الأسرة والزواج والطلاق 4

الأســرة في الإســلام

 

الأستاذ أحمد فراج :

نلتقي معكم في برنامج نور على نور ويسعدنا أن نتواصل اللقاء في جامعة عين شمس التي يرحب فيه بالبرنامج الأستاذ الدكتور حسن غلاب رئيس الجامعة والسادة الأساتذة والطلبة والطالبات وكناقد بدأنا سلسلة من اللقاءات في موضوع بناء الأسرة وشرعنا في الحديث عن موضوع الخطبة وعقد الزواج وحكم الزواج وسوف يستمر الحديث بإذن الله لكي نتناول موضوع أركان العقد وما يتعلق بالإيجاب والقبول وضرورة حضور ولي المرأة في العقد وشروط الولي والشهود والإشهاد والإعلام، والزواج السر والزواج العرفي وما إلى ذلك من موضوعات.

يسعدنا أن يكون ضيوفنا أيضًا الأستاذ الدكتور يوسف محمود قاسم أستاذ ورئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق في جامعة القاهرة والأستاذ الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور محمد محمد فرحات أستاذ الشريعة ووكيل كلية الحقوق بجامعة عين شمس.

د. محمد رأفت عثمان :

الغالبية العظمى من العلماء يرون أن الزواج لا يصح إلا بوجود ولي، بمعنى أن الذي يتولى العقد هو ولي أمر المرأة وكل الآراء التي تفيد أن المرأة لها أن تزوج نفسها بعيدة أمام الرأي القائل بأنه ركن من أركان الزواج وجود الولي ولا يتولاه إلا الولي. هذا الرأي.

نحن الآن أقرب ما نكون إليه في العصر الحالي، لأنه إذا كان بعض الآراء الأخرى لا قول بوجود الولي وتبيح للمرأة البالغة العائلة أن تزوج نفسها نقول له لا، ويجب أن لا تنظر المحاكم إلا في الزواج الذي وقع بالولي، وبالتالي هنا نحتاج إلى التعرف على ما يسند هذا الرأي من القرآن ومن السنة، بالقرآن هو المصدر الأول، والقرآن الكريم يقول : [ وإذا بلغتم النساء فبلغن أجلهن … ] هذه الآية الكريمة لها قصة هي أن أخت معقل بن يسار أحد المسلمين أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كانت متزوجة من ابن عمها ثم طلقها فلما انقضت عدتها أرادت أن ترجع إليه بعقد جديد، فأخوها لم يوافق وقال له : هل تأتي الآن تخطبها وأنت ابن عمها بعد أن انتهت عدتها تأتي تخطبها مع الخطاب والله لا أزوجك إياها أبدًا نفس الزوجة كانت عايزة ترجع لزوجها فنزل القرآن الكريم ينهى عن منعها من عقدها أو الزواج، هل لو كانت المرأة لها حق أو تزوج نفسها لما كان هناك داعي لذلك وقد زوجت نفسها، وخصوصًا وأنها سبق لها الزواج وهي عاقلة بالغة، ومعنى أن الآية الكريمة تأمر وتنهى ولي أمرها أن لا يزوجا فهذا دليل على أن الأمر في يد وليها، وبالتالي لا يصح الزواج إلا بولي.

هذه السنة وحي نزل فيها أحاديث كثيرة تبين أن الزواج لا يصح إلا بولي مثلاً أن أية امرأة نكحت بغير إذن ولها فنكاحها باطل وزواجها باطل يكررها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضًا حديث آخر يقول أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها “.

أما العقد فلابد أن يكون الولي هم الذي يتولاه، وذلك يتفق مع طبيعة الأشياء ومع مدارك الفتاة وعواطفها، لأنه مهما كانت المرأة مدركة لمصلحتها فولي أمرها أدرى بمصلحتها.

وإذا زوجت نفسها ثم بعد ذلك يتركها الشاب ولا علم لوليها بهذا ثم تكون العواقب وخيمة عليها وحدها، وهذا الجانب الأضعف، قد تكون الفتاة معجبة بزواج الولد أو كذا أو كذا لكن ولي أمرها ينظر للمسألة من كل جانب حتى يحفظ لابنته المصلحة التي تنتفع بها طول حياتها.

أ. أحمد فراج :

أعتقد أنه استكمالاً لهذه النقطة موضوع الشهود بالتأكيد.

