حلقة
نور على نور
المذاعة في الساعة 1.20 من مساء يوم الجمعة الموافق 24 نوفمبر 1972
فتاوى
الدكتور أحمد الشرباصي
الأستاذ أحمد فراج:
سيداتي وسادتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحقيقة إنه يمكن من فترة طويلة لم تتح فرصة للبرنامج لتقديم الندوات المفتوحة التي اعتاد من خلالها أن يعرض للرسائل التي تصل من حضراتكم .. ونرجو في هذه الندوة كما نرجو في الندوة التالية أن نحاول الإجابة على هذه الرسائل والموضوعات .. ويسر البرنامج أن يستضيف لهذه الحلقة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بالأزهر الشريف، وفي بداية الندوة بنشير إلى رسالة السيد إمام طه الباسل من حلوان عن موضوع سبق أن أشار إليه الأستاذ محمود صبحي في حلقة سابقة للبرنامج عن الجامعة الخاصة بالدعوة الإسلامية ومقرها ليبيا بنرجو أننا نحيل الرسالة لجمعية الدعوة الإسلامية لتجيب على سيادتك بالتفصيل.
رسالة الأستاذ سيد أحمد بخاري عميد دار المعلمين بالمنيا أن البرنامج كان قدم حلقتين عن وظيفة المسجد وآداب التعامل مع المسجد يبدو أنه كان بيترقب مزيد من الحلقات حول هذا الموضوع وبيقترح على البرنامج أنه يتناول في مثل هذه الموضوعات لو عاد إليها المسجد الجامع وأشهر المساجد الجامعة في الأندلس والمغرب ومصر والشام والعراق وفارس والهند يمكن جزء من الموضوع في إمكان المسجد أنه يستكمله أما الجزء الآخر وهو الخاص بالمساجد فلا بأس بالفكرة و إن كان أقرب إلى البرامج التسجيلية، وأنا أعتقد إن المراقبة الثقافية بالتليفزيون عندها هذه الفكرة وستحاول إن شاء الله أن تقدم في فرصة قريبة برامج تسجيلية عن أشهر المساجد في العالم الإسلامي. السيدة أم سلطان طرفة السيد سعد محجوب بعابدين بالقاهرة بنرحب بزيارتها في أي وقت للتليفزيون الأخ مصطفى مندور من دمياط بيقول أنه حصل خطأ مرة في الإذاعة في قراءة الآية الكريمة: ]إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[(العصر: 3) لا شك أنه خطأ غير مقصود وفي نفس الوقت نرجو ألا يتكرر، الراسلة ح. م بدسوق تسأل عن الحج ونفقات الذهاب والإقامة… وهذا ليس من اختصاص البرنامج إنما فيما نعلم من العام الماضي إن العملية تتكلف 190 جنيه تقريبًا، فيه رسالة من السيد أحمد الرفاعي حسنين مدير مدرسة قنا الثانوية للبنين يعلق على ندوة من ندوات البرنامج الخاصة بموضوع الملكية الخاصة وموقف الإسلام منها من ناحية إتاحة الفرص وتهيئة الحوافز، وهو يعتقد إن البرنامج لم يجيب عن هذا الموضوع وإن كنا نخالفه في إن الضيف تهرب لأن الواقع إنه هذا لم يكن في صميم الحلقة وعلى أي حال فإن موقف الإسلام من احترام الملكية الخاصة معروف ويأتي في إطار أنه كل حق في الإسلام مقيد بعدم الإضرار بالغير، مجموعة تنوب عنهم الأخت م. ح . س الجواب مطول ويهنا الجزء الأخير وهي تشير إلى خير كان قد نشر في بعض الصحف حيث تعرض له الأستاذ النابغة السعدي في أخبار اليوم عن قضية اثنين وكان شخص يقبل خطيبته والمحكمة قالت أن هذا لا يعتبر فعل علني فاضح وتشير في الحيثيات إلى أن هذه الأفعال أصبحت مألوفة في القضاء .. حيث أن قضاء البلاد الأوروبية قضى بأن تقبيل امرأة يعتبر من الأفعال المباحة وهي مشاهد اعتاد الناس عليها، وبتقول إنه هذا الموضوع مثير للانتباه والواقع نحن لا نستطيع كبرنامج أو أي جهة أنها تعلق على موضوع منظور أمام القضاء و إن كنا نعتقد كما سبق للبرنامج أن أوضح في مرات سابقة أن بعض مواد القانون مأخوذة من قوانين غريبة على عرف وتقاليد المجتمع الشرقي العربي المسلم، وقلنا أكثر من مرة وقد نص على ذلك الميثاق إن هناك قوانين وضعت في عهود الاستعمار وأنه يجب إعادة النظر فيها ولا شك أن الاتجاه القائم من إعادة النظر في القوانين وبعد النص على الدستور واستمداده من الشريعة الإسلامية يمكن أن يعالج مثل هذه الأوضاع، الأخ مجاهد السيد يرجو أنه يتلقى بعض الكتب عن الدين الإسلامي باللغة الإنجليزية لكي يرسلها إلى بعض أصدقاؤه في الخارج وأنا أعتقد أنه لو أتصل بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ممكن يعاونه في هذا، الأخت بثينة تشير إلى الحلقة التي كان البرنامج قد قدمها مع الأستاذ الدكتور المهدي بن عبود وتريد أن تعرف عنوانه، وفي الحقيقة نحن لا نعرف عنوانه لأنه في المغرب، والحلقة نشرت في كتاب يضم عدد من حلقات نور على نور صدر عن دار الهلال .. أيضًا الأستاذ حسين محمود القشور المحامي يحيي البرنامج على استضافته للأستاذ مالك بن نبي والأستاذ إبراهيم الغويل والدكتور المهدي بن عبود، وبالمناسبة أحب أقول للسادة المشاهدين الذي ألحوا مرارًا في طلب إعادة الحلقات التي اشترك فيها الدكتور المهدي بن عبود سفير المغرب السابق في واشنطن أنه كان من حظ البرنامج عند حضوره الملتقى السادس للتعرف على الفكر الإسلامي بالجزائر أن يلتقي بالدكتور المهدي بن عبود ويسجل معه حلقة سوف تذاع يوم 8 ديسمبر القادم إن شاء الله . الأخت ألفت عبد الغني تحيي البرامج الدينية في التليفزيون .. ولقد فاتني أن أقول أنه رسالة الأخت م. ح . س في التعليق على القضية المنظورة وهي تقول إن مثل هذه الأمور قد تشجع الشباب على الانحراف وتشير إلى إنه مما يطمئن ويسعد أنهم يرون على الشاشة في برامج التليفزيون الدينية إن نسبة كبيرة