ما لم يوجد عرف أو شرط يقضي على خلاف ذلك، وإن كان العدول من جانبه هو، فهو الذي فسخ الخطبة، فلا يأخذ أي شيء لأنك أنت المتسبب في فسخ الخطبة وقد آلمتها، فلا تأخذ أي هدايا مما قدمتها، وذلك لم يوجد عرف أو شرط بينهما يقضي بخلاف ذلك، فهذا الرأي وهو رأي الفقه المالكي في مسألة الهدايا بين الخطيبين يحق عدالة طيبة، ويجعل الذين يدخلون البيوت، ويقدمون بعض الأشياء البسيطة على أساس أنها شبكة ثم يعبثون ويخرجون، ثم يفسخون الخطبة بعد أن أساءوا إلى الأسرة بدخولهم وخروجهم، في مذهب الفقه المالكي الضرب على أيديهم بأنهم لا يأخذون أي شيء مما قدموه، ما دام فسخ الخطبة كان من جانب الخاطب، أما عقد الزواج، فإذا كان دفع المهر، ثم طلق، فإن كان قد طلق قبل الدخول، فهنا الطلاق قبل الدخول بننصف مجموع المهر، فلو كان مهر زوجة 150 جنيه، 100 جنيه مقدم، و50 جنيه مؤخر، فالمائة وخمسون جنيهًا تستحق منهم خمسة وسبعون جنيهًا، فإن كانت قد قبضت 100 جنيه، فتسترد 25 جنيه، لو كان الصداق 300 جنيه، وهي قبضت 150 جنيه، والمؤخر 150 جنيه، فلا يأخذ الزوج منها أي شيء، مادام قد طلقها قبل الدخول، وإن طلقها بعد أن دخل بها، فتستحق جميع المهر المقدم والمؤخر.
الأستاذ أحمد فراج:
هل ضروري أن يكون هناك مقدم ومؤخر؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
ليس بضروري أن يكون هناك مقدم ومؤخر، فهذا حسب الاتفاق، فيصح أن يكون الصداق جميعه مقدم أو مؤخر، أو النصف مقدم والنصف مؤخر.
الأستاذ أحمد فراج:
يوجد سؤال عن دبلة الزواج، وبمناسبة الحلي والمصوغ، والحديث معروف عند الناس إن تزين الرجل بالذهب، وبالحرير محرم، لكن القول الذي يتردد إن الدبلة لا تعتبر زينة، إنما هي ليست ذات قيمة كبيرة، حتى يقال إذا كان الذهب بيحرم رغم إن قيمة الدبلة لا تزيد عن مبلغ بسيط، فكيف إن كان مرتدي خاتم ألماظ لا يكون حرامًا، فهل العبرة بالذهب، فنريد معرفة هذا الحكم؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
إن لبس الذهب ولبس الحرير هو حرام على الرجال دون النساء والشريعة الإسلامية لا تنظر إلى القيمة، ولكن تنظر إلى ناحية الرجولة في الرجل، وناحية الأنوثة في المرأة لأنها تجد إن لبس الذهب شيء لا يليق بالرجل، وإنما هو خاص بالمرأة، وكذلك لبس الحرير، فإذًا ليس العبرة بالقيمة، ومن الجائز أن يلبس الرجل خاتمًا ألماظ كما يقول الأستاذ أحمد ولكن لا يقال أنه حرام، لماذا؟ لأن النص وارد في الذهب فهو حرام، دبلة الخطوبة، دبلة الخطوبة هي ليست للتزين، وإنما أصبحت عادة إن الذي لا يلبسها يكون غير خاطب، وإن خلعها العروس تتشاءم وتزعل، في الواقع هو ينطبق عليها مادام قلنا إن الحرمة في حدها ليست للتزيين، وإنما لمنظر الرجولة فأيضًا دبلة الخطوبة إذا كانت من ذهب فينطبق عليها حكم لبس الذهب للرجال، ولكن يمكن أن تلبس أي أنواع أخرى خلاف الذهب إما فضة أو أي نوع آخر.