د. يوسف قاسم :

فيه شروط للشهود فلا ينفع أن يكون أشهد وخلاص وبعدين موضوع الشهود له أهميته البالغة بالنسبة لعقد الزواج، وفي الأحاديث نجد ضرورة وجود الولي وشاهدي عدل وقد روى عن أكثر من صحابي عن عائشة رضي الله عنها، عن ابن عباس ومن طرق كثيرة، وكما يقولون أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضًا، فلا مجال لأي نردد في أهمية الشهود، فهي بمثابة تشريفًا لعقد الزواج، الذي لا يراد منه أن يكون في السر أو الإسرار والتخبئة ” أعلنوا هذا الزواج في المساجد واضربوا عليه بالدف ” وهذا نص حديث صلى الله عليه وسلم، على أساس أن هذه العلاقة هي التي ترضي الله عز وجل وهي العلاقة المقدسة والتي تنشأ عنها الأسرة والأولاد، ويسرى بها النسب، إنما هي علاقة نظيفة طاهرة عفيفة، وهناك أحاديث كثيرة تقول بأهمية الشهود ” إلا بولي وشاهدي العقد “، وبدونهما يعتبر هذا العقد باطلاً ومخالفًا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس كل الشهود فالنص قال شاهدي العدل، فما معنى العدالة، العدالة معنى عظيم وكبير جدًا ولا يقدر عليه إلا الصادقون إنما هناك حد أدنى للعدالة وهي الشخص المستور الحال، فأضعف الإيمان بالنسبة للشخص الذي يمكن أن تقبل شهادته ألا يثبت عليه أنه قد قصر في فريضة من فرائض الله، أو ارتكب إحدى كبائر الذنوب، فهذا معيار العدالة. والأقل من هذا مرفوض، اما كما سماها الإمام البخاري فهي قمة في الصدق والطاعة والعبادة، فهذه هي العدالة المطلقة، أما الحد الأدنى إذا ثبت أنه فقد أحد الشرطين فترد إليه شهادته ولا تقبل، فالله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم طلب الشهود صحة للعقد وتشريفًا له، فكيف يُككَرّم العقد بشخصٍ فاسق فاجر، وشكرًا لكم.

أ. أحمد فراج :

شكرًا للسيد الدكتور يوسف قاسم، الحقيقة أن الأسئلة كثرت ولكني أفضل أن تلقى الأسئلة مشافهة، وحتى نتهيأ لذلك سألقي بعض الأسئلة وإجابتها سريعة جدًا، هل خدمة المرأة لزوجها فرض من الإسلام أم لا ؟ الدكتور رأفت.

د. محمد رأفت : الزواج ليس استبداد بين الزوج والزوجة، والخدمة كما قال العلماء غير واجبة في مقاصد الزواج وبالتالي لا يجبرها على خدمته وإنما هي في مكارم الأخلاق.

أ. أحمد فراج :

خروج البنت مع خطيبها قبل عقد القران حلال أم حرام وهل يسمح لها الجلوس معه منفردين قبل عقد القران ؟

أ. أحمد فراج :

هل الصداقة أو الزمالة بين الطالب والطالبة حرام في الإسلام ؟ وما الذي يجب على الفتاة الجامعية في معاملة زميلها ؟

د. يوسف قاسم :

ربما يدخل هذا السؤال فيما يسميه الفقهاء (بعلوم البلوى) لكن لا نقول أن الزمالة محرمة، ولا أخشى على الفتى ولكن أخشى على الفتاة من خبث الفتى وعدم صدقه وتضليله هذا ما أخشاه، لكن على الفتاة أن تحافظ على نفسها وعلى كرامتها وأن تكون في الحدود اللازمة في حقل العلم دون زيادة، فكل شيء له حدود وضوابط، شكرًا لكم.

 

 

أ. أحمد فراج :

إذا تزوج شخص على زوجته دون علمها وعندما عرفت لم تطلب الطلاق حتى تستطيع تربية أولادها ومع ذلك يعاملها معاملة قاسية، فإذا أرادت الطلاق في هذه الحالة هل تستطيع أن تحصل على جميع حقوقها ؟

د. محمد رأفت :

الزواج على الزوجة ليس مبررًا لطلب الطلاق، وإلا لما نزل به التشريع لكن السائل أشار أن الزوج بدأ في المعاملة السيئة وهنا يجب أن نأخذ بالرأي الفقهي الذي يقول أن المرأة إذا ضربها زوجا تلجأ للقاضي ويحكم بالتطليق لوقع الضرر.

أ. أحمد فراج :

أسماء عدلي الفرقة الرابعة حضارة أوربية تريد أن تسأل بنفسها.