من الحاضرين يكونوا من الشباب وهذه ظاهرة تطمئن وتسعد كل إنسان حريص وغيور على دينه. مجموعة كبيرة من الرسائل تلقاها البرنامج في موضوع شهادات الاستثمار وعن أرباح الأموال المودعة في البنوك أو صناديق الادخار، وهذا موضوع سبق إن البرنامج أحاله إلى مجمع البحوث الإسلامية وفيما يبدو إن المجمع لم يصل بعد إلى قرار في هذا الموضوع .. وفي هذا الصدد نشير إلى رسالة الدكتور م . أ . د بالإسكندرية .. الإجابة طبعًا متوقفة على رأي المجمع .. رسالة السيد أنور الشباسي مدرس أول .. أيضًا عن شهادات الاستثمار أ، ب، جـ والفتوى في فائدة البنوك والتوفير وشهادات الاستثمار يسأل فيها أ. م . أ بالإسكندرية فيه رسالة أيضًا من السيد المستشار عبد الحميد عزت بالإسكندرية يقول: نحن نعلم إن مجمع البحوث الإسلامية قد أحل أرباح شهادات الاستثمار وخرج من ذلك إنها جائزة شرعًا، كما تناول في أبحاثه أعمال المصارف فأجاز الاقتراض من المصارف بالنسبة للمقترض بفائدة تسجل مع الدين المقترض أم لا؟ اتصلنا بالأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار الأمين العام للمجمع وقال: ” إن المؤتمر لم يجيز أرباح شهادات الاستثمار، ولم يصل إلى رأي حاسم في الموضوع، والقول بذلك سابق لأوانه لأن كل موضوعات الاستثمار النواحي الاقتصادية والمصارف حولت على اللجنة الفقهية الدائمة للمؤتمر لبحثها، والخروج منها برأي، أيضًا السيدة نعيم درويش تتكلم عن مال مدخر تعده لجهاز ابنتها وتودعه بتوفير البريد، فهل تخرج عنه زكاة؟ والحقيقة إن كل هذه الرسائل الخاصة بشهادات الاستثمار والبنوك موضوع تكلم فيه البرنامج مرارًا ولا نستطيع أن نفتي فيه قبل أن يصل إلى مجمع البحوث إلى رأي، ونأمل وقد مضى أكثر من عام على وعدنا كنا تلقيناه، وبعض الناس أرسلوا جوابات يسألون فيها هل البرنامج نسى أم تناسى، الواقع أننا كنا قد استضفنا الدكتور بيصار، وقال إن المجمع سيدرس هذا الموضوع بشكل موسع في دورته الماضية، ونرجو إن بإحالته إلى اللجنة الفقهية يصل إلى رأي، فيما يتعلق بالسؤال الذي سألته السيدة الفاضلة نرجو أن يتفضل فضيلة الدكتور أحمد الشرباصي بالإجابة عنه وهو عبارة عن مال مدخر وهل تخرج له زكاة؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
بسم الله الرحمن الرحيم، أي مال مدخر يبلغ النصاب الشرعي الواجب فيه الزكاة يجب على مالكه أن يخرج زكاته كل عام بنسبة ربع العشر، أي 2.5 % الاحتجاج بأن هذا المال مدخر لجهاز أو لبناء أو لشراء شيء من الأشياء لا يخلي من التبعة ولا يغير الوضع من أن هناك مالكًا يملك مالاً مدخرًا ويتحقق فيها شرط الزكاة وهو حولان الحول .. أي مرور العام على ادخاره وبلوغه النصاب، والدليل على ذلك إن الإنسان المالك المبلغ المدخر ممكن في أي وقت أن يغير نيته أو عزيمته ويتصرف في هذا المال بأي وجه من التصرف، ولو أن صاحبة هذا المال أحسنت التصرف فيه، ولم تريد أن تأكله الصدقة كما ورد التعبير القديم، يمكن لها أن تشتري أجزاء من الجهاز لا تتغير بمضي المدة، وبهذا لا تقع المبالغ المدخرة تحت الواجب الشرعي وهو إخراج الزكاة.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ الطالب عبد الله حسن عراقي بمدرسة الإبراهيمية الثانوية يقول هل يجب على كل مسلم أن يتخذ مذهب معين من المذاهب الأربعة ويتبعه في شئون حياته كلها مثل الصلاة والزواج وما إلى ذلك، ويسأل لماذا لا نتبع الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة لأنه هو المرجع الأساسي بعد القرآن؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
عندنا في الإسلام مذاهب فقهية كثيرة المشهور منها أربعة مذاهب وهي المذهب الحنفي ثم المذهب المالكي ثم المذهب الشافعي ثم المذهب الحنبلي، وهناك أربعة مذاهب أخرى يمكن لم تشتهر بيننا كما اشتهرت بقية المذاهب الأربعة منها المذهب الإباضي والمذهب الظاهري والمذهب الزيدي والمذهب الجعفري الأمامي، وهذه المذاهب بدأ علماء المسلمين يقررون مسائلها، ويستمدون منها الأحكام المتعلقة بالناحية الشرعية في حياة الإنسان، وأحب أن أطمئن السائل إلى أن هذه المذاهب عمومًا تأخذ من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يعد بيانًا وإيضاحًا للقرآن الكريم أصل التشريع وأصل الدين، فكما قال الإمام البصيري في البردة:
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفًا من البحر أو رشفًا من الديم
الشخص العادي الغير متخصص في الدراسات الإسلامية لا يشترط أن يتبع مذهبًا فقهيًا معينًا، وإلا تعب من أجل ذلك، لفقدانه التخصص في دراسة المذهب، وإنما يتبع كل مسلم من عامة المسلمين مذهب من يفتيه كالإمام أو الخطيب أو الواعظ أو أستاذ الأزهر الذي يتصل به، ويستفتيه في أموره، وإذا أخذ بقول إمامه الثقة المؤتمن عنده، فإن يكون فعلاً مهتديًا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن هذه المذاهب الإسلامية المتعارف عليها بين المسلمين إنما تستقي من معين السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فليس هناك مانع من أن يتبع الإنسان أي مذهب، وهناك بعض مسائل ممكن أن يأخذها من مذهب إلى مذهب بشروط وحدود بينها الفقهاء لكن الخلاصة أنه ليس بشرط أن يتبع الإنسان من عامة المسلمين مذهبًا فقهيًا معنيًا بذاته.