الأستاذ أحمد فراج:
إذًا نستطيع أن نقول إن الذهب محرم لذاته، وطبعًا إذا تبينت لنا حكمة إن هذا الذهب بيشكل غطاء نقدي أو احتياطي، فهذا يدعم نظرية الحديث، لكن الأصل أنه محرم بصرف النظر عن القيمة، ومحرم لذاته باعتباره ذهب، هناك موضوع يتعلق بالرضاع، وأيضًا نلاحظ أن مسائل الرضاع تتكر رغم أننا نتكلم فيها باستمرار، خلاصة جواب الأخ م . س من الدقهلية أجا، أنه يريد أن يتزوج من فتاة رضعت من والدته في أيامها الأولى، وكلما سأل والدته عن عدد المرات قالت إنها لا تتذكر، وهذه الفتاة قد رضعت على شقيقته التي تصغره بخمس سنوات، وهو لم يرضع من والدتها، فما حكمه؟ ونحن نريد القاعدة بصفة عامة.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
القاعدة إنه ما دامت هذه الفتاة رضعت من أمه، فصارت أما لها، وهو قد رضع من أمه كذلك، فهو وعي التقم ثدي واحد بصرف النظر عن كونها رضعت معه أو بعده أو قبله، فهي محرمة عليه في مذهب الحنفية، والمالكية بمجرد الرضاع سواء كانت رضعة واحدة أو اثنين أو ثلاثة، فهي أخته في الرضاع، لكن في مذهب الإمام الشافعي خمس رضعات مشبعات .. متيقنات يحرمن، وهي لا تذكر، ومادامت لا تذكر، ولا يوجد الدليل اليقيني على وجود الخمس الرضعات المتيقنات، فيجوز في مذهب الإمام الشافعي أن يتزوجها، وإن كان ذلك مكروهًا، لأن فيه ثبوت رضاع موجود، ومن الجائز أن يكون قد وصل إلى خمس رضعات إذًا فيصح له أن يتزوجها في مذهب الإمام الشافعي، ولا يصح له أن يتزوجها في مذهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك، وفي رأي للإمام أحمد، وهو مكروه عند باقي الأئمة، لأن هناك يقين بأنها رضعت، قد يصل إلى الخمسة، والواقع أن شهادة المرأة الواحدة لو صدقها تكفي. يكفي أن تكون محرمة عليه، وإذا لم يصدقها هذا الذي يريد الزواج، فلابد من بينة شرعية، في هذه الحالة، رجلين أو رجل و امرأتين، فالأصل ألا عبرة بشهادتها، إلا إذا كان لا يصدق ذلك، لأن الحكمة في ذلك أنه إذا تزوجها يملك إن يطلق، فإذا كان يملك أن يطلق، فيكون تطليقه كإقرار منه بحصول الرضاع، والإقرار يقبل منه، ولهذا قلنا إن صدق من أخبرته بالرضاع، واستمر على تصديقه فيكون هناك تحريم عند من رأى التحريم، ونحن نفتي بمذهب الإمام الشافعي في هذه الأيام لعموم البلوى، وكثرة مسائل الرضاع، والناس جميعًا يقعون في هذه المشكلة.
الأستاذ أحمد فراج:
هل يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
لا يجوز لها أن تقرأ القرآن، ولكن إذا كانت غير متوضئة يجوز لها القراءة، إلا إذا كان هناك اضطرار، وسبق أن سئلت في هذا البرنامج هذا السؤال، أن هناك فتاة كانت داخلة الامتحان وتريد أن تذاكر الآيات القرآنية .
الأستاذ أحمد فراج:
فيه نص يا فضيلة المفتي وارد إنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله في جميع أحواله.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
كان يذكر الله في جميع أحواله، وهو كان صلى الله عليه وسلم لا يمضي عليه أوقات وهو على غير طهارة.