الطالبة / أسماء عدلي :

كنت أريد الحديث عن الزواج العرفي قبل أن نتكلم فيه كظاهرة نريد أن نعرف كيف بدأ وما الأسباب التي أدت إلى انتشاره في الآونة الأخيرة في مجتمعنا، رغم أننا الأول لم نسمع عنه بهذه الكثرة وخاصة في المجتمع الجامعي، وكيف يوائم الشباب نفسه مع الغزو الإعلامي الرهيب في ظل مجتمع الجامعة الذي يتيح الاختلاط والرحلات المختلفة.

أ. أحمد فراج :

شكرًا، أما بعض الأسئلة بعد سؤال أسماء فيه زينب علي الفرقة الأولى عربي.

الطالبة / زينب علي :

إزاي القانون المصري ما يمنعش هذه الظاهر على الرغم من انتشارها.

شكرُا، د. يوسف ما رأيك ؟

د. يوسف قاسم :

إلقاء المسئولية على القانون وإلقاء المسئولية على الدين، الدين أدى ما عليه والدين قال هذا محرم والدين نظم حقوق المرأة، والدين لم يمنع التعليم لكن لابد من التنظيم كما أشارت بنتنا لابد من التنظيم، إذًا أين الرقابة. بجانب رقابة السلطة هناك رقابة الضمير ورقابة الأبوين فكلنا مسئولون ليس واحدًا خارجًا لا الفتى ولا الفتاة ولا الولي ولا الأستاذ كلاً عليه واجب، لما أصبحت الأمور فوضى ضاع كل شيء، ولو أدى كل إنسان واجبه لما كان هذا الأمر،و لا ننسى العامل الاقتصادي وأيضًا ربما تقوم بعض التشريعات ساهم في أمر معين لأن التشريعات التي تصدر لابد أن تيسر  الزواج وتيسر الحصول على سكن، إذن مهمة المشرع التيسير وليس التعسير، فحقيقة المسئولية تقع على الكل، الخروج من هذه المشاكل المتراكمة إنما و بالعودة للإيمان بالله.

أ. أحمد فراج :

شكرًا، الأستاذة زينب وبعدها الطالب مصطفى محمود سلامة.

أ. زينب :

في الحقيقة أنا أسأل سؤال بالنسبة لمسميات الزواج المطروحة على الساحة الآن هل هي لها أصل شرعي بهذا الاسم بعني إحنا في كتب الفقه والتفسير قرأنا أنه في زواج شرعي فقط لكن مثلاً زواج المسيار ما مفهوم هذا الزواج، وهل له أصل شرعي في الإسلام، وكيف نضع ضوابط لهذا الزواج، بالنسبة للشباب الذين يلجأو للزواج في حالة السفر أو إكمال التعليم بالخارج وهل له حكم شرعي في الإسلام وما البديل.

أ. أحمد فراج :

شكرًا للأستاذة زينب والدكتور فرحات.

د. فرحات :

الزواج كما تفضلت الأخت هو زواج شرعي وبالتالي ما يسمى بزواج المسيار كل ما في الأمر أن المرأة تنازلت عن حقها في الإنفاق عليها أو حقها في مبيت الزوج عندها أو غير ذلك، فالمسألة لا تقبل بها أعرافنا أو تقاليدنا حيث عندنا لا يقبل الرجل أن تتحكم فيه المرأة على أن هناك مجتمعات أخرى تقبلها، إذا اكتملت أركان الزواج وشروطه وكون المرأة تتنازل عن بعض حقوقها فهذا شيء لا يهم.

وبالنسبة لمشكلة الشباب في الخارج والزواج وما هو البديل، تحدثنا قبل ذلك أن الزواج من العقود التي يراد بها الدوام، ولا يمكن أبدًا أن تسبق في نية المقبلين على الزواج أنه ينتهي عند وقت معين، وهذا في حد ذاته يجعله في حكم زواج المتعة، أما البديل فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار حينما قال ” يا أيها الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج، وبديل ذلك هو الصيام فالصيام كفيل بكسر حدة شهوته “.

أ. أحمد فراج :

الطالب مصطفى محمود رسلان، تفضل.

الطالب / مصطفى محمود رسلان :

أساتذتنا الكرام، إن اللسان ليعجز عن وصف مدى السعادة بلقاءكم الكريم، ونشكر لكم تشريفكم كليتنا في هذه الجامعة المباركة والسؤال ما هي الأسباب الحقيقية لما يسمى بالزواج العرفي فهل هي أسباب اجتماعية ترجع إلى الأسرة أم أن سبب ذلك قصور في الثقافة الدينية لدى الشباب.