الأستاذ أحمد فراج:
يعني لو استطاع أي مسلم أن يتفقه في الدين ويدرس المذهب جميعه لا مانع ويخلص إلى رأي هذا بيكون مجتهد .. فيضطر أنه يلجأ إلى عالم متخصص ويأخذ منه ما أخذه هو عن الرسول عليه الصلاة والسلام. الآنسة هـ. ع تقول إنها أحيانًا لا تستطيع صلاة المغرب لوجودها في قضاء حاجيات فتؤجل الصلاة وتؤديها في اليوم التالي مع فرض المغرب.. فهل هذا صحيح أم لا؟ والحقيقة أنه في هذا الصدد فيه بعض الناس ظروفهم العملية تفوت عليهم وقت من أوقات الصلاة يكونون أثنائه في عمل أو في شغل أو في تجارة أو في مكتب .. فهل يستطيع الإنسان في هذه الحالة أن يؤجل الصلاة أو يجمع الصلاة أو شيء من هذا القبيل؟
الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
الأخت الفاضلة مشكورة أولاً على تفكيرها في حرصها على الصلاة ونقول أولاً إذا كانت هناك واجبات تشغلها عن الصلاة فإن الصلاة أيضًا واجبة والله تعالى يقول: ] إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا[(النساء:103) فواجبنا الأول كمسلمين أن نطيع الله عز وجل ونود أن نحصل على قبوله ورضاه أن نحرص أيضًا على مواعيد الصلاة قدر الإمكان لأن الله سبحانه يقول: ] إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا[ وكتابا أي فريضة مكتوبة كالكتابة في الورق.. وموقوتًا أي محددة المواعيد والمواقيت، لكن ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه روي عنه .. جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين بغير سفر أو مرض واستنادًا لهذا الحديث الصحيح ذهب بعض الفقهاء لأئمة المسلمين أنه يجوز الجمع بين الصلاتين عند الضرورة، فإذا كان هناك واجب مكلف به ولا أستطيع التخلص منه ولا أتمكن معه من أداء فرض من الفروض في وقت معين .. فإنه يجوز لي على وجه الضرورة أن أجمع بين الفرضين بشرط ألا أتخذ ذلك عادة أو سنة متبعة وإلا أضعنا المواقيت التي حددها الشرع لكل فرض من الفروض.
الأستاذ أحمد فراج:
سؤال من أسئلة الأخت هـ . ع أيضًا هل يجوز اعتناق مذهب أظن هذا أجبنا عليه في السؤال السابق، ثم تربية الكلاب هل الكلب بيبطل الوضوء؟
الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
في الفقه الإسلامي نجد أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين تعدد أراءهم في مسائل اقتناء الكلب ومخالطة الكلب ونجاسة الكلب.. فمنهم من يتشدد إلى درجة ملحوظة ومنهم من يتوسط ومنهم من يتسامح .. إذا كان الكلب مقتني لغرض شرعي كالحراسة أو الصيد الشرعي فإنه في هذه الحالة يتساهل الإنسان فيما سألت عنه السائلة الفاضلة.. لكن إذا كان الكلب قد اقتنى كما يحدث من بعض المترفين الذين يضيعون حقوق الإنسان ومع ذلك يصرفون جهودًا طائلة من أوقاتهم وأموالهم وأسرتهم وعرباتهم لتدليل كلاب ليست مقتضاه لغرض شرعي كالحراسة أو الصيد فإن هذا يكون حرامًا وعيبًا على المسلم أن يفعله لأن من أخوته في الإنسانية من هو أحق وأجدر بهذه العناية .. ويظهر من سؤال الأخت السائلة أنها تقتني الكلب لغرض شرعي كحراسة أو صيد وفي هذه الحالة لا ينتقض الوضوء إذا قرب منها الكلب.. أما إذا كان الإنسان يربي الكلب كنوع من الرفق بالحيوان مع أدائه واجباته الشرعية .. إنما أعود وأقول إن بعض الناس يقتني الحيوانات على طريقة التدليل.
الأستاذ أحمد فراج:
الآنسة س م ط بجاردن سيتي تقول إن المالكية هي أسهل في موضوع تربية الكلاب.
الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
نعم مذهب المالكية أسهل المذاهب في هذه المسألة والحنابلة يتشددون .
الأستاذ أحمد فراج:
الآنسة س م ط بجاردن سيتي تسأل عن مشكلة تخص جيل كبير من الشباب والشبات تتعلق بمعالجة حبوب الشباب وهي تقول أنها تضع دواء على وجهها لمعالجة حب الشباب وهذا الدواء يجف على البشرة فلا تستطيع الوضوء .. فماذا تفعل وهل تتيمم؟
الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
إن الدين ينص على أن الإنسان في حالة الاستحمام أو الاغتسال الواجب أن يعم الماء جميع بشرة الإنسان الظاهرة في الجسم من الرأس إلى أصابع القدمين، وفي حالة الوضوء يجب أن يصل الماء إلى جميع أعضاء الوضوء المعروفة لنا جميعًا في الإسلام، فإذا كانت الأخت السائلة تضع دواءًا أو مرهم أو معجون على وجهها يمنع وصول الماء إلى البشرة فإنها في هذه الحالة لا يصح لها الوضوء، لأن المعجون سيحول بين وصول الماء وبشرة الوجه، ويمكن لها في مثل هذه الحالة أن تتحين الوقت المناسب لوضع هذا المعجون ليؤدي وظيفته الصحيحة الطبية، ثم تتوضأ بعد إزالة آثاره، وكأن تصلي الصبح مثلاً في الوقت المحدد قبل طلوع الشمس، وعندها ما يقرب من ساعة وثلث، ثم تضع هذا المرهم عقب أداءها لصلاة الصبح مباشرة وتستمر إلى ما قبل صلاة العصر بثلثي ساعة أو ثلاثة أرباع ساعة يكون المعجون قد أدى وظيفته وتستطيع أن تزيل بقاياه، ثم توصل الماء عند الوضوء إلى البشرة، هذا إذا كان ممكنًا وميسورًا، أما إذا كان المعجون يوضع بأمر طبيب مسلم حاذق ورع مؤتمن، ويمنع بحكم المحافظة على الصحة، أو بحكم عدم التأخر في العلاج أو في الشفاء، فلها في هذه الحالة التي تعد من حالات الضرورة أن تستعيض عن الوضوء بالتيمم وتقتصر على وقت الضرورة.
الأستاذ أحمد فراج:
رسالة من الأخ محمد محمود عبد الله يقول: ” أنه يريد أن يطرح مشكلة اليمين لأنها بتكون موجودة في التمثيليات والمسرحيات بشكل فيه إسراف، وترد في سياق ربما يدل على عدم التدقيق في وضع لفظ الجلالة في موضعه اللائق، ويقول يا ليت المؤلفين ينتبهون إلى مثل هذه النقطة، وفيما يبدو أنه من كثرة ما تعودنا على الحلفان، أصبح لم يلفت نظرنا، فلا أعرف ما رأي فضيلتك في هذا؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
الواقع إننا لا نكتفي بقولنا يا ليت المؤلفين يتجنبون هذا الاستعمال، هذا هو واجبهم كمفكرين وكتاب في مجتمع إسلامي يحرص على تقديس ذات الله سبحانه وتعالى، القرآن الكريم يقول: ] وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 224 ) وهناك نهي عن كثرة الحلف بلا موجب، لأن كثرة الحلف تؤدي إلى الاستهانة بالمحلوف به، وهذا لا يليق إطلاقًا من مسلم في حق الله عز وجل، ومراجع الحلف باليمين محدودة ومعروفة في الشريعة الإسلامية أم أن نتخذ هذه الظاهرة حتى تصبح مألوفة، فإن هذا لا يجوز إطلاقًا، ولذلك يعد من واجب هؤلاء الكتاب أن يتجنبوا استعمال هذه الأيمان بهذه الكثرة المؤذية، وأن يقتصروا على استعمالها في المقام اللائق بها. المناسب لها الذي يضطرنا إليه موقف من المواقف أو حالة من الأحوال، لكننا في الواقع استهنا بهذه الأسماء الإلهية المقدسة، حتى رأينا مثلاً استعمالها أيضًا في بعض أنواع الفن الذي لا يليق كالرقص مثلاً، إن أسماء الله تبارك وتعالى أسماء حسنى يجب أن تردد على وجه التكريم والتقديس والتعظيم لا على وجه الاستهانة بالصورة التي لا يمنع محاربتها أنها صارت ذائعة شائعة بيننا في عصرنا.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخت فوزية أحمد الشيتي بدواهي، دقهلية، تقول أن انحراف الشباب في بعض الأوقات تعزوه إلى المناظر والاستعراضات المكشوفة التي تأتي في بعض أفلام السينما، وهي تقول إذا كانت مثل هذه الأشياء بتخضع لعنصر تجاري من أجل أن تنجح الأفلام، فلماذا لا تمثل نفس القصص باحتشام وبتدقيق في الأفلام، طبعًا هذه مسألة لا خلاف فيها على إنه كل ما يحمي الفضيلة شيء ينبغي أن يحرص عليه، وهي دعوة لكل العاملين في هذا الحقل، لوضع هذا الاعتبار في المقام الأول مقبل الحافز المادي أو الربح المادي، الأخت فاطمة إبراهيم تسأل هل ممكن عمل جراحة تجميل لأي شخص وهل يعتبر هذا تغيير لخلقة الله، وبالتحديد جراحة في الأنف.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
الواقع أن هذا التغيير أو التجميل يختلف بحسب الحاجة إليه، هناك امرأة تتهيأ للزواج مثلاً، أو زوجة وفي بعض مواضع من وجهها جزء كالأنف مثلاً يحتاج إلى شيء من التجميل أو الإصلاح إن سماحة الدين، وحرصه على أن توجد الألفة والمودة بين الزوج وزوجته لا تمنع مثل هذا التجميل، أما أن يحاول بهذا التجميل نوع من أنواع الخداع، كامرأة تخدع خطيبًا لها أو راغبًا فيها حتى تخدعه عن حقيقة أمرها، فقد لا تتسع رحابة الدين لمثل هذا التغرير إذا كانت العملية يراد بها الإصلاح الذاتي الشخصي في الحدود التي أشرنا إليها لا يمنع الدين ذلك فيما نفهمه، والله أعمل بحقيقة الأمر.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ محمد محمود إبراهيم عامر من القاهرة يسأل عن جواز التنكيس في القرآن وأرجو إننا نشرح أولاً معنى التنكيس.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
التنكيس معناه إن الإنسان وهو يقرأ آية من آيات القرآن، أو سورة من سور القرآن في الصلاة إن يبدأ في الركعة الأولى فيقرأ آية مثلاً من جزء عامة كقوله تعالى: ]سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى[(الأعلى) إلى آخر السورة، ثم يأتي في الآية الثانية ويقرأ سورة أو آية من جزء سابق على جزء عامة كجزء تبارك، فيقرأ مثلاً:] تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[(الملك) فيكون قد نكس أي قلب ترتيب القرآن، والترتيب في القرآن توقيتي وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يكره للمصلي أن يقرأ آية أو سورة في الركعة الأولى، ثم يأتي في الركعة الثانية ويقرأ آية وسورة سابقة عليها في ترتيب المصحف هذا مكروه، وينبغي للمسلم أن يتجنبه قدر إمكانه، لكن لو وقع منه سهوًا أو خطأ أو نسيانًا، فالمأمول في عفو الله ورحمته أن يغفر له مثل هذا السهو الذي لم يتعمده، ولا يليق مع القرآن وأدب الخضوع لتعاليمه أن نتنتكس عامدين، وإلا كنا متعرضين للكراهية الشديدة فيما يتعلق بأحكام الدين.
الأستاذ أحمد فراج:
ألم يحدث في السنة مثلاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ مرة سورة سابقة عن سورة؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
لا .. لم يحدث هذا، لأن التنكيس في قراءة القرآن بإجماع العلماء مكروه.
الأستاذ أحمد فراج:
طبعًا المثل الذي يعطيه الأخ هنا مبالغ فيه، لأنه قرأ سورة قبلها ثم سورة بعدها ثم سورة قبلها.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
يجب أن يحتاط الإنسان، وأن يتعود أن يقرأ ما يتأكد من حفظه وترتيبه، فذلك أولى من التنكيس.
الأستاذ أحمد فراج:
الدكتور محمد فقي يسأل عن حكم الدين في الشراء من الباعة الذين يقتنون الكلاب، هل حرام الشراء منهم؟ وما هو المذهب الذي لا يعتبر الكلاب نجاسة، خاصة أنه له قريب مذهبه شافعي.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
مجرد اقتناء الكلاب لا يعدو دافعًا للإنسان ألا يشتد من التاجر الذي يقتني الكلاب، أما إذا وصل الأمر بالتاجر إلى أن الكلاب ستعلق من المواد التي سيشترونها، فإن الذوق والعقل مع تأييد الشرع لا يقبلان مثل هذا البيه، لكن مجرد اقتناء التاجر لكلب أو أكثر لا يعد مسوغًا أو دافعًا للامتناع عن الشراء منه.
الأستاذ أحمد فراج:
الطالب سمير توفيق، والسيدة س م غ يتكلمون في موضوع النذر، وأيضًا تأتي لنا فيه رسائل كثيرة، واحد ينذر نذر معين وقد يبالغ فيه لحظة معينة، أو لظرف ما يتعذر عليه تنفيذ النذر بالصورة التي التزم بها أمام الله، فهل ممكن التصرف، مثلاً الواحد سيذبح خروفًا، هل ممكن يخرج مبلغ من المال، واحد نذر شيء ثم وجده فوق طاقته، فهل ممكن أن يوفى بقدر ما يستطيع.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
يجب أولا أن نعرف .. أن من أئمة المسلمين من يرى كراهية النذر لأنه بيعتبر نوع من الاشتراط على الله تعالى إذا كسبت القضية الفلانية فسأصلي كذا أو أتبرع بكذا أو سأذبح كذا، كأن الإنسان يشترط على الله أنه لم يفعل هذه الطاعة، والنذر لا يكون إلا بطاعة إذا وقع فإني سأفعل كذا، بعض الفقهاء، و لرأيهم قيمة يرون أنه لا يليق بالإنسان هذا التشرط، يستطيع أن ينوي في نفسه دون أن يتلفظ أو يكتب أو يفرض على نفسه النذر، حتى إذا تحقق له ما أراده فإنه يحقق ما كان ينذره في نفسه من طاعة بدلاً أن يشترط بوعد يأخذه على نفسه.
الأستاذ أحمد فراج:
إن العبرة بالنية..
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
لكن النذر أحيانًا قد يصل إلى حد عقد النية أو العزم على أن يفعل الإنسان شيئًا إذا تحقق له شيء آخر، فلنفرض أن الإنسان قد نذر وهو أمر مشروع من كثير من الفقهاء، فيجب ألا ينذر إلا بما يستطيعه، ويجب ألا ينذر بالمستحيل، لأن النذر بالمستحيل يكون عبثًا، ومن الأفضل للإنسان أن ينذر عادة إذا نذر أن ينذر بالمستطاع الذي يغلب على ظنه إن لم يتيقن من أنه يستطيع أدائه، فإذا فرض لحادث من الحوادث أو لسبب من الأسباب إن الإنسان نذر بشيء ولكنه لم يستطيع الحصول عليه للتبرع به، فإنه يستطيع أن يعتاض عن ذلك بمقابل الشيء كثمن أو العوض المقابل له.
الأستاذ أحمد فراج:
أليس يقول القرآن: ]يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [(الإنسان: 7)؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
]يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [ إذا فعلوا النذر، لكنه لم يقل يجب عليهم أن ينذروا أو لم يحث على مجرد النذر، لكن متى نذرت فقد أصبح الوفاء بالنذر فرضًا واجبًا علي، فقال: ]يُوفُونَ بِالنَّذْرِ[ الذي أخذوه على أنفسهم.
الأستاذ أحمد فراج:
شاب ومثله كثير يؤدي العبادات المفروضة عليه، ولكن يجد نفسه يقع في بعض الأخطاء فيعود في لحظة الصفاء فيستشعر الذنب الذي ارتكبه ويتوب ويصدق في توبته، ويعاهد الله ألا يعود في هذا الخطأ مرة ثانية، ثم يجد نفسه وقع في هذا الخطأ، فمع تكرار هذه العملية بيبتدي يشعر بنوع من الإثم والذنب ويضيق صدره، ويشعر أنه يمكن صلاته غير مقبولة و أعماله لا تقبل، كيف كان يتوب ثم يرجع وهكذا، مثل هذه المشكلة الحقيقية تلك بنا كلنا، وليس الشباب فقط، فلا أعرف رأي فضيلة الدكتور الشرباصي إذا أخطأ الإنسان وتاب ثم عاد وهكذا.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
إن مثل هذا السائل الكريم يستحق التحية والتقدير لأن سؤاله يدل على أنه ما زال يحث بالتبعة ويتألم من الانحراف عن سواء السبيل الذي يحرص على الاهتداء إليه، وتكرار التوبة أمر مشروع بشرط أن تكون توبة، ليست التوبة مجرد أن أعمل الذنب ثم أقول: ” تبت إلى الله ” إن للتوبة شروطها من الندم على ما فعل، من العزم على عدم العودة من الإقلاع عن الذنب، من الانتقال إلى رحاب الطاعة، من رد الحقوق إلى أصحابها، إلى ما هناك من شروط التوبة، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفيد أن الإنسان إذا أخطأ فليتب فإن عاد رغم استيفاء شروط التوبة فليتب وتكرار التوبة الحكمة فيه.. أن يستشعر الإنسان في وقت من الأوقات أنه قد زاد عن اللازم بعض الشيء فيقوى من عزمه، ويشد من إرادته، فيتوب إلى الله توبة نصوحة يعزم بعدها على ألا يعود إلى المعصية التي كررها مطلقًا فيما يستغفر من الأيام والله معي.
الأستاذ أحمد فراج:
أظن معنى الحديث أني استغفر في اليوم سبعين مرة، وهذا للإرشاد والتبليغ وأظن إن إبليس أقسم أنه سيظل يغوي الإنسان، والحقيقة أنا غير متذكر نص الحديث القدسي قال: ” فبعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني صادقين في توبتي ما استغفرون ”
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ مجدي محمد عبد المحسن شبين الكوم يقول: لماذا حينما ننظر في العالم الإسلامي نجد أن وضع المسلمين وحالتهم سيئة، ويسأل عن سؤال آخر عن رأي الإسلام في لعب الوراق بدون رهان أو مال.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
لماذا يرى ذلك السائل الكريم.. أن المسلمين ليسوا على المستوى الذي يتمناه لهم، الجواب على ذلك.. أنهم غير محققين لروح الإسلام وجوهر الإسلام وعبادات الإسلام وتعاليم الإسلام وآدابه، ولذلك لا يصح أن يؤخذ صورة للإسلام من أعمالهم حتى يصبحوا واقعًا .. صادقًا سليمًا للإسلام بعظمته وعزته و عمله وسماحته، أما فيما يتعلق بلعب الورق، وهو ورق الكوتشينة ، حتى من غير فلوس، فقد عده أكثر الفقهاء نوعًا من اللهو الذي لا يليق بالمسلم أن يفعله، بل يحرم عليه لأنه مضيعة للوقت، لو شغل نفسه بدل اللعب بالورق بالقراءة أو المطالعة، أو أي عمل من أعمال تفيده أو تفيد أسرته أو مجتمعه، لكان ذلك أفضل من اللعب بالورق، واليوم سنلعب بالورق بلا نقود، وغدًا سنلعب بحبات الحلوى ثم بالقروش، ثم نصل إلى المائدة المعلونة، مائدة القمار، وأشد الذرائع وهو أصل من أصول الإسلام يدعو المسلم إلى سد الباب الذي يأتي منه الريح المنتنة.
الأستاذ أحمد فراج:
سؤال في الرضاع من الأخ م أ م جعفرية غربية، يقول إن عمته أرضعته عدة مرات في الأسبوع الأول من ولادته ويريد الزواج من ابنتها، ولم يحدد عدد الرضعات فما حكمه؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
طبعًا المتفق عليه بين علمائنا، والمفتى به في ديارنا أن الإنسان إذا رضع من بنت من ثدي خمس مرات متفرقات مشبعات متيقنات في زمن الرضاع بالنسبة لكل منهما، لا بالنسبة لاشتراكهما في الرضاع، إذا تحقق الرضاع على هذه الصورة، فإنها تصبح له أختًا من الرضاع يحرم عليه أن يتزوجها ، سواء رضع من الثدي الذي رضعت منه قبلها بكثير أو قليل من الزمن، أو اتفق في وقت الرضاع معًا المهم هو اشتراك الابن مع البنت في الرضاع من ثدي واحد، ويثبت هذا بشهود، كما تثبت سائر الحقوق التي تحتاج إلى شهادة وخبر متيقن فيه.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ م س أ أقسم على المصحف ليمنع نفسه من قبل شيء معين، ثم عمله، يسأل هل الذي يحلف على المصحف يموت كافرًا؟أو ما كفارة هذا القسم؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
لا .. لا يصل الأمر إلى هذا الحد السيئ الظن، إنما اللائق أولاً وقبل كل شيء بالمسلم ألا يجعل الحلف طبيعة له لأن كثرة الحلف ليست من أخلاق المسلمين، إذا كان قد حلف بالمصحف فإن بعض المذاهب الفقهية الأربعة يرى أن هذا كالحلف بالله عز وجل، فإذا كان قد وقع في يمنه فعليه أن يكفر كفارة اليمين إذا أقسم بالله، ثم حنث في يمينه.
الأستاذ أحمد فراج:
الأخ صابر أ . ح يسأل عن بعض العادات المتبعة فيما يتعلق بموضوع الوفاة، وأيام الخميس، والأيام الثلاثة، والأربعين، وما يتعلق منها، يسأل عن حكم الشرع في مثلا هذه العادات؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
نحن قد بعدنا كثيرًا عن أحكام الشرع في هذه الناحية، إن المعروف من شريعة الإسلام في حالة الوفاة أنه إذا مات الميت، فإنه يحضر أمره الموجودون من أهله أو جيرانه أو أهله أو أصدقاءه أو معارفه، يغسلونه ثم يكفنونه ثم يحملونه إلى مقبرته ثم يدفنونه، ثم ينتهي الاجتماع شرعًا بعد ذلك، وعلى من قابل صاحب الميت خلال ثلاثة أيام بعد وفاته أن يعزيه بعبارة تتفق مع آداب الشريعة وتعاليم الدين، فإذا انتهت الأيام الثلاثة لا يكون هناك مجال لهذا العزاء، لكن نحن قد جعلنا الثلاثة أيام موعدًا لحبس أصحاب الميت في بيوتهم أو سرادقهم لاستقبال المعزين، وليس هذا عادة إسلامية، الأخمسة الثلاثة أو الأربعة ليست من الشريعة الإسلامية ولا من آداب الإسلام، ذكرى الأربعين ليست من تعاليم الإسلام، الذكرى السنوية ليست من تعاليم الإسلام، الحرص على كتابة نعي في صحيفة أو أكثر ليس من آداب الإسلام، الحرص على مغاضبة أو مخاصمة من لم يشارك في العزاء بالبرق أو بالبريد أو بالحضور، وقد يكون ذلك لعذر شرعي منعه، ليس هذا من آداب الإسلام،الميت حقه أن نغسله ثم نكفنه ثم نحمله ونشيعه وندفنه، ومن لقى أهله خلال ثلاثة أيام دعا لهم بخير وعزاهم، وانتهى الأمر عند هذا الحد، ما أوسع الفرق بين هذا الذي شرعه الإسلام والقضاء، وبين ما يفعله كثير من الناس في هذه الأيام.
الأستاذ أحمد فراج:
يمكن النشر بيعطي فرصة للمشاركة في خلال الفترة الشرعية مثلاً ..
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
لكن نرى فيها مبالغة أحيانًا إذا نسي اسم من أسماء أقارب الميت ولو في ناحية بعدية جدًا يغضب ويخاصم، ويضطرون أن يعملوا استدراكًا في الصحيفة ثاني يوم، و الأجدر بنا أن نكون متساهلين في هذا الأمر، من حضر سد عن لم يحضر و من علم فليسعى إلى تشييع أخيه فهذا من آداب الإسلام، ومن كان له عذر قبلنا عذره، والله يهدي الجميع إلى سواء السبيل.
الأستاذ أحمد فراج:
المهندس أحمد نجيب الحسني يسأل عن صيام بعض الأيام غير شهر رمضان، 27 رجب، 15 شعبان، وعاشوراء، والأيام الستة البيض، والاثنين والخميس من كل أسبوع ما حكمها؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
هذه كلها أيام مستحبة أن يصومها الإنسان، لكن بعض الناس يبالغون في أمرها إلى درجة يعتقدون معها أنها مفروضة، ما فرض الله من صوم إلا شهر رمضان، وهناك اعتقاد غريب عجيب بين عامة المسلمين فيما يتعلق بالصوم في شهري رجب وشعبان، مع أن المسلم يكاد يفهم والله أعلم بالمراد أن المقصود من وراء استحباب الصوم في أيام من رجب وأيام من شعبان هو الشروع في التعود على الصوم المنتظم المفروض المتتابع إذا ما أقبل شهر رمضان، ولم يصح في الإسلام إطلاقًا أن الله تعالى فرض صومًا إلا شهر رمضان أو ما كان نذرًا، أو ما كان مفروض مكتوب على الإنسان يجب عليه قضاءه.
الأستاذ أحمد فراج:
هل مسنون الصيام يوم عاشوراء والأيام البيض الستة والاثنين والخميس؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
نعم إذا قدر الإنسان ولم يترتب على ذلك تقصير في واجب لازم أما أن يصوم الإنسان الأيام المستحبة أو المسنون في مقابل أن يضيع فرضًا مكتوبًا عليه، وفرضًا يتعلق بغيره كدولة أو أسرته أو نفسه أو مجموعته، فإن هذا يكون عملاً لا يتفق مع تعاليم الإسلام.
الأستاذ أحمد فراج:
بيدعو أيضًا إلى تشجيع التمثيليات التي تحض على الفضائل ومحاربة الرذائل وقصص الأولين التي تحض على الجهاد في سبيل الله، والوطن الحبيب الغالي.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
يجب على الدولة أن تفكر جديًا، وخاصة في أجهزة أعلامها، كالإذاعة والتليفزيون، و المسرح والسينما أن تعنى عناية مبادرة مسرعة بإنشاء المسرح الإسلامي والاجتماعي، وتمكين الدعائم له حتى يسهم في نهضتنا الوطنية والدينية المعاصرة.
الأستاذ أحمد فراج:
مع ملاحظة إن فيه برامج إسلامية..
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
نعم، أنا أتكلم عن طريق المسرح، نحن لدينا أنواع كثيرة من المسارح فليكن في طليعتها أو من بينها على الأقل المسرح الإسلامي لأنه مادة غزيرة جداًا تحيي ثقافتنا، وتحي إلينا بالعوامل والمقومات التي تدفع بنا إلى الوفاء، والقيام بالواجب نحو الوطن والمجتمع.
الأستاذ أحمد فراج:
إذا أذنت سيادتك، هناك تفكير في إنتاج عدد من المسرحيات الدينية الآن والتليفزيون يعرض لكثير من المسلسلات الدينية والبرامج الثقافية الدينية.
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
هذه بشرى طيبة، ونرجو منها المزيد.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه رسالة من الأخت ع. ع .ق تقول فيها أنها اضطرت للإفطار ثلاثة سنوات في ثلاث سنوات في ثلاثة أشهر رمضان، لأنها كانت حامل في الثلاث مرات، فهل لها من صيام هذه الأشهر الثلاثة؟ أم تزكي أم ماذا؟ طبعصا إذا لم يكن لها علاقة هنا بالزواج؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
هو فيما يتعلق بحالة الأخت السائلة، نحث بروح الإشفاق عليها من هذا التتابع الموصول بين الحمل والإرضاع، والفقهاء في مثل هذه الحالة تتعد آرائهم، فمنهم من يقول عليها الفدية فقط، ومنهم من يقول عليها القضاء، ومنهم من يقول عليها القضاء والفدية، وهذا فيه شيء من التشديد لكننا نختار للأخت السائلة أن تفتدي عن شهور رمضان الثلاثة التي لم تستطيع صيامها وليس من الضروري أن تقضي مع الفدية، والفدية هي ما يكفي لإطعام مسكين أو فقير عن كل يوم من أيام الشهور الثلاثة التي فطرتها، فتخرج ما يكفي لإطعام تسعين مسكينًا يومًا كاملاً من الطعام.
الأستاذ أحمد فراج:
فيه مجموعة رسائل تتصل بموضوع واحد، وهو موضوع الزي، بعض الناس مثلاً يسأل عن لبس الزي القصير وهل هو محرم أم لا، وهو من م. س بنها، الأخت إيمان تقول إن اللبس ليس مجرد مظاهر كما يقول الكثيرون، وأن العبرة بالجوهر، ولكنني أشعر أن أكثر وأعظم من أن يكون كذلك ذلك وتفكير، وخاصة أن الله قد أشار إلى ذلك في كتابه العزيز، متدينة تلتزم الزي الشرعي وعندما تفكر في خلعه يخيل إليها أنها ستكون كافرة، الزي القصير وأثره على إغراء الناس، والأخ يقول: ” لا تقولوا إن كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ” ويقترح الأخ صاحب هذا القول وهو السيد كامل محمد حسن إن المدارس والأجهزة و الجهات الحكومية تفرض زي محتشم على العاملين فيها، على الأقل في الجهات التي للدولة ولاية عليها، رسالة أخرى تشير إلى مشاكل حرية المرأة مع ملاحظة إن الإسلام كفل لها كل الحقوق وسأل هل الزي الشرعي الذي لا يوضح غير الوجه والكفين لازم، أم ممكن يكون زي محتشم يستر كل عورات جسم المرأة، مع أسئلة فرعية نرجو أن نرجع لها في حلقة قادمة إن شاء الله في التفصيلات، ثم هناك بعض الرسائل والاتصالات بالبرنامج تعلق على ما تناولته بعض الأقلام في الصحف والمجلات من انتقاد أو هجوم على فتياتنا والمرأة المسلمة التي حرصت أو تحرص على الالتزام بالزي الشرعي الإسلامي ومحاولة تصوير هذا المظهر على أنه نوع اجتذاب الأزواج أو شيء من هذا القبيل، الحقيقة إنه هذا الموضوع من الموضوعات التي تلقى فيها البرنامج سيل من الرسائل منذ بدأت موضة الميني جيب والميكروجيب، وتكلمنا فيها مرارًا، وكان من أثر الدعوات الكريمة والجهود المخلصة التي بذلت إنه بدأنا نلمس ظاهرة طيبة وصحية في فتياتنا في المدارس وفي جهات العمل المختلفة والكليات والمعاهد والجامعات، بدأت الفتاة والمرأة المسلمة تحرص على هذا الزي تمسكًا منها بشخصيتها، لأنه الذي مظهر من مظاهر الشخصية المسلمة، بعض الرسائل تعيب على هذه الأقلام أنه في الوقت الذي فيه بناتنا ربنا أنزل عليهم الهداية والتزموا بهذا المظهر، يجب إننا نحمي هؤلاء الفتيات، ونحمي المرأة المسلمة التي تتمسك بالدين بدل من أن نهاجم هذه الأوضاع، وبعضهم يقول أننا نحترم احترام بعض الشعوب للبقر أو لعبادة الأوثان أو ما إلى ذلك، فأولى أن نحترم المرأة المسلمة، أو الفتاة المسلمة عندما تلتزم بهذا الزي، فلا أعرف ما رأي فضيلتك؟
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
أنا كنت أتمنى من الأخ الفاضل الأستاذ أحمد فراج أن يجعل هذا الموضوع عماد هذه الندوة، وندوات أخرى، لأنه موضوع في غاية الأهمية ولا يكفي أن يأتي ختامًا لندوة تعرض فيها أسئلة كثيرة، لذلك أرجو أن تعقد حلقة مستقلة لهذا الموضوع، إن هذه البادرة الطيبة من فتياتنا في الجامعات وفي غيرها بلبس الزي الإسلامي المحتشم أو ما يقرب منه، يجب أن تؤيدها الأمة كلها بجميع طبقاتها، ما دامت تحرص على شيوع الفضيلة، ومقاومة الرذيلة والانحراف، وإذا كنا نرى الفتاة نفسها قد بدأت تحتشم فنهاجمها، فلا أرى مسوغًا ولا وضعًا مقبولاً لمثل هذه المهاجمة، إذا هاجمنا التجرد والتبرج قالوا .. إننا نعتدي على حريات الأشخاص، فإذا جاءت الحرية الكريمة على وجهها، ولبست الفتيات الزي المحتشم الجميل، لا أرى أي معنى إطلاقًا لأي صوت أو لأي قلم أن يهاجم هذا على الأقل، لا ينسوا الحرية التي يطالبون باحترامها، وأرى أن من واجب المسئولين في الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية، وخصوصًا مدارس الفتيات، وفي كل المؤسسات التي يرعاها قادة لها أن يعملوا ما في سلطتهم وما في وسعهم لتوجيه مرؤسيهم إلى الحشمة، وإلى لبس الزي الإسلامي الوقور، لأننا أمة متدينة يجب أن يظهر ذلك، أما القول بأن العبرة بالجوهر، وليس العبرة بالمظهر، فليمشي الناس إذًا عراة مجردين من ثيابهم جميعًا، وليتحججوا بهذه الحجة، وهو أن العبرة بالجوهر، فليضع الإنسان حذائه في وجه أخيه في الترام أو السيارة، وليقل العبرة بالجوهر فأنا أحترمه في قلبي، كل مخبر، وكل جوهر له مظاهر تعبر عنه، العبادات مظاهر الإيمان، الانتظام والطاعة مظاهر للانتماء إلى دولة وإلى مجتمع و إلى أمة، إن هذا الاتجاه الكريم من الفتيات إلى لبس الأزياء المحتشمة التي تميل إلى العفة والتصوف، ظاهرة يجب أن يؤيدها المجتمع، وأن يدعو المجتمع إلى المزيد منها، وأن يقطع الطريق على من يريد مقاومتها، لأن مقاومتها لا خير فيها،لا للمجتمع، ولا للوطن، ولا للأمة، ولا للدين، الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز:] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[(الأحزاب: 59) أفبعد قول القرآن، وحكم الرحمن، يبقى لنا مجال في إبداء الرأي، إن هذه الظاهرة الطيبة في طائفة من فتياتنا، يجب أن تكون سنة حميدة تعمم بكل وسيلة من وسائل التعميم والتشجيع.
الأستاذ أحمد فراج:
نرجو إننا في حلقة قادمة إن شاء الله يتسع المجال للرد على مزيد من الأسئلة والاستفسارات التي تصلنا من حضراتكم، وشكرًا لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي، ونرجو أن نلتقي معكم أيها الأخوة دائمًا على خير، شكرًا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.