الأستاذ أحمد فراج:
هناك أناس يسألون عن الكذب الأبيض، يقولون إن هناك أنواع من الكذب، وطبعًا حينما يفتح باب الكذب كما يقولون، بنبتدئ دخل تحت الكذب أشياء منها، كذبة لا تضر أو لا تؤذي أحد، لم نخسر فيها شيء، فيكون هناك تبرير للكذب فهل فيه حاجة من وجهة نظر الإسلام يجوز فيها الكذب؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
يجوز الكذب في حالات الحروب حتى نخوف العدو وهذا لا ضرر فيه، أو شخص مثلاً وقع في أسر ويريدون أن يأخذوا منه معلومات، فيكذب عليهم، فإذا كان الكذب لحماية الأمة فهو واجب، والكذب يجوز في الصلح بين المتخاصمين حين يقال لأحد المتخاصمين حين يقال لأحد المتخاصمين أن الخصم الآخر يقول في شأنك كلام طيب، وهو لم يقل هذا، بل ربما أساء، فالصلح بين المتخاصمين ورد فيه نصوص كثيرة، وهذا كذب لا يضر أحد ..
الأستاذ أحمد فراج:
إن كلمة لا يضر أحد هي التي من أجلها يستعمل الكذب، ليس لإصلاح ذات اليمين كما ذكرت فضيلتك، فأي كذبة أعتقد أنا من وجهة نظري أنها لا تضر أحد فأكذبها، مع إن الاتفاق على إن يجوز الكذب لإصلاح ذات البين، فبعض الناس تأخذ العلة التي نقولها وتبني عليها، هناك سؤال من شاب صغير، يريد أن يقتني كلب، لكن أهله يعارضوه ويقولون له هذا يعمل نجاسة في البيت، وهو يريد أن يربي كلب في البيت، ما حكم الكلاب من ناحية الطهارة والنجاسة؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
الحكم الخاص بالكلب اختلف الأئمة فيه، فالإمام مالك يرى طهارته، الإمام أبو حنيفة يقول إن لعاب الكلب نجس، ولذلك فمه المبلول إذا مر به على الأشياء في البيت ينجسها، وإذا كان شعره مبلول أيضًا نجس، والإمام الشافعي يقول إن جميع أجزاء الكلب نجس، فكل واحد من الأئمة أخذ بدليل، والاحتياط لهذا واجب، وبعض الناس يقولون إن في لعاب الكلب أمراض، ولهذا ورد الحديث: ” إذا دلف الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب، وقد ثبت كما يقول الأطباء إن التراب بيموت الميكروبات الموجودة في لعاب الكلب، فلا داعي لتربية أخذًا بالمذاهب الأخرى، إلا إذا كان يريد أن يتمذهب، بمذهب الإمام مالك ويحتاط بألا يلمس الكلب أو خلافه فلا شيء بناء على مذهب الإمام مالك..
الأستاذ أحمد فراج:
وبناءًا على مذهب الإمام مالك لو لمس الكلب الآنية ليس فيه شيء.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
لمس الآنية في الواقع هذا ما تكلم فيه الفقهاء في حديث اللمس فالإمام مالك يرى إن كله طاهر أما الإمام الشافعي يقول كله نجس، وهو له أن يختار المذهب الذي يناسبه.
الأستاذ أحمد فراج:
عندنا موضوع يا فضيلة المفتي الحقيقة ناس كثيرة بيرسلون ويسألون فيه من مدة، وتتكرر فيه الأسئلة، وهو خاص بحرمان البنت من ميراث عمها الشقيق لأبوها، يكون هذا العم لم يترك أولاد، فيحصر ميراثه في إخواتها الذكور، وهي لا تأخذ، وهم يقولون إننا لم نرى آية أو حديث أو قانون يحرم بنات الأخ من ميراث العم إذا لم يكن له أولاد، فما الحكمة من ذلك؟
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
في الواقع الميراث مبني على نصوص، مبني على عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى عمل الصحابة، فإذا مات شخص، ولم يترك أولاد ذكور، وله أولاد أخ ذكور و إناث، فأولاد الأخ الذكور يعتبرون عصبة بالنسبة له، أما بنات الأخ الإناث فمن ذوي الأرحام، في هذه الحالة الذي يرث هذا العم أولاد الأخ الذكر، وذلك إذا لم يكن له أولاد، لكن إذا كان للمتوفي ابن فلاشك إن أولاد الأخ لا علاقة لهم به ولا يرثوه فالمسألة التي تثور أن بنات الأخ يقولون إخواننا الذكور يرثون ونحن لا نرث، وقد يكون أخواتنا الذكور أغنياء، وليسوا في حاجة إلى ميراث من العم، ويقولون إن الشريعة ظلمتهم ولا توجد نصوص، لا هناك نصوص لأن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أعطوا الفروض لأصحابها، وما بقى فلأولى ذكر عصبة، الحديث يقول: ” أعطوا الفروض لأصحابها صاحب الفرض إن كان ابنة الميت موجودة فلها النصف، وإذا كانت الزوجة لها الثمن ولها الربع إن لم يكن هناك أولاد، هؤلاء هم أصحاب الفروض، وإن لم نجد أصحاب الفروض، فيكون الذي يليهم العصابات بعد الفروض، وفي كثير من الأحيان أصحاب الفروض يأخذون التركة والعاصب لا يأخذ شيء، فحرمان بنات الأخ، وإعطاءه أولاد الأخ الذكور جاء من الحديث، ومن عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن عمل الصحابة والنصوص موجودة، والحديث يقول: ” أعطوا الفروض لأصحابها، وما بقى، لأولى ذكر عصبة ” .. والشريعة الإسلامية حين تعطي الميراث للأولاد والذكور، تعطيه لهم، لأنهم هم الذين يحملون عبء الأسرة، وهم الذين يتكبدون النفقات والواجبات، وابنة الأخ هذه لو فقيرة ستطالب الأخ بنفقة، وتأخذ منه النفقة، لكن ابن الأخ هذا مطالب بأن يفتح بيت أبيه أو بيت عمه ومطالب بنفقات الأسرة كلها، فعليه التزامات وأعباء، فكانت نظرة الشريعة في إعطاء هذا الذكر العصبة هذا المقدار من الميراث، وعد إعطاء الأرحام من أجل هذا السبب وذوي الأرحام يرثون حين لم يوجد العصابات، وإن وجد للميت أخ شقيق وأخ للأب، الأخ الشقيق يقدم على الأخ لأب، لماذا؟ لأنه أقوى عصبة أو أقوى قرابة من الأخ لأب، فالتوريث مبني على درجات، قد وجه بنت الأخ هذه متأخرة لأنها من ذوي الأرحام.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه سؤال يدور حول نقطة أحيانًا تثور أيضًا ويكون حولها كلام وهي تتعلق بسلوك الإنسان وتصرفاته اليومية في الحياة، مع التزامه بالعبادة أو عدم التزامه له من الأخوة يسأل ويقول هل من الأفضل أن يصلي الإنسان، وفي نفس الوقت يفعل أشياء خطأ، أم لا يصلي ويكون ضمير سليم، ولا يؤذي أحدًا ولا يضر أحدًا وطبعًا يلاحظ أنه أحيانًا تستخدم بعض النصوص للاستدلال بها على مناصرة وجهة نظر معينة فمثلاً واحد يقول أنا لا أصلي، ولكني أعامل الناس سليمًا، ولا أضر أحدًا، والحديث يقول: ” الدين المعاملة ” .. فما دام أعامل الناس معاملة حسنة فلا داعي لهذه الصلاة، فمثل هذه القضية وهي التزام السلوك الطيب مع عدم التزام الصلاة، أو التزام الصلاة مع عدم التزام السلوك الطيب، ولا أعرف هل لا يوجد غير هذين البديلين أم لا؟ نحب أن نسمع تعقيب.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
هذه النظرة في الحقيقة نسمعها كثيرا جدا، وخاصة من الشباب الذي لا يصلي، تقول له لم لا تصلي يقول لك: أنا أحسن من فلان الذي يصلي لأنه هو بيؤذي الناس، وأنا لا أؤذي الناس، وهو بيكذب وأنا لا أكذب .. هذا خطأ، لأن الصلاة هي فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، والله سبحانه وتعالى أمرنا بالصلاة والأمر بها في القرآن الكريم في أكثر من آية، مئات الآيات ذكرت فيها الصلاة: ] إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)[ النساء: 103)، ]وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ[(البقرة: 45) ، ]وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ[(البقرة: 43) ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الصلاة عماد الدين، ومن أقامها أقام الدين، ومن هدمها هدم الدين”، كذلك الشخص الذي يحتج بأن يقول: الدين المعاملة، هو لم يقصر الدين على المعاملة، وهو نوع من أنواع الدين ” المعاملة ” لم لا يكون يصلي، وكذلك يتعامل الناس معاملة طيبة، كذلك الشخص الذي يكذب.
الأستاذ أحمد فراج:
حتى لو قصرت على المعاملة فيدخل فيها معاملة الله بأن يصلي له.
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر:
أنا أقول له حتى لو فهم المعاملة بأنها المعاملة بين الناس في الدنيا،فإنها لم يقصر الدين عليها، ولكن فرض الإسلام الصلاة ونحن نقول للشخص الذي يصلي ويكذب إنك تضيع كثير جدًا من ثوابك فهو مفلس، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين من هو المفلس فهو قد سأل صحابته أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس يا رسول الله هو من لا درهم له، ولا دينار، قال المفلس يوم القيامة هو من حشر بصلاة وصيام وزكاة وحج، ثم ضرب هذا، وأكل مال هذا، فيأتي يوم القيامة ويؤخذ من حسناته وتعطى إلى من أساء إليهم وتلقى عليه فيلقى في النار، فيكون هذا هو المفلس، بيصلي لكنه كذاب، وبيصلي ولكنه بيؤذي الناس، فهو له ثواب الصلاة، لكن سيحشر يوم القيامة رصيده مفلس ذهب ومعه الصلاة والصيام والزكاة والحج، لكن ضيع كل هذا الرصيد في الأعمال الأخرى، ومعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع عمل عامل، يحاسب كل واحد على عمله، فالشخص الذي يفعل طيبًا ولا يؤذي الناس ولكنه لا يصلي، سيعاقب على الصلاة لأنه ترك فرض من الفروض التي أمر بها الله، وله ثواب بعض الأعمال الحسنة التي عملها، وتارك الصلاة له أحكام، فإن كان قد تركها كسلاً يضرب حتى يصليها، إن كان تركها عمدًا و أنكر فرضيتها كان كافرًا، لأنه أنكر ركن من أركان الإسلام، لأن أركان الإسلام الخمسة أحدها إقامة الصلاة، فهذا الشخص الذي يقول يكفيني أني لا أؤذي الناس، وأني لا أكذب ولا أصل، أقول له يا أخي افعل فعل الخير، وصلي لأن الصلاة فرض، فلا تترك الفرض في سبيل إنك تفعل الخيرات، ولا داعي لهذا الشخص أن يقيس نفسه بالشخص الذي يصلي ويرتكب الأخطاء، فهذا غير مقياس صحيح للمقارنة، إنما أمامه الأسوة الحسنة والإقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام.
الأستاذ أحمد فراج:
في ختام لقاءنا، نحب نوجه خالص الشكر لفضيلة الأستاذ الشيخ محمد خاطر مفتي جمهورية مصر العربية، ونرجو أن نلتقي معكم سيداتي وسادتي دائمًا على خير، شكرًا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.