أ. أحمد فراج :

معنا هنا الأستاذة الدكتور إجلال حلمي من قسم الاجتماع.

د. إجلال حلمي :

الحقيقة أن الزواج العرفي هو ما يشغل بل الطلاب ولكن يجب أن نوضح العوامل التي تؤدي إليه. وأنا أرى الطلبة بيركزوا بالتشبه بما هو شائع بالمجتمعات الغربية من وجود الرجل والمرأة معًا في بيت واحد بدون زواج وهذا نوع من أنواع التشبه بهذه الظاهرة أو النظام الموجود في هذه المجتمعات، ولابد من توعية الشباب بسلبيات هذه الظاهرة ونضيف إلى ما قاله السادة الأفاضل حق الزوجة في الإرث وحقها في  المأمن في الإرث وأنا أضيف نقطة مهمة جدًا هي موضوع الطلاق كيف يتم الطلاق بالنسبة للزواج العربي، لأن أنا سمعت إذا انفصل هذان الشابان لابد من وقع الطلاق، وإذا لم يحدث تظل معلقة الفتاة، فهذا يجب توضيحه للشباب وخاصة بالنسبة للفتاة، ومن ناحية أخرى هل هو وسيلة محو مشكلة الأنوثة وانخفاض حالات الزواج في المجتمع، وكما أعرف فهذه وسيلة فعلاً في المجتمعات الخليجية التي فها المرأة قادرة على الإنفاق، فإلى أي حد ممكن أن يكون هذا كبديل لمشكلة الأنوثة، وما هي مخاطره وسلبياته. وهل هو يوثق ويعتبر معترف به ومشروع أم لا.

أ. أحمد فراج :

بالإضافة إلى ما قيل بالنسبة للطلاق في الزواج العرفي لما بيحدث خلاف فهل لو قطعت الورقة التي عليها الزواج تكون طلقت المرأة مثلاً.

د. محمد محمد فرحات :

لابد من تدخل تشريعي حازم في هذا الأمر لأنه يمثل مشكلة كبرى تتمثل في  امرأة ترفع دعوى ضد زوجها الذي لا يريد أن يطلقها أو يعطيها حقوقها، فلابد من حكم صارم.

 

 

أ. أحمد فراج :

تشير الدكتور إجلال إلى نقطة هامة تقول أن القول بإنهاء الزواج بتقطيع الورقة أو بالترك بهذا خطأ لأنه بعد زواج الطالبة في حالة زواج عرفي بزواج صحيح يجوز للزواج العرفي أن يعترض ويبلغ النيابة. فيقبض عليها وتحاكم بتهمة الإجماع بزوجين، هذه مشاكل واضحة ومتعددة، المشروع الجديد وإحنا كنا نحب أن يكون معانا المستشار محمد فتحي نجيب مساعد أول وزير  العدل لولا ظروف خاصة منعته، أظن في الحديث مع سيادته أوضح لي مشروع القانون الجديد أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار وإذا كانت الدعوى الزوجية عند الإنكار لا تسمع في الزواج العرفي فقد يشير القانون فيما بتعلق بالطلاق الدكتور رأفت عثمان كان مشترك في هذه اللجنة.

د. رأفت رضوان :

فعلاً وزارة العدل أرادت أن تعالج هذا الوضع الشائك والمؤذي للمرأة الزوج يضار ربها ولا تستطيع أن تطلق منه وبالتالي سوف تظل معلقة، فالمشروع الجديد يتعرض لعلاج هذه النقطة ومن بين المشروع دعاوى التطليق تنظر ولو بأي طريق كتابي فإذًا هذه الورقة اللي معاها التي تقدمها للمحكمة وبالتالي يترتب عليها أنها ممكن أن تطلق إذا أثبتت الإضرار بها.

أ. أحمد فراج :

سيداتي وسادتي سوف نضطر إلى الانتهاء من هذه الحلقة على أن هناك كثير من الأسئلة التي تطرح من السادة الحضور ونؤكد في نفس الوقت على الأهمية القصوى للأسرة وبناءها في الإسلام.

ويبقى في الختام أن نقدم خالص الشكر للسادة الأفاضل، أ.د. يوسف قاسم، أ.د. محمد رأفت عثمان، أ.د. محمد محمد فرحات.

ونشكركم ونشكر جامعة عين شمس على ترحيبها بهذا البرنامج.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *